– في علاج آثار الانحطاطين –
لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص
مقدمة
ليس من الحكمة الطبية أن نحاول إخلاء العالم من الجراثيم والفيروسات.
ففضلا عن استحالته هو يجعل الكائن الحي فاقدا لكل مناعة فيزيد في عجزه عن حماية ذاته.
لذلك فالطريقة الوحيدة التي تعتبر حكمة طبية هي أن نعمل بأول مبادئ الصحة البدنية:
دعم مناعة الكائن الحي لتكون قادرة على الحماية الذاتية.
ولا أحد يمكنه أن ينكر أن أعداء الأمة يحيطون بها من كل جانب بل وأنهم قد احتلوا الكثير من المواقع في عقر دارها.
لكن أعدى الاعداء أخطر
إنه ما استقر من هشاشة في حصانتها الروحية ومناعتها المادية.
الانحطاطان والكاريكاتوران
إن سبب الهشاشة الأساسي هو الانحطاطان الذاتي والمستورد.
فالانحطاط الذاتي دليله أننا كنا قابلين للاستعمار واستعمرنا فعلا بمعنى أننا كنا خالين من شروط المناعة التي تمكن من الصمود أمام هجمات الأعداء.
- والانحطاط المستورد زاد الطين بلة لأن من وكلهم الاستعمار المباشر قبل إخراج الأمة له بفضل الشروع في تدارك الانحطاط الذاتي واصلوا سياسة الاستعمار.
- والانحطاط الموروث عن الاستعمار هو ما يسميه ورثته تحديثا وتكوينا للدولة الوطنية على أنقاض الجغرافيا والتاريخ المشتركين للأمة بتهديمهما نسقيا.
فكل مستعمرة أصحبت دولة تابعة لمستعمر الأمس وورثها من اختارهم هو بنفسه وفرضهم على الأمة
واصلوا سياسته ليحققوا ما فشل فيه بسبب المقاومة.
فبداية التحرر من الانحطاط الذاتي التي أدت إلى اخراج الاستعمار المباشر تعطلت فتوقفت مهمة تجاوزه فضاعفه التشويه الحضاري.
وقد مررت هذه الجريمة باسم التجديد والاحياء موهمين الشعب بأن الحركة الإصلاحية كانت ضد التجديد والتحديث في حين أنها كانت ضد جعلهما عامل تبعية.
وما هو خلاف بين التجديد والتحديث المستقلين والتجديد والتحديث التابعين جعلوه بحذف الوصفين معركة بين التجديد والجمود.
فنشأت معركة الكاريكاتور.
كاريكاتور التأصيل وكاريكاتور التحديث:
الأول يعتبر الإصلاح عودة إلى الماضي الذاتي
والثاني يعتبره استيراد ماضي الغير.
ذلك أن الحاضر لا يحاكى.
فمن يدعي التحديث بالمحاكاة ينبغي أن ينتظر ما يحاكيه حتى يصبح ماضيا ليحاكيه إذ لايمكن أن تحاكي ما لم يتحقق بعد وما لا يزال في مخاض الولادة.
وليكن مثالنا الإصلاح التربوي:
فكلما خرجت موضة في فرنسا حاكاها قردة تونس.
ولما تتخلى عنها فرنسا يحاكونها وهكذا دواليك حتى أصبحت مدرستنا فضيحة.
استفحال الانحطاط الذاتي
وكردة فعل يحصر التأصيلي الإصلاح في تخريف دعاة الفضائيات من فقه الانحطاط والظن بأن الصدر كان قويا بلباسه أو بالتعاويذ التي يرددها الدجالون.
ينسون أنهم فتحوا العالم واستوعبوا علوم سابقيهم ومعاصريهم وصاروا معلمي العالم.
ينسون أنهم أسسوا امبراطورية عالمية بدءا بوحدتهم قوة ضاربة.
فإذا أنت بحضرة أمراء حرب أغلبهم أميون ما يسببونه من ضرر للأمة بأفعالهم لا يمكن أن يخفيه ما يعدونها به بأقوالهم.
فيتحد التهديمان فعليا.
التهديم النسقي لأحياز وحدة الأمة:
جغرافيتها وثمرتها (الثروة) وتاريخها وثمرته (التراث) وخاصة المرجعية الموحدة أو أساس الحضارة الإسلامية.
والفرق الوحيد أن اصحاب الانحطاط المستورد يتوهمون أنهم يبنون دولا وهم في الحقيقة يستكملون مهمة الاستعمار في منع كل نهوض وبناء مستقل وسيد
وأصحاب الانحطاط الذاتي يتوهمون أنهم يسعون لاسترداد دولة الإسلام لكنهم في الحقيقة يهدمون كل شروط بنائها إذ يصوملون ويؤفغنون شرط شروطها.
فإذا أصبحت عواصم دار الإسلام كلها من جنس الصومال وافغانستان فإن ما يتحقق هو ما فعله غزاة أمريكا بالهنود الحمر:
فتتوهم إلى قبائل متناحرة.
خطة الاستعمار الغربي وذراعيه
طبق الغزاة عليهم ما نراهم يحاولون تطبيقه علينا:
فمن منكم لم يتفرج على أفلام رعاة البقر.
فأكثر شعوب الأرض ميلا إلى الدعة والسلم اتهموه بالإرهاب.
واستعملوا سياسة التبشيع إما مباشرة أو بدفع اليائسين إليه:
أن يسلخ الهندي الأحمر رأس امرأة أو طفل وتدور حكاية الفلم كله حول محاربة الوحشية والبربرية التي تؤدب الهنود الحمر.
ثم يوجهون البعض ضد البعض متهمين البعض الثاني بالخيانة لينتقم منه البعض الأول فيرتاح المحتل الذي يقوي كلا الصفين حتى لا تتوقف الحرب بينهما.
وقد ترجمت كتاب وودي هلتون بعنوان”الأمريكيون الجوامح”Unruly Americans وفيه يبين الكتاب هذه السياسة التي مكنت الأمريكان من تصفية الهنود الحمر.
ما يجري في العراق وسوريا وليبيا ومصر هو من هذا الجنس:
فلم رعاة البقر يطبق على العرب.
لكن الوضع اخطر مما كان عليه في حالة الهنود الحمر.
ذلك أنهم في هذه الحالة لم يكن لهم ذراعان من جنس الصفوية والصهيونية ومليشياتهما يسعون لاسترداد امبراطورية متقدمة على الحضارة الإسلامية.
ولم يكن لديهم ممثلون لانحطاطين يحولان دون أي بناء ذي استراتيجية قابل لتحقيق الأهداف التي بفضلها يمكن أن تستأنف الأمة دورها الكوني والسيد.
دواعش التحديث الممسوخ
يخطيء من يتصور أن الأمة تعاني من داعش واحدة.
فكل حداثيي العرب دواعش.
وهم دواعش مرتين:
- دواعش رمزيا بتهديم التاريخ
- ودواعش ماديا بتفتيت الجغرافيا.
ودواعش التحديث المسيخ اخطر من دواعش التأصيل المسيخ لعلتين:
فهم أولا بالقياس إلى دواعش التأصيل مضطرون للتبعية الحتمية لأنهم يحتاجون للحامي والراعي حتى يبدو حداثيين.
أما دواعش التأصيل فهم في غنى عن ذلك بسبب العودة إلى البداوة.
وهم ثانيا بسبب وجود دواعش التأصيل يستفيدون باستقدام حاميهم و راعيهم ليمكن لهم.
ومثال الأمرين البين هو ما يحدث في سوريا.
وهذا التلازم بين الظاهرتين هو عينه ما حدث في عملية الاستحواذ على امريكا التي صارت الولايات المتحدة الأمريكية.
كانت 13 ولاية فصارت خمسين.
وذلك ما تنوي إيران وإسرائيل فعله برعاية أمريكية.
لكنهم وجدوا المهمة أعسر.
