تمهيد
1-لما بدأت الثورة في تونس كانت النخب التي تسخر من العرب عامة ومن سنتهم خاصة وتتهمهم بالتهرب من المسؤولية وتعليق فشلهم على نظرية المؤامرة أول من لجأ لهذه النظرية: فزعموا أن العرب أقل من أن يقوموا بثورة وأن الغرب هو الذي فجر مؤامرة يصارع بها محور المقاومة ليفتت المفتت.
2-وكان الزعم بأن الثورة ليست من فعل الشباب بجنسيه بل هو لم يكن فيها إلا دمية يحركها الاستعمار استصغارا لهم ونفيا لقدرتهم على المبادرة التحررية كما يزعم بعض من تصورناهم مدافعين عن الأمة ممن تحولوا إلى دعاة بالأسلوب الجديد لعلهم وجدوا في ذلك أسرع السبل للإثراء تقليدا لعمرو خالد كلب السيسي.
3- لكن تواطؤ الغرب والشرق في آن على الشعب السوري وتعطيل ثورته ثم المساندة التامة للانقلابات في مصر وليبيا واليمن والشروع فيه في تونس سفهت أحكامهم وبينت ان المؤامرة إن كانت بحق موجودة فهي لصالح الثورة المضادة لا الثورة فضلا عن كون الأنظمة التي وقعت عليها الثورة لم تكن خارجة عن طوع الغرب حتى يحتاج للتآمر عليها.
4-وما يعنينا في هذه المحاولة هو تنبيه الشباب بجنسيه لئلا ينخدع من القول بنظرية المؤامرة أو بنفيها لأن ذلك من علامات السذاجة في الحالتين: فكلا القولين يخفي حقيقة ظاهرة تنتسب إلى التاريخ الطبيعي المتحكم في سلوك الأفراد والجماعات خلال صراعها على أسباب العيش التي بالفعل والتي بالقوة
5-ذلك أن مدار هذا السلوك الحيواني في المجتمعات البشرية هو معركة المجال الحيوي المتمثل في الأحياز الخمسة سر قيام الجماعات البشرية: 1-المكان 2-مصدر المعايش 3-والزمان 4-مصدر الديمومة والبقاء 5-وأصل هذه الأحياز الأربعة أي حفظ الذات بما هي هوية واعية بفرادتها أو بسيادتها الحضارية والروحية.
نص المحاولة
1-من ممضوغات المتحذلقين الذي درجوا على تجريم العرب عامة والسنة منهم خاصة السخرية مما يطلقون عليه اسم “نظرية المؤامرة” وتبرئة أعداء الأمة.
2-وحجتهم أن العرب عامة والسنة منهم خاصة يتهربون من المسؤولية عن أحوالهم فيعلقون إخفاقاتهم على الغرب وإسرائيل وإيران بدل القيام بواجباتهم.
3-وبذلك يتظاهر نفاة ما يسمونه بنظرية المؤامرة بالحرص الصادق على الواجب وتحميل الأمة مسؤوليتها في تغيير أحوالها والتغلب على إخفاقاتها بعملها.
4-وطبعا فمثل هذا الموقف يمكن أن يكون بعض القائلين به صادقين من حيث الدوافع حتى وإن اغتروا بهذه الحجة وهي من الحق الذي يراد به الباطل.
5-الباطل في هذه الحجة التي تبدو حقا هو تسميتها: نظرية المؤامرة. فأصحاب هذه التسمية يبسطون أحد قوانين التاريخ الطبيعي فـيردوه إلى ظاهرة نفسية.
6-ومعنى ذلك أن صراع الأمم على الأحياز الخمسة (المكان والثروة والزمان والتراث والحصانة الروحية) التي هي عين قيامها المادي والروحي يتحول بهذا التبسيط إلى آلية من آليات دفاع المرضى النفسيين.
7-وجود الجماعات بمجرده علته هذا الصراع والصراع بينها كذلك من نفس الطبيعة وهو صراع على مصادر حياتهم وعيشهم والتي هي عين كيانهم أعني الأحياز الخمسة موضوع كل التاريخ الإنساني.
8-فالافراد تجتمع لعلل بايولوجية (الأسرة) ثم لعلل حمائية (العشيرة والقبيلة) ثم لعلل رعائية (تكوين الدول) وكل ذلك للتعاون والتبادل والتعاوض والتآمن والتواصل.
9-ففيم الصراع؟ أسباب العيش تقتضي مجال حيوي(المكان هو مصدر الغذاء خاصة) وهذا أحد قوانين التاريخ الطبيعي الذي يشترك فيه الإنسان مع كل الحيوان.
10-والمحافظة على المجال الحيوي وحمايته ليمتد في الزمان هو الحيز الثاني الضامن لبقاء الجماعة (التكاثر وتوالي الأجيال) وهو أحد قوانين التاريخ الطبيعي (تواصل الجماعة).
11-إذن أربعة أحياز: المكان ومدد العيش والزمان وتواصل الحياة. وهذه الأحياز الأربعة موضوع صراع بين الجماعة (علة وجود القضاء والأمن) ثم بينها وبين الجماعات الأخرى (علة وجود الدبلوماسية والدفاع) : وكلاهما مشروط بالدولة.
12-ما الذي يوحد هذه الأحياز الأربعة لتكون أحياز جماعة بعينها تذود عنها ضد إغارات الآخرين؟ إنه الحيز الخامس أصل كل الأحياز: الهوية أو وعي الجماعة بذاتها ومصدر الحصانة الروحية للجماعة.
13-الصراعات بين أفراد الجماعة في الداخل وبين الجماعة وغيرها من الجماعات الأخرى في الخارج موضوعها حيازة هذه الأحياز الخمسة: وهذا من قوانين التاريخ الطبيعي.
14-وعلاج هذه الصراعات في الداخل هو القضاء والأمن بشرائع منزلة أو وضعية. وعلاجها في الخارج هو الدبلوماسية والدفاع. لكن الصراع لا يتوقف.
15-لذلك فالمتحذلقون الذين يتهمون العرب عامة وسنتهم خاصة بالتهرب من المسؤولية باستعمال اسم ساخر هو “نظرية المؤامرة” موقفهم دليل جهل بحقيقة محركات التاريخ البشري.
16-هل معنى ذلك أني أنفي عن العرب عامة والسنة منهم خاصة عدم القيام بالواجب؟ كلا: تخليهم عن الواجب يتمثل في عدم العمل بالأنفال 60 بمعنيي القوة عامة والقوة العسكرية خاصة.
17-فصراع الأحياز في الداخل والخارج يقتضي علاجين:1-أولهما للداخل بالدولة الأمينة والعادلة (النساء 57) 2-والثاني للخارح بالدولة القوية والغنية (المسلم قوي أو لا يكون).
18-والثورة التي بدأت من بلد القيروان علتها طلب الدولة الأمينة والعادلة والثورة التي بدأت من بلد الحرمين علتها طلب الدولة القوية والغنية.
19-وقد تبين لشباب الثورة الأولى أن الحرية والكرامة تشترطان التحرر من الاستبداد والفساد (دولة أمينة وعادلة: النساء 57) وأن التبعية تحول دونهما.
20-كما اكتشف الثوار أن الأمن والعدل في الداخل مشروطان بوجود الدولة القادرة على الحماية والرعاية بالإضافة إلى الخارج المتحكم في أحياز الأمة.
21-فلا يمكن للثورة الداخلية أن تنجح من دون ثورة خارجية: التحرر في الداخل يبقى رهن التحرير في الخارج بسبب شروط التنمية المادية والروحية.
22-لذلك كان من الواجب أن تلتقي ثورتا سنة العرب: ثورة الحرية والكرامة ضد الاستبداد والفساد وثورة الرجولة والشهامة ضد الاستضعاف والاستتباع. وكلتا الثورتين قام بهما الشباب (التشبيب في القيادة السعودية هو السر في الثورة الثانية)
23-ومعنى ذلك أن شباب العرب بجنسيه في المغرب والمشرق فهم جوهر اللعبة ومنطق القرآن الكريم الذي جمع بين الاجتهاد والجهاد وهما من مادة واحدة تعني الجهد فكرا ويدا.
24-فهم الشباب بجنسيه في جناحي الوطن أن الأمر كله يدور حول تحرير الأحياز الخمسة: المكان وثروته والزمان وتراثه والهوية ودورها التاريخي ووعيها بتفردها.
25-فهم الشباب بجنسيه ضرورة اخراج الأعداء من أرضهم لحماية مجالهم الحيوي وتطهير تاريخهم من تشويهاته لاستئناف رسالتهم بتحقيق قيم الإسلام السني.
26-وهم لم يفهموا ذلك إلا بفضل الثورتين: فأولا ثورة الحرية والكرامة بينت لهم أن الاستبداد والفساد ليس مقصورا على الداخل بل هو أداة بيد الخارج.
27-وبينت لهم ثانيا ثورة عاصفة الحزم أن الاستضعاف والاستتباع ليس مقصورا على الخارج بل هو يعتمد على وكلائه الحاكمين بـالاستبداد والفساد في الداخل ليخوض بهم حربه على الأمة.
28-تبين للشباب أن الثورتين مترابطتان لأن كلتيهما تشترط الأخرى وأن المتحذلقين بنظرية المؤامرة يريدون إخفاء هذه الحقيقة: الاستبداد والفساد المحلي يستند إلى الدولي.
29-من يكذب بهذه العلاقة زاعما أن سنة العرب يقولون بالمؤامرة تهربا من المسؤولية غبي أو متغاب: ليست مؤامرة بل هي استراتيجية للاستحواذ على أحيازنا بمقتضى قانون التاريخ الطبيعي بين الجماعات المتجاورة.
30-ثورتنا حرب ذات جبهتين: في الداخل ضد الاستبداد والفساد وفي الخارج ضد الاستضعاف والاستتباع. وعسرها وطبيعتها الملحمية يجعلناها من جنس ثورة البداية في تاريخ الأمة الإسلامية.
31-شباب الثورة ببعديها ينبغي أن يكونوا في معركة الاستئناف أبطالا في النظر (الاجتهاد) والعمل (الجهاد) مثل الآباء الذين حققوا ثورة الإسلام الأولى بدولة كونية.
31-لا بد من إزالة جغرافية الاستعمار لاسترداد ثروات الأمة حتى تنمو بمنطق العصر الذي لا ينمو فيه إلا العمالقة: وطننا العربي قاعدة عملاق.
32-ولا بد من محو التاريخ الذي أراد الاستعمار وعملاؤه فرضه على ثقافة الأجيال لإزالة اللحمة بين شباب أقطار فرضوها بالجغرافيا الاستعمارية.
33-وحدة المكان ووحدة الزمان العربيين السنيين هما أساس العملاق العربي السني الذي سيكون قاطرة الاستئناف الاسلامي: وذلك ما يحاربه الأعداء لعلمهم بأنه مرجح الحصول.
34-ما يحاربه الأعداء هو المشروع الذي يتأسس في الحيز الخامس والذي بدأ شباب الأمة يطمح إليه: أي في الهوية الواعية بذاتها والطموحة بدورها. لذلك يركز التشويه كله عليها.
35-والتشويهات خمسة نتجت عن: 1-الفتنة الكبرى (التشيع) 2-والقتنة الصغرى(العلمانية) 3-والتحريف الأكبر (اليهودية) 4-والتحريف الأصغر (المسيحية).
36-ويجمع هذه التشويهات تشويه ميتاتاريخي:ما تشترك فيه التشويهات الأربعة أي الإخلاد إلى الأرض بالحرب على القرآن والخوف من تذكيره بقيم الأخوة الكونية (الآية الأولى من النساء).
37-ومن يفهم هذا التشويه الميتافيزيقي يفهم لما يخيفهم الاستئناف الإسلامي: فالإخلاد إلى الأرض يعني نكوص أصحابه إلى قانون التاريخ الطبيعي والتفصي من قانون التاريخ الخلقي.
38-وذلك هو جوهر التحريفات التي تتفصى من كل أخلاق:1-فالتشيع دين تقية ونفاق يتحول إلى غطاء للمتحيلين 2-والعلمانية تجرد حتى من هذا الغطاء لاحتكامها لمنطق المصلحة الدنيوية لا غير.
39-و3-اليهودية ليست إلا ما حصل بعد غياب موسى: عبادة العجل ولا شيء سواه والدين غطاء للتحيل السياسي مثل التشيع: لذلك فهما متحالفان بالجوهر.
40-و4-ما المسيحية إلا ما حصل بعد تأليه عيسى: تقاسم السلطة مع رب الأرض باسم رب السماء بين الكنيسة وقيصر. لذلك فهي حليفة العلمانية في كل غزو تصحب دباباته كما رأينا في العراق مثلا.
41-لذلك فكل ذي بصيرة يفهم أن التذكير القرآني بدين الفطرة خطاب لجميع البشر لتحريرهم من هذه التحريفات الأربعة المؤدية إلى التخابث الناكص بالإنسان إلى الحيوان.
42-والخطة المتبعة ضد هذا التذكير ليست خفية: فهي نفس الخطة التي نجحت مع الشيوعية والتي لن تنجح مع الإسلام لأنها بدأت معه فصمد ولا يزال وضمرت كل محاولاتها ضده.
43-والخطة بسيطة جدا: فالتحريفان الداخليان (التشيع وعلمانية الحداثيين) يخربان الأمة داخليا بالفتنتين الكبرى (التشيع) والصغرى (العلمانية).
44-وتحريف دين موسى ودين عيسى يساندانهما من الخارج ويتحالفان مع رهطين أخطر على السنة: حكام الاستبداد والفساد ونخبهم التابعين للاستضعاف والاستتباع.
45-والاستبداد والفساد التابع أصحابه للاستضعاف والاستتباع يمثله من نصبوه من حكام ونخب لا يؤمنون بمصالح الأمة وقيمها بل يعملون لصالح سادتهم الاستعماريين.
46-وغاية الأعداء دفع الأمة دفعا إلى الحرب الأهلية: ذلك أنها لا تستطيع تحرير ذاتها من الاستضعاف والاستتباع خارجيا من دون تحررها من الاستبداد والفساد داخليا.
47-كما أنها لا تستطيع التحرر من الاستبداد والفساد إلا بالتحرير من الاستضعاف والاستتباع. فيتبين أن معركة السنة معركة محلية ودولية في آن. فكيف يتحرر صاحب الثورة الثانية من علة الثورة الأولى والعكس بالعكس.
48-لكن ذلك ليس جديدا في تاريخ امتنا: فمعركة الإسلام في نشأته الأولى لا تختلف عن معركته الحالية في استئنافه:فدولة الإسلام الواحدة لم تتحقق إلا بفضل بأربع انتصارات .
49-أنتصاران أولان على التحريفين للرسالتين المتقدمتين عليه واللتين كانتا تستتبعان روحيا للعرب الذين هم نواة الدولة. وانتصاران ثانيان على الامبراطوريتين المستتبعتين للعرب ماديا. وبذلك تحققت دولة الإسلام الواحدة.
50-لكن النصر لم يدم طويلا في الأعيان لكنه ما يزال محركا للامة في الأذهان وذلك ما يحاربه الأعداء. فالخلافة الراشدة من البداية اعترضتها المعارك التي نراها اليوم: فبعد الردة أتى اغتيال ثلاثة من الخلفاء الراشدين.
51-لكن الإسلام حافظه الله: سرعان ما تمكن كاتب الوحي معاوية من تدارك الأمر فبنى دولة مكنت المسلمين من استكمال الأحياز الخمسة التي هي كيان دولة الإسلام.
52-دولة الإسلام بدأت بتحقيق شروط القيام الفعلي أي استرداد المكان (من الامبراطوريتين) وقبل ذلك تم استرداد الزمان (من التحريفين): جغرافيا الإسلام وتاريخه.
53-وقد تركز التشويه على هذه البداية للقضاء على دولة الإسلام: السعي إلى تفتيت المكان وتشتيت الزمان. لكن من وسموه بالسفاح تدارك الأمر فجعل دولة الإسلام تتواصل روحيا على الأقل.
54-ثم أعز الله الإسلام ودولته بشعوب آمنت به وليس لها مع العرب ثأر أقصد الأتراك بدءا بالسلاجفة فحموا البيضة إلى الربع الأول من ق.20. ولم يسمحوا للساعين للثأر من العرب بتخريب حضارة الإسلام.
55-والتشويهات السابقة تبنت الفتنة الصغرى الحديثة فهاجمت الخلافة في القلب وفي أطرافه شتت وحدة الأمة بالدولة القطرية العلمانية أعدى أعداء الأمة حليفة كل أعداء الامة وخاصة الإسلام ذاته.
56-لكن مكر الله لا غالب له: فصمود سنة الإسلام وقلبها سنة العرب أمام تحالف الأعداء الخمسة جهارا نهارا دفع شبابنا بجنسيه للثورة بالاجتهاد والجهاد لتحقيق شرط النصر بمنطق العصر ثورة على الجغرافيا والتاريخ اللذين يريد الأعداء والعملاء فرضهما.
57-وذلك ما أسميه التطابق بين النشأة الأولى والاستئناف الذي هو نشأة ثانية بروح النشأة الأولى: والنصر آت لا ريب فيه. ما شككت في ذلك لحظة.
58-لماذا أنا متيقن من النصر؟ أولا لإيمان بأن الله لا يخذل أمته وـثانيا لأني أعلم أنه لا يوجد على وجه البسيطة وبإطلاق من هو أشجع من شباب السنة.
59-ومثلما أن الاتحاد السوفياتي لم يركع إلا بفضل قلة مؤمنة من شباب السنة عامة وسنة العرب خاصة فإن اتحاد المخمس الذي وصفنا سيركعه قلة مؤمنة من شباب السنة.
60-وليست النتيجة العسكرية هي التي تشغلني فهي مؤكدة بل ما يليها:كيف نسقط العدو دون السقوط معه. فالهدف هو استئناف حضارة الإسلام لا النكوص إلى البداوة والجاهلية.
61-صحيح أن أمريكا خسرت حروبها ضد شباب السنة في كل مكان. لكنها فرضت أحوالا قد تعيد الأمة إلى البداوة والجاهلية ما قد يحول دوننا واستئناف دورنا التاريخي.
62-والسؤال هو كيف نهزم العدو دون نكوص إلى البدائية والجاهلية بالمعنيين المادي (التخلف العلمي والاقتصادي) والخلقي (التخلف القيمي في الحريات والكرامة).
63-وجوابي هو جعل الثورتين ضد الاستبداد والفساد وضد الاستضعاف والاستتباع ذاتـي الفكر و القيم مستمدا من مرجعيتي الإسلام ومن الفكر النير لمصلحينا الكبار من بداية العهد الراشدي إلى الآن.
64-تلك هي العلة التي جعلتني أخصص الكثير من وقتي لهذه المسألة: وصل الأحداث بفلسفة القرآن السياسية والخلقية الخاصة بقيم الاستخلاف القرآنية وبمحاولات كبار المفكرين المصلحين من الذين عالجوا أحوال الأمة.
65-فالنكوص إلى التبدي ليس إلا فصلا للجهاد عن الاجتهاد وللعمل عن النظر ولبطولة القتال عن أخلاق الفروسية بكلمة الفلسفة القرآنية والسنة المحمدية.
66-ينبغي للشباب المجاهد ألا ينسى أن نشأة أمته الأولى أساسها رسالة خلقية كونية أمة وضعت القانون الخلقي للجهاد الدفاعي والوقائي لمنع الفساد في الأرض بحماية المستضعفين وفرض حرية العباد بقيم الفروسية العربية والأخوة البشرية (النساء 1).
67-ولاختم بكلمات سريعة حول دعوى أن شباب السنة لا يوجد من هو أشجع منه. يكفي دليلا حاجة الغرب لأحلاف تتجاوز عدة دولها العشرات لمحاربة العشرات منهم.
68-ففي العراق هزمت أمريكا وفرت بجلدها أمام قلة من فرسان الشباب والفلوجة أكبر شاهد. وكذا في افغانستان والبلقان والصومال لا يهزم صاحب الإيمان.
69-أما أعداؤنا فإنهم أجبن من كل جبان ولن تشفع لهم التقنية: الحشد الشيعي ليس أجبن منه واحتماء العلمانيين بالعسكر دليل جبن وغزة هزمت سيدتهم وفرار بقايا الصليبيين من الشرق مع الغزاة دليل جبن لا يقدر.
70-ومرة أخرى فإن تحالف الأعداء الذي أصبح علنيا وصريحا لم يبق لشباب السنة شعوبا وحكومات من مفر من الوحدة لأن المعركة أصبحت معركة وجود وبقاء. وكل نظام عربي يتخاذل سيكون مآله مآل ما ابتلعته واستتبعته إيران وإسرائيل.
ملحمة شباب السنة بجنسيه – أبو يعرب المرزوقي