1-حدثان تزامنا تقريبا عاصفة الحزم والاتفاق بين الغرب وإيران مع تقدم للحدث الذي يعد معجزة على الحدث المنتظر.وهما حدثان يحتاجان إلى قراءة دقيقة تفهمنا ما علينا القيام به للاستفادة منهما أفضل استفادة.
2-فالحدث الأول يعد معجزة لأن الجميع كان يستبعده بسبب تراخي العرب واحتقارهم من قبل الأجوار وعملاء الاستعمار: أولى علامات الإرادة العربية النابعة من منطلق تاريخها.
3-لذلك ذهب سخيف المحليين العرب وقائدهم الخرف حسنين هيكل إلى نفي وقوعه بإطلاق يوما واحدا قبل حصوله المفزع لمحتقري العرب وللمتراخين منهم.
4-“فعاصفة العزم” هي إذن دليل على بزوغ معجز بهذا المعنى لأنه نهاية عهد العجز وبداية عهد الإرادة القادرة: استرجاع المبادرة استرجاعا مباغتا -وهو أشبه بأول محاولة لتحرك الجزيرة دخولا للتاريخ الكوني-سنحاول بيان شروط بلوغه إلى النضج الثابت الدال على أنه استئنفاف مثيل للبداية.
5-أما الحدث الثاني فكان متوقعا: الاتفاقية الغربية الإيرانية حول الملف النووي. لكن ما يغيب على أذهان قرائه هو مدلوله. إنه بداية النهاية لأوهام الهر الذي يحكي انتفاخا صولة الأسد: إيران. فاتفاقيات الحد من التسلح مع الاتحاد السوفياتي والتعايش-مع فارق الحجمين-مثل الضربة القاضية: لانتقال التنافس إلى نماذج العيش التي ستنهي النظام القروسطي للخمينية.
6-لذلك فالاتفاق له دلالتان: أولاهما تكذيب كل دعاوى إيران السابقة لقبول الشعب الإيراني بالتضحيات السخيفة التي جعلت إيران من جنس كوريا الشمالية. والثانية دعايتها الضرورية لتسويق الاتفاقية وتمرير الهزيمة لدى من انطلى عليهم من شعبها سابق أكاذيبها بأن لها شروط القوة العظمى وهي من حجم دون المتوسط ثراء وقوة بالقياس حتى إلى الخليج فضلا عن الغرب.
7-والدلالة الثانية هي الأهم: إنهاعودة إيران لحجمها الطبيعي دويلة صغيرة الحجم بمعيار القوة الاقتصادية والعسكرية اختارت توجها لا يمكنها منه حجمها فأصبح قصارى مرادها كله ضمانة بقاء النظام الذي يعلم الجميع أنه لا يقدر على خوض تسابق التسلح من دون أن يفلس لأنه دون الاتحاد السوفياتي الذي أفلس بهذا السبب رغم حجمه وقدراته العلمية والتقنية والاقتصادية والعسكرية.
9-ومن ثم فما حصل بخطة التعايش مع السوفيات سيحصل مع إيران وهي مقدمة على سياسة”غلاس نوت” أو على ما يؤدي بها إلى ربيع عربي قد يكون مؤاله الحرب الأهلية أو التفكك إذا لم تقبل بالعودة إلى دولة منطوية على ذاتها تحقق شروط العيش الكريم لشعبها: فرقص الشباب فرحا بالاتفاق لا يعني سذاجة الاعتقاد بأن ايران فازت بل يعني أن المحافظين خسروا المعركة نهائيا.
10-وإذن فإذا لم يغير “المعتدلون” النظام سلما فإن ربيعا عربيا داميا سيحصل في إيران وكل مليشيات إيران العربية ستصبح متسولة وفاقدة للرعاية: مثال ذلك أن حزب الله في إيران سيصبح عاجزا عن تمويل مليشياته وسيفقد سلاحه وظيفته مما يضطره إما لحرب أهلية لبنانية أو إلى تسلميه إلى جيش بلاده ليعود إلى حجمه الطبيعي: حزب أقلية له دور بقدر وزنه السياسي لا المليشياوي.
11-ومن هنا نفهم رعب هذه المليشيات من بزوغ الاستئناف السني الذي يتميز بخاصتين ثوريتين حقا: فهو في آن تجاوز للحربين الأهلية بين العرب وحرب القوميات بين الشعوب الإسلامية.
12-عاصفة الحزم بدأت بفهم قيادة بلد الحرمين الجديدة خطا الانحياز للثورة المضادة فصالحت الشعب والثورة أي رمزها الإسلام السياسي المعتدل وتضمنت بداية الحلف بين القوميات الإسلامية والسنية منها على وجه الخصوص.
13-لذلك كان فضل البداية من بلد الحرمين متمثلا في جعلها في آن مصالحة بين القومية التي لا تنافي الأممية الإسلامية والأممية الإسلامية التي تعتمد قاعدة التعارف بين الشعوب والقبائل (عملا بالمبدأ القرآني): بلد الحرمين يمثل الناطق باسم العرب والمسلمين في آن بدليل مكونات الحلف العربية والإسلامية.
14-فالحلف العشري لم يقتصر على العرب وحدهم بل هو كذلك إسلامي: وفيه أهم قوميتين شاركتا في مجد الإسلام مشاركة إيجابية: الأتراك والهنود. وهم يعودون إلى دورهم التاريخي المساهمة في حماية قلب الإسلام من العدوان عدوان القوميات التي تريد محاربة الإسلام ومثلهم الأجوار من أعدائه.
15-وتحرير الإسلام الذي هو السنة لا غير من هاتين الحربين بين شعوبه وقبائله في داخلها وفي ما بينها وجعلها تعتمد التعارف بدل التناكر هو الشرط الذي يمكنها من استئناف الدور العالمي الفاعل ليصبح المسلمون حائزن على حقهم في المساهمة في تحديد مصر العالم من جديد.
16-وليس بالصدفة أن كان التحرير متعلقا بإزالة تغول إحدى القوميات التي تريد إعادة المسلمين إلى أحقاد الماضي إلى مجد عنصري تجاوزه الإسلام: جمعا بين حقدين أحدهما يشوه حب آل البيت الشريف ليجعلها غطاء للثاني الذي هو حب آل بيت كسرى أنو شروان.
17-بدأت بهذه المقدمات لاعتقادي أن ما يجري موضوعيا يحتاج إلى وعي حاد لدى فاعليه وعيا ذاتيا يدرك هذه الدلالات العميقة فيجعلها غايات فعله ومحركاته: دلالة تزامن الحدثين تزامنا يوجب على العرب أن يكونوا قادة للإسلام في مرحلة الاستئناف كما كانوا في مرحلة النشأة.
18-فالحدثان: عاصفة الحزم بداية عهد عربي إسلامي جديد والاتفاق بين الغرب وإيران بداية نهاية وهم قومي لهر يحكي انتفاخا صولة الأسد. ونتمنى الشفاء لإيران حتى تكون أحد شعوب الأمة يؤمن بالتعارف بدل التناكر.
19-فإذا شفيت إيران من الحقدين: باسم الثأر لفارس الذي وظف له الثأر للحسين فإنها ستصبح أحد شعوب الأمة التي تسعى للتعارف لاستعادة مجدها ضمن مجد الإسلام لا ضمن ما تقدم عليه لأن ما تقدم عليه كان عبادة الدنيا والهوى وإخلادا إلى الأرض يبيح لهم الفساد فيها وعدم فهم أن الحيلة في ترك الحيلة.
20-فالإسلام السني متحرر من الطائفية الدينية والعرقية باعتبار السنة ملازمة للجماعة حتى في الاسم. ومن ثم فهي لا تستثني حتى من يستثني نفسه بل تسعى لنهيه عن غيه ما أمكن لها سلما وإذا لزم فإنها لن تخشى الحرب بدليل ما لم يكن متوقعا لظن العرب كما وصفه قائد مليشيات إيران العربية (نصر الله بالاسم وعكسه بالمسمى) في خطابه الأخير الذي سباب دال على روح الهزيمة.
21-فالطائفية العرقية والدينية هي استثناء أصحابهما لأنفسهم من الجماعة. والسنة تحاول استردادهم إلى الجماعة بكلمة سواء. وهو نفس الخطاب السني حتى مع الأديان الأخرى بأمر قرآني ونبوي لا يختلف فيه سنيان.
22-ويبقى سؤال هو الدافع لكتابة هذه التغريدات: ما الخطر الذي يتهدد “عاصفة الحزم”؟ الخوف كل الخوف هو أن تكون نار هشيم بمعنى أنها تقتصر على فعل واحد لرد عدوان وحيد: الاقتصار على دفع الخطر الذي يهدد الخليج مباشرة دون الإيمان بالرسالة التي تقتضي الانتقال من رد الفعل الموقعي إلى الفعل الكوني.
23-فعندما يقتصر الأمر على رد فعل موقعي يصبح من جنس التخدير في عملية جراحية جانبية وليس دالا على وعي باسترداد جسد الأمة عافيته التي تجعله كما وصفه الرسول تتداعى أعضاؤه مع بعضها البعض حماية ورعاية وبذلك يكون فعلا لا رد فعل: فمن دون ذلك لن تكون عاصفة الحزم بداية لعهد جديد بل مجرد رد فعل على آخر عنتريات العهد القديم لإيران. وهو أخر لأن الاتفاق النووي سيؤدي بإيران حتما إلى الانطواء تماما كما حدث للاتحاد السوفياتي بدهاء التعايش الغربي الذي يبرز التناقضات الداخلية لدى العدو فينطوي لعلاجها ويفقد المبادرة في الصراع.
24-وبين أن الاتفاق النووي سيؤدي إلى انطواء إيران على ذاتها. لكن المخيف بالنسبة إلى العرب هو العودة إلى السباب العميق فتعود حليمة تعود إلى عادتها القديمة: فقدان قيادات الخليج الشابة لقيادة الإسلام السني بطموح تاريخي كوني والاكتفاء بمظاهر الحضارة واستيراد نتائجها بدل السعي لتحقيق شروطوالتحرر من التبعية بتحقيق شروط الاستقلال حماية (استغناء جل العرب عن الحامي الغربي) ورعاية (استغناء جل العرب عن المساعدات الغربية) .
25-فيبقي الوطن العربي بصورة دائمة على دخوله المقلوب للحداثة : يدخلها من ثمراتها المستوردة بدلا من دخولها من عللها المبدعة لها فيكون مسهما في إبداعاتها لا مستمتعا بمبدعاتها دون إسهام فيها مكتفيا بشرائها من خلال بيع ثرواتها الطبيعية بثمن بخس: استيراد ما ينتجه الغرب بدل مشروعات منتجة لها.
26-ذلك أن الأمة غرقت في التخلف بهذا السبب الاستهلاكي المفرط والعجز المهين في الانتاج والإبداع للقيم المادية والروحية للحضارة: فالعرب بدأوا النهوض مع اليابان. لكن الفرق الذي نلحظه بيننا وبينهم هو أن باشوات العرب قلدوا فنون العيش فتأوروبا معيشة دون شروطها وبنوا القصور وركبوا فاره السياراة. أما اليابان فتعلموا فنون الإنتاج ولم يركبوا إلا سيارات أبدعوها ولو تقليدا لفن الصنع في البداية.
27-خوفي أن تعود قيادات الخليج ونخهبه إلى التنافس في بناء الناطحات وشراء السيارات بدل بناء الإنسان المبدع والعمل على توحيد الأمة بدءا بالوطن العربي بالاعتماد على أسس الدولة الحديثة التي تحقق قيم القرآن الكريم وقيم الحداثة على أساس المواطنة التي تتألف منها الجماعة فيوالدولة الحديثة ذات الشرعية الشعبية بالحرية والعدل: وليس في ذلك أدنى خطر على الأنظمة بل هو سيزيدها متانبة ويمدها بشرعية وديمومة تماثل ملكيات أوروبا التي هي أكثر ديموقراطية وعدل وشرعية من الجمهوريات. وذلك هو ما جعلها تتجنب أخطا الثورات بأخذ كل القيم التي تطالب بها وجعلها برنامج عملها دون حاجة إلى العنف والثورة.
28-فالتنافس بين النخب والأنظمة العربية عامة والخليجية خاصة في بناء الإنسان بهذه الشروط هو عينه مجد الإسلام وهو عينه قيم الحداثة بل إن ذلك هو حقيقة الصلح بين الاصالة والحداثة وشرط قيادة العرب للإسلام السني بما من الله عليهم به من ثروة وتراث: فهم أغنى المسلمين والحرمان في قلب الجزيرة.
29-وهم بذلك يزيلون أسباب الحربين الأهلتين: بين العرب (الثورة والثورة المضادة) وبينهم وبين المسلمين(القوميات المتعادية) فيعيدوا مجد الأمة : ذلك أن الصلح بين قيم القرآن وقيم الحديثة سيلغي المرضين الحاليين : سيحرر الأمة من الإرهابين :
الارهاب المادي لغلاة لتأصيليين الذي يخلط بين إحياء قيم الإسلام واسترجاع الماضي بتشويهه ورده إلى ما آل إليه في عصر الانحطاط.
والارهاب الرمزي لغلاة التحديثيين الذي يخلط بين قيم الحداثة والاستعمار بتشويها وردها إلى ما آلت إليه في الاستبداد الاستعماري فيعاملون المواطنين كما عامل الاستعمار الأنديجان.
30-ومثلما كانت عاصفة الحزم رمز البداية للاستئناف فالنجاح فيها سيكون رمز الثبات على السعي إلى الغاية حتى لا يكون الفعل نار هشيم. لذلك فسأضيف بعض الكلمات حول شروط النجاح فيها نجاحا يجمع بين درء الخطر الحالي والولوج إلى المسيرة ذات الرسالة : تحقيق الاستئناف المناظر للبداية في دور الأمة الإسلامية بقيادة عربية.
31-الشرط الأول: أن نعلم أن الحرب في اليمن ليست حربا خاطفة بل هي حرب مطاولة لأنها تتعلق بآخر مظاهر الطموح الإيراني ولأنها حرب “مؤخرة” . والجيوش المنهزمة تقاوم بمؤخرتها مقاومة وجود لأنه لم يعد فها مفر: حرب مؤخرة الجيش حرب وجود وبقاء.
32-لذلك فلا بد من فهم أن عاصفة الحزم تخوض حربين في آن:الحرب الأولى هي حرب القضاء على علل وجود البؤرة لضمان الحوثية على حدود بلد الحرمين. وهذه الحرب الأولى ينبغي أن تكون هجومية وحاسمة حسما نهائيا. والحرب الثانية هي حرب إعادة شرعية دولة اليمن وهذه ستطول كثيرا ويصعب أن تحسم من دون أن تصبح معتمدة على الشعب اليمني ذاته وليس على الحلف إلا بوصفه دعما جويا وماديا لثورة الشعب اليمني.
33-فإذا بقيت الحرب الأولى دفاعية -وهو ما بت أخشاه- فإن النجاح غير مضمون وقد تفقد الحملة مشروعيتها إذا طالت مثل حرب اليمن الداخلية. وإذا عوض الحلف اليمنيين في الحرب الثانية فالنجاح أيضا ليس مضمونا.حسم الحرب الأولى متقدم حتما وينبغي أن يكون خاطفا وماحقا.
34-وإذن فلا بد من حسم الأولى بكل الوسائل وبصورة هجومية لا هوادة فيها. ولا بد من تمكين اليمنيين من حسم الحرب الثانية بأنفسهم وبأسلوب يجمع بين شروط المطاولة والحسم النهائي لما له صلة بالبؤرة الحوثية وطبعا الحلف يوفر المساعدة الجوية وذلك التمويل وتوحيد القبائل والحركات السياسية المؤمنة بقيم الحقوق والواجبات. والمعلوم أن الحرب الثانية هي التي توفر الغطاء الـدبلوماسي الكافي للأولى : فتكون الثانية مناسبة لحسم ألأولى.
35-ختاما: نصيحتي للقيادة العسكرية ألا تبقي ما يجري على حدود بلد الحرمين يفسد عليها مسعاها في تجاوز الظرفي إلى البنيوي. فلا بد من الحسم السريع لبؤرة صعدة بطريقة هجومية لا هودة فيها قبل حل مشكل اليمن لأن هذا المشكل سيطول علاجه. فهو سيطول ولن يحسمه التحالف بل الحسم يعود إلى الشعب اليمني مع مساعدته الجوية واللوجستية وخاصة توحيد القبائل والحركات السياسية على تحقيق أهداف الثورة كما توصلوا إليها في حوارهم الوطني. والله هو الموفق.
36-إضافة : لكن دور مساعد الشرطي الإسرائيلي يمكن أني يغرب القوميين في فارس رغم أنه دون طموح الخمينيين. وكلا الطموحين لن يقوفهما ما تظهره إسرائيل من خوف كاذب من النووي الإيراني. فامكانات إيران لا تسمح بخوض سباق التسلح. ومن ثم فعلى العرب ألا ينخدعوا بخطاب إسرائيل. السيادة على المنطقة تعود إلى الحلف الذي تمثله بداية عاصفة الحزم إذا تواصلت بالشروط التي وصفنا ولم تكتفي بعلاج موقعي لقضية اليمن والحدود.
37-فهذا الحلف إذ عمل بالشروط التي وصفنا سيكون في آن محررا من هيمنة إسرائيل وإيران سواء أخذا منفصلن أو مجتمعين. وهو سيلغي الإرهابين المادي والرمزي ويحيد الطائفية الدينية والعرقية بسبب ما سيؤول إليه دور مصدريهما أي إيران وإسرائيل.
38-والحلف السني المخمس في المنطقة بقيادة عربية هو الذي سيمكن الأمة من الاستئناف بأبعاد الحضارة الجامعة بين الأصالة والحداثة أي الحكم الرشيد والتربية المبدعة والاقتصاد القوي والثقافة المحررة للذات والمرجعية الإسلامية السنية: 1-العرب 2-والترك 4-والكرد 4-والهنود 5-والمالويين.
39-أما الأقليات الدينية (التشيع والأديان الأخرى سواء كانت سماوية أو طبيعية) تمثل مصدر ثراء للأمة بمنطوق النص القرآني نفسه : لأن القرآن الكريم اعتبر تعد الشرعات من شروط التسابق في الخيرات (المائدة 48) ومن ثم فالإسلام يحمي كل الأديان ويحرر الشعوب من الطائفية الدينية والعرقية بهذه السياسة التي تعترف بالتعدد الديني الواقعي رغم قولها بالوحدانية الدينية المثالية التي يدعو إليها القرآن الكريم والتي حددها القرآن المكي بوصفها القيم المثالية لكل دين من حيث دين ما لم يكن محرفا.
40-ولا يمكن أن نتصور الاستئناف الإسلامي لأداء دور عالمي يمثل الرسالة وقيمها ما لم يكن منطلقا من قيم القرآن وتطبيقها السني لأن أفضل من يفهم القرآن ويطبقه هو الرسول الأكرم الذي طبقه سياسيا (فوضع أول دستور يحكم التعدد) وأول تربية (تخرج الرجال المبدعين) وأول اقتصاد يعتمد على المجتمع وليس على الدولة وأول ثقافة هدفها تحرير الإنسان وكل سلطان يتعالى على علاقته بربه فنفى الكنسية والسلطة الروحية الوسيطة وتلك هي المرجعية السنية التي مثلها في النظر شيخ الإسلام وفي العمل علامة الإسلام : ابن تيمية وابن خلدون.
41-وبهذا المعنى فدليلنا لوضع استراتيجية الاستئناف هو في مستوى النظر والعقد أول المصحلين وفي مستوى العمل والشرع ثاني المصلحين:
الأول حرر فكرنا النظري في التربية والثقافة من أمراض علم الكلام وتصوف وحدة الوجود ليمكن الإنسان من دوره في التاريخي بشروط الحرية والمسؤولية.
والثاني حرر فكرنا العملي في الحكم والاقتصاد من أمراض الاستبداد والفساد ليمكن الجماعة من دورها التاريخي بشروط الحكم والاقتصاد المحققين لشروط الحرية والكرامة.
لذلك فمجموع الإصلاحين هو عين ما طالبت به الثورة التي تؤمن بضرورة الوصل والمصالحة بين قيم القرآن الكريم إحياء لقيم نشأة الأسلام المتحرر من الانحطاط وقيم الحداثة المتحررة من الاستعمار الذي يعامل نوابه في مرحلته غير المباشرة شعوب الأمة وكأنهم انديجان يفرضون عليهم تصوراتهم الاستعمارية ويعالمونهم وكأنهم عبيد بدعوى التنوير الكاذب والتحديث الزائف.