لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص
الحدود عادة تتعين في اسم المحدود.
لذلك فالمخربون الذين سأتكلم عليهم هم بدون اسم بهذا المعنى المضاعف الذي صار يستعمل في أنشطة المجتمع المدني لدلالة التحرر من النسب الجغرافي تمويها ويستعمل بمعنى الأنونيم في أنشطة الشركات خفية الاسم للدلالة على المحرك الخفي الذي لا نراه.
وكلتاهما تموهان على حقيقتهما الهدامة للمجتمعات.
فـ”بلا” لا تتعلق بالحدود الجغرافية فحسب بل هي تتعلق بالحدود القيمية :
ينبغي أن تقرأ بلا حدود قيمية ومن ثم فهي عين الحدود التي أنتجت كل الكسور التي تعاني من الشعوب والبشرية :
ومن هذا الجنس استغلال الظاهرات المسماة بلا حدود في المجال الطبي والإعلامي للعمل التخريبي سواء كان مخابراتيا (كأطباء بلا حدود أو صحافيين بلا حدود)
ومنه النوع الثاني من الظاهرات المسماة بلا حدود في المجال الروحي والفكري للحرب النفسية (كمؤمنين بلاحدود ومفكرين بلاحدود).
والظاهرة التي سأتكلم عليها هي ظاهرة من تجمع بين النوعين :
ذلك أننا نعلم الرجل إذ يستعمل جسد المرأة بلا حدود ما اسمه وما صلته بالمخابرات العابرة للحدود.
لكننا لا نعلم الرجل الذي يستعمل قضيتها ما اسمه.
فهذه الظاهرة صدمتني لما تعينت فرأيناها أمس في مغامرة مافيوزية يزعم أصحابها أنهم قادة في نداء تونس رأيناهم يتبختبرون ويتعنترون أمام جمع من السيدات يوهموهن بأنهن مقدمات على خطر لا ينجيهن منه إلا هم وجماعتهم .
إن المضمر في هذا الاستعمال يتجاوز نداء تونس ويشمل كل تونس حاضرها وماضيها ومستقبلها.
صحيح أنهم يزعمون الاقتصار على أزمة حزب.
لكنهم يتجاوزون ذلك إذ حصروا اللقاء في الندائيات وليس الندائيين بجنسيهم.
ودلالة الفرز هذه هى الزعم بأن النداء من دون قيادتهم سيتخلى عن قضية المرأة لصالح من يريدون -هم قادة الحداثة- استئصالهم من البلاد دفاعا عن قضية المرأة:
والمعلوم أن هذه القضية هي حصان طروادة لتهديم النسيخ الاجتماعي التونسي.
ما أريد البحث عن خلفياته هو طبيعة مستعملي قضية المرأة هؤلاء ومحركيهم الخفيين بالقياس إلى مستعملي جسدها ما اسمه.
وأول خاصية أنه من جنس بـ”لا حدود” قيمية.
مطلبي هو فهم حقيقة هذا البـ”لا”(ء) الجديد ودلالته من خلال صلته بالكسور التي تعاني منها تونس.
فكلنا يعرف اسم من يعيش من تشويه المرأة والتمعش من استخدام جسدها وجعلها بـ “ـلاحدود”.
لكننا لم نعلم بعد كيف نسمي من يريد أن يعيش من تشويه قضية المرأة والتمعش من استخدامها وجعلها بـ “ـلاحدود”.
فقبل هؤلاء المتبخترين أمام مجمع نسائي كانت تونس تعاني من ثلاثة كسور هي ثمرة المرحلتين الاستعمارية والاستقلال المنقوص إلى حدود الثورة – الكسور التي أنتجت مثل هؤلاء المتبخترين من مستعملي جسد المرأة وقضيتها أي صنفي بـلا حدود.
فالمرأة لم تكن غائبة في المرحلتين السابقتين على الثورة وكسورها الثلاثة.
لكنهم أضافوا إليها كسرا رابعا في هذا اللقاء.
ولن نفهم علاقة هذه الكسور بعضها بالبعض إلا بالكسر الخامس الذي دفعهم إلى هذا الاستعمال الجديد لقضية المرأة معولا في معركة الاستئصال.
وهذا الكسر الخامس هو الذي جعلني اعتبرهم ممثلي مافيات التخريب التي هي بالطبع بلا حدود وبلا اسم :
- الكسر المناطقي بالمقابلة بين المناطق المحرومة وفترينة ما يسمونه مكتسبات الحداثة المزعومة. والمناطق المحرومة هي معين الفترينة تستورد منها خدما لأصحاب الفترينة وخادمات لنسائهم.
- الكسر الطبقي بالمقابلة بين الطبقة المالكة للفترينة والمشغلين لأجهزتها من الطبقة الوسطى المسحوقة لخدمة دولة أصحاب الفترينة وامتيازاتهم.
- الكسر الثقافي بالمقابلة بين فرنكفونية الطبقة المالكة للفترينة وعملائها مما نتج عن الكسرين الأولين من جهة أولى و”عربفونية” بقية الشعب في المقابلتين السابقتين أي بقية أبناء المناطق المحرومة والطبقة الوسطى.
- الكسر الجناسي الذي دشنه هؤلاء “القادة” العباقرة مركوبا لنزعة الاستئصال في نداء تونس وفي الحقيقة في تونس كلها الكسر بين النساء والرجال. فيكون النداء قد انقسم إلى شق مستخدمي النساء المتحررات أو الديموقراطيات وشق الرجال الذين يعتبرهم الشق الأول خونة لرسالة الحزب التهديمية في تصورهم من البداية -وما بقي من نساء تونس الأخريات اللواتي يعتبروهن معين خادمات حريفاتهم- الذين يريدون تحقيق شروط السلم المدنية والاجتماعية بالمصالحة السياسية التي يمكن أن تخرج البلاد من حرب أهلية دامت قرنا إلا عقد أي من بداية حركة التحرير الوطنية (1920) إلى بداية الثورة (2010).
- وهم بهذا التحديد الذاتي عينوا الكسر الذي كان خفيا الكسر المحرك والعلة العميقة لكل هذه الكسور : الصراع بين المافيات التي لم تعد خفية بل صارت علنية ولعل أهم وجوه علنيتها هي الإعلام والصحافة والخبراء المزيفون الذي نعلم الآن من يمولهم وطبيعتهم الاسترزاقية بعد أن فضح بعضهم حقيقته عندما تكلم على زياراته الأخيرة لمراتع إيران وإسرائيل وكل المخابرات الدولية المشاركة في تهديم حصانة الأمة ومناعتها (في بلاتوهات نسمة الأخيرة).
وهذه الكسور هي الجبهات التي ينبغي لأي استراتيجيا سياسية يسعى أصحابها من أبطال الثورة لاخراج الثورة من تخبطها الحالي أن تتصدى لها لتربح كل المعارك التي اصبحت بينة المعالم.
والمعلوم أني لم أتدخل منذ ان خرجت من العمل السياسي المباشر إلا عندما شعرت بأن محاولة استغلال الكسور الثلاثة الأولى استغلالها الأول في الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة بدأت تتحول من ظاهرة ينبغي للثورة أن تعالجها إلى ظاهرة أراد المتكلمون باسم الثورة بلا وعي ركوبها لتفجير البلاد.
لا أتهم من استعملها دون وعي إلا سياسيا لا خلقيا.
لم يكونوا واعين بالفرق بين وجود الظاهرة الذي لا أحد يتهمهم به وبين استغلالها سياسيا الذي هو أخطر منها على وحدة البلاد وخاصة على الحد الأدنى من الوحدة لتحرير البلاد من الاستبداد والفساد الداخلي أولا ومن الاستضعاف والاستتباع الخارجي الذي يسندهما ثانيا.
لذلك كان موقفي ما كان وهو معلوم خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وظنه البعض دفاعا عن خصومهم وليس سعيا لإجبارهم على فضح أنفسهم عندما يصبحون في الواجهة حاكمين لاقصر فترة ممكنة.
