“مؤلف الكتب ماكغون” له الفضل في الحسم وحق الملكية

****،

كلمتان خفاف نظاف:
لن أنازع أحدا في الريادة التوقعية حول مآل الرئاسة التونسية.
فقد كثر الكلام على أول من توقع ما يجري.
وهي مسألة ثانوية لست أدري ما الداعي للتنافس فيها.

فالمسألة الحقيقية ليست توقع عجز سعيد بل طبيعة ما يجري وما يختفي وراء ترشحه ونجاحه الذي بلغ درجة التفويض الكلي وهو ما جعله يتصرف خارج ضوابط الدستور:

  1. فهو أسهم في منع الحزب الاول من تشكيل الحكومة لمجرد تشجيع فكرة حكومة الرئيس ودفع الاحزاب لمنع هذا التشكيل وحاول حتى فرض تشكيلها كما يريد.

  2. ثم هو اختار تكليف من يشكل الحكومة بخرق بين لنص الدستور الذي يتكلم على “الأقدر” أي الأقدر على تجاوز ما فشل فيه المرشح الأول الذي عجز عن تشكيل الحكومة بسبب عدم التأكد من تحقيق تشكيل يحصل على الأغلبية.

وهو ضمن لحكومة الاعجز الاغلبية بابتزاز النواب وتهديدهم بحل المجلس بتأويل أحمق لأنه ليس محكمة دستورية ولأنه طرف في النزاع ولا يمكن أن يكون قاضيا ومتقاضيا في آن أي حكما وطرفا.
وقد جاء متفاقه في القانون وحاول تبرير تأويله بما هو أكثر حمقا عندما أشار إلى ما لا ينطبق إلى على القضاء: أعني مفهوم التأويل الأخير في تطبيق القوانين وليس في تأويل المسائل الدستورية من غير القضاة وخاصة ممن هم أطراف في النزاع.

ذلك هو اللغز الذي لم نعلم سره إلا بفضل دعوة ماكرون. ولذلك فمكغون يستحق الشكر. فهو صاحب الفضل في الجواب عن سؤال مضاعف:

• ما الذي جعل الرئيس يقدم على هذين العملين الخارجين عما يقتضيه الدستور مهما تساهلنا في التأويل.

• وما علاقتهما بمشروعه الذي كان غامضا والذي يتعلق به التوقع اذا كان لنا أن نقارن بين التوقعات السابقة.

فكون الكثير كان يشك في أهلية سعيد ويتوقع فشله أمر لا جدال فيه لأنه لم يعرف عليه نشاط سياسي سابق أو نجاح في ميدان ذي علاقة بقيادة ما بل الكل كان يتصوره “نفسا مؤمنة” (بالمعنى التونسي) أفضل من القروي.

فهذا عين العقل السليم أو “البون سونس” العامي ولا يسمى توقعا سياسيا في خلفيات مشروعه. لا أحد يتوقع النجاح لمن فشل حتى في تخصصه الذي ظل يدرسه ثلاثة عقود دون أن يكتب فيه حرفا واحدا له دلالة علمية.

وعلى هذا الأساس فضلوه عليه وليس لاعتقادهم أنه مؤهل لتسيير دولة بل لأنه “بلو” أي عديم السوابق الدالة على أنه يقدر على شيء. وطبعا هذا هو ما يعتذر به الكثير إذ يزعمون أن الخيار كان تجنب الضرر وليس تحقيق مصلحة.
ولست أدري كيف عرفوا أن القروي أكثر ضررا من قيس.

لكن التوقع المفيد هو تعليل سلوكه بصورة تجعله مفهوما بعلله التي كانت خفية والتي ليست من جنس الكفاءة السياسية الظاهرة التي ظنوه سيتداركها بتعلم الحجامة في رؤوس اليتامى كجل سياسينا بل بما هو من جنس لم يتبين إلا بما يمكن استنتاجه من أقواله وأفعاله في المستويات التالية:

  1. دوره خلال حكم الترويكا وعلاقته بما تقدم على الثورة لفهم علة ادمان اعلام عبد الوهاب عبد الله على دعوته للكلام على الدستور الذي كان في مطبخ المجلس التأسيسي. وبه عرف الرجل لأنه كان نكرة بإطلاق.

لكنه كان على صلة بالحزب الأول في الترويكا – كما علمت لاحقا – حتى أنهم كانوا ينوون ترشيحه لمهام كبيرة وواصلوا العلاقة به فكان بنحو ما “عصفورهم” النادر بعد تفصي الشاهد من توافقاته معهم تفضيلا له على مورو وإن خفية.

  1. طبيعة حملته الانتخابية التي لا يمكن أن يصدق أحد أنها كافية لينجح بالصورة التي نجح بها خاصة إذا وصلناها بأمرين يجعلان تعدد المترشحين ذا دلالة ومثلها الحرب النسقية على القابلين لمنافسته فعليا أي مورو والقروي.

وهو ما يفهم من سلوك نفس الخائفين منهما أعني قيادات العائلتين السياسيتين الكبريين الإسلامية والليبرالية لما كان يسيطر عليهما من معارك داخلية وخوف من نجاحهما.

  1. طبيعة علاقته بالإسلاميين وخصومهم بعد نجاحه واعتماده على ممثلي السيستام السابق والمترشحين لتعويضه من خارج النهضة والائتلاف وقلب تونس.

فهذه العلاقة مريبة لكنها لم تكن مفهومة كما ينبغي وخاصة الفصل بين النهضة والائتلاف وبينها وبين قلب تونس.

  1. الاعتماد في المناكفات الظاهرة على حزبي البراميل والبسكلات رغم عدم جهله أنهم لا وزن شعبي لهما والاعتماد في العمق على بقايا النداء وبقايا اليسار وخاصة القوة الضاربة التي تعمل تحت الأرض.

فهذه القوة – التبشير الشيعي – اخترقت جل الأحزاب وجل المنظمات الوطنية وهي التي كون منها ديوانه وتخطط لأعماله.

  1. وأخيرا العلاقة بالشارع. فتكوين التنسيقيات والزيارات الليلية لا يمكن تعليلها لا بحملات النظافة ولا خاصة بتوزيع المعونات في الشتر مثل الفاروق. فهذا كلام لا يصدقه إلا “بوسعدية”.

فلا يمكن لأي محلل ألا يصل كل هذه الزيارات وما يدور فيها من خطاب بما في ذلك ما كان منها بحضور قيادات الجيش ليتوقع ما أثبته “ماكغون”.

كانت فرضيتي هي لبننة تونس.
مفهوم غامض لأن القصد هو الحلف الخفي في تونس لتكوين لبنان الغربية والجلي في لبنان الشرقية التي نراها تعمل بحلف واضح بين رئيس لبنان وحزب الله:
من هنا جاءت فرضية الدور الفرنسي الإيراني.

إيران لم تنتظر فرنسا لتثبت دورها.
يكفي أنها عينت سفيرها الجديد الذي يعلم الجميع دوره ودور أمثاله قبله في ما نتج عن لبنان الشرقية في الهلال حاليا فحسب

بل في كل تاريخ الصفوية منذ نشأتها التي كان لجبل لبنان الدور الرئيس فيها وحتى للحركة الفلسطينية في ثورة الخميني.

وكانت زيارة باريس مسك الختام.
فشكرا لماكغون.
طبعا لم يكن هدفه خدمة تونس حتى لو قبلنا أن فرنسا ما تزال “حامية” لتونس بسبب وحدة المصير كما قال الرئيس.

بل لأن تونس الآن هي الملجأ الوحيد لفرنسا لكي يبقى لها موطئ قدم في شمال افريقيا لعلمها أنها من دونه سيكون عليها حزم امتعتها وحركييها وصبايحيتها والخروج من افريقيا كلها.

وليكن ماكغون واثقا بأن سعيد لن يستطيع له شيئا وأنه قد فضحه شر فضيحة:
لا أحد ممن كان يحسن به الظن يمكن أن يطمئن إليه بعد ما حصل مهما حاول طبالوه تغطية عورته.

لم يبق أي أمكانية للمحاكمات التأويلية. الجميع فهم طبيعة المشروع وعلاقته بمن يتحد معهم مصيره وليس مصير تونس وشعبها.

وأخيرا فإني لن أجادل أحدا في السبق.
ما يعنيني هو ان ما يدعون السبق عليهم أن يواصلوا علمهم ولن يناقشهم أحد في حقول الملكية الفكرية: لأن هذه الحقوق تعود إليه هو نفسه إذ لم يفضحه أحد أكثر من لسانه وتلحيسه لماكغون.

حقوق الملكية الفكرية هي له “‘يسلم قرايته” وتأثير الكتب التي ألفها ماكغون وحتى التي قرأها قرأهما رئيسنا المفدى في تكوينه الفرنسي الذي يباهي به.

حتى صار يعلل كلامه بالعربية بحجة أن التوانسة يسمعوا فيه وإلا لفضل لغة فولتار على لغة المتنبي مادح سميه الاخشيدي.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي