كيسنجر، ماذا تعني شهادته؟

لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله

تكفيني شهادة كيسنجر إذ قال “سيذهب العرب هباء” ثم يأتي دور إيران وروسيا لأعلم حقيقة دورهما ودور ميليشياتهما فيما يجري في الإقليم وأهدافه.

لكن الشهادة لها فائدة أخرى أعمق يؤيدها تاريخ الإقليم منذ نزول الإسلام إلى اليوم. وهي حقيقة تصح على السنة عربهم وأتراكهم وكردهم وحتى فرسهم.

فمذ نزول القرآن كان هدف الحرب التي خاضها متوحشو العصر إما لانحطاطهم (الامبراطورتين اللتين غلبهما المسلمون) أو لتوحشهم الأصلي (المغول والصليبيون).

ومنذئذ كان من يساعد أعداء الإسلام -من خارج الإقليم- بقايا الامبراطوريتين (فارس وبيزنطة) كما هم الآن يفعلون، فمن أجّلهم كيسنجر هم نفس الأدوات.

فتكون شهادته مفيدة لأمرين:

–   لابد أن نهزم سنة الإقليم لاحتلاله

–   ولا نستطيع هزيمتهم وحدنا بل لا بد لنا من جرافات منه ومن حوله: هم أعداؤه القدامى

والغاية ليست أمريكية إذ المتكلم صهيوني.

فيكون كلامه دالا على حقيقة أعمق: لا يمكن لإسرائيل أن تسترد امبراطورية داود من دون إلغاء سنة الإقليم.

فيكون كلامه دالا على أن إيران وإسرائيل وروسيا وكل ميليشياتهم الشيعية والقومية حلفاء مؤقتا للقضاء على سنة الإقليم وغالبيتهم عرب وأتراك.

وإذن فالمستهدف حاليا هم مؤسسو دولة الإسلام إلى حدود سقوط الخلافة العربية ولو رمزيا وحافظوها منذئذ إلى بداية القرن العشرين الخلافة العثمانية.

وهذا ما نراه يجري بالفعل وعلامته التي لا تكذب تحريض العرب على الأتراك وحربهم على أردوغان وعلى أمير قطر فهما الوحيدان الممثلان للصمود حاليا.

لكنهما لا يمثلان الصمود بوصفهما فردين بدليل أن شعبيهما هما اللذان منعا الانقلابين: فشل الانقلابين علته صمود شعبين وزعيمين مخلصين للأمة.

على الأقل وبصرف النظر عن رأيي الشخصي، هذا ما يعبر عنه صهاينة اسرائيل وخاصة صهاينة العرب وأدعياء القومية والليبرالية من مليشيات القلم العربية.

احتلوا بغداد ودمشق أي عاصمتي دولة الإسلام الوسطيين ويسعون للإطاحة بعاصمتيها الأولى والأخيرة: ولعل إسرائيل قد تقدمت في الأولى وتهاجم الأخيرة.

وسبق أن بينت هندسيا ان ملتقى خطي العواصم الأربعة الذي هو البادية العراقية السورية هو الذي يمثل بؤرة الحرب الحاسمة وهي جارية حتما وسننتصر.

عطلوا الحسم بجرثومة داعش التي بين طبيعتها أحد محللي مليشيات إيران كما سمعته بنفسي وقد كان وزير إعلام لبناني وهو أكثر من رأيت كذبا وتدجيلا.

خطتهم ضرب مقاومة الشعب السوري للاستبداد والفساد بمساعدة داعش وأخواتها ثم بعد ذلك إقناع العالم بأن النظام يحارب الإرهاب فيربح منه مرتين.

وهو ما حصل لسوء الحظ ولتواطؤ الأنظمة التي ارتمت في أحضان إسرائيل: فهم يخشون ثورة الحرية والكرامة أكثر من أي خطر آخر يهدد كراسيهم.

فانتهوا إلى تصنيف كل الحركات الإسلامية السنية التي تقاوم الاستبداد والفساد وتحرر الإسلام من تحريفاتهم في خانة الإرهاب الذي لا يمثله غيرهم.

فالإرهاب بالجوهر هو أداة الباطنية منذ نشأتها وهو الآن المبرر الوحيد الذي تستعمله أنظمة الاستبداد والفساد لإخافة الشعوب وإطالة عمر انظمتهم.

ولم يجد الغرب -بلسان كيسنجر- لتحقيق المشروع الذي وصفت أفضل من جرثومة أمراء الحرب لإفساد ثورة الحرية والكرامة قارب نجاة عرب الإقليم وأتراكه.

وعندما صدقت أن سلمان كان يمكن أن يكون فيصلا جديدا قدمت نصائح من أجل حلف صريح بين عاصمتي الخلافة الأولى والأخيرة.

لكن كلامي كان صيحة في واد.

ولفرط أملي في ذلك نصحت بأمرين: أولا أن يحرر الدولة من عبء الأمراء فأكثر من نصف ثروتها ذاهب إلى نزواتهم ككل بلاد العرب وهو علة الفساد.

وطبعا ليس المطلوب ما فعل محمد علي بالمماليك بل اقترحت حلا انسانيا:

مورد رزق شرعي بوصفه حقا لكل سعودي بحسب مؤهلاتهم.

مع جعل الملكية دستورية وهي بذلك ستكون أكثر ضمانا لبقائها إذ ستكون من جنس ملكية بريطانيا أو ما يقرب منها نظرا لاختلاف الثقافتين المعلوم.

ولا زلت مقتنعا أن أنظمة الخليج كلها إذا لم تبادر لمثل هذا الحل فمآلها مآل الملكيات العربية الأخرى ربما بانقلابات عسكرية وديماغوجيا ثورية.

أعني أن ما حصل في مصر والعراق وسوريا وتونس واليمن لن يتوقف بل سيمتد للأنظمة الخليجية إذا لم تصلح نفسها قبل فوات الأوان. وهو ما أخشاه.

فما يجري حاليا هو تقوية الجيوش الخليجية.

والجيوش إذا قويت وهي منظومة تراتبية قادرة على التغيير العنيف. فنضيع نصف قرن آخر من الديماغوجيا الثورية.

ولينتبهوا فالأعداء لن يحموا أحدا من ذلك بل هم سيشجعون بعض الطموحين من القيادات العسكرية بمثل هذه الانقلابات كما حدث في بلاد العرب سابقا.

وما توقعته بدأ يحصل في الخليج: فقد جعلوا مخابرات أقطار الخليج خادمة للغرب كل واحد منها ليبرئ نفسه يتهم جاره ويمد الأعداء بالمعلومات عنه.

وآمل ألا تقع قطر في نفس الخطأ الذي أراه سائدا عند الرابوع الغبي الذي بات يقدم للأعداء أكثر مما يطلبون لتشويه قطر وتركيا وحماس والربيع.

وسأختم بما يشبه الملحة: يبدو أن زوجة ترومب ذكرت أنه ضرط في لقاء الخمسين. فباع ضرطه بنصف تريليون. ولا عجب لأن جل حكام العرب مثله أو أكثر.

فهم يعطوا للشعوب ضرطاتهم مقابل كل ثرواتها التي يبذرونها في نزواتهم ويدخرونها في حساباتهم التي فتحوها في بنوك سرقات ثروة الفقراء في الغرب.

فإذا كان طالح اليمن الذي جوع شعبه يملك ستين مليار دولار فإن الكثير من أغنياء الخليج دون عمل وإبداع مثله أو أكثر ولا يعطون للشعوب إلا ضراطهم.

وثورة الحرية والكرامة جعلت ضراطهم حقيقيا وليس مجرد استعارة استعملها: لذلك فإنهم قدموا الجزية للضراط ترومب عله بضراطه يحميهم من شعوبهم.

والأولى بهم أن يعودوا إلى الجادة قبل فوات الأوان: لو صرفوا مال قارون لن ينجيهم لا ناتنياهو ولا ضراط ترومب

الحل الوحيد تحقيق الحرية والكرامة.

شباب الأمة استيقظ ولن يعود إلى النوم ثانية:

لو اتحد العالم كله لإيقاف ثورة الشباب العربي والتركي وسنة الإقليم لن يوقف استئناف الامة دورها.

الكتيب

وثيقة النص المحمول ورابط تحميلها

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي