**
ثورة الحرية و الكرامة
ما سأقوله عن ثورة مصر مثال يصح على كل جنيساتها من أقطار الربيع العربي : الثوار فيها جميعا ليسوا ثوارا بحق لأنهم ليسوا طالبين لشروط التحرر بل همهم يقتصر على تغيير الأنظمة والوصول إلى الحكم أو حتى مقاسمته إياه في إطار الجغرافيا الموروثة عن الاستعمار ما يعني أنهم لا ينتسبون بحق إلى ما تقدم عليه (قبل تنويب الاستعمار لهذه الأنظمة في مستعمراته غير المباشرة) فضلا عما ينبغي أن يتلوه (وحدة الأمة لتصبح قطبا يشارك في وضع شروط العالم الجديد) ليحقق شروط التحرر المادية والروحية.
لذلك فهم سرعان ما ينتقلون من الثورة إلى الدولة. وبنفس السرعة يصيبهم ما تعاني منه الدولة التي لم تتغير : دولة قطرية تابعة بالجوهر في شروط حمايتها وفي شروط رعايتها ومن ثم فهي تحت رحمة ما يفرض عليها أن تخضع لما خضع له النظام الذي ثارت عليه أعني القبول بالابتزاز الغربي والنخب والطبقات التي تعامل معها ولا تزال مقدرات الشعوب بأيديها.
تلك هي علة الفشل الحتمي لهذه المحاولات الثورية القاصرة في تونس وليبيا ومصر والشام واليمن. ذلك أنها بخلاف الثورة المضادة لم تدرك أن الأمر يتعلق بمبدأ وحيد : إذا بقيت الثورة قطرية فهي ستخنق بالثورة المضادة التي تجاوزت القطرية وأصبحت تعمل في داخل أقطارها وخارجها. مثال ذلك أن السيسي يحالف حفتر. لكن الثورة التونسية والثورة المصرية لا تحالف الثورة الليبية لمساعدتها في مقاومة حفتر. والعكس بالعكس.
ويوم تعمل الثورة متحدة لتقاوم الثورة المضادة يومها سيضطر الغرب الذي يساعدها إلى إعادة حساباته لأنه يخشى ان يجد نفسه حليفا للصف الخاسر فيضطر للوصول إلى حلول مرضية مع الثورة.
وزبدة القول هي أن الثورة الحالية التي هي ثورة تحرر من استبداد عملاء الاستعمار غير المباشر وفسادهم وقعت في ما وقعت فيه ثورة التحرير من الاستعمار المباشر : لم تتحد وهرولت للحكم دون تغيير جذري لقواعد اللعبة تغييرا يلغي جغرافية الاستعمار فلا يعترف بالحدود القطرية التي وضعها لجعل التبعية تصبح مقوما بنيويا لدول فاقدة لشروط السيادة المادية والرمزية أي أنها لا تستطيع أن تقوم بوظائف الحماية فضلا عن وظائف الرعاية فتضطر لطلب الحماية (القواعد الأجنبية) والرعاية (المساعدات الابتزازية).
المثال المصري نموذجا
1-لا ينبغي لثوار مصر أن ينتظروا جودوا. فإذا كان كل اجرام السيسي توظيفا للجيش والأمن والبلطجية من أجل توطيد الانقلاب على الشرعية لم يحرك الشعب فضلا عن النخب ليزيحوا الغمة فمعنى ذلك أن الدم الفاسد ما يزال سيد الوضع المصري.
2-أفيكون الشعب الليبي والسوري واليمني قد قام صفا واحدا لمقاومة إجرام بقايا النظام والطائفية أحدّ وعيا من الشعب المصري علما وأن ما يجري في مصر هو إجرام بقايا النظام والطائفية (بعضها مسيحي والبعض الآخر شيعي : بدليل الحرب على الإسلام وعلى الرموز التي تعاديهم الشيعة)؟ وهل أمن مصر وجيشها ونخبها مثل بلطجيتها كلهم خونة إلى هذا الحد؟
3-وهبنا اعتبرنا غالبية الشعب مدفوعة إلى تأييد ما يجري بكراهية الاخوان أما كان يمكن للإخوان تركهم وشأنهم حتى يجازيهم العسكر بكل نعيم العقود الستة لـحكمه السعيد؟ أما كان بوسعهم التوقف عن صبغ المقاومة بالطابع الإخواني حتى تصبح مقاومة شعاراتها مستمدة من مطالب الثورة قبل أن تتهم بالأخونة؟
4-ما الذي يجعل الأخوان يواصلون نفس الخطأ في تغليب مظاهر الانتساب إلى دوجمات الفرقة بدلا من الانتساب إلى محركات الفعل الثوري الاجتماعي؟ فالمحرك الديني أحد المحركات ليس كلها : فأين المطالب الاجتماعية والحقوقية بدل الحصر في استرداد ما كان ينبغي ألا تقع فيه الحركة من البداية : حكم لون واحد يسهل على الأعداء التوحد ضده؟
5-فالثورات لا تتحقق بالصلوات والدعوات والمظاهرات إلا في الأحلام أو الأوهام. لا بد فيها من دور المحركات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحقوقية وبعض المقاومة الشرعية دفاعا عن النفس دون عدوان بالحدود الكافية. لم يذكر التاريخ ثورة سلمية ولو صح وجودها لكان مفهوم الجهاد فاقدا لمعناه ولما احتاجت الشعوب حتى للأمن الداخلي: وقد قال ابن خلدون لو صح ما يقوله اليتوبيون لاستغنينا عن الدولة.
6-انتظار الرأي العام الغربي ليغير النظام العسكري الانقلابي أو توقف مساندة بعض العرب الذين يحكمون بمثل ما يحكم ويخافون مثل ما يخيفه هو عين انتظار جودوا. من دون تنظيم المقاومة بكل أدوات المقاومة سلميها ودفاعيها عن النفس لا يمكن لأي ثورة أن تنجح.
7-تخريف بعض مفكري التصدي بما يشبه التنكيت في التلفزات ووسائل الاتصال الاجتماعي والتعليق على هوامش الاحداث لا يعد عملا ثوري بل هو عمل تتردى الثورة بسببه إلى تفاهات بعض الشخصيات التافهة التي تقدم الكلام على نفسها أكثر من تحليل الأحداث. هل مصريو بداية القرن الماضي أفضل منهم الآن؟ قلة من طلبة بداية القرن حركوا التاريخ وخرجت منهم زعامات قادت حرب الاستقلال وملايين منهم الآن لم يغيروا مجرى الأحداث وعجزوا عن قيادة مقاومة التحرر.
8-من قاوم أجدادهم الانجليز ودهاءهم كيف يعجزون عن مقاومة أغبى عسكري عرفته الدنيا وأفسد قيادات عسكرية سيطرت على مقدرات مركز العروبة بحيث مرت سنتان ولم تبرز بعد خيارات المقاومة الاستراتيجية التي يمكن برزنامة محددة تغيير الوضع خاصة والمناخ العربي الداعم للإنقلابيين بدأ يفقد زخمه ويكاد يصل إلى درجة الميل لخيارات الشعب.
9-لكن الثورات لا يمكن أن يقودها الشيوخ والعجزة بل الشباب. والشباب لو سمح له بالقيادة لما أعجزه نظام ينخره الفساد والتقاعس فضلا عن الظروف المساعدة للتوجه الثوري بسبب الظلم والفقر والعدوان السافر على الأعراض. فالفسدة أكثر الناس هشاشة. وأدوات الاستبداد وبلطجيته قابلة للإستفادة منها إذ لا ولاء لها بل هي مع من يخيفها ويطمعها أكثر.
10-ولنحص الفاسدين من هم أولا حتى نتمكن من علاج ما حل بالشعب بأقل كلفة ممكنة من خلال معرفة ما ينتج عن فسادهم من محفز للثورة: فأصنافهم بعدة أصناف وظائف الدولة : عشرة أصناف خمسة للحماية وخمسة للرعاية مع صنف حادي عشر يوحد بينها ويتعلق بالمرجعية الروحية أو العقلية التي تستند إليها الشرعية في الجماعة.
11-فأولا استبداد وظيفتي الحماية الداخلية وفسادهما : أي القضاء والأمن. وهؤلاء عددهم كبير. ولا يمكن أن يرهبوا الشعب إذا جعلهم الثوار مع أسرهم في خوف دائم. فيصبح أمنهم وأمن أسرهم همهم الأول ويترددوا في الولاء التام للنظام الانقلابي تاركين لأنفسهم مخرجا في حالة انتصار الثورة. فإذا عاملوا المواطنين بصفتهم خدم الاستعمار وعملائه فينبغي أن يقاوموا بهذه الصفة. وحق الدفاع الشرعي مضمون في الشرائع الدينية والوضعية.
12-وثانيا استبداد وظيفتي الحماية الخارجية وفسادهما أي الدبلوماسية والعسكر.وهؤلاء عددهم كبير كذلك. لكن التعامل معهم أيسر: فالدبلوماسية يمكن فضح استبدادها وفسادها من خلال عمل الجاليات في الخارج وقوى الجيش قابلة للتشتيب لأن القطر شاسع فضلا عن كون الحدود صارت سالكة بسبب عموم الثورة للأقطار العربية.
13-وثالثا استبداد وظيفتي الرعاية التكوينية وفسادهما أي التربية والمجتمع المدني. والقائمون عليهما مساكين بل هم عبيد الأصناف الأربعة السابقين. ويمكن أن يتشجعوا فيكونوا مع الثورة بمقدار إضعاف الأربعة السابقين.
14-ورابعا استبداد وظيفتي الرعاية التموينية وفسادهما أي الثقافة والاقتصاد. والقائمون عليهما هم أصل الداء. فالثقافة السائدة بصنفيها الديني والعلماني هي التي تبرر الاستبداد والفساد. والاقتصاد الكمبرادوري هو الذي يمولـهما: وهو في الحقيقة أصحاب السند التام للأصناف الأربعة الأولى والمستعبدون للصنفين المواليين في كل مجتمع.
15-لكن الأخطر من ذلك كله هو الجهاز العصبي لوظائف الحماية الداخلية (القضاء والأمن) والخارجية (الدبلوماسية والدفاع) والتكوين (التربية والمجتمع المدني) والتموين (الثقافة والاقتصاد) : وهذا الجهاز العصبي هو الاستعلام والإعلام السياسيين أساسا وظائف الحماية والاستعلام والإعلام المعرفيين أساسا وظائف الرعاية.
16-فالجهاز العصبي الاستعلامي والإعلامي السياسي في الحكم المستبد والفاسد وظيفته تخدير الشعب وتنويمه واضطهاده والجهاز العصبي المعرفي وظيفته تبرير الاستبداد والفساد بتزييف الحقائق: وتلك هي المعركة بحق في كل ثورة تريد التغيير الجذري من خلال إصلاح الجهازين.
17-فالمعركة مع الجهازين العصبيين للدولة الفاسدة والمستبدة هي حقيقة المعركة الثورية لأن ما فسد في مجتمعاتنا هو الجهازان العصبيان لوظائف الدولة: ففي سوريا ومصر وليبيا وحتى في تونس واليمن يمثل الجهازان العدو الحقيقي للحقوق والكرامة والحرية ومنهما يصدر العنف المادي والرمزي إما مباشرة أو اصطناعا (ما يسميانه إرهابا هو من صنعهما)حتى يبررا عنفهما .
18-ولا يمكن أن يغلب الجهازان إلا بطريقتين. أولاهما قلب طريقتهما عليهما أي بالدعاية المضادة لخلط الأوراق وبالاندساس فيهما بصورة تمكن من الاطلاع على خططهما. وما يسهل قلب طريقتيهما عليهما هو فسادهما واستبدادهما.
19-فجميع أعضاء هذين الجهازين انتهازيون. إنهم يراقبون الوضع تحسبا لنتائج المعركة بين الثورة والثورة المضادة حتى يكونوا مع الرابح في المعارك الجارية فضلا عن فسادهم الذي ييسر شراءهم للعمل مخبرين مزدوجين.
20-وليس في ما ذكرت أمرا أنسبه إلى نفسي فادعي خبرة تتجاوز ما عند غيري: فكل الثورات نجحت بهذه الخطط التي تقلل من كلفة المقاومة وتتغلب بما يسمى المطاولة والاستنزاف الذكي.
21-سيقول المخلفون والقواعد: لا تنس أن لوبيات إسرائيل مع السيسي وأن أمريكا تؤيده وأن الغرب لا يفرط فيه. ولا شك في هذا الاعتراض بشرط فهم شروطه.
22-فاللوبيات الصهيونية والغرب لا يؤيدون السيسي وحفتر وبشار إلخ.. حبا فيهم بل لأن خدماتهم لم تكلفهم شيئا يخسرونه. ولما كانت الموازنة بين حمـايتهم وكلفتها ما تزال رابحة فإنهم لن يترددوا في مواصلة ذلك. أما يوم يشعرون بالعكس فسيتركونهم يسقطون كما يفعلون دائما.
23-لكن الكلفة ما تزال معدومة فهي لا تساوي شيئا عند حماتهم إذا كانت دما مصريا أو سوريا أو ليبيا أو تونسيا أو يمينا وكان هذا الدم لم يتحول بعد إلى خطر على مصالحهم. فانظروا ما هي هذه المصالح ولتكن هدف المقاومة وسترون النتيجة مباشرة.
24-وليكن مثالنا مصر لكنه قابل للتعميم في جل أقطار الوطن: فللغرب في مصر مصلحتان لن يقبل التفريط فيهما: 1-المحافظة على ما حققوه بإخراجها من الصراع العربي الإسرائيلي 2-وإفقاد المصريين الدور الطموح في المنطقة والعالم بوصفهم أكبر قطر عربي قاد الأمة منذ سقوط الخلافة العباسية وشارك مع الخلافة العثمانية في حماية البيضة.
25-والمصلحة الغربية الأولى تحققت باتفاقية منتجع داود أعني إلغاء دور مصر العربي والثانية هي المطلوب من الانقلاب الذي جاء بالسيسي ليحققه أي إلغاء دورها الإسلامي: لذلك فمصلحة الغرب لن تُمس ما لم تُعلن الثورة أن غايتها استعادة هذين الدورين وأن تعمل على تهديد مسعى إلغائهما ومن ثم بيان أن الثورة ليست قطرية بل قومية وإسلامية في آن.
26-فكيف يهدد الإلغاءان؟ الأمر يسير: إذا اقتنع الغرب أن الثورة المصرية لم تعد قطرية يطلب الثوار فيها أخذ الحكم بالشروط الحالية بل هي تهدف إلى إلغاء الجغرافيا والتاريخ اللذين فرضهما الاستعمار فإن قواعد اللعبة ستتغير والمستعمر سيخاف من خسران كل شيء.
27-وإذا خاف الغرب فكر. وإذا فكر بحث عن حلول. وإذا بحث عن حلول سيرضى بأقلها كلفة : محاولة تأجيل هاتين الغايتين بالتخلي عن السيسي والهدنة مع الثورة ليغرقها في الحكم القطري التابع حتما في شروط الحماية والرعاية.
28-وإذا كان للثورة قيادات ذات دهاء وحكمة فهي ستضع خطة بعيدة المدى لتحقيق الغايتين اللتين باتتا واضحتين ومحددتين لطبيعة العلاقة بالغرب وتقبل مع ذلك بالمهادنة حتى توفر الشروط الموضوعية للدورين العربي والإسلامي من خلال المشاركة في إنجاح الثورة في كل الأقطار العربية.
29-ويكفي أن ينظروا في ما تحقق في تركيا وماليزيا واندونيسيا. فإذا استردت مصر عافيتها مع المحافظة على دورها القيادي عربيا وإسلاميا وعدم الانطواء على القطرية فإن تحقيق شروط القوة المادية والروحية يصبح أيسر ويكون الاستئناف في المتناول.
30-آخر نصيحة: فليتحرر الشباب المصري من تخريف من أقرأ لهم النبوءات والدعوات بانتفاخ ذاتوي يجعلهم يمجدون أنفسهم بدل استراتيجية الثورة. من جنس من يتكلم على صحة توقعاته أو من يطلب الترحم عليه عندما يتبين للناس صحتها. فهذا لا يقدم ولا يؤخر بل هو ينوم الشعب ولا يذكي وهج الثورة.
31-لكأن مفكري الثورة مثل مفكري الثورة المضادة: الانتفاخ الذاتي والعقلية الخرافية. فالدعوات والابتهالات واللعب على الكلمات ليست فكرا ثوريـا بل هي من مهازل الزعامات التي تعطل الفعل الثوري وتهدد الشعوب لتبقى توابع للنخب أيا كانت توجهاتها.
32-لماذا يخاف الغرب من هذين الدورين إذا عادا لمصر أو لأي قطر عربي يضاهيها وزنا بشريا أو يفوقها قدرات مادية ورمزية بعد أن تخلت مصر على كل ما كان لها من ريادة بسبب آثار الحكم العسكري الذي أفسد كل شيء فيها (مثل السعودية) ؟ الاستعمار يخاف من ذلك لعلتين.
33-لأن الدور الثاني يرجع للمسلمين الطموح المتجاوز للتاريخ الذي فرضه عملاء الاستعمار حتى يحولوا دون شروط القوة الروحية التي تمكن العرب من قيادة الأمة فيصبح المسلمون قطبا دوليا.
34-ولهذه العلة استعمل السيسي الحجة التي الغرب مقتنع بخطرها لعدم نسيانه دور الأمة في القرون الخوالي إلى حدود العصر الكلاسيسكي (السابع عشر): حجة أن مرسي كان يريد استعادة الخلافة. هم يعلمون أن ذلك بعيد لكنه مخيف لمن يذكر التاريخ منهم.
35-وهم يعلمون أن الثورة إذا أعلنت بأن ذلك هو برنامجها وأنه هدفها الاستراتيجي فسيحاولون أجهاضها ليس بالسيسي أو بشار أو حفتر بل بإغراقها في سياسة دول منهكة ومنحلة تلهيهم عن المشروع الثوري الحقيقي الذي يمكن من استرداد شروط الدور المستحق.
36-لذلك فخوفي لا يتعلق بنجاح الثورة أو بنهاية الأنظمة الحالية. فذلك أمر آت لا ريب فيه بل خوفي من أجهاضها بنجاح زائف ترد معاركه إلى تفاهة اقتسام السلطة في دول عاجزة وتابعة حماية ورعاية.
37-فنفس الخطة طبقها الاستعمار لإجهاض حروب التحرير: أعطى للعملاء استـقلالا زائفا ليستبعد الثوار بهذا الوهم وأسس للاستعمار غير المباشر من خلال دول قطرية عاجزة وتابعة في الحماية والرعاية.
38-وسأكتفي بمثال المغرب العربي: كانت المقاومة إسلامية وكانت تطلب التحرير والتوحيد فخاف الاستعمار وفضل عملاء أفشلوا التوحيد ورضوا باستقلال زائف كان منطلق التبعية البنيوية التي نراها اليوم في تونس مثلا : 80 في المائة من اقتصادها تابع لأوروبا التي تخضعها يوميا للابتزاز حتى تصبح مجرد حرس حدود ضد الهجرة غير الشرعية وساحة لراحة عجائزها تحت مسمى السياحة.
39-وهو استقلال زائف لعلتين: فالأقطار ليست إلا قطعا من جغرافية الأمة قدت بصورة تجعلها عاجزة عن أداء وظائف الدولة ذات السيادة ومن ثم تكون فيه تابعة بالجوهر وأصبح وجودها مشروطا بحربها على سر قوتها المادية (وحدة الجغرافيا) والروحية (وحدة التاريخ) واصل الوحدتين أي المرجعية الإسلامية.
40-فالأقطار التابعة ليست إلا أداة الاستعمار غير المباشر الذي فرنس المغرب العربي بهذه الأنظمة أكثر مما فعل هو ذاته فازددنا تبعية وضعفا وفقرا. فرنس اللغة والثقافة وأسس لتبعية بنيوية في الحكم والتربية والثقافة والاقتصاد ويسعى الآن إلى محو آثار المرجعية الإسلامية بدعوى التحديث الذي تحول إلى تشويه لقيم الأصالة والحداثة في آن.
مآل الثورة المصرية – حق الشعب في مقاومة ارهاب الحكم المغتصب – أبو يعرب المرزوقي