نهاية الأمير الأحمق، مشكل أمريكا سلاسة استبداله

****

نهاية الأمير الأحمق مشكل أمريكا سلاسة استبداله

من يقول إن ترومب متمسك بالأمير الأحمق بحجة أنه يحقق له ما يريد، يعني أمرين كلاهما لا دليل عليه وليس كما بينت ربحا للوقت حتى يحدث الاستبدال بسلاسة ويضمن بقاء نفس الاستراتيجية والمصالح الغربية:

  1. فعليهم أن يثبتوا أن من تقدم عليه كانوا يرفضون لأمريكا طلبا.
  2. وعليهم أن يثبتوا أنهم لن يجدوا بديلا من الأسرة الحاكمة بنفس التبعية.
    ومن يظن ذلك مستبعدا لعدم توفر مثله أو أكثر طاعة لولي الأمر الأمريكي لا يمكن أن يكون جديا.
    وإذن فلابد من تعليل مقبول لا يناقض مجريات الأحداث وتناسقها.
    فمن يدعي مثلا أن أمريكا سكتت عن جرائم الأمير قبل هذه الفضيحة ومعه السيسي وولي عهد الإمارات وبشار وحفتر والملالي في سوريا واليمن لعجز عن منع ذلك وليس لأن ذلك هو المستوى الثاني من استعمال هذه الدمى من أجل خطة كانت تجري سرا ومرت إلى العلن بعد الربيع العربي وبفضل الصدام بين الثورة والثورة المضادة.
    وحتى أكون واضحا، فإن تحميل هذا الأمير الاحمق مسؤولية ما يحدث واعتباره لا بديل عنه يعني أن من تقدم عليه كان مخلصا ويصعب أن يوجد مثيل له بعده.
    وهما امران يكذبهما وجوده نفسه: فأولا ما فعله عبد الله ومن سبقه قبل أبيه أكثر مما فعله هو وأبوه ليس منذ ربيع تونس بل منذ ربيع الجزائر.
    والسلسلة تعود حتى إلى البداية: كل ما فعلوه كان من نفس الطبيعة: لأنهم يستمدون وجودهم وبقاءهم من حام استعماري -مثلهم مثل جل الحكام العرب وخاصة منذ الحرب العالمية الأولى-وشرط بقائهم أن يحققوا المنتظر منهم مع إطلاق أيديهم في الشعوب وفي الثروات استبدادا وفسادا.
    وبهذا المعنى فإن ما يمكن أن يقال إن هذا الأمير الاحمق يتميز به ومثله كل الذين ذكرت والذين حاربوا ثورة الشباب ومعها الإسلام الذي يسمونه سياسيا -خاصة وهم أكثر الناس استعمالا للإسلام سياسيا-بكونه حقق الغاية من العلنية وهو بذلك من جنس ترومب في كلامه مع العالم كله: لا يخفي نواياه.
    وهذا المستوى من العلنية تحقق.
    ولا رجعة فيه ولكنه بدأ منذ كامب داوود واكتمل منذ مشروع السلام العربي المزعوم الذي قدمه عبد الله بنصيحة من صحفي صهيوني معروف.
    ولا أعتقد إذن أن الماضي يختلف عن الحاضر وأن المستقبل لا يمكن من إيجاد البديل فالحمق والخيانة ليست بضاعة نادرة لدينا.
    ولو لم يكن الامر كذلك لاستحال أمران:
  3. أن يصبح جل النخب العربية أكثر الناس دفاعا عن سايكس بيكو وهو ألف مرة أخطر من وعد بلفور لأنه هو شرطه
  4. وأن يصبح عملهم الأساسي في كل مستويات العمل السياسي والثقافي هو استكمال خطة سايكس بيكو بتمزيق التاريخ ليلائم تفتيت الجغرافيا.
    فما يسمى بالدول العربية وهي محميات وليست دولا بدليل القواعد لا هم لها إلى البحث عن شرعية تاريخية تضع الوحدة التاريخية للإقليم بين قوسين فتبحث عن شرعية تاريخية متقدمة على نشأة ما يسمونه بالدولة القومية أو الوطنية والتي هي محمية يحكمها عملاء يمزقون التاريخ لشرعنة تفتيت الجغرافيا.
    ولو كان الامر مقصورا على تمزيق الوحدة التاريخية لشرعنة تفتيت الجغرافيا مجرد عرض سياسي وليس أداة استراتيجية لمنع الأمرين اللذين من دونهما لا يمكن لهذه “الدول” المزعومة من أن تصبح دولا فعلية ذات سيادة وتأبيد بقائها محميات لهان الأمر ولاعتبرنا ذلك ظاهرة عادية وليس خطة استعمارية.
    فالمعلوم أن الدولة ذات السيادة لا تتحقق من دون شرطين:
  5. الأول القدرة على الحماية الذاتية
  6. القدرة على الرعاية الذاتية.
    فلنلق نظرة على البلاد التي نسميها عربية.
    فهي بتمزيق التاريخ جعلت الوحدة الروحية للإقليم في مهب الريح لأن كل “قومية” صارت تريد هي بدروها أن يصبح لها “دولة”.
    فخطة سايكس بيكو فصلت الجغرافيا الإقليمية بصورة تجعل كل “دولة” محمية تصبح في حرب أهلية دائمة بين “قومياتها” ولا ضمان لبقائها إلا الحماية الأجنبية بالنظام الذي تختاره ليجعل علة بقائها مشروطة ببقائها محمية يكلف بإدارتها لصالح الحامي إما أقلية عرقية أو أقلية طائفية تدين له بسلطانها المستبد والفاسد.
    والأنظمة التي نصبها المستعمر كلفت بتفصيل التاريخ على أساس عرقي وطائفي شرطين أساسيين لتحقيق التمزيق الذي يمكن أن يصمد في المستقبل والذي يؤبد التفتيت الجغرافي إما عرقيا أو طائفيا وهو تفتيت لا يمكن أن يحصل من دون حروب أهلية لا تنتهي ومن ثم من دون بقاء حماة العملاء شرطا لوجودهم.
    وطبعا فهذا الوصف بدأ يتحقق في شكل حرب بين الأنظمة التي تدعي القومية والأنظمة التي تدعي الإسلام خلال انقسام العالم إلى قطبين سوفييتي وأمريكي لأن أصحاب الخطة أفل نجمهم ولم يبق أي منهم صاحب إمبراطورية وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية بل هم أنفسهم صاروا محميات أمريكية وسوفياتية.
    ولم يكن خيار نوعي الأنظمة بالصدفة:
    فالأنظمة العسكرية التي ركبت حمار القومية هي التي تضع القنابل الموقوتة لحرب القوميات الأهلية والأنظمة القبلية التي ركبت مطية “الدين” هي التي تضع القنابل الموقوتة لحرب الطائفيات الأهلية: تفتيت التاريخ شرطه القضاء على اللحمة الروحية: قيم الإسلام وحضارته.
    وهنا يأتي دور الفتنة الصغرى.
    الفتنة الكبرى أنتجت تخريب حضارة الإسلام من الداخل بظاهر آل بيت النبي في الأقوال وباطن آل كسرى أنو شروان في الافعال. وأضافوا إليها الفتنة الصغرى من الخارج بظاهر التحديث والعلمانية في الأقوال وبنفس الباطن للحرب على حضارة الإسلام وذروتها ما بعد الربيع.
    فعندما يصبح الحمقى مصلحين للإسلام أعني الأمير الأحمق والسيسي الذي لا يقل عنه حمقا والبقية من نفس المستوى الذهني فأعلم أننا وصلنا إلى الغاية من العملية وأنها أيضا-ولله الحمد والمنة- بلغت النهاية بفضل مكر الله الخير وحادثة البوعزيزي الثانية: اغتيال خاشقجي أو بوعزيزي الخليج.
    وقد يدعي الكثير أن المقارنة لا تستقيم:
    في الحقيقة كلاهما قتله الاستبداد
    • بالفعل الرمزي في تونس بلغ الذروة في إذلال الإنسان (لطمة شرطية)
    • وبالفعل المادي في السعودية بلغ الذروة في إذلال الإنسان (تقطيع لسان الشعب):
    كلاهما قدم نفسه قربانا لثورة شعب يعيد إلى الأمة حريتها وكرامتها.
    والفرق الوحيد أن الأول انطلق من وعي بوضع ذاتي أدرك حاجة الأمة إلى الاستيقاظ فكانت النار كما في المجتمعات البدائية أداة “الإعلام” عن بعد زماني والثاني انطلق وعي بوضع عام أدرك حاجة الأمة إلى الاستيقاظ فكان القلم كما في المجتمعات المتحضرة أداة “الإعلام” عن بعد مكاني إذ هو هاجر إلى علة الداء (أمريكا) ومات مهاجرا إلى علة الدواء (تركيا).
    وقد يبدو في ذلك قلبا للعلاقة بين العرب ودورهم في استئناف دور ا لأمة:
    فالمعبر الأول بأدوات التواصل البدائية -النار-ظهر في بلد عربي يبدو متقدما والمعبر الثاني بأدوات التواصل الحديث -الصحافة-ظهر في بلد عربي يبدو متأخرا.
    وقلب العلاقة بين التقدم والتأخر في بلدي الشهيدين ذو دلالة كبرى: لأن الصفتين كاذبتان. فالعرب كلهم في الهوى سوى. ومن ثم فكلاهما رمز
    • أولهما يكذب المقابلة (أدعياء الحداثة في تونس)
    • والثاني يكذبها (أدعياء الأصالة في السعودية).
    والخطة التي تريد القضاء على الأمة مرت بالمراحل الخمسة وحضارة الإسلام تزداد عنفوانا وفتوة:
  7. تفتيت الجغرافيا
  8. لمنع شروط القوة أو الحماية والرعاية المادية (الثروة)
  9. تمزيق التاريخ
  10. لمنع شروط القوة أو الحماية والرعاية الروحية (التراث المبدع)
  11. الحرب على المرجعية أو قيم الإسلام وحضارته المادية والروحية.
    فما حدث في ما يسمى الحرب على داعش السيف أعني جهاز تشويه الجهاد- وهي من صنع الـمخابرات العنيفة- ذات خمسة مصادر:
  12. الصفوية
  13. وحاميها
  14. والصهيونية
  15. وحاميها
  16. والانظمة العربية لها بصنفيها العسكري والقبلي في الإقليم لتهديم معالم الحضارة الإسلامية في الإقليم المادي منها (كبريات المدن والمساجد) والرمزي (الحرب على القرآن والسنة).

