1-كلما تابعت حوارا حول ما يجري في اليمن ومسار الحرب فيها أشعر بأن الأمور لا تعجب من وجهين يعطلان سياسة الحرب واسترايتجيتها. فكيف نفهمهما؟
2-لست عسكريا ولا أدعي الخبرة في قيادة الحروب.ما أعمله هو أن الحرب أمر جدي لا يقوده العسكر لأنها ذروة السياسة أولا والرياضيات ثانيا.
3-والسياسة تحدد الأهداف وتوفر الوسائل والرياضيات تحدد الطرائق التي تجعل الكلفة تبقى في الحد الأدنى الممكن من خلال استعمال ثلاث معادلات.
4-الأولى انثروبولوجية حول ثقافة الشعبين المتحاربين.الثانية جغرافية حول أرض المعركة والأخيرة فيزيائية وتتعلق باقتصاد استعمال قوة القتال.
5-لكن هذه المعادلات لا تعمل في الخلاء بل هي محددة بظرف داخلي وظرف خارجي وهما المعادلاتان الأخيرتان المحددتان للفاعلية السياسية في الحرب.
6-في هذه الحالة علينا فهم أن الظرف المحلي والدولي يجعل هذه الحرب أهلية (في اليمن) ودولية بين موظف التوسع الإيراني ومقاومة بعض العرب.
7-وألح على “بعض العرب” لأن الكلام على الحلف العربي قد يكون هو الذي يخفي “قدم أخيل” في العملية كلها: فالخطر المباشر يهدد السعودية خاصة.
8-وهذا التمييز هو الذي يجعل المعركة ليست ذات وجهين أهلية ودولية فحسب بل هي ذات أربع وجوه: انقسام العرب على الوجهين: نحن أمام أربعة حروب.
9-انقسام الحرب إلى أهلية ودولية وانقسام العرب عليهما. إذن أربع سياسات ولست أدري هل هي معتبرة في قيادة الحلف وواعية أم هي تتبادل التخريب.
10-لا أستطيع أن أجيب رغم أن ما يجري في تعز يقدم بعض الإشارات المفيدة.أريد الكلام على الحربين: فمن البداية نبهت إلى ضرورة الفصل بينهما.
11-طلبت من القيادات أن تحسم في قاعدة صعدة تحت مظلة حرب الشرعية وهي غطاء دبلوماسي لا يمكن أن يطول مفعوله لأن الحرب الأهلية ستطول وهي قد طالت فعلا.
12-حصل العكس تماما: بدلا من بدء الحرب من أعلى إلى أسفل أي من صعدة إلى عدن عكسوا. وهو خطأ استراتيجي: الحصار الجوي و البحري وخاصة محاصرة عدن كافية وضرب الرأس أولا.
13-طلبت تقطيع مفاصل الحركة وعزل التجمعات بانزال يقطع الطرق مع مواصلة ضرب العتاد الثقيل لكنهم اعتمدوا “الرولو الروسي” وهي أفسد استراتيجية.
14-فما يعني الحوثي وجماعته أمران: إطالة الحرب الأهلية وتجميع القوة لتهديد السعودية عندما يتصور أن الشعب السعودي بدأ يمل طول الحرب.
15-ولما أسمع المرعي اشعر وكأنه يريد أن ينظف كل اليمن قبل أن يصل إلى صعدة: وهذا سيطلب سنوات. في حين أن المطلوب هو الحرب الخاطفة والماحقة.
16-فإذا واصلت الحرب على هذا النسق فمعنى ذلك أن المخططين من حيث لا يعلمون يمكنون الحوثي من تحقيق حلم حزب الله على الحدود.فأي قيادة هذه؟
17-إن لم تحسم السعودية في صعدة أولا وعلى حدودها ثانيا بالقضاء على القاعدة الإيرانية فإن الحرب ستدوم عقودا والحرب الأهلية لن تحسم أصلا.
18-فإما أن تدخل الحرب وتحسمها أو عليك ألا تبدأها. وهذه الحرب حربان: أهلية يمنية لها إيقاع الانثروبولوجيا الحضارية اليمنية والثانية غير.
19-الحرب الأساسية بالنسبة إلى السعودية ليست الحرب الأهلية اليمنية بل الحرب على القاعدة الإيرانية على حدودها. فلا ترهن هذه بمصير تلك.
20-ونأتي إلى الجغرافيا :كل الناس يعلمون أن جغرافية اليمن تساعد الحرب الشعبية أكثر من الحرب التقليدية. فإذا لم تحسم بقوة قاهرة فستطول.
21-والقوة القاهرة لا يمكن أن يطول استعمالها بسبب الدبلوماسية الدولية. لذلك فإن مخططي الحرب الحاليين ليس لهم فهم للحرب الحديثة.
22-لستَ بحاجة للرولو الروسي ولست بحاجة للتنظيف المطلق أنت بحاجة لعزل قوى العدو وتشتيت صفها ثم منع حركتها بإنزالات في مفاصل جغرافيته وكفى. وهذا هو مفهوم “الحرب البرقيةBlitzkrieg” أو الخاطفة. تشق صف العدو لتضرب الرأس وتترك الأطراف المحاصرة حتى تستسلم بمنعها من الحركة والتموين بمعنييه
23-هذا هو العامل الرياضي في اقتصاد استعمال القوة الذي هو أصل المعادلة الفيزيائية في الحروب.كلما سمعتُ عرض الخبراء البدائي أعجب من خبرتهم.
24-لكن ما أعجب له أكثر هو أن الحرب بكماء: هي صليل سلاح وصمت مطبق أي إن القوة الوحيدة المستعملة هي القوة العنيفة ولا وجود لقوة لطيفة.
25-لا إعلام سعودي ولا يمني بل الأعلام الخليجي كله -إذا ما استثننيا الجزيرة- هو في خدمة الخطة الإيرانية: بيان خلافات العرب وتعثر الحرب.
26-حينها ستصبح الخسائر هي التي تكلم شعبا لم تعده للأسهام والتضحية فيمل الحرب بسرعة: لا وجود لتحريك عامل العاطفة الوطنية لتكون وقود القوة.
27-صحيح أن القيادة السياسية محرجة لأنها لا تريد أن يظن أنها حرب سعودية على اليمن.هذا خطأ هي حرب سعودية على القاعدة الإيرانية على حدودها.
28-لعل بيان ذلك هو المضمون الحقيقي لسياسة إعلامية تحرك حماسة الشعب ووطنيته لتكون الحرب مهما كانت التضحيات حاسمة لخطر قد يدوم عقودا.
29-قبل أن أختم كلامي لا بد أن أبرر تدخلي. مرة أخرى: السعودية هي الحصن الوحيد المتبقي للأمة بعد الله وبعد الشعب. لكن الشعب حركته بطيئة.
30-لذلك كنت ولا زلت حريصا على إبداء رأيي في ما اعتبرته بداية خير حقيقية في عهد الملك الصالح: فهو قام بخطوتين جريئتين العاصفة والتشبيب.
31-بل وأضاف إليهما خطوة أكثر جرأة بقي يراقب عن بعد ليجرب القيادة الشابة وهو معها حتى يطمئن إليها من بعده بعد عمر طويل. تلك هي الحكمة.