لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفلهعبث المراهقين
إذا تواصلت سياسة مساعدة السعودية لأشقائها العرب على هذا النحو الذي نراه في اليمن ثم في لبنان فإن جميع العرب وقبلهم السعوديين سيطلبون الحماية من إيران كما يحدث الآن في هذين المثالين. فمثال لبنان يبين أن سنتها باتت تنتظر الحماية من حزب الله وعميله الذي يظن نفسه الجنرال دوجول.
لم أفهم ولن أفهم أبدا كيف بلغت الحنكة السياسية لهذا الأمير المتهور إلى تحويل بلده رهينة لدى اعداء بلاده بصورة لا يمكن لإيران أن ترجو أكثر: فهو قد أثبت أن سنة لبنان قد أصبحت قابلة بحماية حزب الله خوفا من مصير اليمن بمثل هذه السياسة الحمقاء.
وأثبت أنه لا سلطان له على قيادات السنة بدليل اضطراره لسجنه وفرض الاستقالة عليه وإلا لو كانت هذه الاستقالة كما يزعم صاحبها صادرة عنه فعلا لقدمها وهو في لبنان مع ضمان حمايته دوليا دون حاجة للاحتجاج بأنه كان يخاف على حياته لو قدمها في لبنان. وكيف يحميه من لا يحمي نفسه؟
فلست واثقا من أن أمير السعودية هذا يستطيع أن يحمي نفسه: فلا يمكن لحاكم أن يصفي الأسرة الحاكمة بهذه الطريقة على وعي بما قد ينجر من ذلك ليس على نظام بلده السياسي فحسب بل على بلاده نفسها وعلى وحدتها. لا يفعل ذلك عاقل وذو إرادة حرة. أظنه تحت تهديد وابتزاز ما.
ثم كيف يمكن لبلد له ما للسعودية من شروط السيادة المادية والروحية أن يصبح لعبة بين أيد لا يمكن أن يعهد لها حتى بتسيير ذاتها فرديا فضلا عن عهدة تسيير مركز الإسلام وحرميه؟ أكاد أرى بالعين المجردة من هنا أن أحلام إيران وإسرائيل لن يحققها إلا مثل هذا العبث.
وكيف يمكن أن تنهار أسرة حكمت ما يقرب قرنا بهذا اليسر؟ لا يفهم مثل هذا الامر إلا إذا كان البلد قبل ذلك قد احتل تحت أعين كل اجهزة أمنه الداخلي والخارجي. فلا يمكن أن يتساقط الأمراء الذين بيدهم سلطان الأمن والدفاع وسلطان القوة المادية (الأمراء) والروحية (العلماء) هكذا دون أدنى مقاومة.
صحيح أن مغازلة الشباب بجنسيه ومغازلة من بيده الحل والربط في الولايات المتحدة التي هي بدورها أصبحت لعبة بيد المافيات التي أبعدت اجهزتها الرسمية عن سياستها الخارجية يمكن أن تمد هذا المراهق بكل ما يصدر عنه من حماقات تفتح كل الأبواب لإيران وإسرائيل لإنهاء دور السنة في الإقليم.
لكنه ليس هو المراهق وحده. فعجائز النظام من قبله أهدوا العراق وسوريا ومصر واليمن إلى إيران وإسرائيل وهاهم تركوا ورثة سيهدون لهما بلادهم بدعوى التحديث الذي يقوده أميو الخليج بعد عزل نخبهم الصادقة والكفؤة حتى يسيطر على مقاليد السلطان من هذا سلوكهم.
فإذا لم يقدم شباب الخليج على تعديل الأمر قبل انفراط عقد دويلاتهم التي هي محميات مثلها مثل بقية بلاد العرب الأخرى فيصبح الاقليم كله تحت حكم ذراعي الاستعمار أي إيران وإسرائيل: ولن يحتاجا لتمويل حروب أو للمحاربة بشعوبهم فالحمقى من العرب حكاما ومعارضين يتكفلون بالمهمة.
كلهم حكاما ومعارضين صاروا أمراء حرب في قتال اهلي إما باسم مقاومة عربية مع إيران لإسرائيل تستغفل الشعوب أو باسم مقاومة مع اسرائيل لإيران تستغفل نفسها.
وفي الحقيقة نحن نعيش حربا أهلية بين دمى عربية ستكون نتيجتها جعل اقتسامهما للوطن العربي.