نداء إلى قيادة قطر، ملاحظات عابرة: ما هكذا تورد الإبل

****

نداء إلى قيادة قطر، ملاحظات عابرة: ما هكذا تورد الإبل

ينبغي أن أعبر عن إعجابي بالتحفظ التركي في قضية خاشقجي والسعي إلى الفصل بين البحث عن إحقاق الحق والإضرار بالسعودية لعلم قادتها أن إسقاطها فيه خسارة للامة كلها.
وهو ما يعلل محاولتهم تشجيع قادة السعودية على انقاذ دولتهم قبل أن يختل نظامها ووزنها بسبب عدم عزل المسؤولين عن هذه الجريمة.
ويتلازم مع هذا التعبير ما ألاحظه في الموقف المقابل تماما من جهتين:

  1. من العرب الشامتين إلى حد نسيان ما لم ينسه الأتراك. فلو لا قدر الله اختل النظام نهائيا في السعودية فإن العرب سيصبحون نهائيا خارج اللعبة في الإقليم بعد سقوط العراق وسوريا ومصر وحتى بلاد المغرب العربي.
    ثم:
  2. النخب السعودية التي بلغ بالكثير منها من الحمق وادعاء الوطنية الزائفة إلى عدم فهم الإشارات التركية التي تهدف إلى مساعدة السعودية وتشجيع قادتها على تدارك الأمر قبل أن يستفحل وهو بصدد الاستفحال بخلاف ما يتوهم الكثير ما ظل هذا الامير الأحمق حاكما بأمره.
    لكن ما بدأ يزعجني حقا ولم أعد أقبله من قادة اعتقد أنهم من القيادات الواعية بين الأوعى في بلاد العرب هو الموقف القطري.
    ويعلم الجميع أني أتفهم أن قطر قد ظلمت.
    ويعلم الجميع أني قد حاولت الدفاع عن حقها في المحافظة على استقلالها ورد الفعل على من بادءها بالعدوان رغم أنه قلما قال أحد حقا بين العرب ولم يتهم فيه ذمته.
    لكن لا بد أن أشير إلى أن ذلك ينبغي أن ينسيها أن الارتماء في أحضان إيران مثل حماس خطأ تاريخي لا يغتفر.
    فالجزيرة تجاوزت كل الحدود وبدأت تفقد الحد الادنى من الحياد الإعلامي الذي هو شرط المصداقية.
    بدأت أفقد ثقفي في ما كانت تدعيه من مهنية.
    لكأنها منذ شهرين لم يعد لها من هم غير قضية خاشقجي على أهميتها علما وأني خصصت أكثر من محاولة للكلام عليها وعلى خطرها ليس على السعودية وحدها بل على العرب كلهم.
    كنت أعتقد أن الجزيرة تتمتع بقدر محترم من الاستقلال. لكنها برهنت بـالنهج الحالي غير المعقول أنها تحولت إلى إذاعة محلية ولم تعد فضائية عربية تنحو إلى العالمية.
    فما يحاك لتونس مثلا لا يقل أهمية عما فعل بليبيا بنفس البداية وبنفس الطريقة.
    أملي أن يتحرر العرب من اعتبار ما يحصل بينهم من عداوات كافيا لينسيهم أن خسران الواحد منهم خسران للبقية مهما بلغت الحزازات بين الانظمة. فلو سقطت السعودية لا قدر الله فإن الخليج كله سيصبح لقمة سائغة لإيران. ولن تستطيع تركيا انقاذ أحد منهم بدليل عجزها في سوريا.
    وأكاد أجزم أن إيران يمكن أن تبتلع الخليج في يوم واحد إذا تواصل هذا السلوك لأنها بطريقة التقية محتلة لجل أقطاره وتنتظر لحظة السفر لدفهم إلى التحرك:
    فهم في أربعة من الستة حاضرون حضورا طاغيا ثم صاروا في اليمن القوة الأولى إذ إن التدخل العربي أفقد اليمن قوته الذاتية فكاد يقضي على مقاومته وجيشه الوطني.
    أنبه إلى ذلك وأنا ألاحظ عن بعد وأدعو قيادات قطر إلى الاستئناس بالتحفظ التركي الذي يمثل حاليا السياسة الحكيمة في قضية خاشقجي إذ إن قيادات تركيا يفصلون بين أمرين:
    • بين قضية جنائية يكون حلها العادل لفائدة الجميع وأولهما السعودية نفسها والأسرة الحاكمة
    • وقضية التضامن بين ما بقي من السنة التي تكاد تخرج من التاريخ والجغرافيا.
    فبمثل هذا السلوك الذي يجعل الخلافات بين العرب مطلقة فلا تميز بين الظرفي والبنيوي وبين العابر والدائم فتصبح الحرب مطلقة لا تبقي أي إمكانية للرجوع إلى الصواب بين المتصارعين فيكون ذلك كله لصالح المتربص بالعرب كلهم دون تمييز بينهم. بذلك أسقط العرب صدام عبد الناصر في حرب أهلية لا تبقي ولا تذر.
    لذلك فإني أدعو الخصوم إلى التمييز الذي لا يجعل صراعات العرب البنية وهي أمر طبيعي في كل الشعوب فرصة لنسيان أنهم كعرب مستهدفون من اعداء تاريخيين: لا أفهم كيف يمكن لعربي أن يطمئن لإسرائيل أو لإيران ضد العربي مهما اختلف معه.
    فإيران لا تقل عداوة للعرب من إسرائيل وإسرائيل لا تقل عداوة من إيران للعرب.
    كلاهما متحالف جهرا وسرا ضد الوجود العربي الذي يعتبروه علة تقزيمهم وكلاهما يسعى للإطاحة بهم لاسترداد ما يعتبر الإسلام قد نزعه من سلطانهم في الاقليم.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي