1-تحديد استراتيجية استرداد دور الأمة-والقصد السنة-بقاطرة عربية من دون تحديد عناصر المعادلة الداخليةوالخارجية بمستوييهما والمبدأ الجامع.
2-فمستويا المعادلة الداخلية الإيديولجيات القطرية والوعي بالمصير المشترك.ومستويا المعادلة الخارجية هما الموقفين الإقليمي والدولي منا.
3-أما المبدأ الجامع فهو المشترك بين المستويات الأربعة:ما المحرك الذي ينظم ما يشبه التعاون والتآمرعلى منع استئناف الأمة بقيادة عربية ؟
4-وهذا المبدأ الجامع شديد اللامباشرة بحيث يصعب فهم العلاقة بينه وبين كل ما يجري في المستويات الأربعة التي حددنا: إنه العلاقة بالأحياز.
5-فما الأحياز ولم هي التي توحد بين هذه المستويات الأربعة التي بين التعاون بل والتآمر الساعي لمنع استئناف الأمة بقيادة عربية لتكون قطبا؟
6-الأمم كيانات طبيعية بمكانها (جغرافيا) ومنه قوتها المادية وخلقية بزمانها (تاريخ) ومنه قوتها الروحية. والجامع الحصانة أو هوية الجماعة الحضارية.
7-وتك هي الأبعاد الكيانية لأي أمة: فكل كيان بهذه الأبعاد محدود بمن حوله من الكيانات بحيث إنها تتقاسم المعمورة بصراع حولها مصدرا لحياتها وعبارة عن قيامها ورمزا لمنزلتها في التاريخ.
8-وبهذا المعنى فالمعمورة في دينامية دائمة هي فيزياء الحياة السياسية والحضارية للجمعات المتساوقة والمتوالية وخلال هذه الدينامية تتحرك الحدود بين الأمم-من جنس حركة الأرض بالزلازل-و بما يشبه دينامية القوى المتزاحمة على المكان والزمان بسبب القوتين وثمرة لهما.
9-وهذا التزاحم والتمانع بين الهويات الحضارية هو إيقاع تاريخ العالم الذي يتوالي فيه السلم والحرب. ومنزلة الأمم يحددها موقفعها في هذا الإيقاع ودورها الفاعل بتحديد منعرجات تاريخ الإنسانية.
10-وإذن فالمبدأ الموحد هو المنزلة التي للأمة الإسلامية التي توالى عليها دور شعوبها في تأثيل حضارتها. وهي قد بدأت قيادة عربية وبها ينبغي ان تستأنف دورها الذي آن أوانه. وهذا منطلق التحليل.
11-وحينئذ فسؤال المرحلة الراهنة من تاريخنا متعدد الأبعا : هل آن أوان الاستئناف؟وهل يقتضي قيادة عربية؟وهل للعرب شروط القيادة المادية؟وهل لهم شروطها الروحية؟وما العمل؟
12-خمسة أبعاد لنفس السؤال هو عين ما تعيشه الأمة من حركية فياضة منذ قرنين دون أن تصاغ الغاية والوسيلة الصياغة التي تضفي على العمل منطقا واسترايتجية واضحتي المعالم.
13-ذلك ما أحاول القيام به منذ أربعة عقود من خلال بيان علاقة المستويات الأربعة التي وصفنا: الداخليين والخارجيين تعاونا وتآمرا لمنع الاستئناف بقيادة سنية نواتها المنطقة التي غالبيتها عربية.
14-ولا بد من الاعتذار للقاريء العربي الذي تعود على “الأكلات الجاهزة”. لذلك فهو سرعان ما يفقد الصبر فلا يريد أن يتابع الطبخ البطيء: المطلوب هو الاجترار.
15-الفكر الاستراتيجي معدته اجترارية وليست التهامية. من له الصبر على الاجترار فليواصل القراءة ومن يريد الالتهام فليتابع خبراء الفضائيات.
16-والغريب أن المستويين الخارجيين يدركان أهمية المبدأ الذي حددناه في التغريدة العاشرة ويسلمان بأن مستقبل واعد بحق. وتلك علة تعاونهما وتآمرهما رغم كفر المستويين الداخليين به علنا.
17-والمستويان الخارجيان-الإقليمي والدولي-يعلمان أن المستويين الداخليين الكافرين به هما عملاؤهما ومليشياتهما وليس الشعب ولا خاصة الشباب الثائر بجنسيه.
18-وإذن فالمستويان الخارجيان يتعاونان ويتآمران على الشعوب وشبابها الثائر بجنسيه أي على المستقبل مع الاطمئنان للحاضر الذي هو تحت سيطرة عملائهما.
19-ومن ثم فتحليلنا ينبني على هذه الثنائية التي بلغت مرحلة الفصام: شباب ثائر بجنسيه يشده مستقبل يضاهي أمجاد الماضي وعملاء يفرضهم الوضع ويتبعون إرادة حاميهم.
20-والمستقبل الذي يشد الشباب بجنسية لا يلتفت إلى الماضي ليعود إليه بل هو يريد أن يكون جديرا به من خلال إبداع حضاري يضاهيه على الأقل حتى وإن كان الطريق إلى هذا المشروع ليس بين المعالم في أذهانهم.
21-ومعنى ذلك أن الشباب بجنسيه فهم شروط الحرية والكرامة ولم يبق إلا أن يفهم علاقة ذلك بالأحياز والسلطان عليها: فلا بد من شرط القوة المادية وشرط القوة الروحية أي أنه لا بد من وحدة مكان الأمة ولا بد من وحدة زمانها. وذلك يعني التحرر من جغرافية الاستعمار وتاريخه اللذين فرضهما على الأمة.
22-ما فهمه الشباب بجنسيه هو ضرورة استرداد شروط الكيان الفاعل الذي يقدر على ما يريد بعلم يجعل وجوده حياة غير تابعة للغير إقليميا ودوليا.
23-وهذا يعني أن الأحياز التي بها يتقوم كيان الأمة والتي جعلها الاستعمار بالحدود وبالكيانات القطرية مقوما بنيويا للتبعية بمنع شروط القوتين هما ما ينبغي تحريره شرطا في تحقيق الحرية والكرامة.
24-والعدو الإقليمي والدولي وعملاؤه يحاربون هذا الوعي الشبابي بالبعائد ومحاولة تلهيتهم بالقرائب. لذلك فهم يشووهون حركة الشباب باختراقها وجعلها كاريكاتور فوضوي من هذا الهدف.
25-وتلك هي العلة التي جعلتني أوجه كتاباتي لترشيد الشباب الثائر بجنسيه وتحديد ما ينبغي فعلا لتحقيق الهدف وانفعالا لأحباط خطط العدو. فلا يكفي أن تكون الأهداف من البعائد بل لا بد من وسائل تلائمها فتجعلها قريبة المنال.
26-وإحباط خطط العدو ينحصر إذن في طريقين: كيف نزيل الكاريكاتور في فعل الشباب وكيف نقضي على العملاء في فعل من نوبهم الاستعمار لحكم العرب.
27-بكلمة واحدة: كيف نرشد الثورة لئلا تبقى مخترفة بصورة تجعلها كاريكاتورا من ذاتها وكيف نهزم الثورة المضادة التي تمثلها المليشيات الخمس. فيصبح المطلوب هو حقيقة ما ينبغي أن يطلب لا نسخة كاريكاتورية منه.
28-والمليشيات الخمس بصنفهيها السيفي والقلمي هي: بقايا الباطنية وبقايا الصليبية وبقايا الشيوعية وبقايا الليبرالية وبقايا القومية الفاشية
29-وهذه المليشيات الخمس تشترك في كل ما يكفر بمشروع الاستئناف لأنها جميعا تعادي الإسلام ودوره التاريخي باندراجها في المستويين الخارجيين. ومن ثم فهي أحرص الناس على بقاء الأحياز عائقا بنيويا لشروط التنمية المادية والروحية.
30-ومعنى ذلك أن هذه المليشيات بقلمها وسيفها تخدم العدو الإقليمي والدولي للأمة وخاصة لقيادتها العربية بدافع صفوي إسرائيلي وغربي أمريكي هدفه ليس الإبقاء على الجغرافيا والتاريخ الاستعماريين بل مزيد التفتيت والتشتيت.
31-وأي قيادة عربية لها ذرة من المسؤولية التاريخية الخلقية والدينية ينبغي أن تجيب: هل جغرافية الاستعمار وتاريخه للمنطقة يتركان لها سيادة؟ أم هي تتشبث بما يحول دون شروط السيادة فتكون من ثم في خدمة مشروع الاستعمار وذراعيه الصفوي والصهيوني؟
32-وإذا قبلت بمنطق جغرافية المنطقة وتاريخها المفروضين من الاستعمار وذراعية فإنها تسلم بعدم السيادة فتبقى محميات إقليما ودوليا مهما تحايلت بشكليات الدول في الاستعراضات العسكرية التي لا تستعمل إلا لقهر الشعب.
33-ومن ثم فأي قيادة عربية صادقة ينبغي أن يكون هدفها هو هدف الشباب بجنسيه: تحقيق شروط الكرامة والحرية أي شروط القوة المادية والروحية فتكون الثورة الشبابية من أهم أدوات تحقيق السيادة والحرية والكرامة.
34-وطبعا يمكن للمرء أن يفهم أن عمل السلطات الرسمية لا يمكن أن يكون من جنس عمل الشباب الثائر: فيصبح المشكل كيف الجمع بين الثورة والدولة. وهذا ليس بالمستحيل فكل الأمم التي توحدت استعملت هذه الطريقة.
35-وهذا الجمع ممكن وبه يحاربنا أعداؤنا: فإيران وإسرائيل دولتان تحاربان مشروع الاستئناف العربي السني بالدولة المساندة لأذرع بخطاب الثورة المضادة باطنا والثورة ظاهرا.
36-إيران تعتمد خطاب الثورة المضادة بتوظيف الفتنة الباطنية وإسرائيل خطاب الثورة المضادة بتوظيف الفتنة التحديثية: وكلتاهما تحاربان السنة. وكل النخب الطائفية سواء كانت دينية أو عرقية أو إيديولوجية تستعمل الخطاب الثوري شكلا والمضاد للثورة مضمونا.
37-ذلك أنهم بخلاف الثورة فاهمان طبيعة المشروع الذي يمكن أن يزيل خطرهما على الأمة: القضاء على جغرافية الاستعمار وتاريخه للمنطقة شرطين.
38-بل هما يذهبان إلى مزيد تفتيت الجغرافيا وتشتيت التاريخ بإحياء الطائفيات الخمس التي وصفنا حتى يتعفن كيان الأمة وينقض غزل نسيجها السني.
39-فإذا لم تفهم النظم العربية-على الأقل من بات مصيره مرهونا بإفشال هذه الخطة-أن وجودها ذاته وسيادتها سيكون في مهب الريح إن لم تبادر
40-ولولا أملي بأن عاصفة الحزم يمكن أن تكون بداية وعي ولولا سعيي لأن يكون بلد الحرمين قائدا للمشروع لما كتبت ما كتبت منذ بداية الثورة.
41-ذلك أن البلد العربي الوحيد الذي من الله عليه بشرطي قيادة المشروع هو بلد الحرمين: الثروة والتراث يفرضان عليه للبقاء وللسيادة أن يقوده
42-وليس ذلك منة على أحد: فوجود بلد الحرمين هو المستهدف الأول من المستويات الأربعة للعداوة. فلاستئناف قيادة العرب للأمة علاقة بالبداية.
43-ولهذه العلة ركزت في كتاباتي حتى قبل التغيير المبارك في بلد الحرمين على هذه الضرورة.وعذري لما تقدم هو مناورة تجاوز أزمة 11-9 الكأداء
44-وتجاوزها كان يقتضي أمرين:1-هزيمة أمريكا في حربها على الأمة في افغانستان والعراق و2-اجترارها نتائجها بصورة تحول دونها وتكرارها: حصل.
45-والحل بين: لا بد أن تبادر السعودية لإصلاح الجامعة العربية-وهذا أدنى الحلول- لتكون على الأقل من جنس الوحدة الأوروبية مرحلة أولى نحو بناء قاطرة لاستئناف الأمة.
46-فهذا الحل هو الوسط بين دعوة الخلافة بشكل كاريكاتوري لمشروع الاستئناف ومشروع الاستئناف بشكل يطابق بين الإحياء والتحديث المنظمين في آن.
47-وبعبارة أوضح: الدولة القطرية باتت عائقا أمام تحقيق مطالب الشباب بجنسيه وطموحه الكوني فضلا عن شروط التنمية المادية والروحية في عصرنا.
48-لكن تجاوزها لا يعني إزالتها بل هي تصبح ممثلة للتعدد في الواحد وهو المبدأ الوجودي الحقيقي للكائن الحي فضلا عن الكائن السياسي: الأمة.
49-فالدول القطرية بنفس الهوية لا تكون شرعية إلا إذا جمعت بين القطري والمطابق للهوية الثقافية لتتألف وحدتها من السياسي والحضاري في آن.
50-ليس ذلك بسبب هذا المبدأ فحسب: فالكثير من الحضارات لا توحدها دولة. لكن العلة الأكثر تاثيرا هي أن الأجزاء القطرية في حالة العرب حجمها لا يكفي لتحقيق شروط السيادة
51-ودليل ذلك مضاعف: الأمم التي وحدت أجزاءها صارت قوى عظمى (أمريكا ألمانيا الصين إلخ..) والدول التي لم تفعل صارت مستعمرات. أوروبا بين بين.
52-ولعل أفضل مثال حال العرب قبل الإسلام: كانوا مسخرة العصر محتقرين من امبراطوريتي العصر ومخترقتين من مافيتيه اليهودية والمسيحية فاتحدوا فأصبحوا سادة العالم.
53-واتحادهم لم يلغ تعددهم بل إن الرسول استفاد منه ليجعل “الشعوب والقبائل” تتعارف وتتنافس في توطيد قوة الأمة فانتاصروا على محتقريهم
54-ولا ضير فقد أصبحت القبائل والشعوب دولا قطرية: بوسعها أن تتعاون على الأقل بالمستوى الأوروبي فتكون ضفة المتسوط الجنوبية مثل الشمالية.
55-وكل من يعارض هذا المشروع من العرب السنة -سواء كان من ممثلي الدولة أو من ممثلي الثورة- يكون كمن يحفر قبره لأنه سيزداد تبعية في شروط حماية شعبه وفي شروط رعايته أي الحرية والكرامة.
ملحق خاص بالإعلام
1-لا يحتاج الفشل الإعلامي العربي في كل معاركهم طويل تفكير لتفسيره: فالإعلام العربي صاحب الإمكانيات المادية خليجي مقيما كان أو مهاجرا.
2-وإذ هو خليجي فمن المفروض أن يكون خليجيا ومن ثم عربيا وإسلاميا. أعني أن قضاياه والتزامه يكون إما عربيا أو إسلاميا أو عربيا إسلاميا.
3-لكني إذا ما استثنينا القليل منه فإن غالبه ليس خليجيا ومن ثم فهو ليس عربيا ولا إسلاميا إلا في الظاهر: عاصفة الحزم بينت أنه مخترق بحق.
4-فما التفسير؟ إذا حللنا طبيعة الاختراق أمكنا الجواب. الفكر لا يحدد الحاصل من الاختراق بل يفترض الممكن منه والتعيين وظيفة الاستعلام السياسي.
5-دون إطالة: مجال البحث هو مليشيات إيران وإسرائيل العربية مليشياتهما التي تعمل بالقلم والتي يوظفها الخليجيون في صحافتهم لعلل هم أدرى بها.
6-وهذه المليشيات سبق أن صنفناها: بقايا الباطنية وبقايا الصليبية وبقايا الشيوعية وبقايا القومية والجامع بينها التقية ومدح أصحاب “الرز”.
7-وأصحاب “الرز” لا يمكن أن تفهم علة توظيفهم من هم من هذه المليشيات رغم علمهم بمقاصدهم لو كانوا بحق يؤمنون بغير المصلحة المباشرة والضيقة لأشخاصهم.
8-ولما كان القتال في الحروب هو أقل عناصرها دورا فإن الحكمة السياسية تقتضي تحقيق شروط النجاح فيها لتيسير الحسم : وهذه الشروط هي متانة الجبهة الداخلية ثمرة لقيام لادولة بوظيفتيها حماية ورعاية والسياسة الإعلامية والاتصالية وفهم خطط العدو وبكلمة واحدة تطبيق الأنفال 60.
9-ولا يمكن للدول أن تؤدي وظيفتي الحماية والرعاية ارتجالا: فهذا يقتضي عملا دؤوبا لجعل الرعاية شاملة لشروط العيش الكريم والدفاع الحكيم لشعب يشعر أفراده أن المصلحة العامة ليست آخر همومهم.
10-وهذا هو معنى الجسد الواحد الذي تبيت بقية الأعضاء تشكو مما يشكو منه أي عضو فيه وتلك هي اللحمة التي تعبر عن مناعة الأمة.
ما ليس منه بد لسيادة الأمة بقيادة عربية – أبو يعرب المرزوقي