****،
بينت لماذا أجد نفسي غنيا عن الرد على”مكرون”
في مقال:
“مكرون والهروب من
الازمة العلمانية اليعقوبية”.
▫️
ولم أشرح الوضعية التي تجعله يخبط خبط عشواء
وعلة عدم فهم ساسة فرنسا بعد الجنرال دوجول وما اضطر إليه متراند لعلاج مشكل فرنسا منذ أن فقدت على الاقل رسميا امبراطوريتها الاستعمارية.
▫️
فهي فقدتها لعلل خمسة:
اثنتان أوروبيتان
واثنتان اسلاميتان
والخامسة متعلقة بالحجم.
▫️
1️⃣ و2️⃣- فأما الأوروبيتان
فهما الاعتماد على تجحيم ألمانيا وانجلترا
3️⃣ و4️⃣- وأما الاسلاميتان
فهما تحجيم الأتراك والعرب
أي بداية قوة الأسلام وغايته
5️⃣- وأما الحجم
فهو فقدان شرط
زعامة المسيحية الكاثوليكية
بعد ثورتها التي علمنت وظائفها
فاضطرت للازدواجية
حربا عليها في الداخل
واستعمالها في مستعمراتها.
▫️
وقد توهم ساسة فرنسا بعد دوجول وما اضطر إليه متران في الغاية أن تجحيم هؤلاء الأربعة ممكن لفرنسا بذاتها
وليس بفضل دور أمريكا والسوفيات.
▫️
لكن دوجول كان يفهم ذلك من البداية ومتيران تأخر في فهمه إلى أن حل آوان زوال السوفيات وبداية اهتمام أمريكا بالخطر الصيني الممكن على زعامتها للعالم.
▫️
ففكر متران في أمر نصحته تاتشر بعكسه أعني توحيد ألمانيا ليس حبا فيها بل لأنه فهم سياسة دوجول:
لا يمكن لفرنسا وحدها أن تتصدى للخطر الذي هو هاجس أوروبا من القرون الوسطى
أعني الاستئناف الإسلامي بعد أن بدأ عصر العملاقين يأفل وبعد أن بدأ المسلمون ينهضون وهو ما توقعه دوجول ونبه إليه.
▫️
وضعية فرنسا هذه هي علة تخبطها سياسيا وعلة نقمة مكرون على الشباب المسلم في فرنسا وفي أوروبا أعني تعذر تذويبه في هوية متنافية مع الإسلام أسست عليها الدولة القائلة بالعرقية والطبقية
▫️
وهو خوف الاسلاموفوبيين من ثورتي الإسلام:
تعالي
➖ الأخوة البشرية (النساء 1)
➖ والتعارف (الحجرات 13).
▫️
ومكرون هو النموذج الحي لهذا الجهل:
فهو في ظاهره علماني يعقوبي
وفي باطنه مسيحي كاثوليكي
متعصب تعصب الاسلاموفوبيا في اليمين الأوروبي
الذي ما يزال يعاني من مآسي التاريخ الوسيط
وهزائم الكاثولكية مرتين:
➖ مرة مع الإسلام بقيادة العرب ثم الأتراك
➖ ومرة مع من استفادوا منه أي الانجليز والألمان.
▫️
ورغم أن الالمان هم من استفاد في حركة الإصلاح بمحاكاة ثورتي الإسلام أي تحرير الإنسان
➖ من الوساطة الكنسية روحيا
➖ ومن وصاية الحكم بالحق الإلهي سياسيا
فإن أول من طبقها فعليا هم الانجليز:
فالكنيسة صار دورها رمزيا
والحكم الفعلي صار للشعب
إذ أن الملكية فيها مثل الخلافة
➖ سلطان رمزي
➖ وليس فعليا.
▫️
قد لايكون الشباب المسلم مدركا لهذه الأسرار العميقة
لكن موقفهم مما يجري مرسوم في ما فطروا عليه
حتى من دون وعي منهم
والقرآن رباهم بأن التعدد والتنوع من آيات الله
وأنه لا يتنافى مع الاخوة البشرية( النساء 1)
بل هو شرط التعارف بين الشعوب
معرفة ومعروفا (الحجرات 13):
التفاضل بتقوى الله.
▫️
وطبيعي أن يخشى
الكاثوليكي في الباطن
واليعقوبي في الظاهر
هذه الرؤية الروحية
للتآخي بين البشر
والتعارف بينهم.
▫️
وهما أخلاق الأحياء الشعبية في الغرب حيث يكتشف الأوروبي أن المسلمين طيبو المعشر لأن تربيتهم الدينية تجعلهم بالطبع لا ينكرون الأديان الأخرى
بحكم البقرة 62 والمائدة 69 وحتى الحج 17.
▫️
ولعل أبرز العلامات المميزة المقابَلة الواضحة
بين الفتح الإسلامي والغزو المسيحي.
لا يذكر التاريخ أن المسلمين سواء
بقيادة العرب في البداية
أو بقيادة بقية الشعوب الإسلامية بعدهم
وخاصة بقيادة الاتراك
عملوا على تصفية الشعوب التي فتحوا بلدانهم
بل هم التزموا بهذه التعاليم باحترام التعدد.
▫️
فالغزو المسيحي للعالم بشكليه
أي قبل الشكل الاستعماري الحديث ثم فيه
كان مبدؤه التصفية العرقية والثقافية لأهل البلاد التي غزوها وهم يعادون كل الأديان والشعوب:
عبودية وتصفية عرقية وثقافية.
▫️
أما الإسلام فجل من قاد سياسته هم من فُتحت بلادهم.
▫️
الأوروبيون حافظوا على خصائص أصلهم بعد تسمحهم مثل المغول بعد إسلامهم.
▫️
ما يحدث اليوم هو اكتشاف متأخر من بعض النخب الغربية
أن سياسة التصفية العرقية لم تعد ممكنة ليس لعلل خلقية
إذ إنهم ما يزالون مؤمنين بالتفاضل العرقي والطبقي
وبهما يفسرون التاريخ هيجليا وماركسيا ولو ضمنيا
بل لعلل ديموغرافية وتقنية:
➖ فالمستعمرات صمدت ديموغرافيا
➖ وتداركت تخلفها التقني.
▫️
فلا يوجد بلد أوروبي واحد يستطيع اليوم أن يؤسس لامبراطورية استعمارية في العالم الثالث كفرنسا وبلجيكا وانجلترا واسبانيا والبرتغال وهولاندة.
▫️
كلها مجتمعة لا وجه لمقارنتها حتى بالهند ناهيك عن الصين
وقريبا حتى بتركيا واندونيسيا.
العرب وحدهم لغباء نخبهم
ما زالوا فتاتا قابلا للاستعمار.
▫️
وتلك هي العلة في أن القيادات
التي تتكلم باسم العرب حاليا
اكثر اسلاموفوبية من مكرون.
وهم من يمول حركة اليمين الغربي
ضد الشباب المسلم بحيث إن
➖ ما يفعلونه مع شعوبهم
باستجلاب قواعد الغرب لحماية أنظمتهم
➖ يفعلون أكثر منه في الغرب
للحرب على المسلمين فيه
وتمويل تصفيتهم الرمزية والفعلية.
▫️
إن ما أعرضه هنا ليس علما لدنيا:
كل ما في الامر أني على دراية
بثقافة الغرب الحديث
وبثقافة الرومان واليونان قبله
وبطبيعة الثورة الإسلامية في تحرير البشرية
➖ من سلطان الوساطة الروحية
(الكنسية)
➖ ومن سلطان الوصاية السياسية
(الحكم بالحق الإلهي).
▫️
فهذان المرضان هما عصب
كل التاريخ السياسي الإسلامي.
▫️
فلا يمكن فهم الفتنة الكبرى
من دون هذا المشكل:
التشيع هو النكوص الذي حاول فرضه
شعبان لم يقبلا بالثورتين الإسلاميتين اعني
يهود الامبراطورتين الفارسية والبيزنطية
وفرسهما
الامبراطورتين اللتين حرر الإسلام الاقليم منهما
ولم يكن لهم من طريقة غير وأد الثورتين:
الاسرة المختارة
والشعب المختار
وساطة ووصاية.
▫️
فنفهم احداثا تاريخية
تظن عديمة العلاقة بهذه الإشكالية:
فليس من الصدف أن يتحالف التشيع
مع الصليبية
ومع المغولية
ومع الاستردادية
ومع الاستعمارية
في كل تاريخ الإسلام الذي يقول
بنفي الوساطة الروحية (الكنسية)
وبنفي الوصاية السياسية (الحكم بالحق الإلهي)
لأسرة مختارة (آل البيت)
أو لشعب مختار (اليهود).
▫️
ودون تواضع زائف
فإني اعترف بأن هذه الحقائق
التي قد ينكرها
ادعياء التحديث العنيف
وادعياء التأصيل العنيف
هي ما يحكم التاريخ الحالي
وخاصة العلاقة
بين الاستئناف الإسلامي ونظام العالم الجديد
هي حقائق في متناول الجميع
ولا فضل لي إلا بوصل عناصرها
التي تبدو عديمة الصلة في الظاهر.
▫️
ويكفي دليل واحد يثبت هذا
التقابل في الظاهر
والتطابق في الباطن:
▫️
فلا أحد يشكك أن
اسرائيل وإيران اعداء في الظاهر.
ولو تجاوزنا الظاهر
لاكتشفنا عند وصل ذلك
باستدعاء أمريكا للاقليم
وتمكينها منه مطية لهما
سنفهم أنهما حليفان حقا ضد الاستئناف:
كلتاهما تمتطي أمريكا وروسيا
لضرب العرب والاتراك.
▫️
وضرب العرب والاتراك
ليس لأنهم عرب واتراك
بل لأن الإسلام
لم يؤسس دولته بداية إلا بالعرب
ولم يحفظها غاية إلا بالاتراك.
▫️
وهم إذن يعلمون أن
استئناف دور الإسلام في عالم العماليق
الذي هو بصدد الانتظام
لن يكون إلا بهما معا
ومن ثم فلا بد من ضربهما
أحدهما بالثاني
لمنع الاستئناف بأي كلفة.
▫️
همي الوحيد في الكلام
في الاستراتيجيات السياسية
لاستعادة دور المسلمين في التاريخ
هو بيان هذه الضرورة إيجابا:
لا بد من تحالف الشعبين العربي والتركي
جمعا بين البداية والغاية
مع كل شعوب الإسلام
من مندناو إلى المغرب
بسياسة التعمير والاستخلاف الإسلاميين:
حماية لنا والإنسانية والعالم.
▫️
فدار الإسلام يصح عليها
وصف الإسلام بأنها دار الوسط
وأهلها امة الوسط.
▫️
وهي الآن وسط جغرافيا وتاريخيا بين
العالم الحديث
(الولايات المتحدة أو الغرب الاقصى)
والعالم القديم
(الصين أو الشرق الاقصى).
وهما اليوم المتنافسان على قيادة العالم
بسياسة ربا الأموال وربا الأقوال
والمآل هو التخريب.
▫️
ولا يمكن لأي منهما
أن يحقق ما يطمح إليه
من دون استعمارنا
أو التحالف معنا
إن عجز دون ذلك.
▫️
وإذن فنحن مضطرون
للخيار بينهما أولا
ولضمان بقائنا دون تبعية ثانيا.
▫️
والمعيار الذي يحسم الخيارين مضاعف:
فهو القرب الحضاري
وهو ما يضمن البقاء
بعد الحسم في الصدام بينهما
إن تجاوز التنافس السلمي.
▫️
فحضاريا المشترك بيننا وبين الغرب
فلسفيا ودينيا أكثر وأهم
من المتشرك بيننا وبين الصين.
▫️
ومن ثم فالمعيار الاول واضح.
والمعيار الثاني أوضح.
فلو حصل صدام وكنا مع الصين
وتصورناها ربحت الحرب
فسنصبح عبيدا لها لفقداننا
علة التفوق الديموغرافي
تسليما بالتقارب التقني
بخلاف الحالة مع أمريكا
▫️
وبهذا المعنى فإن أمريكا نفسها
مضطرة للحلف معنا بنفس التعليل
خاصة وهي قد فشلت في استعمارنا
بعد حرب دامت عقودا
خرجت منها خاسرة
في كل أرض إسلامية
خاضت فيها حربا على المسلمين.
▫️
لذلك فتركيا ستكون
مفضلة من أمريكا وألمانيا
في استراتيجيتها المقبلة
بعد اليأس من فرنسا:
لذلك”جن” مكرون.
▫️
خروج انجلترا من الاتحاد الأوروبي
ينهي دور فرنسا التي لا تزن أمام ألمانيا
من دون السند البريطاني.
▫️
لذلك يحاول مكرون المصالحة
بين أوروبا وروسيا
استعدادا للاستئناف الإسلامي لمنعه.
▫️
فهو يجهل أن تركيا لا يمكن لجمها بروسيا.
جهله بالتاريخ كما قال اردوغان
جعله يضعف روسيا ويقوي تركيا.
▫️
فروسيا من دون الأتراك الذين يفصلونها عن الصين
ستصبح فريسة للصين لأنها عديمة الحجم الكافي
في العالم الذي هو بصدد التشكل
والذي سيكون فيه أتراك آسيا كلها أمة واحدة
وربما ولايات متحدة تركية بحجم مناسب للعصر
بخلاف روسيا التي من دونهم تصبح دويلة
بخردة السوفيات وثروة طبيعية.
▫️
في الحقيقة فإن روسيا
عندما عاد إليها السلطان الديني
فإنها ستكون مثل إيران
وإن بترتيب معكوس:
▫️
عاد السلطان الديني لينهي قدسيته في إيران
وعاد في روسيا بعد أن فقدها.
كلاهما نظام تحكمه مافيات ذات غطاء ديني.
ويمكن بيسر أن ينفرط عقدهما في نظام العالم الجديد
لأن الروحي فقدت روحها فيهما
▫️
وهما مؤلفان من أقليات
متقاربة في الوزن الديموغرافي.
ثم إن الباطنية في إيران
والماركسية في روسيا
لهما نفس الاحتقار لكرامة الإنسان
وحريته وخاصة للشرف والمرأة.
▫️
وإذن ففرنسا خسرت بريطانيا وروسيا.
وألمانيا تحررت مما كان يفرض عليها البقاء
تحت الحماية خاصة وأمريكا بدأت تنشغل
بما يتجاوز أوروبا
وهي بحاجة لقوة بديلة من الحلف الاوروبي
الذي انفرط عقده
ولا بد لها من الاعتماد على تركيا
ممثلة للاستئناف الأسلامي
الذي ليس لها بد على الأقل من مهادنته.
▫️
وبذلك فإن ألمانيا
التي اضطرت سابقا للتحالف مع الخلافة على وهنها
لما كانت أقل دول أوروبا انتشارا خارج أوروبا
لأنها لم تكن قوة عظمى
في بداية الاستعمار الغربي للعالم
تعود الآن إلى نفس الوضعية
وتبحث عن عن الانتشار
بشكل تعاوني لا استعماري
مع حضارة كبارها يحترمونها
وخاصة مؤسس حداثتها.
▫️
آمل أن يعمل أردوغان -معاوية الثاني-
بنفس الأوراق التي أحاول هنا وصفها
لأن الصين ستكون بحاجة إلى المسلمين
وستنافس أمريكا في التودد إليهم
بعد أن تصبح تركيا بوزن يجعلها ممثلة للمسلمين
أمرا واقعا يمكن أن يتحول إلى أمر واجب
ذي شكل رسمي هو غاية الاستئناف
لتستعيد الأمة دورها في العالم .