ماذا يعني تحرير عفرين من علمانيي أمريكا وحلفاء بشار ومليشيات إيران؟ أعرّفه سلبا: هو ليس انتصار مسلم على مسلم ولا تركي على كردي ولا عربي على كردي. وأعرّفه إيجابا: هو انتصار التركي والعربي والكردي على الاسفين الذي ارادت أمريكا دقه بينهما. إنه الانتصار على تفتيت شعوب الاقليم المسلمة. وهو انتصار على الثورة المضادة بنظاميها القبلي الذي يمولها والعسكري الذي ينجزها وعلى ذراعي حماة هذه الانظمة العميلة روسيا وأمريكا. وما كانت روسيا تقبل بذلك لو كان لها حل آخر: فهي لا تستطيع في الوضع الراهن معاداة تركيا لحاجتها إلى حليف يقلل من حصار الغرب لها: دهاء معاوية الثاني. أرادوها دولة علمانية تفصل الأتراك عن العرب وتدق اسفينا بين الأتراك والاكراد لتفتيت تركيا تكرارا لما فعلوه بالعرب عندما ادعوا تكون دولة لهم ضد الخلافة. لكن ما كل مرة تسلم الجرة. لم يعد الأتراك والعرب على الاقل من يمثلون مستقبلهم (الجيش الحر وثورا سوريا) بالغفلة التي استغلت سابقا. وآمل أن يتمكن العرب والأتراك والخلص من ابناء الشعب الكردي من اتمام المهمة بالقضاء على اصحاب الفتنة الصغرى الذين لا يكتفون بالاستحواذ على حق الأكراد في المساواة التامة مع أخوتهم من العرب والاتراك بل يريدون أيضا أن يخرجوهم من الإسلام باسم علمانية من جنس من يدعون إليها في الخليج. يعلم الاخوة الأكراد أني من المدافعين الشرسين على حقوق الشعب الكردي وهم عندي لا يختلفون منزلة ودورا في الإسلام عن العرب والاتراك والأمازيغ وكل من لم يركب الطائفية والعرقية نكوصا دون قيم الإسلام الذي لا يتفاضل الناس فيه الا بالتقوى. لكن هؤلاء المغتربين مجرد خدم للاستعمار. ويذكر بعض الأخوة الأكراد ممن كانوا يدرسون في الجامعة الاسلامية كيف أني عارض أحد الاخوة العراقيين الذي يستنكر مطالبة الاكراد بحقهم في المساواة مع العرب وكيف بينت أنهم لا يقلون عراقية واسلامية عن غيرهم من أهل العراق وأنهم ذو فضل على الأمة ويكفيهم فخرا صلاح الدين. وقد يفهم المرء مرارة ما عانوا منه من نتائج سايكس بيكو الذي فتت وحدتهم بأن قسمهم على أربع دول تحولت إلى دول مبنية على القومية وهي أمر جديد في رؤية العالم الإسلامية فحصل ما جعل ذلك يتحول إلى استثناء من الأساس الجديد لتكون الدول يعارض أساس الأخوة الاسلامية والإنسانية. كما أني اعتبرت أن العرب (العراق وسوريا) والاتراك والإيرانيين عليهم أن يختاروا إما الاعتراف بنفس الحق في الدولة الوطنية لغيرهم وفي هذه الحالة للأكراد أو أن يتخلوا عما اعتبره جرثومة غربية بدأ الغرب نفسه يتحرر منها فيعودوا إلى ما صار مستقبلا بتجاوز الدولة الوطنية دون نفيها. وهذا ما حاوله العراق وتقدم فيه وهذا ما حاولته تركيا التي استعادت بعضا من هويتها وهي في تقدم مستمر في هذا الاتجاه وقد شرعت في الاعتراف بحقوق الأكراد فيها ولولا تعنت هؤلاء العبيد للاستعمار لكان الصلح قد تحقق في تركيا ولعادت اللحمة بين الشعبين التي يشجع الغرب على هدمها من جديد. إنهم يريدون تفتيت تركيا التي استعادت عافيتها وتسعى لاستعادة هويتها. وهو أمر يخيفهم لعلتين: فهذا العمل التركي دليل فشلهم في فرض العلمانية التي فشلت في تركيا وهو دليل كذبة الغرب الذي يدعي أن الإسلام لا يمكن أن يؤسس لدولة حديثة بقيم أكثر كونية من حداثتهم الاستعمارية.