فليس من اليسير القضاء على العراق ومصر وسوريا والسعودية وتركيا.
إلى حد الآن فككوا العراق وسوريا ومصر وليبيا.
وبدأوا المعركة مع السعودية وتركيا وقد يصل الأمر إلى الجزائر والمغرب.
لكنهم وقعوا في خطأ لم يقرأوا له حسابا:
الأمة فهمت اللعبة.
وقد تعاضد عاملان ليحصل فهم الامة:
صمود الشباب المقاوم وشعور عاصمتي الخلافة المتبقيتين (المدينة واسطنبول) بأنهما مستهدفتان مثل الأخريين.
لذلك فبؤرة المعركة هي اليوم في ملتقى الخطين المتعامدين المنطلقين من العواصم الأربع:
بغداد ودمشق واستنطبول والمدينة.
فحصل الأمر الجلل.
ذلك أن بؤرة هذا اللقاء بين الخطين المتعامدين هي في آن ملتقى فلسفة التاريخ وفلسفة الدين.
فهنا تمكن الإسلام من تحرير الإنسان من التحريفين.
علل الوقوع في مخالب الانحطاطين
ثورة الإسلام على تحريف الأديان المنزلة (اليهودية والمسيحية ورمزها القدس واسطنبول) والأديان الطبيعية (الصابئية والمجوسية ورمزهما فارس والعراق).
ولم يكن ذلك مسألة إصلاح ديني فحسب (فلسفة الدين) بل هو إصلاح سياسي كذلك (فلسفة التاريخ) فدولة الإسلام تحكمها الآية 38 من الشورى:
جمهورية ديموقراطية.
فالأمر هو أمر الجماعة (جمهورية= راس بوليكا) والجماعة تديره بالشورى (ديموقراطية) لعلاج ما ينتج عن المسألة الروحية (استجابوا لربهم) والمسألة المادية (ومما رزقناهم ينفقون).
ودين الإسلام ينفي السلطة الروحية أو الكنسية تتوسط بين المؤمن وربه لأن الإنسان يأتي ربه فردا والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين وليس مسؤولية اكليروس.
ثورتان إذن دينية وسياسية وطفرتان في فلسفة الدين وفي فلسفة التاريخ أهملهما المسلمون فانحطوا ذاتيا ثم حصل انحطاط ثان.
لكن الأمة استيقضت بحق.
وما أيقظ الأمة هو أن هذين التحريفين هما من يحاربها:
عودة الكنسية
والاستبداد
ويجمع بينهما الفساد.
ويتجسد ذلك كله في ذراعي الغرب وعملائهما منا.
هزمنا الغرب فلم يعد قادرا على الحرب المباشرة.
وسنهزم ذراعيه إيران وإسرائيل.
وسر النصر: علاج المناعة الذاتية بالتحرر من الانحطاطين.
الخاتمة
ذلك ما خصصت له الكثير من الأعمال منذ أربعة عقود.
وأنا مؤمن بأن النصر الذي وعد الله به دينه الخاتم وحفظ قرآنه تاريخي وليس أخرويا فحسب.
لذلك فأنا مطمئن بأن المعركة مربوحة وأن صبر الساعة هو ما نحن فيه الآن:
ينبغي لعاصمتي الخلافة الباقيتين أن تتحدا لتمكين المقاومة من الصمود.
فصمود الشباب هو بداية تحرير العاصمتين الأخريين بغداد ودمشق فتتحد عواصم الخلافة الأربع لبناء ما يشبه الوحدة الأوروبية قاطرة لنهوض الأمة.
وينبغي أن يعلم الجميع أن هذا هو المشروع الذي يخافه الأعداء ويحاولون تشويهه بكاريكاتور منه هو داعش التي تشوه فكرة الخلافة في شكلها المنحط.
– في علاج آثار الانحطاطين –
يرجى تثبيت الخطوط
عمر HSN Omar والجماح ياقوت AL-Gemah-Yaqwt أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ومتقن الرافدين فن Motken AL-Rafidain Art وأميري Amiri
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/