وإذ اتدخل اليوم في معركة يتصورها البعض مقصورة على حزب النداء فإني أفعل لأن المعركة في الحقيقة ليست مقصورة عليه بل هي معركة حول مشروعين في النداء الذي كانت الانتخابات كما توقعت فرصة تمكينهم من الاعلان عن حقيقتهم ومن ثم حفر قبورهم بأيديهم.
فهي معركة تجمع الكسور الخمسة وتمثلها في أكثر عناصرها حساسية لأنها تتعلق بأهم أركان المجتمع التونسي الحضارية والروحية والاجتماعية :
استخدام المرأة وقضيتها معول تهديم.
لذلك فالأمر لا يقتصر على النداء بل هو يهم كل تونسي يغار على مستقبل الثورة والوطن :
المشروع الذي يعتمد على الكسر الخامس -معركة المافيات- لتوطيد الكسر الرابع -المعركة الجناسية- معيارا للفرز الذي هو جعل الكسور الثالثة الأولى (المناطقي والطبقي والثقافي) بنية نهائية للمجتمع التونسي فيصبح كل ما جاءت الثورة لإصلاحه أدوات للقضاء على الثورة والثوار بصورة نهائية وجعل تونس ملعب المافيا التي أنشأها نظام ابن علي :
مسرح
- التهريب
- والتخريب
- والمخدرات
- والسياحة التي تفتح الوطن للغزو الإسرائيلي والإيراني
حتى تبقى الفترينة محافظة على ما يسمونه مكتسبات الحضارة.
والمشروع الذي يعلم أن هذه الكسور الخمسة موجودة (المناطقية والطبقية والثقافية الجناسية والمافياوية) ويريد علاجها وتخليص تونس منها لا نكأها بجعلها أداة سياسية تدخل تونس في حرب أهلية لن تبقي ولن تذر.
فهؤلاء “الابرونتي سرورسيي” مستعدون لإشعال البلاد بسبب طموح غبي من علاماته أنهم يتصورون السيسي صاحب ثورة تنويرية ويريدون محاكاته ولا يرون أنه قد قضى على كل إمكانية لإخراج مصر من الانحطاط الذي يمثله الاستبداد والفساد المشروطين بالتبعية للاستضعاف والاستتباع الاستعماري.
لكني واثق من أنه كما أن أي امرأة حرة لا تقبل إلا مضطرة أن تصبح أداة تمعش فإن كل النساء التونسيات الحرات لن تقبلن أن تتمعش بقضيتهن المافيات.
تخويفن من الثورة وأهدافها ومن الصلح التاريخي في الحركة الوطنية وصفيها لن يجدي نفعا.
- فدعاة التأصيل تحرروا مما يخيف النساء.
- ودعاة التحديث تحرروا من استغلال المراة صورة في فترينة.
والصفان يلتقيان على علاج الكسور الخمسة التي وصفت :
- الكسر المناطقي : الثورة ضد قسمة تونس إلى مناطق فترينة ومناطق تمدها بالخدم والخادمات.
- الكسر الطبقي : الثورة ضد قسمة تونس إلى سادة وعبيد في كل منطقة من هذه المناطق بل الجميع مواطنون لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.
- الكسر الثقافي : الثورة تعتبر كل فرنكفوني إما ضيفا أجنبيا مرحبا به او خائنا للوطن لايختلف عن الحركيين وآن أوان لحاقه بالمعمرين.
- الكسر الجناسي : الثورة تعتبر الرجل والمرأة مواطنين متساويين في الحقوق والواجبات ولا تفرق بينهما إلا بالعمل الصالح.
- الكسر المافيوزي : لن تنجح الثورة إلا بالقضاء على المافيات بتحرير أرض الوطن منها ومن معاركها على جعل تونس مضمار التنافس على التهريب والتبييض والمخدرات وهي اصل الإرهاب والتخريب.
ذلك هو التحدي الحقيقي الجامع بين كل التحديات المتمثلة في الكسور الخمسة.
يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/