وما حدث في ما يسمى من ترحيب غربي بداعش القلم أو تشويه الاجتهاد وتشجيع لا مثيل له من اصحاب تشويه الجهاد وهي كذلك من صنع المخابرات اللطيفة ذات المستويات الخمسة:

  1. مليشيا القلم العربية التابعة للصفوية
  2. ومليشيا القلم العربية التابعة الصهيونية
  3. ومليشيا القلم من بقايا الماركسية
  4. ومليشيا القلم من بقايا الليبرالية
  5. ومليشيا القلم من الدعاة للتأصيل أو للتحديث وخاصة ما جمع منها بين التوجهين أي التأصيل ممن يدعون الحداثة والذي كانت آخر فضائحهم ممثلها الاشهر أعني حفيد البنا وحتما سيليه دجال فيانا.
    وكل ما يسمى “وسطية” من جنس هذا النوع الثاني من المليشيات وإن باحتشام بدعوى الدفاع عن الإسلام. فالإسلام ليس فيه تطرف ووسطية بل هو أول دين في تاريخ البشرية يؤمن بكل ما يلغي هذه الخرافات:
    • وحدة الإنسانية (النساء1)
    • الحرية العقدية (البقرة 256)
    • والتعددية (المائدة 48)
    • وحكم الجماعة لذاتها بذاتها (الشورى 38).
    لذلك فالكلام على حاجة ترومب للمحافظة على الأمير الأحمق لا يمكن تفسيرها بما يقدم من زعم إنه يمكنه من تحقيق استراتيجيته في الإقليم. الاستراتيجية ماشية به أو بدونه.
    فهي مشت قبله حتى جعلته يكون ممكنا وهي ستمشي بعده بما واصله مما تقدم عليه. فالعلة هي ترتيب وضعية البديل بسلاسة.
    كل ما كان منتظرا منه تحقق ولا يمكن أن يقدم أكثر وخاصة بعد هذا الخطأ ليس في الجريمة بل في التستر عليها.
    فجرائم أكبر منها مرت لأن اخفاءها كان أقل غباء من هذه. والتستر كان يمكن أن يتم لو كانت الحادثة في بلد عديم السيادة وكانت الضحية ليست صحفيا يكتب في صحافة أمريكية معادية لترومب.
    سبق أن شرحت وجهة نظري هذه في الإعلام المرئي وكتابة ولذلك فلن أعيدها وكان علي أن أثبت استحالة أن يكون ترومب وأمريكا محتاجة إلى الأمير الاحمق لأن الحمق والغباء ليس بضاعة نادرة في النخب العربية عامة والحاكم منها خاصة.
    وهو موضوع هذه المحاولة ذات الفصل اليتيم.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي