لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص

فلنترك جانبا دعاية المليشيات الخمس -الباطنية والصليبية والعلمانية والليبرالية والقومية الفاشية- ولننظر في الوقائع التي توالت في الساحتين العسكرية والدبلوماسية لنر ما عليه الحال.
فالحال تبين أن ما يجري في الأفعال هو متوالية من هزائم المحور الذي يكثر من الضجيج والجعجعة.
فما يخيل به ويكذب على نفسه بـالأقوال تأويلات يخفي بها هزائمه المتوالية على شعبه الذي لم يعد يصدق دعايته.
ولنحص هذه الهزائم بمعيار ما لجأوا إليه من تدخلات متوالية لأن كل لاحقة تعني فشل السابقة:

1. فالهزيمة الأولى كانت للنظام.
2. والثانية كانت لحزب الله.
3. والثالثة كانت لكل أحزاب الله الذين قدموا من كل حدب وصوب.
4. ثم تبعت ذلك الهزيمة الرابعة المدوية لأنها هزيمة منبع المحاولات الثلاث السابقة : فهي لم تبق لهم إلا اللجوء إلى روسيا بوتين الذي يبحث عن تلميع زعامته بعد نكبة الروبل.

وبوتين هو الحصان الخاسر الذي قريبا سيهزم وهو قد بدأ يتحسس الهزيمة ويستنجد.
دعوة روسيا اعتراف صريح من إيران بأنها خسرت المعركة بمراحلها الأربع التي وصفت.
وبوتين الذي بدأ يعرض مبادرات يحاول تجنب الهزيمة ما أمكن. ولن يفلح.
لكن كل هذه الهزائم يمكن تسميتها بالهزائم التكتيكية في معركة ليست الهزيمة فيها إلا دليل على ما هو أعمق: فهي لا شيء بالقياس إلى الهزائم الاستراتيجية الخمس والتي يحاول العدو إخفاءها.

1. أولى هذه الهزائم الاسترتيجية هي معركة البترول.
2. والثانية معركة السلاح الكيمياوي
3. والثالثة معركة اليمن لأنها أثبتت العجز بسبب العنتريات التي لم يتبعها عمل قادر
4. والرابعة معركة النووي: فهي السم الثاني الذي شربه الملالي. فما الأخيرة؟
5. الأخيرة هي ما أتوقع أنه سيجري في إيران وروسيا بسبب تراكم الهزائم التكتيكية والهزائم الاستراتيجية:

فبوتين والخامنائي سيلجآن إلى الحل الوحيد الذي يمكن أن يخرجهما سالمين مؤقتا من سوريا: سيقبلان بـالحل الذي الذي ستفرضه المقاومة في الشام والعراق.
وحينئذ سيحدث التفاعل في البلدين. ذلك أن كل الأكاذيب التي صبر عليها شباب إيران أولا ستفضها الهزائم وسيكون النظام بين خيارين: إما تقليد بشار ضد الشعب أو سقوط النظام سلما.
أما في روسيا ثانيا فإذا لم يتدارك بوتين نفسه بمخرج مشرف كأن يأمر بشار بالتسليم ويقبل بجنيف واحد قبل فوات الأوان فستكون نهايته قريبة داخليا خاصة ومعركة البترول ما تزال جارية والروبل في تدحرج متواصل.
وهذه ليست نبوءات بل هي تحليل موضوعي للمعطيات الحقيقية التي لها وزن في حروب المطاولة: المال والرجال.
وكلاهما مفقودان لدى حلفاء روسيا وحتى لدى روسيا لأن الشعب الروسي لا يريد تكرار افغانستان.
ولما كانت روسيا لاتملك مالا كثيرا وكانت متخلفة في التسلح الحديث وكان استعمال السلاح الوحيد الذي تتعنتر به هو النووي وهو مستحيل الاستعمال من دون حرب عالمية فإنه سيضطر للتسليم إلا إذا جن فاستعمل السلاح النووي.
لكن كل هذا التحليل يفقد معناه إذا غاب الشرط الوحيد لهذه النتائج كلها:
وهو أن يثق كل من السعودية وتركيا وقطر بأنهم إذا لم يصبروا ويصابروا فإنهم هم الذين سيمكنون العدو من القضاء عليهم.
فما الذي يجعلني اعتقد أن هذا الشرط لا بد أن يكون موجودا؟
هو أن هؤلاء الثلاثة يعلمون هذه النتيجية السلبية لعدم الإقدام والصمود ولهم كل إمكانات الصمود والقدرة عليه بخلاف الأعداء.
فلا أحد من حكام هذه البلاد الثلاثة ونخبه بجاهل أن الهدف البعيد للأعداء هو تفتيت السعودية بالطائفية الدينية وتركيا بالطائفية العرقية وحتى الدينية وقطر تعلم أنها إذا مست السعودية فهي إلى دوس مؤكد.
وكل قيادة لها إمكانات النصر وتعلم أخطار الهزيمة لا بد وأن تقدم لأن معارك الوجود ليس فيها خيار ولا تردد.
وأخيرا فإن ما أقدمه من تحليلات إلى حد الآن أثبت الوقائع أنها تصف ما يجري بصورة مطابقة لما يترتب على طبائع الأشياء:
مشكل المحللين البارزين أنهم لا يفهمون الفرق بين الممكن المعين والممكن المجرد.

• الممكن المعين هو ما يماثل الثغرة التي توجد في بنية منطقية والتي تقبل التحديد بمجرد التقاطع بين الخانات التي تحيط بها فيكون الممكن هو ما هو بالقوة في الحاصل منه.
• أما الممكن المجرد فهو فرضيات لا متناهية لأنها لا تنطلق من قاعدة البنية الحاصلة وما يمكن أن يترتب عليها بالتقاطع والتوليف بين مقوماتها:

الحرب الحديثة ليست مجرد إرادة وشجاعة وبطولة بل هي كل ذلك مع شروط مادية اقتصادية وتقنية مهولة.
فيوم واحد من الحرب الحديثة يمكن أن يلتهم ميزانية دولة صغيرة مثل تونس.
فإذا علمنا أن إيران بمجرد حرب البترول -دون اعتبار سنوات الحصار-خسرت نصف مدخولها علمنا سر العجز.
وإذا أضفت أن محاربيها من المقاومين الأشاوس لجأوا إلى حرب المطاولة والقضم المتدرج فإن هزيمة حزب الله وحدها قضت على كل دعايتها. وهروب “زوروها” من العراق واليمن وسوريا قضى على مصداقية كل عنترياتها.
وكون بوتين بعد أقل من شهر في المعركة بدأ يبحث عن حل سياسي يعني أنه يرى الهزيمة بينة في غاية الطريق المسدودة التي لجأ إليها.
ولا أستبعد أنه سيبدأ قريبا في التفاوض مع المعارضة والمقاومة حتى يحافظ على قاعدته التي يعلم أن بشار لن يكون موجودا قريبا وأن النظام لن يكون قادرا على الوفاء بأي وعد سابق لأن الدولة ستصبح بيد المقاومة.
والعنصر الأهم الذي يغفله الكثير من المعلقين هو ما يقابل لجوء حلف الخداع: فاللجوء إلى روسيا قابله عندنا تخلي أمريكا ومن ثم تحمل السنة وحدها حماية ذاتها.
فيكون ذلك إحدى أهم العلامات على موازين القوى: من كان يظن محتميا بالغرب تخلى عنه الغرب فثبت أنه غني عنه ومن كان يتعنتر بأنه يقاوم الغرب انتهى بفضح تبعيته المطلقة له.
ومعنى ذلك أن ما كان خفيا من حماية أمريكا وإسرائيل ما كان يدعي تمثيل حلف الممانعة تبينت حقيقته: أنه كان يمانع ضد الأمة لمنعها من استئناف دورها ولذلك فهو قد كان محميا من الغرب.
والغرب لما افتضح أمره وهزم في كل قطر سني حاول استعماره ترك الحماية لإسرائيل والبلد المغذي لها بالسكان وبالإيديولوجيا أي بقايا روسيا السوفياتية.
وهذه البقايا لن تستطيع صبرا:
ستهزم هزيمتها الثانية بعد افغانستان.
وإذا كانت الأولى أنهت الامبراطورية السوفياتية فهذه ستحرر الروس من دكتاتورية بقايا الكا-جي- بي.
وبهذا المعنى فإن ما يحدث في الهلال -الشام والعراق- يجعل الاستئناف الإسلامي شبيها إلى حد كبير بما حدث في النشأة الأولى ضد الامبراطوريتين: الأرثودوكسية والشاهنشاهية لما فتحها جيش الفاروق.
ومثلما كان الفتح في النشأة الأولى تحريرا لشعوب المنطقة من العبودية والاستعمار فالفتح الحالي في الاستئناف سيحرر المنطقة وشعوب روسيا وإيران من الملالي ومن الكاجي بي. والأيام بيننا.
وكل ذلك من المكر الإلهي الخير:
لا يمكن لـأمة عظيمة أن تستأنف دورها التاريخي الكوني من دون عنت وتضحيات كبرى تضاهي من حيث إعادة تأهيل شباب الأمة على البطولة ما كان حاصلا في النشأة الأولى.

يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/