لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله مرض العرب الغرق في العاجل لعدم النظر في الآجل
وعدنا بالجواب عن سؤالين:
مقومات الدولة بوصفها ذات الجماعة العائدة على نفسها لتسوس حمايتها ورعايتها لنفسها في الداخل والخارج جمعا بين موجودات الماضي منطلقا ومنشودات المستقل غاية وما بينهما هو العمل الذي يقطع المسافة بينهما والتي هي لا متناهية لأنها كالأفق تتقدم أمامنا دائما.
ثم كيف تعمل الدولة بصورة يكون عملها كالسمفونية التي تتألف من عمل متناغم ومتناسق لخمس آلات (الإرادة والعلم والقدرة والحياة والوجود) والهيئة السياسية الحاكمة والمعارضة تشرف عليها إشراف رئيس الجوقة ومنافسه (عين ناقدة) على رئاستها لتحقيق التداول السلمي وتحسين الأداء.
فيكون الفصل الثامن للسؤال الاول والتاسع للثاني والعاشر للحصيلة حول ضرورة تقدم النظر على العمل في كل عمل إنساني على علم وذلك لتحقيق شروط الاستعمار في الأرض بالبحث في قوانين الطبيعة وشروط الاستخلاف بالبحث في سنن التاريخ حتى تكون الدولة مصورة للجماعة بخيارها الحر.
ماهي إذن مقومات الدولة أو الجماعة من حيث هي ذات مبدعة لذاتها بالعودة عليها لنقلها من حال إلى حال الأولى هي موجودها والثانية هي منشودها والعملية هذه من حيث هي متواصلة هي تاريخها الذي هو عين صيرورتها تلك الجماعة بما لها من تعين لنفس المقومات الكونية للدولة كدولة.
ومعنى ذلك أن ما أتكلم عليه ليس دولة بعينها بل “الدولة” عامة مثلما نتكلم على الحي عامة حتى وإن تعين في حي معين أي حيوان. طبعا الدولة ليست حيوان لكن ما هو دولية الدولة واحد في كل دولة مثلما أن حيوية الحي واحدة في كل حي: وهذا هو مطلوب العلم دون الغفلة عن التكوينية التاريخية لها.
الوظائف العشر التي تكملت عليها في الفصل السابق هي تعين أعضاء الدولة التي اعتبرناها كيانا تتجدد وظائفه في تلك المؤسسات العشر وقلنا إنها أدوات عمل الهيئة الحاكمة والمربية التي تتألف من الحاكمين بالفعل ومن الحاكمين بالقوة أو المعارضة التي تراقب الحاكمين بالفعل كحكومة ظل للتداول.
وهذا التداول موحود دائما إن لم يكن سلميا فهو عنيف ويكون حينها ليس مؤسسة سياسية بل مؤسسة عضوية الجيل الخالف يقضي على الجيل السالف ليحل محله كما حدث مثلا بين الدولة العباسية والدولة الأموية: افناء شبه تام لم يفلت منه إلا صقر قريش الذي أسس الدولة الأموية الأندلسية.
هذه البنية الثنائية بين الحاكم والمعارض ثابتة في كل جماعة رغم أنها ذات صنفين عنيف ولطيف والعنيف هو البداية واللطيف هو الغاية في تكون المؤسسات التي تمثل ذات الجماعة بعد أن تدرك وظائف الدولة أو مقومات الذات الممثلة للجماعة إرادتها وعلمها وقدرتها وحياتها ووجودها أو رؤاها للعالم.
وللأسف فنحن ما زلنا في الصنف العنيف ولم نعرف الصنف اللطيف إلى في حكم الخلفاء الراشدين الثلاثة الاول بل إن الفتنة أطلت برأسها والرسول لم يدفن بعد. لكن كبار الصحابة حسموها سلميا ومع ذلك فقد قتل اثنان منهم الثاني والثالث وباغتياله كانت الفتنة الكبرى وقد احييت ومعها الصغرى الآن.
فلنحدد المقومات:
رؤية الجماعة لذاتها في الاسترماز الأساسي أو في المرجعية التي ترى الجماعة نفسها من خلالها: وهي دائما دينية حتى لو صيغت فلسفيا (عند اليونان مثلا أو في اوروبا الحديثة)
القوى السياسية التي تتمايز بتأويلاتها لهذه الرؤية وباستراتيجية معاني الإنسانية المبنية عليها
يلي ذلك:
ما يتم التوافق عليه من صياغة قانونية أساسية للمشترك بين القوى السياسية وهذا هو مفهوم الدستور
يليه الهيئة الحاكمة والمعارضة وهي السلطة التنفيذية والتشريعية. أما القضائية فهي ليست سلطة سياسية. إنها سلطة تحكيم من الوظائف المباشرة وهي خبرة علمية في القانون وتطبيقه
ونصل اخيرا إلى الدولة المتعينة في أعضاء فعلها المباشر في الجماعة حماية ورعاية أعني الوظائف العشرة التي عرضتها في الفصل السابق. تلك هي مقومات الدولة في كل جماعة ولا تخلو أي جماعة منها والوحيد الذي قد يبدوا غائبا هو الدستور لكنه حاضر على الاقل كعرف واخلاق عامة.