لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص
هبنا وجدنا عذرا للنخبة المصرية التي ساهمت في ما سموه ثورة 30 جوان فبررت بحلفها مع العسكر الإطاحة بأول حكومة ديموقراطية عرفتها مصر منذ أكثر من ستة عقود.
فقد تكون حيل العسكر قد انطلت عليهم علما وأنهم كانوا يعلمون ماذا يمكن أن ينتظروه منه لأنهم جربوه خلال هذه العقود.
وهبنا صدقنا أن الإسلاميين في تونس يمثلون خطرا وأن إبعادهم كما فعلت مصر هو الحل
فهل سألت النخبة التونسية نفسها عما يجري في مصر؟
ألم يروا المآل الذي لن يكون أفضل في تونس منه في مصر خاصة ومن يدفعهم لهذا السلوك لم يعد له قدرة على التمويل الذي وعدهم به؟
هل يتصورون أن ما يقترحونه ممكن؟
هل هم أقدر من نظام بورقيبة ونظام بن علي على القضاء على الإسلاميين؟
ألا يرون أن جل الشعب قد فهم -وهذه علة ترك الإسلاميين النداء ينجح بسرعة- من هم المفسدون ومن أوصلهم إلى هذه الحال؟
فالشعب يعلم الحقيقة الآن :
فهو يرى كلفة “فترينة” مكتسبات الحضارة -المزعومة- في المناطق المهمشة التي لا تخلف كثيرا عن حال الصومال إلا بما كانت ليبيا تسمح بسده من الحاجات؟
ألم يسألوا أنفسهم خلال سعيهم لإعادة أدوات النظام السابق عن مدى قدرتهم على تقديم الحل ؟
إذا كانوا حقا قادرين على الوضعية الراهنة التي يتصورونها أسوأ مما كان سائدا في العهد السابق فلم عجزوا على معالجة ما هو دونها سوءا قبل الثورة؟
أم أنهم قلبوا قاعدة “من يقدر على الأكثر يقدر على الأقل” إلى قاعدة “من يعجز عن الأقل يقدر على الأكثر”؟
كيف لا يرى الفاسدون الذين خدموا بمنطق بنظام بن علي فأسهموا في مآله إلى ما آل إليه أنهم يعدون لحتفهم :
فسيكونوا حتما عرضة للحساب العسير الذي يخضع لقانون ما في كل مرة تسلم الجرة :
فمن سامح في الموجة الأولى من الثورة لن يسامح في الموجة الثانية.
وهي آتية لا ريب فيها.
سيكون الحساب عسيرا :
والباديء أظلم.
كيف يتصورون أنهم بضرب الأمن والجيش من خلال إدخال الفتنة في اجهزتهم واتهام الإسلاميين بذلك سيدفعونهما إلى الثورة عليهم ليحققوا ما تحقق في مصر؟
ألهذا الحد هم أغبياء فلا يجيدون الحساب :
فالأمن والجيش في تونس
ليس طائفيا كما في سوريا
وليس طبقيا كما في مصر.
إنه أقرب إلى الإسلاميين منه إلى العملاء من المتغربين ومن النخب الفاسدة التي يعلمون أنها تحتقرهم ولا تعترف لهم بالفضل.
إنهم فاهمون حقيقة اللعبة وسينحازون إلى غالبية شعبهم التي هي مسلمة قلبا وقالبا ولن يكونوا أداة للاستئصاليين الذين سيرد عليهم فكرهم.
لن أتكلم على الإعلاميين إن سلمنا بوجود شيء اسمه إعلاميون.
لا ألوم من يسمون بهذا الاسم وليس لهم من مسماه ذرة.
جلهم في خدمة المتاجرين بحرية الإعلام لتهديم ما تقتضيه الحرية والكرامة قيمتي الثورة من التبجيل والاحترام .
اعتبرهم مساكين لأن أغلبهم أميين وكدائين وقوادين.
قل فيهم من يستحق أن يحمل مسؤولية الإعلام لأن جلهم “بصاصة” الاستعلام في خدمة مافيات النظام وليس في خدمة الشعب فضلا عن تحمل مسؤولية البحث عن الحقيقة أو الإخبار عنها.
ولأبدأ بالنخبة السياسية:
هل من خصاهم ابن علي وحتى بعض عجائز العهد البورقيبي يمكن أن يكونوا قادرين على معالجة الوضع إذا كانوا كافرين بكل القيم التي من اجلها ثار الشباب بجنسيه وقرر أن يحقق شروط الكرامة والحرية وتحرير تونس من التبعية الاستعمارية التي كانوا ولا يزالون من عبيدها؟
ولأثني بالنخبة المعرفية :
فكل الذين كانوا خدم نظام ابن علي في التربية والثقافة ليسوا إلا طبالين يدعون الحداثة وهم كاريكاتور من كل قيمها بل هم أفسد من مافية ابن علي :
فقد أفسدوا النظام التربوي والقيم الثقافية.
وهم لا يستحون إذ يتقدمون اليوم عارضين خدماتهم بعد أن خربوا المؤسسة التربوية معرفيا وخلقيا وجعلوها مجرد مطية لاستغلال النفوذ والعيث فسادا في الاعراض والقيم وحتى بيع الوظائف والشهادات.
ولأثلث بالنخبة الاقتصادية :
فجلهم توابع لمافية بن علي وهم تكونوا بوأد البرجوازية الوطنية التي انتقم منها بن علي لما رآها محافظة في الغالب وأميل إلى القيم الإسلامية منها إلى انفلات كاريكاتور الحداثة التي يمثلها الأغنياء الجدد من المهربين وتجار المخدرات التي عمت في كل المدارس والأحياء.
ولاربع بالنخبة الفنية التي تدعي الإبداع وما أدراك ما النخبة الفنية التي أرقى ما أنتجت في الدراما تهريج “نسبتي العزيزة”. لعل فضلها الوحيد أنها نخبة التهريج التي تعكس قيم النخب الثلاثة السابقة وذوقها والتي ترمز إلى مستوى الانحطاط الذي آل إليه ما يسمونه بمكتسبات الحداثة التي تمثلها بعض الفاجرات من دعيات النقد والتحليل والثورة الجناسية.
وأخيرا فنخبة النخب هم فلاسفة وفقهاؤه الشرعيين والوضعيين.
فـمادحو”أخلاق” ابن علي وممجدو”ثورته الهادئة” وفقهاء دستوره (من دجالي فلسفة القانون) وإصلاحه الديني (من دجالي الحضارة) ورجال دينه (المفاتي والأيمة ووزاء الدين) يحاولون تفسير ما يجري في تونس بالتنوير الذي يمثلونه خلطا بين ثورتهم المرضية على أوضاعهم الاجتماعية المزرية أو على الدراويش من أهلهم والتنكر لقيم الشعب ومعتقداته وثقافته.
هم أعداء قيم الثورة وطموح الشباب الاصيل يعادونه لأنه يعرفهم حيث ذاق الأمرين من استبدادهم وفسادهم.
وعداوتهم مهما برقعوها بالكلام على الحداثة والتنوير فالجميع يعلم أن دافعها الأساسي هو الانتقام من الثورة لأنها حرمتهم بـ”ديقاج” من الامتيازات التي أوهمتهم بأنهم قد صاروا من علية القوم لمجرد أنهم حصلوا على مسكن في بعض الأحياء أو لحصولهم على بعض الرتب بالقوادة والتلحيس.
يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/