لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص
أعود إلى وهم التحكم في الأحداث والعصا السحرية اللذين يزعمان للغرب وخاصة من قبل عملائه والانهزاميين منا لأستأنف البحث في سياسة الحمق التي يتوخاها ساسة الغرب ونخبنا العميلة سعيا لإخضاع المسلمين بتفتيت جغرافيتهم للاستحواذ على ثروتهم وتشتيت تاريخهم للاستحواذ على تراثهم .
إذا كانوا يقيسون الأمر على الصراع بين الاشتراكية والرأسمالية وهزيمة الثانية للأولى فهم يعيشون في وهم قد ينهي كل إمكانية للسلم العالمية:
فشتان بين الوضعين.
الإسلام غير ولن يهزم أبدا.
نحن المسلمين ليس لنا نية محاربة الراسمالية بل نصلح قيمها ونأنسن ثمراتها ولا نعتبر الإسلام جاء لتجاوزها بمحو ما فيها من فضائل تمثل شروطا لاستعمار الإنسان في الأرض إذا لم يقع الاقتصار عليها بنسيان الوجه الاجتماعي.
فقيم الحرية والملكية الفردية والعمل المنتج قيم نؤمن بأنها شرط استعمار الإنسان في الأرض.
لكننا نضيف قيم استخلافه أخوة وحرية وكرامة وعدلا ولا نعتبر هذه القيم عائقا أمام الحرية بل هي شرطها إذا لم تكن للبعض على الكل ضد كرامة أي إنسان.
وهذه الإضافة لا ندعي التفرد بها بل نعتقد أن كل إنسان واع بها ونزيه لا بد وأن يكون من صفنا في الدفاع عنها.
ذلك أن شعوب الغرب نفسها تعاني من تجاهلها وإهمالها.
ففي كل بلد مافية حاكمة ونخب عميلة.
ثم العالم تسيطر عليه هذه المافيات المتحالفة ويلتقون في بنوك السرقات العالمية.
وليس من الضروري أن يكون المؤمنون بها متدينين بدين معين ولا حتى مدينين أصلا بل يكفي أن يكونوا مدركين لقيمة الإنسان والمساواة بين البشر دون عنصرية وطبقية.
وهؤلاء ولله الحمد يتزايدون يوما بعد يوم.
فالتناسب طردي مع الظلم والطغيان.
المشكل بيننا ليس إذن دينيا ولا حتى فلسفيا بل هو مشكل تعاني منه كل الشعوب التي تستعبدها مافية المستفيدين من احتكار القوة المادية والمالية.
وهؤلاء لا يصارعون من أجل قيم بل نكصوا لصراع التاريخ الطبيعي:
نكوص الإنسان لما فيه من الحيوان.
وهذا هو بيت القصيد :
لن يهنأ أحد يستثني أغلبية البشر لفائدة مافيات العولمة.
فهم بإرادة استعبادنا قد جعلونا بداية ثورة التحرر الكونية.
وضعنا ليس باختيارنا:
بلغ الظلم عندنا سناما يؤدي إلى الانفجار حتما.
فقد أوجدوا مافيات من جنسهم ليفسدوا ثورتنا ويبرروا تدخلاتهم التي نرى.
تجربة تفريغ أمريكا من أهلها بداية من القرن السادس عشر لن تتكرر مع المسلمين رغم أنها بدات ببداية الحروب الاستعمارية.
والمفروض أن تعيد المافيات حسابها لأن سلوكها هذا سينتج مافيات من جنسها لتقاسهما نفس السلوك لنفس الغايات:
فيعود العالم إلى شريعة الغاب.
الشيء الثابت للتمثيل أن إيقاف الحياة العادية في باريس ليوم أو يومين إذا حسبوا كلفته مع ما يصرفه الغرب على التسلح والحروب كلفة ينبغي أن تجعل اي عاقل يفكر.
وجزء ضئيل منها يمكن أن يحقق شروط الأخوة البشرية.
وقد يتكرر ذلك بتزايد متناسب مع تزايد الظلم والقهر حتى بين أبناء باريس وكل العواصم.
والجنوح إلى السلم واعتماد التبادل بالتعاوض العادل أقل كلفة من مواصلة ساسية الأساطيل والحروب لأخذ ثروات المسلمين بشروط جشع المافية.
كلفة العدوان أكبر بما لايقاس من كلفة العدل.
يعني أن المافية الحاكمة في عالم الأقوياء مهما فعلت لن تستطيع السيطرة على العالم لأن أدوات السيطرة لم يعد احتكارها ممكنا مع هشاشة الأمن في الحضارات المعقدة مهما تحصنت.
أي مظلوم يمكن أن يوقف عاصمة إن ليس بالحرب المادية فبالحرب النفسية.
ولا أظن عاقلا في العالم يريد أن يعود بالبشرية إلى القتال الدائم لأنه لا يمكن تصور خمس البشرية -المسلمين- وثلاثة أخماس مثلهم من غير المسلمين سيقبلون بأن تستعبدهم بعض المافيات بأذرعها وسلاحها ومليشياتها.
- فإما أن تعم السلم الجميع فينعم كل البشر بنفس الحقوق والفرص والحظوظ في تعاون ندي وتبادل عادل التعويض للثروات والخدمات
- أو لا أحد مهما كان قويا يمكنه أن يهنأ لحظة واحدة في حياته:
وهذه حقيقة لا دخل للإسلام ولا للمسلمين فيها.
هي حقيقة إنسانية متناسبة مع ثورة الاتصالات والمواصلات والاطلاع الحيني على حال العالم.
المعادلة التي ينبغي أن يفهمها الجميع على الأقل في الإقليم المتقد حاليا:
لا يمكن أن تعيش الضفة الشمالية للابيض المتوسط في سلم وأمان وأن تقنبل الضفة الجنوبية كما تريد بحجة الحرب على الإرهاب وهي التي خلقته بأن زرعت كل دواعيه بدءا بتخلصهم من جرائمهم ترضية لمن طردوه من أبنائهم :
يهود أوروبا.
المفرح هو أن الكثير من رجالات الغرب بمن فيهم الكثير ممن يحاولون ترضيتهم على حسابنا -يهود الغرب- بدأوا يفهمون هذه الحقيقة:
فالعالم الذي يدعون أنه صار قرية لم يعد للاستعمار والاحتقار فيه إمكان ولا مكان.
ذلك أن ما يصح على العلاقة بين الغرب والشرق بين المستكبرين والمستضعفين يصح كذلك في الغرب وفي الشرق:
فالظلم والاضطهاد والحرمان موجودان فيهما كليهما بإجرام نفس المافيات.
والتحالف بين مافيات الشرق ومافيات الغرب وعملائهما من النخب المريضة بعنجهية الاستكبار والاستعمار والاحتقار بين للعيان في الربيع العربي لكنه ليس غائبا حتى في قلب عواصم الغرب.
واليمين المتطرف الأوروبي كبيجيدا أو حزب لوبان وغيرهما كثير قد يتصور أن المشكل هو في الجاليات الإسلامية لديهم فيقرروا طردهم أو إفناءهم.
وبذلك سيعود الغرب لما يشبه حرب الاسترداد مع الاندلس بطرد المسلمين واليهود منها.
ولنفرض ذلك ممكنا.
لكنهم ينسون أن لكل واحد من المهاجرين أصدقاء من أبناء البلد النزهاء والشرفاء.
وهؤلاء لن يسمحوا بذلك بل هم قد ينضموا اليهم فيصبحوا الأغلبية لأن كل واحد له عدة أصدقاء فيتكاثرون هندسيا.
والمعلوم أن أصدقاءهم اغلبهم في وضعهم من الاستضعاف والحرمان والقهر ولن يصبروا على فرصة المساهمة في التحرير الكوني للبشرية وبدايته ثورتنا العالمية.
وهي لن تقتصر على أرضنا بل ستعم المعمورة.
إذا كانوا قد فكروا في إنشاء الأمم المتحدة علاجا بعد حربين عالميتين ثم عادوا إلى ما هو أسوأ.
فليتهم يرعوون ويفكرون وقاية في إعادة النظر في النظام العالمي ليكون عادلا.
هل ينتظرون خرابا أكثر أم يتصورون أن المسلمين وغيرهم من المستضعفين سيستسلمون؟
هيهات:
فمن يعلم أنه سيقتل ببطء عرقا بعد عرق سيستعمل كل دفاع شرعي ممكن.
واللوم كله على من دفعه إلى ذلك اليأس.
قد تواصلون حربكم النفسية فتسمون دفاعه الشرعي عن أرضه وعرضه وقيمه وحريته وكرامته إرهابا.
لكن ذلك لن ينطلي على أحد فحتى شعبكـم يعاني من حمقكم وسفاهتكم.
نحن المسلمين نمد أيدينا لتحقيق الصلح الحضاري بيننا وبين غيرنا كما فعلنا دائما:
لم نفن أي قوم ولا أي لغة ولا أي حضارة.
الإسلام هو السلم.
لكن السلم يقتضي التعامل بالمثل ما يجعل المقاومة من شروطه.
ولأختم هذا القسم الثاني الذي هو دعوة إلى التعقل أوجهها إلى من يزعمون الكلام باسم العقل ويغزوننا باسم قيمهم المزعومة للدفاع عن الأقليات والحريات بالتذكير ببعض الحقائق.
وهي حقائق من صنفين:
- أولهما يتعلق بالحريات والاقليات. وليكن مثالنا فيها ما حصل في العراق بسبب دعاواكم حول حمايتهما.
- والثانية حول العقل الذي تدعون تمثيله قبالة من تسمونهم من الوحشية والهمجية.
ففي العراق قبل مجيء المسيحية الصهيونية إليه بحمق بوش الصغير بقي فيه حتى ما لم يجرؤ مغول الشرق على القضاء عليه:
هذه الأقليات والتعدد الديني الذي تدعون حمايتهم.
ها أنتم تصرفتم -مغول غرب- بأكثر همجية من مغول الشرق.
هدمتم العراق الذي كان بيئة متنوعة تحتوي على كل أشكال المذاهب المسيحية التي انقرضت عندكم والأديان غير السماوية والمذاهب اليهودية والإسلامية في فسيفساء لا مثيل لها عندكم .
بعد أن أفنيتم عندكم ما تدعون حمايته عندنا بإفناء شروط بقائه.
والآن مررتم إلى البيئة الثانية المتنوعة في الشام.
فقمتم بنفس التصرف لنفس الغاية.
وما يجري عندكم يكذب دعاواكم في الدفاع عن الأقليات.
فمن يلجأ إليكم يكون أول ما تفرضونه عليه هو أن يتخلى عن هويته الثقافية.
ولو كنا نحتاج إلى من يحمي الأقليات عندنا ل
- ما أبقينا عليهم إلى الآن.
- ولكنا قد أفنيناهم مثل ما فعلتم مع أقلياتكم قبل أن تأتوا.
عاشوا بيننا قرونا حتى قبل أن توجدوا في التاريخ الذي دخلتموه بإفناء الشعوب في الأمريكيتين وفي استراليا وما يتبهعها.
ثم ها أنتم تحمون من يريد أن يعيد ما صنعتم أي إسرائيل التي تظن فلسطين أرضا بلا شعب لشعب بلا أرض فتحاولون إفناء شعبها ليصح الوصف ثم تطردون أقلية يهودية عندكم لتجمعوها عندنا ثم تدعون حمايتها.
ولنمر إلى الزعم الثاني:
التنويرية العقلانية المزعومة ضد الظلامية الدينية الموهومة.
فلو اقتصرنا على القرنين الأخيرين فحسب للكلام على عقلانيتكم لخجل أي طفل لم يبلغ الحلم من هذا التنوير العقلاني.
هدمتم العالم كله بسبب تهديم بعضكم البعض على جشع تقاسمه وتسمون ذلك عقلانية تنويرية وحضارة؟
فحتى مغول الشرق لم تصل بهم الهمجية إلى افناء النبات والحيوان والإنسان واللغات والحضارات وكل القيم كما فعلتم ولازلتم تفعلون.
حربان عالميتان من أجل تقاسم ثروات العالم بينكم وفي النهاية إلى أين وصلتم؟
صار بقاؤكم رهن الإرهاب المتبادل بينهم بالقدرة على القضاء على المعمورة لما بينكم من الأحقاد بسبب ما تسمونه ثورتين
- احداهما استعمرت أمريكا (حرب الكاثوليكية والبروتستنتينة)
- والثانية روسيا (حرب الراسمالية والشيوعية).
هل الفاشيات الخمس التي عرفتها أوروبا بين الحربين لنا فيها ضلع أم نحن من ضحايا:
فاشية إيطاليا واسبانيا وألمانيا والسوفيات وآسيا ثم التي جاءتنا من النخب التي تعملت عندكم مزايا المافية الفاشية من هذه الأنواع كلها.
وادعيتم الوصول إلى نتيجة بعد الحرب العالمية الثانية بأن صنعتم جهازا أضفيتم عليه اسم مؤسسة القانون الدولي لتحتكروا السلطة فيها إذ صار لواحد من أربعة عشر من البشرية أربعة أخماس السلطان الدولي (حق الفيتو لأميركا وفرنسا وانجلترا وروسيا ومجموعهم نصف سبع البشرية).
هي إذن ليست مؤسسة القانون الدولي بل هي مؤسسة احتكار الخروج عن القانون باسم القانون.
تحاربون كل من يدافع عما تزعمون تمثيله عندما يريده على حقيقته وليس مجرد نفاق سياسي دولي: الديموقراطية وحقوق الإنسان.
ما تسمونه حربا على الإرهاب هو في الحقيقة حربكم على كل من يريد أن يكون حرا وكريما في بلاده.
فإذا حاول بما يستطيع -وهو قليل بالقياس إلى اجرامكم- مس أي شعرة منكم اعتبرتموه إرهابيا.
في حين أنكم لا تكتفون بمس شعرة منه بل تشوهون دينه وتحتلون أرضه وتستيحيون عرضه وتنهبون ماله وتقضون حتى على نفسه إن رفض أن يكون عبدا لكم أو لعملائكم.
تبا لكم ولكل من تصل به النذالة للاعتذار لكم على مجرد الصمود أما طاغوتكم.
ليس في العالم اليوم ومنذ أن تسيدتم عليه من هو أكثر إجراما وإرهابا منكم ومن عملائكم الذين صاروا خواتم في اصابعكم يحاربون شعوبهم تقتيلا وتحريقا وتعذيبا بكل الاساليب الهمجية في سجون القتل البطيء:
وقد أعطيتموهم النماذج في ابو غريب.
إذا وجد من يرد عليكم بما لا ترضاه أخلاقنا فعلة وجوده هي أخلاقكم أنتم لا أخلاقنا فهو قد صار مثلكم يأسا من كل طريق أخرى للحل معكم.
فأنتم بظلمكم وعنجهيتكم ونفاقكم وحمقكم لم تتركوا له أدنى سبيل حتى ليعيش مثل الحيوانات بفضلاتكم.
لم أعد أجد ما يمكن أن يعتذر به المرء الصادق للابرياء من شعوبكم الذين هم أنفسهم ضحايا مثل كل الشعوب التي تغزونها بنوعي التلويث الذي تمثلونه:
- تلويث الطبيعة وبدن الإنسان
- وتلويث الثقافة وروح الإنسان.
وما أظن عاقلا بينكم يمكن أن يجادل في أن ما تفعلونه مهما بلغ طغيانكم لن يمكنكم مما تسعون إليه:
فمن يعلم تاريخ هذه الأمة يعلم أنها تأبى الظلم ولن يلين لها قناة حتى ترفعه مهما كانت التكاليف.
مهما تحالفتم ومهما تسلحتم ومهما عاندتم فلا بد أن تدركوا أن المسلمين إذا لم ينالوا حقوقهم كل حقوقهم فلن يستطيع أحد آخر أن يهنأ بما يحرمهم منه:
السلم والأمن.
وليس هذا تهديدا بل هو مجرد وصف لما يقتضيه حق الحرية والكرامة للجميع بمنطق ما يعتبره ابن خلدون عين الرئاسة التي للإنسان بالطبع والفطرة.
يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/