كيف يخرج العرب من الحرب الأهلية؟

1-من منا لا يتساءل: كيف يحكم بلاد العرب التي تدعي الثورة من يحكمها؟ مصر السيسي وسوريا الأسد والجزائر بوتفليقة وتونس السبسي واليمن صالح وليبيا حفتر؟
2-ومن منا لا يسأل: كيف تتفشى فيها مليشيات إيران العربية وجمعيات إسرائيل الحقوقية وصحافة التسيير عن بعد الاستعمارية وثقافة التهديم الذاتي الاستهلاكية؟
3-فـما السرطان أو الإيدس الذي يحاول تعطيل المناعة الذاتية لكيان الأمة كيانها المقاوم للانحطاطين الذاتي والمستورد منذ قرنين والذي بزغ فجره من جديد بفضل الثورة؟
4-هل لا بد من المرور بمرحلة فوضى وحرب أهلية قد تكون الشرط الضروري والكافي لـ”لحجامة” التي تزيل الدم الفاسد أعني عين هذه الإيدس المتفشي؟
5-كيف نجعل الغليان الجاري على أرض الأمة من العراق إلى موريتانيا انتفاضة الانبعاث بدلا من أن يكون كما يريده الأعداء رعدة احتضار أخيرة؟
6-ذلك ما سأحاول البحث في طرق تحقيقه الاستراتيجية بعد أن عبرالشباب بجنسيه على المطلبين اللذين يعنيان أن الأمريتعلق بالانبعاث والاستئناف.
7-شرعت قبل الثورة في تبين علامات الانبعاث والاستئناف وجاء البعض من ذلك في مقالي “سياسة تجفيف المنابع” (2004) وكتابـي حول المقاومة (2009) قبل أن يصبح الحديث مطابقا للحدث كما هو الآن.
8-ومعنى ذلك أن الحرب الأهلية العربية التي توقعتها منذ السبعينات (كتاب الاجتماع النظري الخلدوني) شرطا للتوحيد الفعلي بمؤثر ذاتي مع مؤثر عرضي يرد على تحديات الماضي والمستقبل في آن.
9-ويمكن أن نرمز لتحديات الماضي بإيران ومليشياتها العربية: فهذه بقايا ماض لم يحسم الحسم الواجب من الفتنة إلى مخلفات الباطنية والصليبية.
10-كما يمكن أن نرمز لتحديات المستقبل بإسرائيل ومليشياتها العربية: فهذه تباشير المستقبل الذي يريد الغرب منعه بإلهائنا عن شروط الاستئناف.
11-لكن الرمزين من المحفزات العرضية والسلبية. أما المحفز الجوهري والإيجابي فهو الزخم الروحي والحضاري للأمة التي تنبعث لتستأنف دورها الكوني.
12-ولهذا المحفز الجوهري والإيجابي رمزان كذلك: أولهما هو ثورة الشباب بجنسيه بشعار الحرية والكرامة وبدلالة روحية هي ما يعبر عنه الشعار الأساس: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر فهما مطابقا للدلالة القرآنية لمعنى القضاء والقدر دلالته المتخلصة من فهمه المنحط.
13-والرمز الثاني: ثورة بلد الحرمين بمعنيين: فهي تمثل التصدي لتمدد عائق الماضي (ضد إيران ومليشياتها) والتخلي عن معاداة بناة المستقبل (ثورة الشباب) بتأييد الشادين إليه من الثورة المضادة.
14-ونحن لا نطلب من بلد الحرمين أكثر من ذلك حتى لا نحمله ما لا يستطيع: يكفي أن يتصدى لإيران وعملائها. والشباب بثورته كفيل بإسرائيل وعملائها من الطغاة الحاكمين بالاستبداد والفساد في جل البلاد.
15-فإيران وعملاؤها يمثلون أثر الانحطاط الذاتي (عدم حسم الفتنة الكبرى وما ترتبت عليها) وإسرائيل وعملاؤها يمثلون الانحطاط المستورد وما ترتبت عليه من سلطان النخب العملية: عائفقان.
16-عدم انحياز بلد الحرمين للثورة المضادة وتصديها لمخلفات الماضي كافيان. لا نطلب منها الانحياز للثورة لأنها تخليها عن الثورة المضادة كاف لمساعدة الثورة وإنجاحها.
17-ونجاح الثورة لا يمثل أدنى خطر على بلد الحرمين بخلاف ما يتوهم الكثير: ذلك أن من يجعل القرآن دستوره لا يمكن أن يكون التحرر من الاستبداد والفساد خطرا عليه بل هو يزيده شرعية.
18-فالتحرر من الاستبداد والفساد قد يكون خطرا ليس على الحكم الرشيد بل على تحريفه فتكون الثورة حينها مساعدة على الإصلاح مفيدة لتحقيق شروط الشرعية لا خطرا.
19-والتصدي لرمز الانحطاط الذاتي أي الفتنة الكبرى وبقايا الباطنية والصليبية يقتضي مساندة المجاهدين في كل دار الإسلام: وهم كفيلون بالحسم وهزيمة إيران ومليشياتها.
20-وعدم مساندة الثورة المضادة ضد الثورة يجعل الشباب بجنسيه في أقطارها قادرين على هزيمة إسرائيل وعملائها الحائلين دون حرية العرب وكرامتهم.
21-مخلص المعادلة: بالتصدي لإيران يسقط الأسد والحوثي والعبادي. وبعدم مساندة الثورة المضادة يسقط السيسي وحفتر والسبسي فنتغلب على الانحطاطين ويتحقق الاستئناف.
22-سيعترض الكثير: داعش تهدد الأنظمة العربية أكثر مما تهدد إيران ومليشياتها. وهذا صحيح في الظاهر. ينبغي أن نميز بين المنتسبين إلى المقاومة ومخترقيها: فالشباب المتطوع لا يؤمن بما يؤمن به مشوهو المقاومة من المخترقين لها.
23-ولنسأل أنفسنا: ماذا فعلنا لكي نحول دون الاختراق ليس في المقاومة فحسب بل وفي مجتمعاتنا؟ أليست المليشيات- بل والأنظمة- التي تحارب مع إيران بالقلم والسيف اختراقا ؟
24-أليست المليشيات التي تحارب مع إسرائيل بالقلم والسيف بل والأنظمة -مثل السيسي-اختراقا لمجتمعاتنا أخطر لأنها هي التي تخترق المقاومة؟
25-وهذان النوعان من الاختراق ترجمة فعلية لأثر الانحطاطين: أولهما يفسد الجهاد بمخترقي المقاومة والثاني يفسد الاجتهاد بمخترقي الثورة. ذلك هو مصدر تحريف أساسي الحضارة العربية الإسلامية: الجهاد والاجتهاد.
26-لذلك تكلمت على الانحطاطين: نحن نعاني مما ورثناه من انحطاطنا باسم ثارات الماضي ومما روثناه من انحطاط الاستعمار باسم مكتسبات الحداثة.
27-فإذا تصدى شباب بلد الحرمين قيادة وشعبا لما ورثناه من انحطاط الماضي وتصدى شباب بقية العرب لما روثناه من انحطاط الاستعمار اكتملت الثورة فتحقق الاستئناف.
28-وهنا لا بد من إشارة اعتبرها مطمئنة: ما حصل في عهد الملك الراحل لم يكن انحيازا نهائيا للثورة المضادة بل كان نهاية التحررمن مآزق 11-9.
29-فكون 11-9 قام به سعوديون جعل المملكة في مأزق كان يمكن لو لم يحسن نظامها المناورة أن تكون ضحية حرب أمريكية تأتي على الأخضر واليابس. ومن ثم فمجرد تجنب ذلك يعد من السداد والدهاء الذي لا يقدره إلا من كان يرى حال الرأي العام الأمريكي حينها إزاء كل ما هو إسلامي وخاصة السعودية.
30-وكنت متفهما لضرورة هذه المناورة التي تبعد الوحش المجروح على بلد الحرمين ما أمكن.والحمد لله. اقتنعت أمريكا بعجزها عن هزيمة المسلمين. ولولا تفهمي ما قبلت الدعوة للجنادرية. ومما أسعدني وطمأنني حقا على سلامة شعوبنا وثقتها في المستقبل أني لما وقفت ضد أعداء الثورة في الندوة جاءتني سيدتان كريمتان منقبتان -لا أعلم من هما-فشكرتاني واعتبرتا ذلك موقف يمثل شباب الحرمين.
31-لكن بعد هزائم أمريكا في مغامراتها للثأر من 11-9- وامتناع استئناف الحرب على المسلمين إلا بالدعاية والمناورات التي توظف إيران وإسرائيل بات بوسع بلد الحرمين أن يستأنف دوره دون خوف ولا وجل: واعتقد أنه اليوم قادر على ما يتصدى له بل وبوسعه أن يستأنف عمله الخيري والدعوي.
32-لماذا هذه التعريجة: لئلا يستغل أعداء الأمة قطيعة مظنونة بين العهدين فيدخلوا الأسرة الحاكمة في صراع ليس في صالح الأمة: فالملك الراحل أتم بدهاء مهمة المناورة لمنع الوحش المجروح والملك الحالي يستأنف بذكاء مرحلة البناء.
33-ذلك أني واثق من أن الأعداء ينوون دق كل ما يمكن من الأسافين في الأسرة الحاكمة حتى يعطلوا بداية البناء بمقتضى الدور العربي والإسلامي الذي هو ليس خيارا بل هو عين طبيعة الرسالة التي في عنق قيادة بلد الحرمين لأنها قيادة بلد الحرمين.
34-ولست بهذا التأويل مجانبا للحقيقة: فلا أشك لحظة واحدة في أن الملك عبد الله كان مضطرا للمناورة وأنها قد برع فيها وأن الملك سلمان يعلم ذلك ويستثمر نتائجها أحسن استثمار.
35-والنتائج عظيمة بنوعيها: فأولا تحقق تشبيب القيادة وثانيا تم استئناف الدور. فصارت الشرعية مضاعفة بل هي تضاهي شرعية المؤسس وتتجاوزها للغاية منها: توحيد العرب من أجل الأمة خدمة للحرمين ومطابقة فعلية بين وصف الملك وحقيقته : خادم الحرمين.


كيف يخرج العرب من الحرب الأهلية؟ – أبو يعرب المرزوقي

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي