عنتريات قائد ميليشيات إيران العربية

الأغبياء وحدهم كانوا ينتظرون تصريح عميل الضاحية “نحن لا نقاتل في سوريا من أجل بشّار الأسد. نحن نقاتل من أجل التشيّع ولولا حزب الله وإيران لسقطت سوريا. الشيعة اليوم في ذروة قوتهم بالمنطقة” لكي يعلموا من هو وما دوره. وما يستحق التعليق هو الجملة الاخيرة فحسب. لا أحد يجهل علة حربه على الثورة السورية ولا أحد يعلم أن نظام الأسد ليس إلا حجة لإضفاء الشرعية المزعومة بدعوة من نظام ثار عليه شعبه ولم يلجأ للعنف فرد عليه بما نعلم وأعطى الفرصة لإيران وعملائها ومنهم كذاب الضاحية للسعي لما اعترف به أخيرا حجة لتدخلهم. وهذا الاعتراف هو بدوره يحتاج للتعليق فحاجته إليه ليست بسبب ميله إلى الصدق في وصف دوره وما كان ليعترف لولا حاجة إزاء رأيه العام ومن ثم فللاعتراف علاقة بما يدعيه في الجملة الاخيرة. فما الداعي لاعترافه؟ وهل صحيح أن الشيعة هم اليوم على أحسن ما يرام كما يدعي سفيه الحشاشين؟ في الحقيقة “نحن لا نقاتل في سوريا من أجل بشار الاسد. نحن نقاتل من التشيع” ليست اعترافا بل هي رد على بداية الثورة في إيران على الملالي. ذلك أن الشباب الإيراني لم يعد يقبل التبرير السابق بالقتال من أجل حليف مزعوم فرد على ذلك مساندة للملالي بتعليل القتال بالمذهب. وطبعا فالرد لا يقف عند شباب إيران بل هو كذلك موجه لشباب شيعة لبنان الذين صاروا لا يقبلون التبرير السابق فأراد أن يسكتهم بدعوى القتال من أجل التشيع. وكان من الواجب أن يقول من أجل التشييع وليس التشيع لأنه لا أحد في الثورة كان ينوي المس بالتشيع في سوريا أو في غيرها من بلاد العرب. وإذن فهذا التبرير الجديد للتدخل في سوريا ليس اعترافا بعلة التدخل بل هو اعتراف برفض قاعدته مثلها مثل شباب إيران لهذا التدخل والاضطرار إلى التبرير بالمذهب لعل ذلك يسكت الشباب خوفا من تهمة عدم الدفاع عن المذهب. لكن حتى هذا هو يعلم أنه لم يعد يخيف الشباب الثائر في إيران وفي الجنوب. وتلك هي علة الكذبة الواردة في الجملة الاخيرة: وهم قوة التشيع الذي يدعي أنها بلغت الذروة. ولنبدأ بالقوة في إيران أولا وفي الجنوب اللبناني ثانيا وفي كل البلاد التي يتصورون أنفسهم قد نجحوا في احتلالها. عندما ننظر في وهاء من يدعون مقاومتهم من انظمة الثورة المضادة يبدو كلامه صحيحا. لذلك فدلالة كلامه هي بالقياس إلى السعودية والإمارات والبحرين أن هؤلاء بضعفهم وتخاذلهم يبدون وكأنهم يثبتون كلامه. لكن من يقيس قوته بضعف هؤلاء يعترف بضعفه أو يريد إخفاء ضعفه. ذلك أنه لو كان الامر كما يزعم لاستغنوا عن اللجوء إلى طلب النجدة من بوتين. هزموا هم والنظام قبل تدخل بوتين. وحتى بعد تدخله فهم لم ينتصروا بل زادوا هزيمة لأن بوتين لن يحصد لهم بل هو قد يخرجهم من المولد بلا حمص بلغة المصريين. لذلك فهذه الجملة هي التي يمكن اعتبارها اعترافا بأن التشيع ليس في ذروة قوته بل هو في قرارها وهو في وضع لا يحسد عليه في مركزه إيران وعند ميلشياته في الهلال كله. ولولا حاجة أمريكا لما هو أهم عندها أعني إيقاف الخطر الذي تخشاه أعني استئناف الإسلام السني دوره في الإقليم لطردتهم أشنع طردة منذ أمد طويل ولما أبقت على الأسد والاعتراف بشرعيته إلى الآن ولما قبلت تدخل بوتين. ما يخيف أمريكا وإسرائيل ليس إيران ومليشياتها بل الأتراك والعرب السنة. أمريكا وإسرائيل تعتبرهم حلفاء موضوعيين من اجل هذا الهدف البعيد والامر ليس جديدا: فالغرب كان دائما من الصليبيات وإلى اليوم يعتبرهم رديفا في معاركه مع الشعوب الاربعة الذين بني عليهم الإسلام في علاقته به: العرب بداية والترك غاية وبينهما الاكراد والأمازيغ من غير العلمانيين منهم جميعا. في العقود الثالثة الاخيرة كانوا حلفاء لغول الغرب كما كانوا في القديم حلفاء لمغول الشرق فضلا عن دورهم مع الصليبيين ومع الاسترداديين في حلف مع البرتغال والبابوية ضد الخلافة العثمانية في القرن السادس عشر كما هو معلوم لمن لهم دراية بالتاريخ الحديث فضلا عن الوسيط والحالي. وقد استثنيت العلمانيين من العرب والأتراك والأكراد والأمازيغ ليس تحيزا لعلة دينية فلا يهمني إلحاد الملحدين منهم أو إيمان المؤمنين بل هم ومثلهم القوميون منهم جميعا هؤلاء هم دائما أعداء الإسلام الذي يعتبرونه استعمارا عربيا وليس رسالة كونية موجة إلى البشرية تتجاوز القومية والعرقية. وختاما فإن هذا التصريح ينبغي قراءته بعكسه تماما: فالجملة قبل الاخيرة ليست اعترافا بالدافع بل تبرير لإقناع الشباب الشيعي في إيران أولا وفي الجنوب ثانيا بما لم يعد مقنعا وهو إذن تصريح تحت الطلب من مولاه الخامنئي. والجملة الاخيرة تفيد عكسها تماما: رفع معنويات المهزومين. وما كنت لأعلق على أحاديث سفيه الضاحية لو لم أكن اعتقد أن الكثير يتوهمون حقا أن الرجل لا يكذب وأنه يقول حقيقة الوضع الذي بارتباكه لا يسهل فهمه. فحتى بوتين “يفغم” أي أنه وصل إلى طريق مسدودة وإلا لما احتاج لتهديد أمريكا بسخافات لا يمكن أن يصدقها من يعرف موازين القوة بينهما. بوتين وإيران والتشيع وكل من يكذب على نفسه هو في وضع كوريا الشمالية. يجوعون شعوبهم ويستبدون بالأمر ولا يعترفون بوضعهم الحقيقي في الرعاية وفي الحماية. عندما يهدد من لم ينتج بعد قنيبلة من يملك المئات أو يهدد من دخله القومي الخام لا يتجاوز ميزانية جيش أمريكا فذلك من عنتريات الضعف. القوة لا تقاس بهزيمة جيش السعودية والإمارات فهذان جيشان ناشئان ليس لهما خبرة ويتصور قادتهم ان تكديس الأسلحة كاف للانتصار. بلا عقل وبلا عقيدة وبلا تكوين وبلا دوافع شعبية الكلام على الحرب من دلالة السذاجة والبلادة والغباء. لكن شباب سوريا أعجزهم فألجأهم إلى بوتين. وبوتين نفسه سيضطر للخروج بخفي حنين وإذا بقي فلن يبقي لهم شيئا لأن بقاءه سيكون بشروط تجعله تابعا لإرادة اسرائيل وأمريكا. فيكون دورهم قد انتهى بمجرد أن يسلم بوتين بما لا يستطيع التسليم به لأن الدخل اليومي الخام لروسيا دون دخل إيطاليا ناهيك عن أمريكا والغرب الذي قرر لجمه. وطبعا لا أعني بذلك أن أفرح بالأمر لأن سيطرة أمريكا وإسرائيل ليست لصالح الأمة التي هم لا يؤمنون بها لكن السنة هي الأمة وهي في الإقليم الأقوام الاربعة الذين ذكرتهم: العرب بداية والأكراد غاية والكرد والأمازيغ بينهما بحسب تاريخ العلاقة مع الغرب بين ضفتي المتوسط منذ نزول القرآن. أما التشيع عربيا كان أو فارسيا فهو كان ولا يزال رمز العمالة للغرب ولا يمكن أن يكون له إلا هذا الدور السلبي لأن حقده على هذه الشعوب الأربعة وعلى الإسلام يعود إلى ما لم يفهمه قادة ميليشياته العربية نفس أهداف إسرائيل: استرجاع امبراطورية يعتبرون العرب قد أخذوها منهم عنوة.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي