هل يلام أوباما؟



لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص



تمهيد

صحيح أن ما جره أوباما على الإقليم بخبثه وجبنه اكثر بكثير مما انجر على سذاجة بوش وتهوره.
لكني لا اعتبره هو الملوم ولا أهتم بدينه.
حتى لوصدقنا أنه متشيع في الباطن فإن ذلك لا يفسر ما فعل.
فكل أفعاله مررت باسمه.
لكني أعتقد أنه لا حول له ولا قوة. وهو مجرد ممثل جيد للزعيم المزيف.
وذلك هو الفرق الوحيد بينه وبين كيري.
هذا ممثل رديئ وذاك ممثل بارع في التظاهر بأنه هو مصدر ما يقال وما يفعل من مناورات على حساب سنة الأقليم.
حتى نعلم من يلام في هذه الحالة فلنقرأ أولا اضطرار أوباما للكشف عن معتقداته السياسية التي تجعله يؤدي هذا الدور عن قناعة فيكون ممثلا بارعا لانطلاء كذبه.
وبين قوسين فمترجم كتاب الشعر لأرسطو لأنه كان يفهم جيد الفهم القصد بمعنى المنافق سمى الممثل منافقا قاصدا أنه يمثل دور شخص ولا يكشف شخصيته.

علل اعتراف أوباما بعميق فكره

فما الذي اضطر أوباما للكشف عن حقيقة معتقده السياسي عندما اتهم السعودية بكونها أصل الفكر المتشدد ويقصد الإرهابي كما قال نائبه الغبي بايدن مرددا خطاب إيران؟
وما الذي اضطره لاتهام اردوغان بالدكتاتورية مرددا ما سبقه إليه بوتين خردة السوفيات سعيا مثل إيران وإسرائيل لاستعادة امبراطورية بتدين زائف؟
الجواب عن هذين السؤالين واحد:
ما كانوا يخشونه ويريدون منعه وقاية لئلا يضطروا إليه علاجا هو ما يتوقع من تغير نوعي وثوري في سنة الإقليم.
كانوا يتصورون مصدر الخوف ديموغرافيا فحسب وتصوروا أن تشويه اللحمة الموحدة للإقليم السني قد تمكن من تشتيت السنة فتلغي دورها بل تعكسه بحرب لا تتوقف.
وكانت هذه الخطة تتطلب تنويم القوتين السنيتين في الإقليم أي السعودية وتركيا بجعلهما تعيشان على التمني وانتظار القرار الأمريكي لعلاج السرطان الذي يلتهم الإقليم ويحارب الإسلام والمسلمين بذراعيه إيران وإسرائيل ومليشياتهما.

اللوم الأول لمن يتوجه

اللوم الأول هو على القبول بموقف التمني أكثر مما ينبغي وما كان لينتهي لو لم تقع إيران ثم بوتين في خطأ قاتل: ظنا الأمر مرهونا بضربة قاضية فتعجلا.
فحدثت ثلاث مراحل دالة على بداية قطع الأنظمة السنية مع التمني والشروع في الاعتماد على الذات: عاصفة الحزم في اليمن والحلف الثلاثي ثم الجبهة السنية أخيرا.
في البداية تصوروها -استنادا إلى ما تعودوا عليه من تردد سنة الإقليم- مجرد فزة غضب سرعان ما ينطفي. لكن عاصفة الحزم عكست هذا التصور بطول نفسها .
وتهور بوتين أصبح في تناقض مع تهور إيران ما يساعد تركيا على المناورة بتخويف إيران من دولة كردية قد تهددها هي أكثر مما تهدد تركيا بسبب النسب السكانية.
وغلو الملالي في إهانة شباب العراق بدأ يحرك فيهم غيرة وطنية ستكون الضربة القاضية لكل طموحات إيران في الإقليم كله.
لكنه يوجد لوم ثان أهم.
وقبل ذلك فلنختم اللوم الأول وكيف تم التخلص من علته: فالتخلص من التمني وانتظار القرار الأمريكي جعل الغرب كله يرى بالفعل ما كان بالقوة مخيفا.
سنة الإقليم ليست قوة قد تحصل فتعالج وقاية فحسب بل هي أصبحت بفضل هذا القطع قوة حاصلة بالفعل ولم يكن ينقصها إلا هذا القطع لتكون مؤثرة في الأحداث حقا.
لذلك جن حنون أوباما:
لم يعد أحد ينتظر منه شيئا لأن كل أكاذيبه فضحت فلم يعد له من مفر إلا الإعلان على مرحلة جديدة هي العداء الصريح لقوتي السنة : السعودية وتركيا.
في الحقيقة من يحسن قراءة الأحداث تكيفه مواقفه من الانقلاب في مصر ومن المحافظة على بشار والمراوغة في الترضيات الكلامية لثوار سوريا والعمل بعكسها تماما.
ولو استنتجنا من التلاقي الموضوعي بين خطط أمريكا وإيران أن عامل دين أوباما- إن افترضنا تشيعه- قد يكفي لفهم هذه السياسة لامتنع فهم اللوم الثاني.

اللوم الثاني لمن يتوجه

فاللوم الثاني عميق وعميق جدا وهو معضلة السنة في الإقليم:
وعلامته هي ما يجعل الغرب يعتبر تحركات الشباب السني إرهابا ويعتبر الحشد وحزب الله مقاومة يتحالف معها ضد صنيعته داعش.
لكن علينا أن نفهم حقيقة هي جوهر الإرهاب الغربي في الدولة الحديثة :
كلها لها أذرع إرهابية لتحقيق أهدافها في ما تعتبره مجالا حيويا لها وبعضها سري وبعضها علني.
لذلك فما تفعله إيران جنيس لما هو جوهري في الدول الحديثة.
وما ظل الوضع كما هو الآن فإن مليشيات إيران لا يمكن أن تعتبر إرهابية لأنها أذرع دولة
فكل الدول الغربية لها ما يماثلها من الأذرع الخاضعة لتوجيهاتها خلال تكليفها بالمهام التهديمية :
بذلك كانت أمريكا تسيطر على توابعها أو من تريد استتباعه (مثال أمريكا اللاتينية والبلاد العربية).
أما المقاومات السنية فهي أشبه بظاهرة ذات وجهين: فهي جزء من حرب أهلية بينها وبين الانظمة وهي جزء من حرب كونية بينها وبين الاستعمار وأذرعه.
والكثير منهم تخدعه خطط ايران والغرب اللذين يظهران العداوة ويبطنان الحلف للقضاء على ما يعتبرانه خطرا ممكنا في المستقبل ولعله قد أصبح حاضرا بالفعل: قوة السنة في الإقليم وفي العالم إذا توحدت.
لذلك فما يحصل من اختراق لحركات المقاومة السنية علته مضاعفة: صراعهم المضاعف ولعبة الخطة التي تظهر غير ما تضمر بين الغرب وإيران في الإقليم.
وطبعا فككل سياسي ماهر إيران والغرب يتخادعان كذلك:
كل منهما يستعمل الثاني في الهدف المشترك وينوي التصدي له لاحقا بعد إنجازه المشترك لتقليل الكلفة (الهدف واحد: منع السنة من تحقيق شروط النهوض).
وهنا لا بد من التعجب من سخرية أوباما من فرنسا وانجلترا في ما فعلاه في ليبيا:
فهو ومن قبله لم يكونوا أنجح في الشام والعراق بل فشلهما أفدح.

علة اللوم الثاني

وبذلك تتحدد علة اللوم الثاني.
فما الذي يجعل الأنظمة السنية في حرب أهلية مع شبابها؟
فإذا كانت تبدو للشباب حليفة للغرب وعميلة فكيف يشد أزرها؟
فأذرع إيران تطبق سياسة نظام -كل أحزاب الله وكل العملاء من العرب الخادمين لمشروعها-أدوات تطيع الملالي تماما كما تفعل أذرع الغرب الذي يسلم بذلك بدليل تحالفه مع إرهاب الحشد والكرد في الإقليم.
فإذا لم تراجع الأنظمة السنية نفسها فتزيل العلل العميقة للحرب بينها وبين شبابها المقاوم فإنها ستبقى تحت رحمة الغرب وذراعيه -إيران وإسرائيل- ما بقيت.
وهذا يصح على تركيا كذلك.
فكان يمكن أن تقلب المعادلة نهائيا بمجرد أن تخرج من حرب عمرها ثلاثة عقود مع أكرادها فلا تكون ضحية بوتين أو أوباما.
فتركيا من دون من اختار من كردها الإرهاب ستكون أقوى ألف مرة ولن يتجرأ عليها لا بوتين ولا أمريكا اللذان يريدان إسرائيل ثانية بجوارها وقواعد على حدودها.
صحيح أن ذلك عسير الهضم. لكن تركيا بمجرد التهديد به مناورة -حتى وإن لم تقصد تنفيذه حقا-يمكن أن تصبح سيدة الموقف.
فإيران حينها هي التي ستتفتت.
ذلك أن ترك تركيا يمثلون أكثر من 80 في المائة وفرس إيران لا يمثلون إلا 20 في المائة.
وبذلك فإن أهم ورقة في يد تركيا هي ما يستعمل حاليا لتهديدها.
وأكاد أجزم بأن أكراد تركيا مثل أكراد العراق سيكونون مضطرين بحكم الجغرافيا للمرور حتما بصداقة العراق وتركيا وليس بإيران أو روسيا لعنصريتهما.
إذا كان ما يمنع تركيا من هذا الحل هو المسألة الوطنية فإن ما يمنع الأنظمة العربية من الصلح مع شبابها هو الاستبداد والفساد.
لكن الخطر محدق ولا بد من الحسم.
فالأنظمة السنية والثورة المضادة إذا لم تعجل بهذا الصلح المشروط بالتخلي النهائي عن الاستبداد والفساد أي بتحقيق أهداف الثورة فإن زوالها بات قريبا.
هي مخيرة بين الإصلاح الذي قد يمدها بشرعية تغنيها عن السند الاستعماري فيزول سبب حرب شبابها عليها لان حاميها بدأ يبحث عمن هو أكثر منهم عمالة.
فذلك هو مدلول سنده للسيسي وبشار حفتر وهو يبحث في تونس عمن يكون مثلهم حتى يحكم الإقليم بمن هم ليسوا مستبدين وفاسدين فحسب بل هم مجرمون وخونة.

اللوم الثالث لمن يوجه

وحتى هذا اللوم الثاني غير كاف.
يوجد لوم ثالث أخطر.
وسنرى لومين آخرين لأن اللائمة لاتقتصر على من ذكرنا.
فما اللوم الثالث؟ وقد علمت بذلك صدفة.
لما كنت في ماليزيا صادف أن احتاجوا لمن يترجم إلى الفرنسية والعربية عن الانجليزية لخطابات الرؤساء المسلمين الذين حضروا ما يشبه دافوس فيها.
فصادف أن ترجمت خطاب رئيس باكستان برويز مشرف -وكان عسكريا لكنه مستنير- وعلمت حينها أن الرجل على وعي عميق بالأوضاع وعلى دراية بهشاشة بلده والمسلمين.
واللوم يكمن في علل الهشاشة : ذلك أنه قال ذات مرة إن بوش قد خيره بين أن يقبل طوعا دخول الجيش الأمريكي لافغانستان عن طريق باكستان أو هو سيدخل عنوة.
فباكستان جزء من الهند قبل التقسيم ومثلها قسمها الشرقي الذي انفصل عنها.
لماذا تطورت الهند فأصبحت ديموقراطية وتجمدت باكستان فبقيت استبدادية بحيث تحتاج إلى الائتمار بمن يدعي حمايتها؟
أليس ما وصفنا من داء الاستبداد والفساد في الأنظمة العربية ظاهرة شاملة لكل البلاد الإسلامية التي لم تنتبه إلى الحل الوحيد لحمايتها من ذلك؟
فأهم علة لاستمرار حالة الاحتماء بالغرب بعد الاستقلالات الإسلامية هي كون المحيط بالمسلمين يعاديهم لعلل تاريخية وجغرافية وتحالفات دولية والأنظمة هشة لانها لا تعتمد على شعوبها بسبب الاستبداد والفساد.
باكستان تخاف من الهند فتحتمي بعدو أخطر والسعودية تخاف من إيران فتحتمي بعدو أخطر وتركيا تخاف من روسيا فتحتمي بعدو أخطر. والبقية من نفس الجنس.
يتحالفون مع من لا يقل عداوة لهم وخاصة للإسلام فيفرض المستبدين والفاسدين.
وذلك يعني بعبارة أوضح:
كلها وقعت في ما نراه اليوم جاريا في مصر وسوريا وليبيا ويحضر له في تونس إلخ…
وهذا لا علاج له من دون شرط الحماية الذاتية.
والحماية الذاتية تشترط الحجم المضاهي لحجم العدو الذي نريد الاحتماء ضده: من جنس ما بدأ يتحقق في الحلف الإسلامي الاخير إن صمد فأصبح سياسة ثابتة وليس فزة بدوية كنار الهشيم.
ولست بغافل أن الأعداء سيفعلون كل ما يستطيعون لمنع هذا الحلف واستمراره وتطوره.
لكني متفائل لعلتين:
أولا لأن الخطر بدأت الأنظمة تشعر أنه يدد كراسيها وليس الأوطان فحسب.
وثانيا لأنهم إذا لم يبادروا فيسبقوا العدو إلى مصالحة جدية مع شعوبهم فهو سيوظف هذا التوق الشعبي لتشويه الثورة وتقديم بديل أسوأ منهم في حكم المسلمين.
وهذا هو موضوع اللوم الرابع.

اللوم الرابع لمن يتوجه

ما يحصل في الأنظمة الحاكمة يحصل مثله في الحركات المعارضة باسم الثورة والإصلاح وهي قد تكون مخترقة من الأعداء يوظفونها لمصلحتهم.
من ذلك أن تشتتها لا يختلف عن تشتت الانظمة ومن ثم فهي لا تريد تحقيق الحجم المشروط في الحماية والرعاية الذاتيتين ومن ثم فهي مافيات أمراء حرب يريدون إمارات تابعة.
فلا يهم ما يعلنون عنه من قصد توحيد الأمة.
ذلك أن هذا القصد لو كان صادقا لبدأوا فوحدوا الحركات المقاومة.
أما وكل منهم يكون فريقا ليحكم دويلة فهم أمراء حرب لا غير.

اللوم الأخير لمن يتوجه

**وأصل إلى اللوم الأخير وهو أصل الأنواع الأربعة السابقة مع اختلافه عنها لأنه أصلها وثمرتها في آن:
الحرب الأهلية التي حددت أسبابها العميقة في تأملاتي الفلسفية .
فالحرب الأهلية الإسلامية الشاملة

  1. علتها أولا صراع الكاريكاتورين من الأصالة والحداثة أعني الانحطاطين الذاتي والمستورد الموروث عن الاستعمار.
  2. وعلتها ثانيا منطق تواصل عام يفضي إلى فوضى روحية وخطابية تنحط إلى ثرثرة على مشروعات حقيقتها أضغاث أحلام لفكر سقيم عديم التكوين والمنهج.
    كم من قارئ سيعتبرني من الحالمين ومن طالبي المستحيل.
    لكن فلنفترض أحدا يسمع عربيا قبيل نشأة الثورة الإسلامية التي أدخلت العرب للتاريخ الكوني.
    فجاء في خطابه ما كان حينها يعد من أضغاث الأحلام: هزيمة فارس وبيزنطة مثلا.
    أما كان موقفه منه يكون مثل موقف القارئ مني عند كلامي على الاستئناف بحجم النشأة الأولى؟
    أعلم أنه سيقول: قياسك خاطئ.
    فالنشأة الأولى كانت معجزة إلهية وقائدها كان نبيا رسولا.
    أما اليوم فلا وجود للمعجزات ولا يقودنا نبي.
    وهنا يصبح للكلام معنى من وجهين.
    فأولا تلك المعجزة لم تتحقق بالإعجاز بل بالاجتهاد والجهاد الإنساني.
    والنبي نفسه كان قائدا سياسيا وعسكريا ولم يكن من جنس الماشين على الماء.
    فمنطق سياسته يعتمد على الاجتهاد والجهاد.
    وهو النموذج الذي ينبغي أن يحتذى.
    ولهذا جمعت بين منطق السياسة المحمدية واستراتيجية التوحيد القرآنية في الجلي في التفسير.
    وبهذا الاجتهاد والجهاد تحققت النشأة الأولى لدخول العرب للتاريخ الكوني وتأسيس أكبر إمبراطورية عرفها التاريخ بين ماضي البشرية وحاضرها لأنها وصلت بين أقصى الشرق وأقصى الغرب.
    ولم يكن للعرب حينها ما أصبح لديهم بفضل حصيلة القرون الأربعة عشرة التي أمدتهم بشرطي كل بناء حضاري كوني: العمق الروحي والامكانات المادية.
    فالعرب كانوا قبائل مشتتة وفاقدة للبعدين الروحي والمادي القادرين على تحمل مسؤولية سياسة عالمية مكانها كل المعمورة وزمانها السرمدية لكونيتها.
    أما اليوم فكل ذلك أصبح بين أيديهم إذا أحيوا الإرادة والعقل والقدرة والحياة والوجود.
    والإرادة هي ما وصفت.
    والعقل هو ما وصف مصلحينا السابقين (ابن تيمية وابن خلدون).
    والقدرة هي ما ورثنا من امكانات تزخر بها دار الإسلام .
    والحياة هي مبدعاتنا التي تضاهي مبدعات أي حضارة كونية بل وتفوقها.
    والوجود هو أننا اليوم أمل البشرية كلها في التصدي للفساد في الأرض والعدوان على المستضعفين
    أما عملاء إيران وأمريكا وإسرائيل فشمسهم بدأت تغرب: لن يجدوا من يحمي مناطقهم الخضراء.
    والحشد الشعبي كذبة فهو غطاء على حرس الثورة الإيرانية.
    وحرس الثورة الإيرانية قريبا سيضطر للانسحاب حتى يحمي النظام في الداخل.
    فالربيع العربي قادم في إيران ولن يتأخر كثيرا إذا طالت أزمة سعر البترول.
    إيران بشيء من صبر العرب والأتراك ستصبح هي التي تخطب ودهم: فهي أكثر أقطار الإقليم هشاشة رغم العنتريات ومن لم يفهم ذلك مغرور بالبروباغندا أو جبان.
    ذلك أن الشباب الإيراني لم يعد قادرا على التحمل والصبر والنموذج الأمريكي يغريه ومآل الملالي هو مآل السوفيات بعد سياسية التعايش السلمي: انفراط العقد.
    الغرب يحافظ على نظام الملالي حاليا لحاجته إليه في معركته مع من يخشاهم حقا: عودة السنة إلى الركح الدولي.
    فعدد العرب والاتراك عما قريب سيناهز المليار.
    وثروتهم لا نظير لها في الإقليم:
    السعودية وحدها ناتجها القومي الخام مرة ونصف ناتج إيران فضلا عن بقية العرب والأتراك وليس تركيا وحدها.
    وحتى السلاح الحاسم فهو في متناولهم: لأن صعود قوتهم سيجعل باكستان تتشجع فلا تشخى من الانضمام إلى الحلف حتى وإن كانت أقليتها الشيعية مخربة لسياستها.
    لكن ذلك كله مرهون بقيادات عربية وتركية طموحة وذات أفق بعيد وواسع ومؤمن بأن الاستئناف ينبغي أن يكون بحجم النشأة الأولى طموحا وقيما وقدرة.
    ومزية هذا التصور هو أنه يلغي التشويه الذي قام به الغرب بخلق كاريكاتور من هذا الطموح سماه داعش حتى يجعل فكرة وحدة المسلمين شوهاء بلهاء.
    وهو أخيرا يحقق ما يتجاوز ما حققته أوروبا: فهي أدركت أن حماية شعوبها ورعايتها لم تعد ممكنة بالدولة القطرية فسعوا إلى الحجم الضروري والكافي.
    وقد آن لنا أوان أن ندرك ضرورة الحكم الكافي الذي لا يعني إلغاء الدولة القطرية بل المزاوجة بينها وبين وحدة أعلى منها تحميها بالسيادة الفعلية.
    ذلك هو مطلبي في كل ما أسعى إليه من تحليل للأحداث وتأويل للرموز لأن الثورة التي بدأت من تونس لم تكن تونسية قطرية بل هي إسلامية عالمية.
    وغاية الغرب أن يبقيها قطرية وأخشى ما يخشاه أنها أزالت الحدود على الأقل بمفعولها الرمزي وهو بداية لمفعولها الفعلي على الأقل في بلاد العرب.
    ولا بد هنا من الاعتراف بفضل الثورة المضادة: فهي التي عمقت هذا البعد المتجاوز للأقطار من خلال حلف جنيس لحلف أنظمة أوروبا ضد الثورة الفرنسية.
    لذلك فإنه لم يبق من الأنظمة التقليدية في أوروبا بعد ذلك إلا ما طبق منها قيم الثورة أما البقية فقد حصلت فيها ثورات دامية وانتهت بمأساتين.
    أولاهما هي مأساة الفاشيات القومية والثانية هي مأساة الفاشيات التي تدعي الماركسية.
    وكانت حصيلة ذلك أسوأ مما نرى عندنا الآن: حربين عالميتين.
    وما يزال الغرب لم يستقر بعد. فلا يتوهمن أحد أن ما نعاني منه نحن خاص بنا.
    كل ما في الأمر أننا لسنا مدركين لطبيعة الداء وليس لنا مشروع بحق.
    ولولا تشخيصي هذا ما كتبت ما أكتب حتى يصبح للشباب مشروع فلا يكونوا هم أفسد من الانظمة التي يدعون محاربتها بقيم يعملون عكسها كأمراء حرب.
    خطابي إذن موجه للأنظمة حتى تتجنب هذا المآل ولحركات المقاومة حتى تتحرر من مخترقيها بمشروع موجب لا يقدم التهديم على البناء اجتهادا وجهادا.**


يرجى تثبيت الخطوط
عمر HSN Omar والجماح ياقوت AL-Gemah-Yaqwt أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ومتقن الرافدين فن Motken AL-Rafidain Art وأميري Amiri
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/


نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي