قرار ماكرون ضد تعليم العربية أفرحني شديد الفرح.
وليس ذلك لأني انتظر رد فعل من حكام العرب أو من نخبهم ضد قراره. فجلهم أكثر عداوة للعربية منه.
ما أفرحني أمران:
الأول هو عناد الشباب العربي وحتى غير العربي من المسلمين الآخرين. فهذا المنع سيجعلهم كلهم يتحمسون بعناد الشباب ومثاليتهم الرافضة للعنصرية حتى يفرضوا تعلمها بكل الوسائل. وإذن فجلهم سيختارها لغة ثانية في تكوينه.
الثاني هو ما سيفتحه ذلك من طلب الشباب ما يسمى “الحمام اللساني” في أقطار المغرب من أبناء المهاجرين الذين لهم الجنسية الفرنسية وهم من الأجيال المتأخرة الذين يريدون أن يتعلموا العربية.
فهذا سيزيد في جمعهم بين الثقافتين ما سيخرج أوروبا مما يراد لها من المحافظة على أحقاد الماضي وجعل ضفتي المتوسط الشمالية والجنوبية في عداء دائم. فالمستقبل يفرض على محيط الأبيض المتوسط تجاوز أحقاد الماضي.
فبناء كتلة بشرية كبرى قادرة على تحقيق التوازن مع عماليق العصر والذين كلهم أكبر من أوروبا ومن الاقليم الإسلامي مجتمعين في الضفتين الشرقية والجنوبية من المتوسط يفرضه.
وهذا الاجتماع يعتبر ضرورة لجعل نظام العالم الجديد متوازنا فلا يبقى الشرق الإسلامي والغرب المسيحي حضاريا في صراع دائم يلغي دور محيط الأبيض المتوسط.
وهذا المحيط يجمع بين نوعي الثقافة التي يمكن اعتبارها الثقافة الكونية السائدة على العالم كله أعني ثقافتي الفكر الفلسفي والفكر الديني المنزل. ذلك ان الشرق الاقصى والغرب الأقصى ينقسمان بين من يتبع هذه الثقافة أو من يتبع ما يقابلها بثقافة الأديان غير المنزلة وفلسفات الشرق الأقصى.
ويمكن القول إن حمق ماكرون واليمين الأوروبي والكاريكاتورين التحديثي والتأصيلي كلهم من حيث لا يعلمون يمكن اعتبار فكره من مكره الله الخير أو من مكر التاريخ بلغة هيجل لتحقيق عكس ما يسعون إليه.
فبدل الحقد والضغينة والعداوة بين الضفتين صار من يريد النكوص إلى ماضي العلاقة بينهما منذ ما قبل الإسلام هم في الغاية من سيحقق العكس تماما ولو لم يكن قصده ذلك.