ما الحائل دون وحدة العرب؟



لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص



هل العرب يعرفون بعضهم بعضا؟
هل هم يتجاهلون بعضهم بعضا أم هم يجهلون بعضهم بعضا؟
أم هم ينتابزون بعضهم بعضا.
بكلمة هل يشعر العرب أنهم أمة؟
قد يعجب الكثير من هذا السؤال. ليس لأن جوابه بدهي بل لأنه لم يطرح من قبل بالصورة الذي طرحه بها حدث الثورة وبصورة أدق الثورة المضادة.
فالثورة المضادة كان لها فضل اكتشاف أمر كان العرب عنه غافلين وخاصة بعد تكوين الوحدات الإقليمية الوهمية (خليج مغرب عربي إلخ..):
عطست تونس فعمت الانفلونزا العرب من المحيط إلى الخليج. عطسة أزالت الحدود في أذهان رافضي الوحدة.
كانت مصر والشام والعراق يتصورون العروبة مقصورة عليهم.
فالخليج بدوي.
والمغرب فرنسي.
وهم العرب وحدهم.
فضلا عن المقابلة مشرق مغرب. وهي عجيبة.
العجيب فيها صيرورتها تنابزا حديثا يحيي تنابزا قديما فصل بين جناحي العرب مشرقهم ومغربهم.
فالجابري رحمه الله جاء بفكرة سطحية تقابل بين مغرب برهاني ومشرق بياني وحتى عرفاني.
ولم يكن ذلك رد فعل على أمر حديث فحسب هي قصر العروبة على المشرق واعتبار المغرب العربي فرنسيا مع شيء من التعالي على الخليج وخاصة قبل طفرة النفط بل هي كذلك تذكير ببضاعتنا ردت إلينا الشهيرة.
لكن مثلما كان رد الجابري حول الذهنيات إزاء المشرق كان رد الخليج حول الثروات بعد الطفرة النفطية.
كل العرب الآخرين طامعين وحاسدين.
فكانت الحرب الأهلية عواطفية وهي مرضية أساسا.
حتى جاءت عطسة تونس فأعادت الجميع لجوهر المشكل:
عدم الاعتناء بالشرط الوحيد للسيادتين المادية والروحية:
أمة واحدة انحطت مرتين ذاتيا واستعماريا فشرع شبابها بجنسيه في وضع القضايا الجوهرية.
وصاغها الشباب بما يتجاوز ثرثرة الفكر السطحي والعواطف المبتذلة ليعبر عن جوهر الإشكال السياسي والفكري.

  • فسياسيا: الحرية والكرامة للجميع وهما ممتنعتان على المستضعفين في الدويلات المحتاجة للحماية والرعاية الاستعمارية.
  • وفكريا: اعادة النظرفي رؤية العالم من القضاء والقدر فانتقل الإنسان العربي من الاستسلام إلى مجرى الاحداث إلى صنعها :
    “إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر”.

فزلزلت الأرض.
ولما زلزلت الأرض بداية من تونس أخرجت أثقالها.
عندئذ أدركت الثورة المضادة وممولوها ليس الموجب من الظاهرة بل السالب.
فشعروا بمفعول العطسة التونسية وخاصة بعد أن وصلت مركز العرب مصر فهددت العروش والكروش والقروش.
حينها تبين رهان الحرب الأهلية العربية ليس مسألة تقابل ذهنيات (برهاني بياني) ولا ثروات (الطمع والحسد) ولا ثقافات بداوة حضارة:
بل هو مصير الـمافيات الـحاكمة بحماية استعمارية وليس بشرعية شعبية.
تبين للشباب بجنسيه أن الاستبداد والفساد الداخليين والاستضعاف والاستتباع الخارجيين متساندان وأن حرب التحرر ملازمة لحرب التحرير وأن العرب أمة في الضراء (الاستعمار) والسراء (استرداد السيادة بالتنميتين المادية والروحية المستقلتين).
وهي ليست أي أمة وحسب.
إنها قاطرة كل المسلمين لأن معين حضارتهم وحرم أرضهم في الوطن العربي.
وهذا الدور كان فرديا في كل مقاومات العالم الاسلامي من مندناو في جنوب شرق آسيا إلى البلقان إلى الشيشان.
ثم هو صار جماعيا حيث أصبحت أرض العرب ملتقى كل الشباب الإسلامي للدفاع عن مركز دار الإسلام في ملتقى الخلافات الأربعة المتوالية تاريخيا:

  • المدينة المنورة
  • والشام
  • والعراق
  • وتركيا.

وإذن فليس من الصدف أن تكون بؤرة الصراع بين الحرمين والشام والعراق وتركيا.
فهذه هي عواصم الخلافة الأربع التي عرفها التاريخ ومنها يبدأ الاستئناف.
وحتى إذا كانت هذه العواصم متحاربة بتقاطع مركزه الشام (العراق وسوريا ضد مستقبل الأمة والسعودية وتركيا لصالحها) فإن الحرب هي ذاتها أصبحت ملتقى وحدة أسمى يمثلها حضور كل شباب المسلمين فيها متطوعين مجاهدين مؤمنين.
ولن تحسم المعركة الاستئنافية إلا عندما تمر هذه الوحدة من الشباب بجنسيه إلى الشعب كله فتدرك الأنظمة أنها عديمة السيادة من دون الوحدة شرطا في التنمية المادية والعلمية والتقنية وتلك هي شروط الحماية والرعاية غير التابعتين.
ذلك أن ما فهمه الشباب بجنسيه شرطا في التحرر والتحرير ينبغي أن تفهمه الأنظمة التي إلى حد الآن لم تكن مستمدة قيامها بشرعية شعبها وطموحه.
والغريب عدم إدراك سر القوة في عصر العولمة.
فكل الكيانات الهزيلة عليلة.
وهذه الحرب التي تدور قربتها من خطر الاندثار لأن محاربيها يريدون استرداد امبراطوريتين (فارس وإسرائيل) على حساب بقائها وبقاء أقطارها.
وما أسخف وأغبى ممن يحتمي بعدوه.
وهي كما هي الآن وبما هي عليه من هشاشة لا تقدر لا على الحماية ولا على الرعاية الذاتية ومن ثم فهي عديمة السيادة ما لم تتعالى على الحدود الإستعمارية.
والتعالي على الحدود لا يلغيها بل يثريها.
وهو لا يلغي الأنظمة بل يمتنها إن فهم قادتها ونخبها ما فهمته أوروبا عندما علمت ما يقتضيه عصر العماليق القادرة.
فلا يمكن القيام ببحث علمي بحجم العصر في أي قطر عربي حتى لو صرف كل الدخل القومي فيه.
فإذا لم يفهموا هذا السر المضاعف الذي فهمه الشباب فهم ليسوا أهلا للقيادة. والشباب بجنسيه الذي اتحد في المعركة الجهادية والاجتهادية بفضل عطسة تونس ومنطق عصر العماليق سيجرفون.
وأملي أن يكون ذلك سلميا بأن يقولوا “بيدي لا بيد عمرو” ويبدأوا على الأقل بجعل الجامعة العربية جامعة شعوب لا جامعة دول ليس لها سيادة.
وإن لم يفعلوا طوعا فسيكون كرها لأن الثورة لن تتوقف عند تحرير الشام والعراق واليمن ومصر وليبيا لا
لا بد من إلغاء جغرافيا الاستعمار.
لا بد من “الولايات المتحدة العربية” قاطرة الأمة الإسلامية التي ستكون القطب المحرر للبشرية مما تردت إليه من حيوانية ومافيات إجرامية.
ولا خوف على الأقليات الثقافية أو العرقية أو الدينية لأنها كانت ولا تزال جزءا لا يتجزأ من الأمة.
ذلك أن هذه الولايات المتحدة العربية ليست بالمعنى القومي بل بالمعنى الأصلي للعروبة أي كل من عربهم الإسلام والقرآن وحضارته لأنها ليست عرقية.
وهي حاصلة بالفعل حتى وإن غاب الاعتراف الرسمي من الأنظمة والعالم:
وحصولها في المعركتين الوجوديتين كما عرفتهما ثورة الحرية والكرامة.
لذلك فالاعداء يبدون أكثر اعترافا بوحدة العرب من العرب أنفسهم.
لكن التاريخ تغير والثورة فرضت وضعا جديدا.

  • فالحصول الأول هو الحصول الجهادي: أصبح الجهاد محدد الهدف الذي هو جوهر الوجود الحر والكريم كما حددته الثورة أي التحرر والتحرير في آن.
  • والحصول الثاني هو الحصول الاجتهادي: أصبح الاجتهاد الفكري بين شباب الأمة كلها عربا وعجما يدور حول تحقيق قيم القرآن المطابقة للعصر.

ومعنى ذلك أن وحدة الهدف واجتماع الاستراتيجيتين الجهادية والاجتهادية جعلا المعركة هي اساس التوحيد ليس بمعنى رد الفعل بل بمعنى الفعل.
وذلك فضلا عن منطق العصر وشروط التنميتين التي تفرض حجما مناسبا.
الشباب بجنسيه في كل اقطار الأمة (قلبها العربي وكل كيانها الإسلامي) لم يعد مقصورا همه على تحسين وضع موجود بل هو يريد التشريع للمنشود.
والمنشود ليس قطريا ولا جنسيا ولا طائفيا بل هو إنساني كوني كما حدده القرآن الكريم (النساء 1 بمعيار الحجرات 13) أعني ما ظنه هيجل ضعفا وهو عصب الثورة العربية الحالية: رسالة للعالمين.
شباب الأمة بجنسيه يقود ثورة عالمية لتحرير الإنسانية:
ومكر الله الخير اراد أن تتجمع كل أمراض البشرية وكل مجرميها في أرضنا حتى نكويها.
ذلك أن آخر الدواء هو الكي:
ونحن انتخبنا الله جندا لهذه الرسالة وهو قد اجتبانا لنكون الأمة الشاهدة بمعنى التي تشهد فتكشف الأدواء وتسعى لعلاجها جهادا واجتهادا.
ليس هذا إنشاء حول مأمول بل هو خبر حول معمول:
نحن نرى بأم العين كيف أن كل المجرمين تجمعوا في ملتقى عواصم الخلافة لمنع ما لا بد حاصل.
فنحن نصف سبع البشرية ممثلون لربعها وقد ثار ليسترد كرامته وحريته وليسهم في تحرير البشرية من الإخلاد إلى الأرض فشوهت الطبيعة والإنسان.
وتواصل التشويهين أصبح مشروطا بإلغائنا فيزيائيا وليس معنويا فحسب:
بات الاستحواذ على أرضنا وتاريخنا شرطا في بقاء مستبعدي البشرية بالقوة.
من دون قلب العلم (دار الإسلام) وما فيها من ثروات وطاقات وما تشغله من البحار الدافئة ومن المضايق والممرات شرطا في سيطرة الغرب بمحونا وهو ما بات مستحيلا.
فلسنا الهنود الحمر في هذا العصر.
كل ذلك يعلمه الشباب بجنسيه ويتصدى له جهادا واجتهادا.
وهو قادر على تحقيق الوحدتين الجهادية في جبهات القتال والاجتهادي في جبهات الجدال.
ولن تتوقف الثورة حتى تقضي على الاستبداد والفساد داخليا وعلى الاستضعاف والاستتباع خارجيا.
ذلك هو السؤال.
وذلك هو المآل.
ولا ينقصنا المال.
ولا ينقصنا الرجال.
لذلك فإني شديد التفاؤل ولست أشك لحظة في أن الأمة في فجر الاستئناف.
قد لا يمتد العمر لرؤية ذلك.
لكني واثق تماما الوثوق أن ذلك حاصل لا محالة وربما قبل نهاية العقد الثالث من هذا القرن
فهو قرن الاستئناف.



يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/


نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي