لعل الذكرى تنفع المؤمنين من أولي العزم والحزم

****،

بعد يوم من وفاة المرحوم السبسي كتبت فصلا بينت فيه أن كل الاتفاقيات التي حصلت بين الشيخ والشاهد سقطت وأنه على النهضة ومن ينتسبون إلى الثورة من سواها ان يعلموا أن الجميع قد أصبح -نعم الجميع- يعتبرها عدوا بالفعل مثل ما كان يفعل ابن علي.

بل وأكثر لأنه كان يخاف خطرا متوقعا وبالقوة وليس واقعا وبالفعل وهم يخافون خطرا واقعا بالفعل بمقتضى أحكام الصندوق التي تكررت. فكلهم كانوا فيها من جماعة صفر فاصل في الانتخابات الستة التي جرت:
• 3 نيابية
• 2 رئاسية
• و1 محلية.

لذلك دعوت قياداتها إلى الاستعداد لمعركة ستكون طاحنة خاصة وقد كنت أعلم بحدس اثبتت الأحداث صدقه أن فرنسا وإيران وإسرائيل اجمعوا على خطة للقضاء عليها وبتمويل إماراتي وسعودي وأنهم اختاروا من سيكون حصان طروادة للمهمة وتلك علة كل ما كتبته في سعيد.

والغريب أنه ما يزال يوجد من يعاند فيعتقد أني ظلمته وأنه علي أن أقدم الدليل على ما أقول فيه لكأنه لم يقدم هو وجماعته الأدلة القولية والفعلية التي تغنيني عن تقديم الدليل لأني لست رئيس الاستعلامات الحامية لأمن البلاد فيطلب مني الأدلة المادية لإسناد التحليل المنطقي والاستراتيجي لما يجري امام الجميع إلا عديم البصيرة.

وما أعنيه بالذكرى التي قد تنفع المؤمنين هو ما ألاحظه من وهم الانتصار في ليلة الحوار-المساءلة.
فكل ما يقال عن انتصار لعدم مرور اللائحة تخدير ذاتي قد يجعل اصحابه يدهسهم القطار الثاني لانشغالهم بالقطار الاول.

من يتوهم أن الأمر قد حسم فهو غر ولا يفهم ما يجري وخاصة جسامة الرهان المحلي والإقليمي وحتى الدولي. فالمعركة ليست محلية بل هي معركة اقليمية ودولية ومن يستصغرها لا حظ له في مساعدة الوطن للخروج من المأزق.

فما حصل في ليبيا هو الذي سيزيد من اصرار مشروع سعيد وجماعته حتى وإن بدا وكأنه يميل للمصالحة مع رئيس المجلس. ذلك أن من خصائص الباطنية التقية.
فهذا من جنس الانحناء للعاصفة حتى تأتي الأوامر من أصحاب الخطة أي من فرنسا وإيران وإسرائيل بتمويل إماراتي سعودي للإطاحة بالتجربة التونسية.

فلا يمكن لفرنسا أن تقبل بالهزيمة في تونس بعد الهزيمة في ليبيا لأن ذلك يعني الهزيمة في الجزائر ثم الخروج من افريقيا كلها. وهو يعني عودة فرنسا إلى حجمها الطبيعي الذي يجعلها قوة متوسطة وهي بروح الديك الفرنسي تتوهم نفسها كما كانت قبل الحرب العالمية امبراطورية عالمية.

فخروجها من افريقيا يعيدها إلى حجم لا يبعد كثيرا عن ايطاليا وبعيدا جدا عن حجم ألمانيا. وهي إذن معركة وجودية بالنسبة إليها وخاصة بعد الخسائر التي ستترتب على كورونا وما غرقت فيه من ديون تجاوز الدخل القومي الخام بعشره.

كما أن الملالي والقاعدين المخلفين من أعراب الإمارات والسعودية لا يمكن ان يقبلوا بنجاح الثورة حتى في بلد قصي بالقياس إليهم خاصة وشعباهما بدآ يتململان بسبب ما حل بهم من نكد بعد ما فرضه عليهم ترومب من جزية وما سببه انهيار البترول. فلم يبق للحكام امكانية المكرمات التي تسكت الأصوات.

إذا بقي الثوار عامة والإسلاميون خاصة يكذبون على أنفسهم فيدعون أن الثورة المضادة هزمت في المجلس فهم واهمون.
ويمكن أن يكون ما حصل هو بداية الحسم لصالح أعداء الثورة إذا توهموا أن سعيد تخلى عن مشروعه أو له خيار التخلي إذا كان قد قرره.

فهل رأيتموه غير شيئا من خطابه؟
أو تنصل من أزلامه؟
أو عدل تشكيلة ديوانه؟
الا يسمع أن المنادين باعتصام 14 جوان يعتبرونه قائدهم هل صرح بأنه ضدهم؟
هل يمكن أن تكون مطالبهم عين مطالبه التي أعلن عنها قبل مشروع الانقلاب وهو لم يعلن التخلي عما سبق في تصريحاته مجرد صدفة؟

إذا حصل شيء من ذلك أكون قد ظلمته.
لكن لا شيء من ذلك حصل: فما الذي ينيمكم ويخدركم؟
هل تنتظرون أن تلدغوا من نفس الجحر ثانية؟
رأيي أن من يستهين بمن استغفله مرة أولى ليس حكيما حتى وإن “نفخ” فيه مدح المغفلين.

آمل أن أكون مخطئا. لكني اعتقد أن ما يشبه الانتشاء في صف الثورة من أخطر ما يمكن أن يتهددها لأن المعركة إذا وصلت إلى الشارع فقد يسيل الدم. لا تنسوا أنهم قدروا عدد من يمكن أن يضحوا به وأعلنوه صراحة في اعتصار الرز.

وإذا سال الدم فقد تنجح المافيات فتقنع الشعب بأن الأمر يقتضي “فسخ وعاود” يعني الشروع في اسقاط دولة الحرية والكرامة بمساعدة التدخل الفرنسي والإيراني والإسرائيلي والتمويل البعراني في إيقاع تونس في ما أوقعوا فيه ليبيا لا قدر الله.

وطبعا لست أنا من يحدد الإجراءات الواجبة. فلا أدعي الزعامة في قيادة الشعوب لحماية أمنها وسيادتها. ما أعلمه هو أن الاستهانة بأعراض الفوضى هو البداية الفعلية لحصولها.
وإذا حصلت فيعسر إيقافها.
فحذار ثم حذار ثم حذار من رقص الفرح قبل الحسم مع علة الأعراض.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي