كفاني الله شر الخصام، فأفاضل الشعب سيتصدون لخطط اللئام


ظن الكثير من القراء في بداية المعركة مع ما سميته مشروع “لبننة” تونس أن لي خصومة شخصية مع من وظفوه من النخب لتحقيقه لأنهم شخصوا الأمر وذهب البعض إلى حد اعتبار الأمر وكأنه معركة شخصية لابي يعرب.

وقد ذهب البعض إلى أن الامر يعود إلى تنافس سياسي بين أبي يعرب وقيس سعيد وغيرة من نجاحه.
وينسون أني طلقت السياسة طواعية لأعود إلى عملي بعد تأكدي أن الثورة تكون فاقدة لمعناها إذا خلت من فكر يصلها بفكر الأمة.

ولو كنت مغرما بالسياسة لما غادرتها ولبقيت على الأقل طيلة حكم الترويكا.
لكني رأيت أن فهم تاريخ الأمة وفلسفتها الدينية والتاريخية أهم بكثير من ممارسة السياسة بمعنى أني فهمت بدارا ما فهمه ابن خلدون الذي بلغ في السياسة ثمالتها.

اعتبر البعض الأمر وكأنه مجرد ظاهرة نفسية متغافلين عن الوقائع التي كانت تجري أمام أبصار من أفقدهم هذا التشخيص الأهوج البصائر إلى أن بدأت تتجلى الوقائع فأزالت بالتدريج السحر عن أعين أغلب من كانوا يتهمون محاولة فهم اللغز “تفلفس” علته “إيرانوفوبيا” يعاني منها أبو يعرب.

ولا بد أن اعترف أن المشككين في فرضياتي لحل لغز نجاح سعيد المنافي للمنطق السياسي عامة لهم بعض الحق. فمحاولتي كانت مبنية على فرضيات تبدو خالية من القرائن الدالة على رجحانها.

لكن سرعان ما بدأت القرائن المادية تتوالى بصورة متواترة في المائة يوم الأولى بعد تنصيب الرئيس وخروج مشروعه بالأقوال والافعال إلى العلن على النحو التالي الذي جعله هو ومن معه يصبحون المصدر الأساسي للأدلة المادية على صحة فرضيتي:

1-خطاب لينين وأخ الرئيس الذي لا يحتاج لمزيد الشرح لأنه شديد الوضوح.

2-خطاب الرئيس الغامض حول موقفه من منجزات الثورة ودستورها.

3-سلوك الرئيس الواضح حول موقفه من منجزات الثورة ودستورها.

4-أزمة تشكيل الحكومة الأول وطريقة افشاله ثم الثاني وطريقة انجاحه.

5-هجوم مليشيات القلم بأصنافهم الخمسة علي والإيهام بأني أتكلم باسم حزب النهضة في حين أن النهضة لم يكن واردا فيها مثل هذه الأفكار حتى وإن بدأت قياداتها تستشعر الخطر الذي يمثله عليها مشروع سعيد.

وأظن ان البعض منها ما يزال غير مبال على الأقل ولعلهم يثقون بكونه إسلاميا مثلهم ولعل للمسألة دورا في صراع الاجنحة فيها إذ هي مخترقة بـ”نفس جامع بين بقايا الفكر الاخواني لديهم والتشيع” علته أدبيات سابقة أوهمتهم بأن الحلف ممكن بين الإسلاميين بصرف النظر عن تاريخ العلاقة بين السنة والشيعة:

*-المتشيعون
*-وخونة المرزوقي
*-ومرتزقة الاعلام في الداخل
*-ومرتزقة “الخبرة” في الخارج
*-وخاصة أبواق إيران في الاعلام التابع للثورة المضادة بصفيها التابع لإيران والتابع لإسرائيل.

وهذه العناصر تغنيني عن مواصلة المعركة وكأنها معركتي الشخصية كما بدت أول وهلة لأن اللاعبين فيها هم من صار يتكلم بدلا مني. لم أعد بحاجة لمواصلة الخصام.

فقد صار اصحاب المشروع خصوم أنفسهم لأن أقوالهم وأفعالهم صارت مكشوفة للشعب والمخلصين من نخبه. ولا شيء يقنع الشعوب بخطر الاستبداد والفساد إلا ما يرونه في من يمثلون أفاضل نخبهم والشعوب أدرى بمن هم.

فإذا استسلم الشعب للأمر الواقع فإن الأمر امره.
قلما يحدث ذلك في أمة رضعت أجياله آيات القرآن منذ طفولتهم. لا ادعي ولم أدع يوما أني وصي على أحد.

لكني واثق من أن النخب الصادقة لن تستسلم والشعب على دين الصادق من نخبه. وهي إذن لن تسمح بضياع جهاد أجيال لتحرير إرادة الشعب فتقبل بالنكوص ليس إلى ما كان قبل الثورة بل إلى ما هو أسوأ.

وهذا الأسوأ نراه بالعين المجردة في المشرق بدءا بلبنان ثم العراق ثم سوريا ثم اليمن وهم يريدون تحقيقه في المغرب بدأ بتونس ستليها الجزائر احياء لدولة الباطنية التي انطلقت منهما وارتحلت إلى مصر وحالفت الصليبية.

واخيرا فالمقارنة بين تونس ولبنان قاعدتين للغزو الباطني ليست بنت اليوم: فالدولة الباطنية عمت انطلاقا من تونس وفضلاتها بعد قضاء صلاح الدين عليها انتشرت في لبنان ومنها تم إنشاء الدولة الصفوية في إيران ثم منها تم غزو المشرق.

وإذن فبداية الدولة الباطنية الأبرز كانت من الجزائر وتونس وفضلات نهايتها استقرت في لبنان والشام وها هي تعود إلى تونس والجزائر بعملية عكسية أي إن الغاية عادت إلى البداية.

وإذا علم شباب تونس والجزائر هذه الحقائق التاريخية فهو سيحول دون تكرار نفس المآسي وسيوقف المد الباطني في دار الإسلام كلها وليس في الإقليم فحسب. وتلك هي مهمة الصادقين من نخب الأمة.

ولولا ذلك لأمكن للاستعمار الفرنسي ابتلاع المغرب الكبير. لكن أجدادنا صمدوا فأخرجوه صاغرا بجهادهم وإيمانهم.
فهل نحن دون أجدادنا قدرة على مواصلة الجهاد بوسائل لم تكن متوفرة لهم: فلنا إيمانهم والتمكن من أدوات مجاهدة الغرب بأدواته التي لم تعد حكرا عليه.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي