لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله علنية التطبيع
لست بحاجة لفهم التطبيع فقد كتبت منذ أكثر من عقدين وبينت أن ذلك شرط حامي الحكام ليبقيهم في الحكم ويغطي على أساليبهم شديدة التحضر والتقدمية.
وما أظن أحدا لا يميز بين نوعين من الحماية:
– حماية اليابان وكوريا الشمالية وكل بلاد أوروبا الغربية
– وحماية كل الطراطير العرب من الماء إلى الماء
وهو السر الذي ينبغي فهمه لنجيب عن السؤال الذي يحيرني: ما الذي طرأ فجعلهم ينقلون التطبيع من السرية إلى العلنية فيصدقون على الأقل في هذه؟
لم أكن ناسيا فرنسا لأن شروطها معلومة قبل الثورة والتغير لا يحصل بعصا سحرية: فمن يعجز عن رعاية شعبه وحمايته لا يعجب من كونه محمية بلا سيادة.
لكن تبين أن العرب سواء من كان يحكم أو من كان يعارض لا يجهل هذه الحقيقة وهي مسلم بها ولم يكن يتوهم أن التصدي لذلك ممكن إلا بعض السذج مثلي.
وتصورت أنهم يسلمون بذلك لكن يحافظون على خطاب للاستهلاك المحلي يجعلهم يزايدون في دعوى الدفاع عن القضية الفلسطينية. وهذا هو سر الحيرة.
فمجرد جعل التطبيع علنيا يعني أن خطاب الاستهلاك المحلي لن يبقى ساري المفعول عند الجميع الحاكم والمعارض. واليسار لم يعد يتهم النهضة بالتطبيع وهو كان يفعل وكلنا يعلم أنه-على الاقل من يدعي اليسارية منهم-مطبع بالجوهر بدعوى رفض الدين والشوفينية متناسيا الطبيعة الدينية لأساس إسرائيل.
لكن ما دفعني للكتابة في موضوع التطبيع منذ عقدين هو كذبة المقاطعة الاقتصادية: فكل من له دراية بالاقتصاد يعلم أن ذلك مستحيل مع إسرائيل.
وهو مستحيل لعلتين:
الأولى سلطان يهود العالم على النظام البنكي
والثانية لا يمكن مقاطعتها من دون مقاطعة شركائها في العالم المتضامنين معها