– استعماله الشرير وكيف نتحرر منه –
لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص
تمهيد
لما رأيت ما يتميز به فكر السنة من تجريد وصرامة في الصدق بالمقارنة مع التخريف وانفلات في الكذب الذي يغلب على “فكر” الشيعة اردت أن أميز بين نوعين من الخيال المبدع لضروب ادراك الحقيقة الدينية والمفسد لها بالباطل.
والفرق بين النوعين هو أن
- الأول يريد من الحقيقة الدينية أن تكون غاية أفعال الإنسان بتحصينه ضد الإخلاد إلى الأرض والخضوع لسلطان طبقة دينية لا أخلاق ولا خلاق لها.
- والثاني هو العكس تماما يجعل الدين وسيلة تدل على الإخلاد إلى الأرض والتمييز بين نوعين من البشر : طبقة دينية تستعبد الشعب باعتباره عامة وتحافظ على بقائه جاهلا حتى تتمكن من ماله وعرضه.
ولما يترجم ذلك سياسيا يتحول الدين إلى دلالته الماركسية : افيون الشعب لجعله يعيش في عالم من الخيال المريض والبكائيات التي تبعد عنه شروط التحرر من سلطان مستعبديه بحرب دائمة على المظلومية التي تخفي حقيقتها.
فحقيقة المظلومية الفعلية كان ينبغي أن تكون ضد هذا الاستعباد الذي هو في الحقيقة عين القول بشعب الله المختار للمراجع وعين الجوهيم لتوابعهم.
لكن فاعلية الرمز التي يستعملها هذا الشعب المختار المزعوم هي التي نريد فهمها للتحرر منها.
وما يقوم به التوظيف المرضي للسلطان الروحي عند الشيعة لا يكاد يتجاوز المسلمين في حين أن أصله الذي هو القول بالشعب المختار عند الصهاينة يشمل البشرية كلها.
يشتركان في الآليات ويتخلفان بمجال الفعل.
عند اليهود أشمل وهو يحاول ضم العالم الإسلامي إلى ما سيطر عليه من العالم الغربي.
وفي ذلك تعاون بينهما لا يغفل عنه إلا الأغبياء:
كلاهم يريد القضاء على الإسلام واسترداد امبراطورية متقدمة عليه :
امبراطورية فارس وامبراطورية إسرائيل بحرب نفسية رمزية وحضارية عسكرية.
عدم فهم الفكر السني لدور الخيال
لذلك طلبت من مدير صفحتي أن يقتطع فصلا من سابعة مقالات فلسفة السياسة بعنوان سر الأسرار للغرض التالي:
ما ضرر اهمال الرمز والمخيال في الدين الشعبي لدى السنة؟
وأهم علامات هذا الإهمال هو محاولة نصوص السنة العقدية محاولتها فرض الفهم المعرفي المجرد للعقائد على عامة الناس وقتل تعبيرات الخيال فيها.
ولعل ما ينتج عن ذلك من جفاف مقصور على المجردات من علل الصراع العجيب بين التطرفين الذي يجعل الفقيه والمتصوف في حرب دائمة مع نفاق المتصوف.
- فالمتصوف يدعي أنه يمثل الحقيقة ويتهم الفقيه بتمثيل الرسوم منافقا لئلا يقول الشريعة التي يقابلها بالحقيقة فيكون الخيال الصوفي هو الحقيقة.
- والفقيه يفسد الدين عندما يرده إلى الأحكام الشرعية فلا يبقي منه الا الرسوم الخارجية ويتهم كل ما يصحبها من خيالات ثري لدى المؤمن بالشركيات.
ولو صح كلامه لكان القرآن الكريم أكثر الأمور شركية لأنه مليء بما هو من شروط الإفادة بالأمثال وشرط التمثيل فيها هو أن يحضر الخيال لجعلها مؤثرة.
ولعل جفاف الإصلاح الذي يسمى وهابية بما يشبه نبز السنة علته أن واضعيه لم يدركوا أهمية حضور الخيال في الدين كما يتعين في الوجدان الشعبي.
ذلك أن استبعاد هذا الخيال في الوجدان الشعبي يشترط تكليف ما لا يستطاع:
تصور أن أحدا أراد أن يفرض على الإنسان العادي رؤية العالم بنظريات الفلك.
فحينها تكون قد افترضت أنه صار رياضيا في عقله ووضع على عينيه مجهرا ليرى لامتناهي الصغر وتليسكوبا ليرى لا متناهي الكبر وشديد البعد فيتخلص من الإدراك العفوي للعالم كما تدركه الحواس.
ومن يفرض عليه هذا الوضع يصبح خاوي الوجدان فلا يكون الإيمان لديه ذا لحم وشحم بل مجرد كلام لا يسمن ولا يغني من جوع روحي فيكون جلفي الإحساس.
نعم الخوف مشروع من شركيات المخيال المنفلت والقبوريات (التشيع والتصوف) المشوهين للعقائد بالتخريف الخاضع لمزايدات المرجعيات وأكاذيبهم المرضية.
لكن قتل الخيال وفرض التصورات النظرية على عامة الناس -مثال الفلك- ليس سليما كذلك وهو ربما أخطر من الأول إذ يلغي حياة المؤمن والرحمة من قلبه.
في الحضارة الغربية عوضوا الدين الذي تضاءل دوره بالخيال في مجال الإبداع الفني والعلمي. فزادوا في بربرية الإنسان ليهدم الطبيعة والإنسانية.
ضرورة تجاوز السنة للمشكل
وعلى السنة أن تكتشف الحل لهذين التحريفين اللذين افسدا دور الرموز والخيال في الحياة والوجدان.
ولا يوجد طريق أفضل من استيحاء اسلوب القرآن لتحريك الوجدان.
بذلك يمكن أن يستعيد الفكر السني أدوات الفعل الرمزية فلا يسمع للاميين أن يحولوا دون الإبداع الفني والجمالي خوفا على صفاء العقيدة كما يتوهمون.
فإذا لم يفعلوا فسيتواصل تصحير الأرواح ولا يبقى إلا الوعظ والإرشاد للدعاة الذين لم يعد لهم تأثير إلا في الأجيال السالفة والمستقبل للخالفة.
والخالفة إذا لم نتدارك أمرهم فإن التحريف المخيالي بمعناه الشيعي والغربي سيقضي على الروحانية في العالم كله لأنه يردها إلى الخداع الدائم.
لم يبق ما يستحق القول:
فالتعليل النظري ورد في النص المقتطف من المقالة السابعة في فلسفة السياسة الذي نشره مدير الصفحة اليوم.
فلتتدبره السنة.
عموم الظاهر في البيئة السنية
واهم من يعتقد أن هذا التصحر المخيالي المنافي لأسلوب القرآن الكريم مقصور على الفكر الديني السني.
لكن الفكر كله في البيئة السنية.
فالإبداع المزعوم نسخ باهتة من واقع سطحي.
ولنبدأ بالأدب الروائي.
إنه ترجمات ذاتية رديئة.
والسنما التي تترجمه دراميا نسخ سخيفة من المجون مع سرقات مفضوحة لمشاهد من السينما الغربي وهي إذن سحطي الواقع الذاتي والاجنبي.
ففي حضارة القرآن ابداع سماوي وفي حضارة بساط الريح ابداع سباق في العلم الخيالي تسقط لسخافات خرافة الشرقي المهوس بالجنس في أدب روائي مبتذل.
والجنس من حيث ابعاده الجامعة بين العضوي والجمالي هو جوهر الإنسان إذا كان بحق عبارة عن الوجدان وليس ثرثرات عاهرات وولدان.
لكنه يذل إذ يبتذل.
وما يتسفزني في سخافات الترجمات الذاتية هو الخلط بين الكلام على مواقف العار لتزكية الذات إيديولوجيا والوصف الفينومينولوجي لوجدان الثوار.
وإذا كان فكرنا الديني قد أصابه ادقاع لم يفهم قيمة “التوهم” عند المحاسبي فإن فكرنا الذي يسمي نفسه حداثيا وعلمانيا بأدبيات حانات لم يبلغ مستوى الخمريات.
لذلك فما يسمى بالفكر الحداثي العربي هو في الحقيقة فكر ديني سلبي.
ذلك أنهم لم يصلوا حتى لنقد ماركس إذ هو على الأقل يعتبر الدين صيحة صدق.
لكنهم هم لا صلة لهم بالصدق أصلا ورغم ما يزعمونه من علمانية فهم منافقون وتلك هي علة عدم تحرجهم من التحالف مع جوهر النفاق التقية الشيعية.
زيف الإبداع لدى الحداثيين
وحتى لا يساء فهمي:
فما أسعى إليه ليس ما وصفت في كلام على سر الأسرار.
فقصدي أن أبين أنه شر الاشرار.
ذلك أنه يفعل لعدم وجود ما يحرر منه.
وكما قال مارلو بونتي فلو كان ماكيفال يؤمن بما فضح لابقى على السر ولما فضحه.
إنما فضحه له كان بهدف بيان ما يخفى فيظن حكمة.
ذلك هو القصد.
فالخيال الذي يحرر من الغدر والخبث وتحويل كل فضائل الإنسان إلى أدوات غدر وحيل سلطان هو الخيال الذي يبدع مآثر خالدة تجعل المثل العليا جذابة.
وقدحاولت وصف بعض ذلك في كلامي على الملاحم التي تكشف عن أدواء الإنسان وما يسمو به إلى غاية الكيان فيكون عين المقدام فيقبل الرسالة رغم ثقلها.
لذلك كتبت “الشعر المطلق والإعجاز القرآني”.
فكل الأعمال الخالدة في تاريخ الإبداع الإنساني تتفوق حتى على العلوم في الغوص إلى أسرار الوجود.
ومهما سرقوا ولفقوا فإنهم لم يصلوا إلى كعب بديع الزمان الهمذاني الذي أدرك بما يشبه المشاهد سرالتعبير بها في الأسلوب القرآني والغوص الوجداني.
نسخ باهتة مسروقة عن الأدب الفرنسي والإنجليزي وترجمات الأدب الناطق بالاسبانية ونادرا عن الأدب الألماني بلغة سقيمة عاجزة عن التسمية والتورية.
كم من روائي لا يتعدى زاده اللغوي زاد تلميذ ثانوية وكم من شاعرلا يتجاوز شعره ترديد صور بدائية مع تسمية نوع أو نوعين من الزهورلعله لم يرها قط.
فقر إدقاع صحراء جرداء.
إذا تجاوزت الكلام البذيء والعاميات السمجة والوصف المبتذل للمواقف الجنسية والإيديولوجية لا تجد فنا ولا هم يحزنون.
فالمسرح اليوناني مثلا -قمة الشعر- استعمل معينا لا ينضب في علم النفس (فرويد مثلا) وفي فلسفة التاريخ والدين (هيجل مثلا) ومثله الشعر الألماني.
هل تجد بين شعرائنا المحدثين غير التقليد الركيك لافكار التصوف والوجودية السطحية والحكم الشعبية ومحاولة نسبة المحسوسات إلى غير حواسها؟
يسمع بعينيه ويرى بأذنيه إلخ..
من طلب الإغراب الفج الذي ليس وراءه إلا الخواء الفكري والروحي.
ولما تقرأ شكسبير أو شلر أو جوته تسمو دون إغراب.
وتقرأ لشعراء عصرنا الكلاسيكي فتشعر أن روح العربية يسعى وأن أعماق الوجود العربي والإسلامي ينبض بالحيوية والفاعلية والإبداع.
لاحقيقة للإلغاز.
فمن يعرف أصولها يدرك أنه تلغز لأنها مستخرجة من سياقها دون فهم.
وهي من جنس أسرار بوليشينال:
يعلمها من يعلم من أي محل سرقت دون فهم لمدلولها.
وما لا أجد له فهما هو الوقاحة التي يتصورها صاحبها جرأة إبداعية فيتحدى كبار الشعراء والأدباء رافعا كتفيه نافخا أوداجه وقاذقا حتى القرآن.
وهكذا فاضت المزابل بأفسد ما تخمر فيها فصار كل شيء يعبر عن الرداءة في الاعلام والسياسة والأدب ما كثرة ألقاب العبقرية وأفعال التفضيل حتى لصاحب الكفتة.
ثم رويدا رويدا تكشف كل شيء فكانت الثورة هي الفاضحة:
تساقطت أوراق توتهم فإذا هم حفاة عراة خدم للمستبدين لا يؤمنون باي قيمة فنية أو خلقية.
نكتة من “مفكرات ومفكري” تونس الحداثية
وسأحكي لكم ما يشبه النكتة:
واحدة من زعيمات العلوم الإسلامية (السليني) تتهمني بدعشنة بيت الحكمة لأنها رأت فيها تمثالا للغزالي ظنا أني واضعه أو صاحب فكرته.
فنسبت إلي شرفا لم أدعه.
صحيح أني أعددت الماجيستار عن الغزالي.
لكن إذا بلغ بالفكر الحداثي أن يعتبر الغزالي داعشيا فنحن إذن قد تجاوزنا القاع سقوطا.
ولا أعجب فاستاذها قال ذات مرة إنه هو وأحدى طالباته أنهيا أسطورة ابن خلدون.
سألته كيف؟
قال بينا أنه سلفي.
لم يبق إلا أن ألوذ بـ”لا حول ولا قوة إلا بالله ».
وكان قبلها بسنين قال لي في القيروان هذه المرة وليس في الاسكندرية:
ابن رشد حمار.
لست معجبا بابن رشد.
أما أن يتهم بالبهامة فلا حول ولا قوة.
ولما سألت عن السبب كان الجواب لأنه ترجم تراجيديا بمديح.
طبعا هو لا يعلم أن المترجم ليس ابن رشد وهو لم يقرأ شرحه لكتاب الشعر بدليل جوابه.
فقلت له لا يمكن أن تكون قد قرأت الشرح.
فزعم أنه قرأه.
سألته كم شرح من بيت فيه؟
قال وهل شرح؟
قلت نعم شرح 101 بيتا من أروع شعر العرب لمقارنة الفنيات.
وأعملته أن “البهيم” ابن رشد ليس هو الذي قال التراجيديا هي المدح بل أرسطو نفسه في فاتحة الكتاب باعتبارها مدحا للفضائل دراميا أي بالافعال.
وأن أرسطو كذلك هو الذي قال إن الكوميديا أصلها الهجاء لأنها ذم للارذال بالافعال أي دراميا.
وأن المترجم العربي القديم ليس “بهيما” بل البهائم هم نقادوه الحداثيون.
وزبدة القول إن هذه الصفات الدعية هي السائدة بين أدعياء الحداثة ليس في الأدب فحسب بل وكذلك ما يزعم من النقد سواء للأدب أو للتراث:
صلف الاميين.
أقول لا حول ولا قوة إلا بالله لأن هذه المصائب لا شفاء منها.
فابن خلدون يفاخر بسلفيته وناقده يدعي أنه أثبت أنه سلفي ومن ثم أطاح به.
فلنعاقب الحضرمي.
والعقاب الذي اقترحه هو في آن جزاء للأستاذ وطالبته:
ساقترح على بلدية تونس إزالة تمثال ابن خلدون ووضع تمثالين متعانقين للاستاذ وطالبته رمزا لحميمية العلم.
والآن نحن في لحظة استرداد التماثيل في تونس لذلك فالمناسبة سانحة.
سنضع تمثالهما قبالة تمثال بورقيبة في رأس الشارع ونزيل تمثال الغزالي.
فلعل ذلك يرضي مادام السليني فتبرئني من دعشنة بيت الحكمة.
طبعا أمزح.
فليتني كان لي شرف تكريم الغزالي وإن كنت لا اعتبر التماثيل تكريما.
– استعماله الشرير وكيف نتحرر منه –
يرجى تثبيت الخطوط
عمر HSN Omar والجماح ياقوت AL-Gemah-Yaqwt أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ومتقن الرافدين فن Motken AL-Rafidain Art وأميري Amiri
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/