عزت بيجوفيتش، نموذج المسلم المعاصر للعلاقة بين العقلي والخلقي

****

عزت بيجوفيتش نموذج المسلم المعاصر للعلاقة بين العقلي والخلقي

هل توجد علامات تمكن من معرفة العالم الرباني الذي يخدم عزة الإسلام والدجال الذي يستخدم الشعائر لاستبلاه شعبه؟
العلامات كثيرة وسأكتفي بأهمها وأكثرها وضوحا:

  1. كثرة الدعاء التي تجعله بديلا من العمل الذي بدونه يصبح الدعاء تخليا عن مسؤولية المكلفين مستعمرين في الأرض ومستخلفين.
    ويتلوه نتجيته:
  2. تفسير ما يجري في التاريخ وحتى في ما يترتب على عدم الاحتماء من الطبيعة بالقضاء والقدر في ما لا يتجاوز ما كلف به الإنسان وجهز ليكون قادرا عليه.
    وهذان هما صفتا وعاظ السلاطين من الفقهاء والمتكلمين في الثقافة التقليدية ويناظرهم أدعياء الحداثة من دجالي “الأنوار” في الثقافة “التقدمية”.
    والفرق بين نوعي الوعاظ هو إلى ما أو إلى من يتوجه الدعاء والاعتذار بما يرد إلى قراره.
    فالدعاة التقليديون يزعمون التوجه بالدعاء لرب السماء ويعتذرون بقضائه وقدره وهم لا يؤمنون بشرعه وإلا لعلموا أن ذلك لا يعوض العمل والتعمير والخلافة وإلا لكان كلامه على الأمانة وثقلها كذبا في كذب.
    وجنساؤهم الحداثيون يتوجهون إلى رب الأرض ويعتذرون بالإخلاد إليها وبقضاء الطبيعة وقدرها. وهم لا يختلفون عن الاولين لأن كلا الصفين وثنيون لا يؤمنون بأن الله أو الطبيعة كلاهما جهز الإنسان ليكون “رئيسا بالطبع (بقانون الطبيعة) بمقتضى الاستخلاف الذي خلق له (بشرع الله)”(ابن خلدون).
    وهاتان العلامتان ترسمان السلوك العملي للدعاة سواء كانوا باسم الدين (كاريكاتور التأصيل) أو باسم العقل (كاريكاتور التحديث) ولا يمكن أن توجد علامات دالة على العمل من دون نظائر لها دالة على النظر. والنظر يمثله ادعياء التنظير للفكر الديني وأدعياء التنظير للفكر الفلسفي في بلاد العرب.
    وهما نوعان من “المفكرين” الذين ليس لهم من النظر إلا شعائره مثلهم مثل الاولين الذين ليس لهم من العمل الا شعائره.
    والقصد بالشعائر هو العمل المنافق الذي يعوض العمل الصادق.
    فالعمل الصادق هو علامة الشعيرة والشعيرة من دونه علامة العمل المنافق.
    الأمر هو نفسه في النظر الكاذب والنظر الصادق.
    وما يفضح هذا النوع الثاني من أدعياء التنظير الديني أو الفلسفي علامتان. فأدعياء التنظير الديني يكثرون من الكلام على العقل. وأدعياء التنظير الفلسفي يكثرون الكلام على الأخلاق.
    • والأولون أبعد الناس عن العقل
    • والثانون أبعد الناس عن الأخلاق:
    فأي عقل بلا حد تجريبي وأي أخلاق بالحياد السلبي؟
    فمن يتكلم على العقل في الغيب يجهل حدود العقل ومن ثم فهو ليس عقلانيا بل دجال يتكلم في ما لا يعلم لا بالعقل ولا بالوحي.
    ومن يتكلم على الأخلاق وينتبذ مكانا قصيا على ما يجري في التاريخ يجهل معنى الأخلاق التي تقاس بالقيم التي يخضع لها السلوك الإنساني في الجماعة وتلك هي السياسة عامة.
    ولا أريد أن أضرب امثلة بذكر الأسماء لكن من يتابع ما يجري في الساحة الفكرية يعلم بالتدقيق من أقصد وغالبا ما يفتضح أمر أولئك وهؤلاء في الحياة الدنيا وربما قبل أن يصلوا أرذل العمر فيتبين أن المتكلم على الاخلاق هو في أرذل السلوك ومن يتكلم على العقل هو في أرذل التخريف: والأمثلة ماثلة للعيان في ساحات الفقهيات وزوايا التصوفيات وخطابة الكلاميات وسرديات الفلسفيات.

هذه آخر تغريدة قبل الانطلاق إلى المطار لرحلة عمل هي دافعي الذي أوحى بكلامي في هذه الإشكالية: فعزت بيغوفيتش مثال من الدارين بالعقل ما هو وبالأخلاق ما هي ومثال من الذين جمعوا بين العقل والعلم بحدوده وبين الأخلاق وشرط شروطها أو الالتزام بالقيم في العمل عامة والعمل السياسي خاصة.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي