لتحميل المقال أو قراءته في ص-و-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص
كنت أعلم أن تذاكي قادة النداء بشيخه وذراريه ليس دليلا على الذكاء. لكني لم أكن اعتقد أنهم بهذه الدرجة من الغباء. وآمل أن يكون سكوت الإسلاميين على خطة خصومهم الذي يخادعون الناس والله بمظاهر التودد والتحالف معهم ناتجا عن ترك المخادع ينخدع بما يظنه خداعا لخصمه وهو خداع لذاته.
لم يتعلم النظام الحاكم حاليا الدروس الأربعة التي مرت بها البلاد ويريد قادته تكرارها في تجربة خامسة جامعة.
وهذه التجربة سترجع وضع البلاد إلى الجمع بين الأزمتين اللتي أنهت عهد بورقيبة بانقلاب وأنهت عهد ابن علي بثورة.
إنها ستنهي عهدهم بثورة شعبية لن تكتفي بالحلول الوسطى بل ستقلب عليهم كل الوضع لتحرر تونس نهائيا من المافيات التي تحكمها من وراء حجاب:
- لم يتعلموا من فشل تجربة نظام البايات
- لم يتعلموا من فشل تجربة الاستعمار الفرنسي
- لم يتعلموا من فشل تجربة النظام البورقيبي
- لم يتلعموا من فشل تجربة نظام ابن علي
كل هذه الأنظمة حاولت معاملة الشعب التونسي معاملة العبيد بالعدوان على حقوقهم السياسية والاجتماعية والثقافية. أرادوا أن يفرضوا عليهم استبدادهم السياسي واستغلالهم الاجتماعي وخياراتهم الثقافية. لكنهم فشلوا لأن حركة المقاومة فيه كانت دائما هي عين الحركة التي يحاربها اليوم النافذون في نظام السبسي ذي الأجل القصير.
لم يفهموا سر الفشل الذي آلت إليه سياسة هذه الأنظمة الأربعة. لذلك فهم يعيدون نفس الأخطاء.
فالشعب التونسي لا يقبل المس بحرياته السياسية وبحقوقه الاجتماعية وبفرادته الثقافية المتمثلة في مرجعتيه الروحية وبمقومات هويته: فبهذه القيم تَوْنَسَ الشعبُ البايات وطرد الاستعمار وأسقط علمانية بورقيبة ووضعانيته السخيفة وأطاح بمافياوية ابن علي ونخبه القائلة بالتحضير المستبد.
غرتهم ديماغوجيا بعض العضاريت والعضروتات من رواد المقاهي والحانات والبلاتوهات التلفزية ومن أشباه المثقفين ممن اعتمدوا على الولاء للحكم للسيطرة على الجامعات ثم اعتمدوا على العناوين الجامعية الزائفة -وأغلبها ترضيات شللية- للسيطرة على الساحة الإعلامية والثقافية الهجينة.
ظنوا أن قفل المساجد والكتاتيب وعزل الأيمة ومحاربة مظاهر التدين كافية لتحقيق ما عجز عنه البايات والاستعمار وبورقيبة وابن علي.
غباء تذاكي بقايا اليسار الهجين والتجمع اللعين هو الذي جعلهم يتصورون أنفسهم أقدر من كل أولئك وإلا لما كرروا نفس السياسة بنفس الأخطاء.
لن أطيل الكلام:
هم يعيدون الساحة إلى وضعية إحدى التجربتين الاخيرتين ومن ثم فهم يعدون للصدام الذي سيكون بداية نهايتهم الحاسمة لأن الشعب لن يقبل ما يعدون له من تزييف لإرادته المضاعفة أي القبول باللعبة الديموقراطية والتسليم بما يمكن أن يعتبر مصالحة ضمنية تمثلت في السماح لهم بالعودة وقيادة البلد بعد أن خربوها طيلة ستين سنة:
- تجربة الانتخابات المزيفة التي أعدت لنهاية عهد بورقيبة.
- وتجربة الانتخابات المزيفة التي أعدت لنهاية عهد ابن علي.
لماذا أتوقع أن تكون الانتخابات القادمة مماثلة لهذه ولتلك وجامعة بين صفاتيهما وهي الثالثة التي ستكون بداية الموجة الثانية من الثورة التونسية؟
لأنهم بغبائهم بصدد استعادة تشكل الساحة الانتخابية بالشكل الذي كانت عليه فيهما. هم يتصورون أن السيطرة على المجال الديني بكل مستوياته سينزع ما لا يرون فيه إلا أداة انتخابية لدى الحركة الإسلامية. وهذا هو جوهر الغباء الذي اتكلم عليه.
ذلك أنهم لو كانوا أذكياء لعلموا أن اضطهاد الفضاء الديني هو الذي يجعله أداة انتخاب لأنه حينها يصبح مجندا ليس لانتخاب الحركة الإسلامية بل للدفاع عما يؤمن به. أما لو كان غير مضطهد في ما يؤمن به فإنه سيتصرف بصورة عقلانية خالصة فلا يكون العامل المحدد لموقفه الانتخابي الدفاع عن معتقداته بل عن مصالحه الاجتماعية والسياسية لأن المسألة الدينية تكون قد حيدت بمجرد أنها صارت حرة وغير مضطهدة.
ومعنى ذلك أن “البهامة والتستيكة” في “ذراري” اليسار اليتيم وشيوخ النداء العقيم تتمثل في إرجاع الوضعية لما كانت عليه في نهاية العهدين السابقين.
وهذا وإن كان مما يؤسف له عند النظر إلى مصلحة البلاد العليا لأنه يؤخرها فإن النظر إليه بحساب الانتخابات يجعله حملة انتخابية لصالح الحزب الإسلامي في البلاد خاصة إذا لم يتورط مع النداء في ما يقوم به في المجال الاجتماعي والسياسي.
- فليطردوا من الإدراة كل من يشمون فيه رائحة الإيمان بالإسلام
- وليصفوا الأمن من كل من له ميل إلى عبادة ربه والإخلاص لدينه
- وليطهروا الجيش من كل قائد اصيل ومخلص لوطنه ودينه
- وليقفلوا كل المساجد والكتاتيب باي دعوى أرادوا
- وليعزلوا كل الأيمة القادرين على التعليم الديني السوي
- وليعوضوا ذلك كله بأزلامهم وشللهم
- وليعينوا من المتحذلقات والمتحذلقين المتكلمين على الحادثة والتحديث كلام المنبتين.
كل ذلك يؤخر تونس ويعطل ثورتها لكنه يحقق ما سيجعل الطفرة النوعية في الموجة الثورية الثانية نهاية هذه المهازل لأن تكرار الاخطاء الماضية وعدم التعلم منها لا يمكن أن يتواصل في شعب أقدم على إزاحة حاجز الخوف نهائيا.
وليتذكر الشباب أني تكلمت على قصبتين أخريين : إنهما ما سيحصل بعد الانتخابات المقبلة التي نراهم يعدون لتزييفها القبلي ولن يتورعوا عن تزييفها البعدي إذا لم يكن القبلي كافيا. والأيام بيننا.
يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/