قمة الطراطير، أو ناتو الدمى العربية والأوروبية

ه

لا يمكن أن تمر مسخرة قمة الطراطير الأوروبية العربية في مصر تحت رئاسة دمية ناتنياهو من دون محاولة فهم لما عليه حال أوروبا التي صارت هي بدورها دمية المافية العالمية. فهي يوما بعد يوم تبين أنها في وضعية يرثى لها وأنها ليست أحسن حالا من العرب كما يبين لقاؤهم بإشراف أتعس نظام عربي تستبد به أغبى دمية تابعة بإطلاق لأعدى أعداء أوروبا لو كان طراطيرها واعين.
وأبدأ بقلب اوروبا وقوتها الرئيسية أي ألمانيا. هل يوجد عاقل يعرف تاريخ شعب يدعي أنه شعب الله المختار حقا وخاصة استراتيجية الصهيونية يمكن أن يتصور إسرائيل لا تخطط للانتقام منها بأشنع ما يكون الانتقام؟ وهل يمكن أن يقنعني أحد بأن سيطرة إسرائيل على الإقليم ليست مطلوبة لمدى بعيد بعد التحول إلى إمبراطورية لتشفي في الثأر؟
وهل يمكن تخيل إسرائيل ليست متواطئة مع التهديد الروسي ما يعني أن حيازة إسرائيل للسلطان على طاقة الخليج العربي والتحالف مع إيران وروسيا مع ما لهذه من سلطان على طاقة أوروبا كلها لكونها مستمدة منها لن يجعل أوروبا فاقدة لكل بديل ممكن فتصبح أكثر من الآن دمية بين فكي كماشة أمريكية في النهاية لأن الجامع بين فكيها هي المافية التي هي واحدة.
ذلك أن سلطان روسيا سيكون تابعا لإسرائيل نظير تبعية سلطان أمريكا في الإقليم فتكون إسرائيل سيدة الاقليم العربي والإقليم الاوروبي إذا ظل الأوروبيون يتصورون أن الخطر عليهم من المسلمين توهما بأن ما كان في القرون الوسطى سيعود في حين أن المسلمين مثلهم يتعرضون لنفس الخطر.
أما انجلترا فقد فهم قادتها أنها لم تعد قادرة على شيء عدى التأثير في بعض بدو الخليج. وهي قد فهمت قدرها فانفصلت إلى أوروبا لتصبح ولاية أمريكية لا غير. فبعض مستعمراتها السابقة صارت عماليق وهي اصبحت قزما بالقياس إليهم. ومع ذلك فبخروجها انتهى الحلم الأوروبي الذي سعى إليه ميتران ورئيس المانيا عندما قبلوا دخولها. بقيت فرنسا التي ما زال الحمق يسيطر على قادتها الذين من جنس دمى روتشيلد.
فهم يتصورون أن عملاءهم في افريقيا ما يزال ذوي مصداقية قد تمد في عمر استعمارهم لها وخاصة للمغرب العربي الامازيغي. ولما كانت القوة الأولى في الصليبيات فإنها ما تزال تحلم بدور في المسألة الشرقية حماية لبقايا عملاء الصليبيين من العرب الذين يتحالفون مع كل غاز مثل التشيع.
لكن ذلك لم يعد له تأثير لأن فرنسا لن تستطيع إعادة غزو الجزائر كما فعلت في الثلث الأول من القرن التاسع عشر وهي لا تملك القوة المادية لخوض حرب مع أي بلد عربي فضلا عن تركيا ومن ثم فعلى قادتها أن يعلموا أن عصر الاستعمار انتهى نهائيا وخاصة استعمار أي متر مربع من دار الإسلام.
وكما أسلفت سابقا في محاولات عدة فإن أوروبا إذا لم تعتبر نفسها جزءا من إقليم واسع يجمع ضفتي الابيض المتوسط فسيكون مآلها أفسد من مآلنا لأن لنا ما ليس لها من شروط البقاء المادية والروحية والديموغرافية وبخلاف ما هي عليه من حيث المساحة والديموغرافيا والثروات وما تتميز به لم يعد حكرا.
فإسرائيل مثلا لها من القوة النووية ومن السند الروسي (مافيات روسيا) والأمريكي (مافيات أمريكا والمسيحية الصهيونية) ما يجعلها قادرة على استعمار أوروبا إذا بقيت بمفردها كما تفعل معنا وأكثر فضلا عن الغول الذي ينتظر الإقليم كله أعني الصين التي ستصبح ملامسة لها بطريق الحرير وافريقيا.
اختياراها الحلف مع طراطير العرب بدل شعوب العرب والأمازيغ والاتراك والاكراد دليل حمق سياسي لن تستطيع تعويضه بما كانت تتصوره حكرا عليها أعني العلوم وتطبيقاتها لأن شعوبنا لم تعود الشعوب الجاهلة التي استطاعوا استعمارها في الماضي. وتركيا والعرب لم يبقوا الرجل المريض وسيمنعوا سايكس بيكو جديد مهما تحالفت إيران وإسرائيل وكل خونة العرب حتى لو اعتمدوا على روسيا وأمريكا.
صحيح أن الأنظمة مريضة لكن الثورة الحالية رغم تعثرها ستجعل كل شعوب الاقليم تلحق بتركيا فتتعافى والخير بدأ لأن الربيع سيستأنف في الجزائر وفي بقية أقطار الوطن العربي بعد أن فشلت الثورة المضادة فشلا ذريعا وبالذات حيث ظننتم انها ستنجح أي في سوريا والعراق ومصر والخليج وليبيا.
والنتيجة التي انتهي إليها هي أن قيادات أوروبا تبين أنها هي بدورها صارت طراطير ولعل من أثبت ذلك هو ترومب. فعنتريات ماكرون من السذاجة حقا. والدليل أنه اراد أن يرضي إسرائيل بالتوحيد بين ما يسمونه مضادة السامية ومضادة الصهيونية ما يجعل شعبه سيزداد منه نفورا وخاصة الشباب.
وبمثل هذه الحماقات فهو الذي سيقوي مقاومة الفرنسيين لحجج السامية والصهيونية ويستعيد حريته في التعبير عن رأيه ضد آخر مستعمرة في العالم وآخر نظام أبارتهايد بحيث شباب أوروبا في غالبه سيكون متحررا من مخلفات القرون الوسطى التي أنتجتها أحقاد الكنيسة ضد الإسلام والمسلمين.
فإذا أضفنا أن نظام الملالي يحتضر وليس بمعنى الاعتماد على إسرائيل وأمريكا لتحقيق ذلك. فهما محتاجان إليه وإلى مليشياته بالسيف والقلم في حربهم على الإسلام بل من الداخل لأن نظام الحرس الثوري أفسد من جيش السيسي وهما يتعاملان مع شعبيهما بنفس المنطق الاستعماري يمتصون دمهما والربيع سيصل إلى إيران قريبا وقريبا جدا.
وفي الجملة فأنا متفائل بأن كل ما يجري بخلاف الظاهر فيه شيء من مكر الله الخير لصالح الاستئناف الإسلامي وخاصة إذا تمكن الشعب الجزائري من القيام بالمعجزة الثانية في تاريخ الأمة. فمعجزته الثانية ستكون ثورة التحرر الحالية بعد معجزته الأولى التي كانت ثورة التحرير التي هي بداية عصر الأمة الحديث وبداية نهاية الاستعمار الاوروبي الحقيقية بعد قرن وثلث من جثومه على دار الإسلام.
القمة بين طراطير العرب وطراطير أوروبا لا تمثل شعوبنا ولا شعوب أوروبا بل هي تمثل تساند طراطير بدأوا يرتعدون من الزلزال الذي يهز الاقليم كله ليس لطفرة تجاوز ما تلا مرحلة الاستعمار فحسب بل للاستعداد لنظام العالم الجديد الذي لا يمكن لشعوب الاقليمين أن يكون لهم فيه موقع من دون التعاون.
إنها قمة الخوف وارتعاد فرائص نوعي الطراطير وكلهم يخضع لأوامر ناتن ياهو الذي بدا يتصرف بسند من ترومب وبوتين بوصفه ذراعهما في الاقليم أو بصورة أدق بوصفهما رهن مافيات الصهيونية في روسيا وأمريكا لإحداث ما يسميه ترومب ناتو العرب حول إسرائيل ومثله ناتو الغرب ليس ضد إيران كما يوهمون الناس.
فلا أحد يصدق أن إسرائيل وأمريكا تخافان إيران أو أن القمة وقعت في بلد عربي لأن له وزنا أو لحماية العرب من إيران التي هي ليس تعنترها عليهم ممكنا من دون رضا اسرائيل وأمريكا بل الهدف الجمع بين أداتي الترهيب التي يحكم بها طراطير العرب والتي تحكم بها أوروبا.
الإرهاب ويمثله المتكلم باسم حماية العالم منه الطرطور السيسي وروسيا والمتكلم باسم حماية أوروبا منه ترومب. وكلنا يعلم أن الحشد هو الإرهاب بعينه وأنه حارب السنة في العراق وفي سوريا بمظلة أمريكية في الأول وروسية في الثانية وأن ملحدي الأكراد لم يصبحوا قوة إلا بحلفهم مع النظام وروسيا وأمريكا وإسرائيل وخونة الطراطير العرب للإضرار ليس بسوريا وحدها بل بداية لسايكس بيكو ثانية يعدون لها.
أما ترهيب أوروبا التي هي تحت التهديد الروسي والابتزاز الأمريكي وخاصة منذ مجيء ترومب وسياسة المسيحية الصهيونية. فالجزية اليوم لا يكتفي ترومب بطلبها من العرب بل هو ايضا يفرضها على طراطير اوروبا وهي صاغرة مثلهم مثل طراطير العرب.
وهو لا يخفف بذلك على ميزانية أمريكا بل ما سيربحه منهما سيدفعه ومعه مثله إلى إسرائيل حتى تحقق امبراطوريتها التي نجحت في فرضها على طراطير العرب وستبدأ فرضها على طراطير أوروبا. وهذه القمة هي البداية لأن ناتو العرب وناتو أوروبا هما ناتو الطراطير حول الأبيض المتوسط تحت تصرف إسرائيل.
ولو حاولنا أن نفهم علل الحضور الاوروبي الكثيف كما وكيفا فيكفي أن نرده إلى العوامل التالية:

  1. فأما تريزيا ماي فهدفها الضغط على أوروبا لتحسين اتفاق الخروج. وهي تعلم أن ذلك سيكون ممكنا لو ساعدتها لوبيات إسرائيل في أوروبا ومافيات روتشيلد.
  2. وأما حضور المانيا فمفهوم لأنها اقل بلاد أوروبا سيادة إزاء أمريكا وقدرة على موقف متحرر من الابتزاز الصهيوني ومن ثم فحضور سيدتهم مفهومة.
  3. وأما غياب ماكرون فهو يفيد عكسه تماما لأن هو الذي اتفق مع العرص على تنظيم هذه اللقاء لكن غيابه خوفا من الخروج الظاهر على سياسة دوجول الذي وضع مبدأ تحرير فرنسا من الابتزاز الصهيوني لما حدد سياسته العربية.
  4. وأما حضور إيطاليا واسبانيا وبقية الدويلات الصغيرة في أوروبا فلا يحتاج إلى تعليل لأنهم جميعا توابع للثلاثة الذين ذكرتهم وخاصة في مثل هذه القضايا المعلقة بالسياسة الخارجية.
    ولهذا اختاروا مصر التي صارت ملعبا إسرائيليا لما أخرجتها نخبها العميلة والمتحالفة مع السيسي من التاريخ وقد يخرجوها من الجغرافيا لما يفقدوها دورها ومصدر حياتها. والمستهدف هو تركيا والربيع العربي. ولا أعتقد أن تركيا غافلة عن ذلك بدليل تعليقاتها على هذه القمة. فقد وصل وزير خارجيتها بين موقف اوروبا مما كان لتركيا من نية في إعادة حكم الاعدام بمناسبة الانقلاب الفاشل والاعدامات بالجملة في مصر ومع ذلك تمت القمة فيها لأن حاكمها دمية إسرائيل

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي