فكر ابن تيمية في عشر مسائل – الفصل الاول

لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله

– الفصل الاول –

تنبيه مدير الصفحة:

تلخيص أهم النتائج الـتي أوصل إليها البحث في فكر ابن خلدون شجعنا فطلبنا من أستاذنا اتحافنا بمثله حول فكر ابن تيمية مستفيدين من بقائه بيننا خلال الصائفة. فرد بادئا ببيان علة قبوله مطلبنا علته العميقة التي لا تقتصر على التقريب وشرع في الجواب. وهذا نص رده.

النص

ليس الهدف من التلخيصين التيسير والتقريب فسحب بل هو كذلك توضيح تعرض له الرجلان من مظلمة. ففكر ابن خلدون كما تبين من التلخيص السابق تعرض لمظلمة لا تقل حيفا عن المظلمة التي تعرض لها فكر ابن تيمية حتى وإن بدت المظلمتان متقابلتين رغم صدورهما من نفس الفئة الإيديولوجية في الأغلب:

فمادحو ابن خلدون ضيعوا فكره طلبا للسبق الوهمي بعد جعلهم سادتهم مثلا عليا يقاس بها كل فكر: فهو مرة سابق أوغست كونت وأخرى سابق ماركس وثالثة مؤسس العلمانية وما في كتابه من شواهد قرآنية إلا تقية إلخ….

وذامّو ابن تيمية وهم عادة من نفس الطينة ضيعوا فكره تحميلا إياه مسؤولية فكر خصومهم الإيديولوجيين: فهو مؤصل الجهادية وأصل الإرهاب وفيلسوف التكفير إلخ… من التفاهات التي تدل على بلادة لا تقدر لكأن ماركس مسؤول على أعمال ستالين أو ماو الفاشية.

ولا فائدة من التذكير بأن فكرهما هو كذلك ضحية لمظلمة أعم يشترك فيها معهما كل مفكر كبير يمكن أن يتسلق عليه أنصاف المثقفين، في لحظة اختلط فيها الحابل بالنابل: فكلاهما يمثل عسلا يكثر عليه ذباب الساحة الثقافية من المتقحمين ذوي الثقافة العامية الذين يفرحون بالهراء طالبين الشهرة بركوب أي موجة تجلب إليهم الانتباه مدعين ما ليس لهم فيه ناقة ولا جمل بسبب تكوينهم البدائي.

ونظرا إلى الحاجة الآزفة حاليا وإلى كون الإشكال الراهن ألصق بشيخ الإسلام ابن تيمية أكثر منه بعلامة الإسلام ابن خلدون، فإني سأبسط فكره بأكثر تفصيل من بسط فكر ابن خلدون. لذلك فسأقدم تحديد المسائل العشرة التي تلخص المحاولة ثم أعرض علاجها اثنتين اثنتين في خمس حلقات لمزيد الفائدة مع الاستغناء عن الجهاز العلمي الذي لا يناسب التلخيص فضلا عن التقريب. وهذه هي الأسئلة العشرة:

السؤال الأول: ما العائق الذاتي والإيديولوجي الحائل دون النفاذ إلى فكره؟

السؤال الثاني: ما العائق الموضوعي والعلمي الحائل دون النفاذ إلى فكره؟

السؤال الثالث: ما طبيعة الإشكالية الواحدة في معارك ابن تيمية الفكرية؟

السؤال الرابع: ما طبيعة تشخيص ابن تيمية لأزمة الحضارة انطلاقا من الغزالي؟

السؤال الخامس: ما طبيعة العلاج التيمي سلبيا: النقد التاريخي والنقد العلمي

السؤال السادس: ما طبيعة أزمة الفنين العمليين: الفقه والتصوف؟

السؤال السابع: ما طبيعة أزمة الفنين النظريين: الكلام والفلسفة؟

السؤال الثامن: ما طبيعة أزمة فن الفنون: الصلة بين النص المؤسس والوجود؟

السؤال التاسع: كيف حل أزمة الأداتين: بما بعد التاريخ وما بعد المنطق؟

السؤال العاشر: فيم يتمثل تجاوز الميتافيزيقا والميتاتاريخ القديمين؟

جواب السؤال الأول

السؤال الأول: ما الحائل الحالي دون النفاذ إلى فكره؟

قبل الجواب عن هذا السؤال فلنصل بين الرجلين علامة الإسلام ابن خلدون وشيخ الإسلام ابن تيمية لنفهم طبيعة العائق الأساسي أو الأمر الذي يعسر النفاذ إليه من دون عدة فلسفية ليست في متناول ذوي التكوين التقليدي من متقحمي الكلام على فكريهما. ويمكن أنه نرد الصلة بينهما إلى مقومي الحل الذي قدمه شيخ الإسلام للرد على أداتي ما يسمى بعلم الكلام أعني معيار التأويل وقياس الشاهد على الغائب: التطابق بين

1-صحيح المنقول.

2-وصريح المعقول.

فثورة ابن خلدون يمكن ردها في الغاية إلى تأسيس علم يمكن من معرفة صحيح المنقول خاصة وتأسيس العلم العملي عامة: فما بعد التاريخ الخلدوني محاولة لتأسيس أصل كل العلوم العملية.

وثورة ابن تيمية يمكن ردها في الغاية إلى تأسيس علم يمكن من معرفة صريح المعقول خاصة وتأسيس العلم النظري عامة: فما بعد المنطق التيمي محاولة لتأسيس أصل كل العلوم النظرية.

والنفاذ إلى ما يؤدي إلى فهم هاتين الثورتين ليس بالأمر اليسير بالنسبة إلى ضحايا الحائل الأول الذي يتعلق به هذا السؤال الأول: العائق الإيديولوجي الذي بدلا من أن يسعى أصحابه إلى النفاذ إلى فكر الرجل تجدهم يبحثون عن تعليل سريع وسطحي لظاهرة فرضها تاريخ الأمة التي تعاني من إرهاب الاستعمار الأجنبي وإسقاطه على مقاومتها ومن استبداد نوابه عليهم وفسادهم ومن محاولات تهديم حصانتها الروحية بإسقاط تهمة التكفير عليها من الطائفة التي هي بالجوهر تكفير لكل مسلم لا يقول بالحق الإلهي للأيمة.

فهذا الحائل قد يتحول إلى مانع رسمي يلغي أعماله من التداول فيصبح كل من يتكلم عليه متهما بتشجيع الإرهاب والتكفير. وقد بدأ بعض أعشار المثقفين يبحثون عن متمعش يلصقون تهمتي الإرهاب والتكفير بأكبر فيلسوف عرفته الثقافة العربية كما بينا سابقا ونحاول تلخيصه هنا.

جواب السؤال الثاني

السؤال الثاني: ما الحائل الموضوعي دون النفاذ إلى فكره؟

  1. الفقه وأصوله

  2. والتصوف وأصوله

  3. والكلام وأصوله

  4. والفلسفة وأصولها

  5. وأصل الأصول جميعا أي الصلة الحميمة بين النص المؤسس (الأصل الرمزي الذهني) والوجود عامة والوجود التاريخي خاصة (الأصل الفعلي العيني).

1- فلا يمكن أن تنسب فكر ابن تيمية العملي القانوني إلى مذهب فقهي محدد لأنه تجاوز المذهبية ليس تجاوزا تلفيقيا بانتخاب الحلول المناسبة منها جميعا.

2- ولا يمكن أن تنسب فكره العملي الخلقي إلى طريقة صوفية محددة لأنه تجاوز الطرق إلى المجاهدة التي تناسب فهمه العميق للقرآن الكريم.

3- ولا يمكن أن تنسب فكره الكلامي إلى فرقة كلامية محددة لأنه تجاوز الفرق إلى البحث في مسائل الإيمان والعقيدة تجاوزا ليس له مثيل.

4- ولا يمكن أن تنسب فكره الفلسفي إلى مدرسة فلسفية سابقة لأنه أنهى عصرا وفتح عصرا جديدا في الفكر الفلسفي.

لذلك فليس من اليسير التغلب على هذا العائق الموضوعي لفهم فتوحاته الفلسفية لأن جل قرائه يقتصرون على مرجعيات كلها لا تمثل إلا ماضيا تجاوزه فكره حتى وإن كان فكرهم حبيسا فيه. وأغرب أمر يحيرني هو أن المعجبين بفكر ان رشد مثلا لم ينتبهوا أن الرجل لم يكتف بالانطلاق من محاولته استعادة الفلسفة القديمة بنقد الفلسفة العربية الإسلامية ومشاركته الكثير من مواقفه من الكلام والتصوف والفقه وحتى من الفلسفة الإسلامية عامة والسينيوية خاصة وخاصة في فهم القرآن الكريم بذاته لمشاركته نفس الموقف من التفسير المناسب لفهم القرآن الكريم.

الكتيب

وثيقة النص المحمول ورابط تحميلها

يقوم على الموقع عاصم أشرف خضر مع مجموعة من طلاب الأستاذ ومتابعيه.
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي