****،
كتبت أمس عن متاحف فرنسا ودلالتها وبمناسبتها حاولت بيان الرؤية الغربية عامة ممثلة بهيجل وماركس إشارة وبنيتشة نصا في معاني التاريخ واليوم أريد أن أكتب في موقف الجزائر الرسمية.
لأن موقف الجزائر الشعبية لا يمكن أن يكون غير ما ينتظره أبناء الشهداء واحفادهم.
ومن ثم فليس عندي ما أضيفه:
فلا أحد يمكن أن يزايد عليهم فيعلق على موقفهم الممثل ليس للجزائر وحدها بل للأمة كلها من المحيط الهادي إلى المحيط الاطلسي.
ما ألمني حقا هو الثمن البخس الذي رضيت به الجزائر الرسمية بحيث صارت وكأنها هي التي تكفر عن ذنب بالدفع السريع:
فرئيسها شكر ماكرون الذي يمثل في آن الصليبية والصهيونية وقدم هدية لا تقدر لفرنسا التي تنتظر من يؤيد موقف دميتنا مما يجري في ليبيا.
لم نسمع تبون يتكلم على انقلاب حفتر ولا على تدخلات فرنسا والإمارات ومصر والسعودية وخاصة روسيا – صديقة العسكراتية العربية التي لم ترث من الاستبداد السوفياتي إلا خردته التسليحية – سكت عن ذلك كله وتكلم على نهاية شرعية الحكومة التي شكلها الشعب الليبي بكل طيفه السياسي والمدني والبلدي في الصخيرات
والانقلاب هو الذي حال دون استكمال المؤسسات.,
لكن الرئيس الذي لا شيء يثبت أنه أكثر شرعية من النظام القائم في ليبيا صار بنفس التعالي الرسمي التونسي يتعامل مع الليبيين وكأنهم بحاجة إلى شرعية قبلية في حين أن الجميع يعلم أن الشعب الليبي صمد ككل شعوب المغرب الكبير في التصدي للاستعمار.
واستقل قبلها جميعا وأسس ملكية دستورية قبل ثورة نوفمبر وكتبوا دستورا ديموقراطيا وعطل الاستفتاء عليه الجاسوس وعميل الاستخبارات حفتر.
ونخبة ليبيا متنوعة لأنها لم تكن مثل نخبة بقية أهل المغرب مستعبدة من فرنسا.
فهم يتصورونها “أم الدنيا” ولا يرون غيرها حتى صاروا أحرص على نشر الفرنسية من أهلها في حين أنها في ذيل الغرب علما وفنا وثقافة وقوة عسكرية واقتصادية منذ هزائمها في الحربين العالميتين.
كنت أتصور أن تبون من جبهة التحرير فإذا بي أجده يتلهف على ترضية ماكرون تماما كما فعل قبله الرئيس العناق الذي قبّل كتفيه كأنه شيخه في “العلم” بعد أن أعلن أنه قرأ مؤلفاته التي لم يؤلفها وقرأ حتى ما قرأ بمعنى أنه يشاركه في المكتبة.
كنت أعتقد أن استجلاب جماجم المجاهدين التي كانت معروضة في متحف آكلي لحم البشر والذي يسمونه متحف الإنسان كان لغاية فضح توحش الاستعمار وهمجية الفرنسيين الذين لا يقلون بربرية عن غزاة امريكا الذين أبادوا الهنود الحمر فإذا بالأمر لم يتجاوز دفن الجماجم.
فالجزائر الرسمية وظفت هذه اللحظة ذات الجلالة التاريخية الكثيفة ليس لدفن الجماجم فحسب بل كذلك لدفن ما هو أهم بما تفيده لنشر غسيل فرنسا خلال استعمارها للجزائر استعمارا لم يكتف بخصائص الاستعمار الاستغلالي كالحال في الاستعمار الحديث.
بل هو كان استعمارا بحقد الصليبيين وببربرية الأهماج الذين غزوا أوروبا واطاحوا بروما. فما فعلوه في الجزائر وتونس ومنذ الثورة في ليبيا وفي سوريا فوق كل تخيل والمقابر الجماعية في ترهونة شاهدة.
كنت أنتظر متحفا متنقلا للإشادة بمتحف الإنسان الفرنسي:
أن تعرض الجزائر جماجم شهدائها في جولة عالمية لتري للإنسانية كلها إنسانية المتاحف الفرنسية بدأ بعواصم الغرب كلها بما فيها باريس ثم بكل عواصم العالم خارج بلاد الغرب.
لا بد من درس حاسم للعنجهية الفرنسية وللإمبراطورية الأوروبية التي صارت مستعمرات روسية وأمريكية والتي غزت العالم بنفس الوحشية التي يمثلها متحف باريس للجماجم البشرية.
وإذا كانت الحكومة الجزائرية قد سارعت فدفنت الجماجم فإنها الآن كلها قد صورت في المتحف وفي نقلتها وفي مواراتها التراب ولنا الكثير من الأفلام عن الوحشية التي ما زالت بعض مشاهدها حية.
وما أنتظره من شباب الجزائر وخاصة من كان منهم في المهاجر أن يقوموا بهذا الواجب.
لا بد من سياسية “المتحف المتنقل لمتحف الإنسان الفرنسي” حتى يعلم الجمع ما ينبغي أن يحول دون أي حاكم فرنسي ورفع رأسه ما لم يعتذر للشعوب ويعوضها ليس على ما نهبه فحسب بل على جرائمه التي هي جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
ولا بد أن يتجول هذا المتحف في كل مدن العالم ومدن الجزائر وأقطار المغرب والاقليم والعالم.
ولن يكلف ذلك كثيرا فيكفي تكوين جمعية لتنظيم متحف متاحف العار والوحشية الفرنسية
ولا مانع من أن تقوم كل البلاد التي استعمرتها أوروبا بنفس العمل لأن عدد الجماجم بالآلاف في متاحفهم والجديد منها هو المقابر الجماعية وآخرها في ترهونة وطرابلس وفي العراق وسوريا واليمن.