فاجعة، لكنها دون فاجعة الفواجع

ه

لست بهذا العنوان أقلل من هول الفاجعة فاجعة الحادث.
فـ”اغتيال” ربع مائة شاب واصابة باقي المسافرين في الرحلة فاجعة بكل المقاييس.
لكن ما يجعلها ذات صلة بفاجعة الفواجع هو أنها تعتبر ناتجة عن فعل فاعل على الأقل بسبب الاهمال.
ولا أعني اهمال السائق فلعله بريء لأن حوادث الطرقات لها ما لا يتناهى من الأسباب.
ففي ظروف القاعدة الأساسية للمواصلات في تونس عامة وفي النواحي المهملة خاصة لا يمكن أن تجعل تحميل المسؤولية للسائق من الأسباب البديهية.

إنما أعني بالذات الاهمال الذي يترتب على حلف الاستبداد والفساد.
الاهمال هو علة الجرائم الدالة على الاول بفرض عطاءات الدولة لمقاولين فاسدين والجرائم الدالة على غياب المراقبة والمحاسبة لعمل المقاولين الذي يقاسمون الفاسدين في الحكم ثمرات الغش في الانجاز وشروطه المحققة للسلامة.
لكن لو فتحنا هذا الباب الآن لانهار كل البناء فـ”الشكوة” كلها زرار: يستحيل الحسم في أمر صار سرطانا بلغ مرحلة الميتاستاز.
وتلك هي فاجعة الفواجع.
واصلها جميعا اهمال مؤسستي صنع الإنسان
• التربية التكوينية في نظام التعليم
• والتربية الامتحانية في نظام توزيع العمل
فالعمل في المجتمع هو الذي يستكمل تكوين الإنسان في الجماعات التي تحاول التخلص من الاستبداد الذي لا يترتب عليه إلا الفساد.
وللعمل بعدان:
• مباشر هو الانتاج المادي (الاقتصاد) والانتاج الثقافي (الثقافة الغائية أو الذوقية والخلقية والثقافة الأداتية أو العلوم والتقنيات).
• وغير مباشر هو قوامة الجماعة لذاتها من خلال مراقبة من ينوبها في قوامة التكوينين وتلك هي وظيفة السياسة الراشدة والمحاسبة بتطبيق القانون الصارم. لكن في الاستبداد والفساد حاميها هو حراميها.
فالمدرسة تخرج العاطلين بالطبع لأنها محو أمية في مجالات لا علاقة لها بشروط القيام الفعلي للجماعة.
والعمل في الانتاج لا ينتدب إلا من ينتسبون لذوي الحول والطول في الدولة وشركاتها وهم من صنفين:
• من الحاكمين وأزلامهم
• ومن الاتحاد وأزلامه.
أما الأعراف فلا حاجة لهم للعمل بالأكتاف لأن كل أعمالهم هي لتوظيف أبنائهم.
وفي هذه الحالة فلا معنى لطلب شروط الكفاءة او الاتقان.
تلك هي فاجعة الفواجع.
فإذا وجد من أبنائنا من له كفاءة فهو مرحب به في الهجرة والبقية يبقون بطالين يتاجر بهم أصحاب التهريب والترهيب وقد يحولهم البعض إلى مليشيات لتحول البلاد إلى ما حولت إليه العراق وسوريا ولبنان وغيرها من بلدان العرب والمسلمين فضلا عن نوادل عجائز السواح وتجارة المخدرات والخردوات والفريب وهلم جر من كل عيش على هامش التاريخ والحضارة.
تلك هي المأساة التي ينبغي ألا ننساها بالتركيز على بعض مظاهرها مهما كانت مهولة:
أما المناسباتي والتظاهر بالتأثر ممن يتحملون مسؤولية هذا الاهمال مفضلين صراع الديكة على الكراسي بدعوى الافضلية في قيادة البلاد وهداية العباد، فلم يعد يصدقها حتى بو سعدية.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي