تمهيد
1-بدا لنا موقف الأستاذ من الليبرالية ملتبسا فاستوضحناه أمس على استحياء. فرد ببشاشة: من حقكم ملاحظة الالتباس فالمسألة عويصة بذاتها فضلا عن علاقتها بالإسلام.
2-والطابع العويص علته أن لليبرالية خمس معان غالبا ما يقع الخلط بينها ما يجعل علاقتها المتنافية مع الإسلام لعدم احترامها قيم القرآن الكريم. لذلك فالموقف منها ملتبس واستيضاحكم يقتضي جوابا شافيا وافيا. لكن لا بد من توسيعه بضم إشكالة العلمانية للتلازم بين المفهومين.
تناقض الليبرالية مع أساسها هو المنافي للإسلام
3-ولنبدأ فنحدد أساس معاني الليبرالية: فهذا الأساس هو نظرية القيم بمستوياتها المادية المضاعفة والرمزية المضاعفة وأساسها كلها المتعالي عليها جميعا والذي يمكن من الفصل بين المستويين المادي والرمزي فيزيل التنافي مع الإسلام.
4-والقيمتان الماديتان هما قيمة الاستعمال وقيمة التبادل. وهما جوهر الاقتصاد والأدوات. والقيمتان الرمزيتان هما قيمتا الجمال والجلال. وهما جوهر الحرية والغايات. وقد تردان للأوليين عندما ينعدم أساس الفصل بين المستويين.
5-والمشكل هو في”قد تردان إلى الأوليين” أي إن قميتي الجمال والجلال يمكن أن تصبحا تجاريتين خالصتين (الفن والشرف والسيادة والكرامة والحرية كلها صارت تحدد قيمتها سوقيا لأنها إما بضاعة أو خدمة).
6-لذلك فالسؤال هو ما الذي يحول دون الرد إلى الأوليين. ذلك هو مربط الفرس في مفهوم الليبرالية عند النظر إليها من منظور إسلامي يقظ يدرك حقيقة الحائل دون الرد الممكن ومن ثم يحقق التطابق مع قيم القرآن الكريم.
7-قدم أحد كبار المنظرين الاقتصاديين المصريين (في تسعينات القرن الماضي) قراءة لأزمة حضارتنا في مجلة مركز دراسات الوحدة العربية قراءة أساسها رد كل القيم إلى القيميتن الأوليين بليبرالية ماركسية: ولا تناقض بين الماركسية والليبرالية في هذا الرد والاختزال.
8-فالليبرالية بهذا المعنى القيمي تمثل شرط الماركسية: فلابد للماركسية من ليبرالية القيم حتى ترد غير المادي إلى المادي فيصبح كل شيء بضاعة وخدمة لها قيمة استعمالية وتبادلية: شيوعية الملكية (إحدى أدوات الحرية) وشيوعية المرأة (إحدى غايات الحرية) مثلا.
9-رددت عليه حينها بأن القيم لا تقتصر على الاستعمال والتبادل إلا عند العبيد. لكن الأحرار لهم قيم لا تقبل الاستعمال ولا التبادل ولها أساس يمكن من الفصل بين الصنفين: وتلك هي علامات الحرية.
10-ومن هنا يأتي الالتباس عند الانطلاق من المنظور الإسلامي فيعلل المعركة الدونكيخوتية بين من يساند الليبرالية ومن يعارضها: كيف لا يكون الاستعمال والتبادل أو التقويم المادي محدودا لئلا يقضي على الحرية؟
11-لنضرب أمثلة قبل العلاج المجرد: كيف يصبح الجنس تجارة فتصبح المرأة تقيم بخدماتها كحامل تجاري أو ببضاعتها كمادة جنسية ؟ وكيف تصبح السياسة تجارة بجعل الأوطان بضاعة (العمالة) أو حتى خدمة بأن تنظم لتكون مادة سياحة ؟ ما الحائل دون ذلك؟
12-وهذا هو جوهر التناقض الذاتي في مفهوم الليبرالية عند إطلاقه وإزالة الفاصل بين المستويين القيميين: إذا كانت القيم المادية بصنفيها مطلقة فالإنسان يصبح عبدا وتكون حريته عين العبودية.
13-الليبرالية مشتقة من الحرية فإذا آلت إلى إلغائها كانت في الحقوقية اسبتدادية خفية. وإطلاقها دون فصل بين تقويم الأدوات وتقويم الغايات انتهى إلى تحويل الغايات إلى أدوات: أي لا قيمة إلا مادية ولم يبق الإنسان إلى أحد لوالب الآلة الاقتصادية والإخلاد إلى الأرض.
14-يمكن الآن تحديد معنيي الليبرالية قرآنيا تحديد يتضمن الحد الفاصل بين مستويي القيم:1-الاقتصاد الإسلامي ليبرالي بشرط التمييز بين التجارة والربا.2-والحكم الإسلامي ليبرالي بشرط التمييز بين الوظيفة الإجرائية والتشريع القيمي: ضربان من التشريع الوضعي للإجراء والشرعي للقيمة.
15-فحرية الملكية من علامات الليبرالية يترتب عليها حرية السوق جوهر الليبرالية الاقتصادية. وحرية انتخاب الحكام من علامات الحكم الليبرالي ويترتب عليها واجب مراقبة الحكام واسمه الشرعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين. بسقف اخلاق القرآن: علامات الحرية.
16-وعلامات الحرية هي:1-قيم الجمال التي لا تباع ولا تشترى: لا يمكن أن يصبح الجنس والمرأة خدمة أو بضاعة.2-وقيم الجلال التي لا تباع ولا تشترى: لا يمكن أن يكون الفكر والدين والوطن خدمة أو بضاعة.
17-وإذن فأنا ليبرالي بهذا المعنى المتضمن للحد الفاصل بين مستويي التقويم. ولست ليبراليا بالمعنى الذي يرد القيم العليا إلى القيم الدنيا: والفاصل بينهما هو الوعي المحرر من العبودية.
18-فالليبرالية مرفوضة إذا جعلت الاقتصاد مخدوما لا خادما والسياسة خيانة للوطن لا خدمة له والحياة الحرة والكريمة وسيلة لا غاية والإنسان حرا كريما وسيدا لا عبدا.
19-وهذه الليبرالية المفروضة هي ليبرالية العولمة غاية لليبرالية الراسمالية والماركسية (لا فرق بينهما من حيث رد القيم السامية إلى القيم الدانية) وهي نقيض الإسلام.
20-أما ليبرالية الإسلام في الاقتصاد والسياسة وفي كل ما له دور في وظيفة استعمار الإنسان في الأرض فإنها الحرية المتروكة للاجتهاد الإنساني بشرط ألا يلغي هذا الاجتهاد شرطه : أعني الفصل بين المستويين الدال على الحرية والسيادة.
21-والاجتهاد الحر والسيد يلغي شرطه إذا ألغى الفارق بين الأدوات والغايات: فيصبح الإنسان صار خادما للاقتصاد لا مخدوما وعبدا للحكم لا سيدا: فيفقد الكرامة الإنسانية أو ما يسميه ابن خلدون « معاني الإنسانية ».
22-والإسلام وضع قيم التشريع-لا أحكام التشريع لأن هذه أدوات تحقيق قيم التشريع- قيم التشريع التي تـحقق المحافظة على هذا الفارق بأن وضع الشرط المحدد للفصل بين حرية الملكية والاقتصاد وحرية الحكم والسياسة المشروعتين أي اللتين لا تلغيان الحرية.
23-وهذان الشرطان هما نفي الليبرالية القيمية بالمعنى الذي يجعل الإنسان مشرعا بصورة تلغي شرط الحرية والكرامة: الإنسان مقوم بحدود قيم التقويم. وقيم التقويم هي بالأساس حقيقة الإنسان وحقيقة علاقته بالله.
24-فحقيقة الإنسان هي قيمة التقويم المباشرة: أي إن كل تقويم يقوم به الإنسان هو مرآة لقيمته لدى ذاته كما تتراءى في معتقداته. فإذا رأى كل شيء يباع ويشترى فهو عبد.
25-وحتى لا يكون عبدا لما يباع ويشترى لا بد ان يكون له وعي بأصل التقويم اللامباشر: الله. فمن يعبد الله وحده حر بإطلاق. وتلك هي سيادته الحقة.
26-لذلك تجده يؤمن بتراتب القيم التي سماها علم أصول الفقه بمقاصد الشريعة: وهو لذلك مستعد أن يقدم حياته للمحافظة عليها. ومن ثم فهي عنده لا تباع ولا تشترى.
27-فحرية الملكية لا الملكية وحرية الفكر لا مضمونه وحرية العرض لا مظاهرة وحرية النفس لا حياة الذل وحرية العقد لا مضمونه هي المقاصد الخمسة التي يكون المسلم مستعد للموت من أجلها بأمر شرعي مقدس.
28-وهذه الحريات الخمس-في الملكية والفكر والعرض والنفس والعقد- هي جوهر صفات الحر السيد والكريم: أي حرية الإرادة والعقل والقدرة والحياة والوجود المستقل.
29-وجميع هذه الحريات التي هي جوهر الإنسان المؤمن لا يمكن ان تكون موضوع مقايضة وهي من ثم ما لا يمكن أن تكون ليبرالية بمعناها عندما تكون تبعية للنزوات.
تعليل هذه النظرة فلسفيا ودينيا
30-هل فهمتم الآن لم يبدو لكم موقفي من الليبرالية مبهما: أقول بها وأنفيها في آن. ما أقول به منها هو ما لأجله أنفي ما شاع من قاصر فهومها.
31-أقول بشروط الحرية التي تحقق الكيان الحر للإنسان أي سلطان القانون الخلقي. وأنفي ما يعيد الإنسان إلى سلطان القانون الطبيعي: كيف ذلك؟
32-إذا أطلقنا حرية التقويم من دون الحفاظ على شرطه (الحرية) عدنا إلى قانون الضرورة أي إن التشريع السائد سيكون تشريع من يستطيع فرض تقويمه لأنه الأقوى قولا أو فعلا أو بهما معا.
33-فيصبح التقويم تشريع الأقوياء في صراع أشبه بصراع انتخاب الأنواع البقاء فيه للأقوى الذي يسوق على أنه الأصلح. وهذا يعني النكوص من عالم الحرية والأخلاق إلى عالم الضرورة والطبيعة.
34-وتلك هي الليبرالية التي شاع الكلام عليها والتي تتنافى مع الإسلام بل ومع كل فلسفة تؤمن بوجود قيم خلقية متعالية على المصالح المادية: ومعنى ذلك أنها بخلاف ما يروج ليس عقلانية ضد نقلانية بل هي حيوانية ضد إنسانية.
35-ودليل هذا الكلام تجدونه في النفاق الذي يصطبغ به خطاب القوى العظمى في السياسة الدولية. فالكلام على القيم العليا مجرد غطاء للقيم الدنيا التي أصلها وفصلها هو جعل كل شيء قابل للبيع والشراء. وتلك علة حربهم على الإسلام.
36-لكن حقيقة قيم هذه الليبرالية هي بخلاف ما يدعى: الاقتصاد استغلال وربا. والسياسة استعمار واستكبار. وفي ذلك لا وجود للحرية إلا بمعنى إرادة الأقوياء التي تصبح الأصلح لمجرد كونها الأقوى.
37-لكننا نحن المسلمين لا نؤمن بأنه يوجد من هو أقوى من الله وتشريعه الروحي والخلقي. لذلك فونحن نعتبر التشريع الأسمى لا يضعه الأقوى ماديا بل الأقوى روحيا وخلقيا: وتلك هي إرادة الله.
38-المعركة ليست إذن بين قول بالليبرالية وعدم قول بها بل هي بين قول بالحرية وقوة الحق وقول بالعبودية وحق القوة: والقول الأول هو إرادة الله التي لا تغلب والثاني هو ما طولبنا بالاجتهاد للانتصار عليه بالجهاد.
39-والآن ما علاقة العلمانية بالليبرالية؟ في ذهن القائلين بها من العرب ليست العلمانية مفهوما أصيلا مثل الليبرالية بل هي عندهم مجرد أداة للتخلص مما يحول دونها ما يجعلها متنافية مع الدين الذي يعتبرونه الحائل.
40-وليس ذلك بمقتضى المفهوم لأنهم لا يفهمون معنى المفهوم. إنما موقفهم يأتي استنادا إلى حجة تاريخية: الثورة اليعقوبية على الكنيسة الكاثوليكية. فصار شاهد العرض التاريخي عندهم علة جوهرية.
41-هذا فضلا عن كون النخب العلمانية العربية ماركسية كانت أو ليبرالية لم تستقرئ كل التجارب الأوروبية بل اقتصرت على التجربة اليعقوبية والكاثوليكية حصرا للحدين فيهما ومن ثم حصرا للعلاقة بين الديني والسياسي في علاقتهما.
42-وحتى بالاقتصار على التجربة الأوروبية أما كان بوسعهم المقارنة بين التجربة الفرنسية والتجربة الألمانية والعلاقة بالفرق بين الدينين الكاثولوكي والبروتستنتي مثلا لو كانوا حقا يبحثون عن الفهم؟
43-لكن المشكل يتمثل في أن الأمر ما يزال على ما كان عليه من البداية بل ازداد تسطيحا بسبب فقدان الأجيال العلمانية الموالية للركن الثاني من تكوين النخب السوية.
44-فالأجيال الأولى من النخب العربية كانت على الأقل حائزة على تكوين متين في الثقافة العربية الإسلامية-لأن أغلبها خريج المدارس التقليدية: كطة حسين مثلا.
45-أما الأجيال الحالية: فجلها فاقد لكلا التكوينين ككل أبواق السيسي حاليا. وحتى من يتصورون أنفسهم مفكرين كبار بين العرب فإنهم صاروا عبيد الموضة: دورهم التبشير بكل صيحة فكرية أو أسلوبية جديدة.
46-ولا يفهمون أن الموضة سريعة التبدل: لذلك تراهم كذيل القط دائمي الذبذبة. يكفي أن يتكلم فيلسوف غربي مثلا على عودة الدين ومراجعة مفهوم العلمانية حتى يصبح الكلام في الدين شهيا ونقد العلمانية بهيا.
47-ولنعد إلى العلاقة بين المفهومين العلاقة التي يعنى بها من يطلب الفهم بتحرر من الموضة والتظاهر بالحداثة الدونكيشوتية: ما العلاقة بين الليبرالية والعلمانية مفهوميا؟ فالأولى مشروطة بأصل استقاقها أي بالحرية كما بينا. والثانية مثلها مشروطة بأصل اشتقاقها.
48-واصل اشتقاق العلمانية: العالم والأفضل أن نقول الدنيا إذا اقتصرنا على فهمها الشائع. وفي كلتا الحالتين فلا يمكن لأي عاقل أن يتصور القضية متصلة بالدين عامة بل بل به من حيث منزلة الدنيا فيه.
49-فشتان بين دين ينفي العالم والحياة الدنيا ويعتبر الوجود الدنيوي لعنة وبين دين يعتبر الإنسان مستعمرا في الأرض والوجود الدنيوي مطية للآخرة بالعمل فيه لإثبات جدارته بالاستخلاف.
50-لذلك فمن الغباء أن يقاس الموقف الإسلامي بالموقف الكاثوليكي للتقابل التام بينهما من حيث تحديد هذه المنزلة. فشتان بين اعتبار آدم برئيا بعد العفو والاجتباء وبين تصور الخطيئة الموروثة المحتاجة لابن الله ووريثته لتحرير الإنسان منها.
51-فمفهوم العلمانية أو الدنيوية قبل دلالته السياسية له دلالة وجودية: اعتراف بقيمة العالم ووجود الإنسان الدنيوي. فهاينه-فيلسوف ألماني ومؤرخ للأدب- اعتبر أدب جوته بهذا المعنى أدبا ذا روحانية إسلامية بمقتضى منزلة الدنيوي فيه.
52-وللمعنى الوجودي للعلمانية بعدان هما جوهر التصور القرآني لمنزلة الإنسان الدنيوية:1-لا يمكن للدين الإسلامي أن يهمل العناية بالعالم باسم ما ورائه و2- لا يمكن أن يساس العالم بدون روح.
53-فتكون العلمانية مثل الليبرالية ذات وجه قرآني حقيقي: ضرورتهم مشروطه بالحفاظ على شرطيهما: فسياسة العالم تحفظ الروح والتقويم يحفظ الحرية.
54-ولا يمكن ليساسة العالم أن تحفظ الروح من دون تحريره من الكنسية لتكون الروح أمرا مشاعا بين البشر ودون وساطة لتساويهم في العلاقة بالمطلق. لذلك فـ”اللائيكة” لا معنى لها إسلاميا.
55-“لاييك” تعني المسيحي الذي ليس برجل دين أو الذي لا يقوم بوظيفة دينية معتمدة من الكنيسة (يكاد يطابق مفهوم العامي عندنا لأن التعليم كان شبه مقصور على في القرون الوسطى على الطبقة الدينية). أما أي مسلم فيمكن أن يؤم الصلاة وهو الذي يقوم بكل الشعائر ولا يمكن أن يتفرج على الوسيط يؤديها بدلا منه.
56-ومع ذلك فالفصل بين الديني والسياسي ثابت في الإسلام ولا يمكن الخلط بينهما في مجال الفصل الواجب: فالشريعة تجمع البعدين لأنها أخلاق وقانون. لكن الحاكم ليس له صفة دينية بل هو إنسان عادي: الحكم ليس حقا إلهيا والحاكم إنسان عادي وليس وريثا لحق إلهي مقدس.
57-وبذلك فمثلما أن الليبرالية تتحدد إسلاميا بما يحفظ شرطها أي الحرية والأخلاق فإن العلمانية تتحدد بما يحفظ شرطها أي الشريعة والاستخلاف.
58-ألا يوجد تناقض في الكلام على العلمانية ثم اشتراط الشريعة والاستخلاف؟ ابدا فكما لا يوجد تناقض بين الليبرالية وحدها بقانون الحرية لا يوجد تناقض بين العلمانية وحدها بالشريعة والاستخلاف.
59-إذا لم تؤمن بإلهية الشريعة -حتى لو كان القانون وضعيا لأن الإلهي في التشريع ليس نص الحكم الذي هو أداة تحقيق حدود الله بل هو صفاته التي تجعله محققا للحد-إذا لم تؤمن بذلك فإنك تكون قد عدت إلى القانون الطبيعي ونفيت غير القوة حكما بين الناس فخرجت من عالم الإنسان إلى عالم الحيوان وشريعة الغاب.
60-وأنت بذلك لم تلغ الدين كما تتوهم بل عدت إلى الدين الطبيعي الذي هو سلطان الوساطة لدى حاكم الأرض (نظام اللوبيات والمافيات في الحكم العلماني) الذي يستعين بالوسطاء لدى حاكم السماء (كل مبرري التلاعب المافياوي في حكم ما يسمى بالديموقراطيات الحاكمة في العالم): فرعون وهامان.
61-فكل الأنظمة الطبيعية لها هامانها وفرعونها. وهامان الأنظمة العلمانية هو جهاز التلاعب بالمخيال الجمعي وخاصة إعلامها ونخبها التي هي كنائس علمانية تزين للناس لذائذ الاستعباد على أنها حريات مغنية عما يحرر الإنسان من الإخلاد إلى الأرض.
62-لذلك فالشريعة من دون كنيسة هي وحدها التي تحرر الإنسان من الوسطاء بصنفيهم الدنيوي(المافيات الدنيوية) والأخروي (المافيات الأخروية) فتجعله مسهما في الاستخلاف الذي هو صفة إنسانية جامعة وليس خاصا بشعب مختار أو بحاكم.
63-وهذان المرضان حررنا منهما الإسلام وهما جوهر التحريف في اليهودية والمسيحية ومنهما أخذهما التشيع: شعب مختار أو حاكم مختار له الحق الإلهي في الحكم والوساطة.
64-لا أشك لحظة واحدة أن صفي المعركة الليبرالي والعلماني صف الإسلاميين وصف غير الإسلاميين لن يعجبهم هذا الكلام وسيمروا ناقمين أو ساخرين.
65-فصف الإسلاميين سينقم من قولي بليبرالية وعلمانية إسلامية. وصف غير الإسلاميين سيسخر من قولي بالشرطين. ولن استغرب: فقد نبهنا شيخ الإسلام ابن تيمية إلى منطق الأنصاف.
ما علاقة الإسلام بالليبرالية والعلمانية – أبو يعرب المرزوقي