ه
– الفصل الثاني –
بعد كلامنا على العنصر الاول من برنامج الدكتور الزبيدي وبنفس المنطق المتعلق بعلاج علل الأمراض بدل عللها، أمر إلى العنصر الثاني أي الكلام على تعديل الدستور بالاستفتاء.
- لا يوجد استفتاء على تعديل دستور أي جماعة من دون أن يتعلق الامر بتحديد المطلوب في الاستفتاء.
- هل سيكون الاستفتاء على:
- طبيعة النظام؟
- ام على طبيعة مرجعيته القيمية والتاريخية؟
- أم على حقوق ا لمواطن وواجباته؟
- أم على توازن السلطات أيا كان نظام الحكم؟
- هل هذا الاستفتاء يعلل بما في الدستور أم بما يجعل التعديل يصبح من عادات تغير الأغلبيات التي تفرزها الانتخابات؟
- هل ما حصل في تونس كان سببه الدستور الجديد أم التعامل معه بمنطق الدستور القديم؟
- هل القصد من الاستفتاء المطالبة بإزالة ما أعاق التعامل مع الدستور الجديد بمنطق الدستور القديم وما آل إليه من عزل رئيسي الحكومة اللذين أرادا ملأ مركزهما بمنطق الدستور الجديد ولم يعجب ذلك من أراد العمل بالدستور القديم؟
- أخيرا هل هذه الاستفتاء سيقترح تعديلات معينة تخدم اهداف الثورة ومسار الانتقال الديموقراطي أم تعديلات هدفها ليس إيقافهما فحسب بل إلغاء ما أنجزته الثورة وما يسعى اليه المسار الديموقراطي؟
واعتقد أن الكلام في بقية العناصر لم يعد ضروريا لأن الجواب عن العنصرين الاول والثاني كاف.
فالأول يحدد مشروع حرب أهلية إن صح التأويل السالب.
والثاني يحدد مشروع استعادة نظام أسوأ من نظام ابن علي إن صح التأويل السالب كذلك.
وطرح هذه الأسئلة لا يقرر بدلا من المترشح الخيار بل هو يرجح فرضيا وينتظر من المترشح الجواب الذي يشفي الغليل فيبين طبيعة الخيارات وراء هذا التعديل الذي يمس أهم انجاز للثورة أي التحرر من الرئاسوية التي افسدت الدستور الأول بالتعديلات التحكمية وقد تنهي الدستور الجديد بتعديل قد يتم بالتنسيق مع القوات الحاملة للسلاح كما جاء في أحد عناصر البرنامج وإن كان الامر متعلقا بأمر آخر لكنه يخص دور رئيس الدولة من حيث هو حام للدستور وللأمن الوطني.
فالكلام على تنسيق مع القوات الحاملة للسلاح في حماية الامن القومي ومنه محاربة الإرهاب قد يذهب إلى جعل السياسي تابعا للعسكري وإن بصورة متدرجة إذ كثير من الدساتير تتضمن ما يماثل ذلك كما في الدستور التركي السابق الذي كان يتكلم على ضمان الجيش للعلمانية أي للمرجعية القيمية التي يعتمد عليها النظام.
ولست واثقا من أن التنسيق المشار إليه يذهب إلى هذا الحد لكن ما يبدأ في حماية أمن البلاد الذي هو مسؤولية سياسية وليس عسكرية إلا من حيث البعد التقني قد يمتد إلى حماية النظام وحماية الدستور وحماية المرجعية وهي كلها من المسؤولية السياسة للجماعة ولمن تنوبهم ديموقراطيا ليكون رعاتها وحماتها وليست القوات الحاملة للسلاح إلا أدوات لتحقيق ذلك ولا دخل لها في تنسيق الأمر مع السلطة السياسية.
بقية العناصر ليست مهمة.
فمثلا سبق أن اقترحت المصالحة قبل المحاسبة لأن المبدأ هو البراءة قبل الاتهام ثم أترك الاتهام للقضاء وفي ذلك منفعة للثورة لأنها تزيل تخويف الجميع ليكونوا حلفاء للمجرمين الكبار لعلمي أن المجرمين الصغار كثر ولا معنى لمحاسبتهم أولا وثانيا لاستحالتها وأخيرا فإن القيام بذلك من جنس قطع يد من يسرق خبزة والتسامح مع من يسرق ثروة البلاد كلها.
كما أن العفو على ابن علي ليس مهما إذا تحقق شرطان:
• الأول أن يعيد هو واسرته ما سرقوه وأن يعوضوا من افتكوا أرزاقهم
• وثانيا أن يطبق عليه القانون مثل أي إنسان أجرم في حق الوطن.
لكنه يبقى مع ذلك تونسيا وأولى به أن يعود لبلده وأن يتحمل نتائج أفعاله.
وإذن فالأمر كله مداره على العنصر الاول والثاني.
أما الكلام على المسألة الاجتماعية فلا معنى له: لا يمكن أن تحكم مافية النظام بالحلف مع مافية الاتحاد ثم تدعي حل مشكل العلاقة بين الاقتصادي والاجتماعي حلا يحقق التناغم بين شروط الإنتاج وشروط التوزيع السليمة.
فهما قد جعلا الدولة وشركاتها “تكية” يتصرفون فيها دون حسيب ولا رقيب وضد كل قوانين الإنتاج والتوزيع الفاعلين والعادلين.
أما قضية ارجاع العلاقات مع النظام الفاشي الذي لم يبق منه إلا ما يبرر وجود المحتلين الذين يدعون أنهم في سوريا بدعوة من النظام فليس مهما في تونس وهو لا يعني إلا المترشح الذي يريد أن ينال رضا القوميين في الاتحاد. وهي ليست خيانة لتونس فحسب بل لكل القيم لأن تونس التي مثلت امل اخراج اقليمنا من الاستثناء تصبح مؤيدة لأكبر مجرم عرفه تاريخ الإقليم فحتى هلتر لم يفعل ما فعله بشار وجماعة المماتعة في الشعب السوري.