طبيعة المعركة ورهاناتها – الجزء الأول

تنبيه مدير الصفحة

هذا النص رغم شكله التغريدي هو في الحقيقة بحث معمق في علل التعثر الذي تعيشه الحركتان الجاريتان في لحظة العرب الراهنة:
1-الحركة التي بدأت من بلد القيروان طلبا لشروط التحرر من الاستبداد والفساد
2-الحركة التي بدأت من بلد الحرمين طلبا لشروط التحرير من الاستضعاف والاستتباع.
وفي النص محاولة لبيان علل اللقاء بين الحركتين وشروط تحولهما بحق إلى ثورتين لأنهما إلى حد الآن ما تزالان غير واضحتي المعالم من حيث تحديد الغاية والاستراتيجية.
لذلك فالنص محاولة لبيان شروط تحول الحركتين إلى ثورتين تلتقيان في تيار واحد يمكن من تحقيق شروط الاستئناف لأن كلا منهما لا تتحقق إلا بالأخرى:
1-فلا يمكن للتحرير من الاستضعاف والاستتباع أن يتم بدول مستبدة وفاسدة وإذن فإصلاح العلاقات الداخلية شرط التحرير من الاستضعاف والاستتباع.
2- ولا يمكن للتحرر من الاستبداد والفساد بدول مستضعفة ومستتبعة وإذن فاصلاح العلاقات الخارجية شرط التحرر من الاستبداد والفساد.
فيتبين من ثم أن المعركتين واحدة وهي معركة استعادة وحدة الأحياز الخمسة (المكان وثمرته المادية والزمان وثمرته الرمزية والمناعة الروحية) وأنهما بعدا الثورة التي على العرب أن يخوضوها حتى يحققوا شروط الاستئناف فيكونوا قاطرة الأمة كلها.

المدخل

1-قلنا لأستاذنا: أليس الغرق في تأويلات التراث التأصيلية وفي قراءات الوقائع التحديثية بدلا من أن يساعد في الاستئناف يعرضه إلى معوقات عنيدة؟
2-ألا توجد طريق أخرى أبسط وأكثر مباشرة لتحقيق شروط الاستئناف دون كثرة التأويلات والقراءات كما يفعل المندفعون في ما يجري من معارك فعلية؟

علل اعتماد التحليل على مصادر أهلية

3-أحالنا الأستاذ على نص ابن خلدون التالي:”وأما الأفعال الحيوانية لغير البشر فليس فيها انتظام لعدم الفكر الذي يعثر به الفاعل على الترتيب فيما يفعل إذ الحيوانات إنما تدرك بالحواس ومدركاتها متفرقة خالية من الربط لأنه لا يكون إلا بالفكر.” (المقدمة الباب السادس).
4-ثم علق: قد يعاب علي أني استعمل بكثرة مصادر فلسفية عربية وخاصة ابن خلدون وابن تيمية والغزالي وأني أعتمد خاصة القرآن الكريم أصلا (يحيلون إليه هم بدورهم) لفهم شروط النشأة والاستئناف .
5-وليس ذلك لعجز عن الإحالة على فلاسفة الغرب بل أنفا من الفكر المقصور على عبودية الموضة مع جهل حقيقي بمعنى التساوق بين الفكر وموضوعه : فالإحالة عليهم ممكنة في الكليات لكنها لا معنى لها في الخصوصيات.
6-ولأضرب لكم كثرة ترديد مفهوم”الريزوم” للقدح في مفهوم الفاعليات ذات الأساس الهووي. وهي فكرة قد يكون لها ما يبررها في حال تصدع لحمة التماسك في الاجتماع الغربي.
7-لكن حيثما كانت هذه اللحمة قائمة يكون الأول لا معنى له إلا للأزمة التي تمر بها الثانية. هم يصفون موجودا دون أن يجعلوه منشودا. ومقلدو الموضه من السذج يطلبون منشودا غير مدركين لنعمة انعدام وجدانه ولا مبالين بخطر نشدانه.
8-تلك علة حرصي على التساوق بين الفكر وموضوعه لأن النسبة بينهما هي نسبة الصورة والمادة: ما دامت اللواحم الأصلية لم تفقد بعد فإن الانطلاق منها يعد أساس التفكير في علاج أدوائنا.
9-مجتمعاتنا في صراع بين من يريد لها منشودا ليس له من هدف عدى تهديم الموجود ومن يريد تدعيم الموجود بما يتولد عنه بذاته من منشود يلائمه.
10-وشتان بين من يريد علاج أدواء مجتمعه بمعرفة حاله العضوية والروحية وبين يريد استيراد أدواء مجتمعات أخرى هي بدورها بدأت تستشعر مرضيتها وتحاول تجاوزها بإحياء اللواحم المتينة.

العلاج الفلسفي المباشر

11-ولنعد إلى السؤال: إحالتي على ابن خلدون إحالة على تمييز أساسي بين نوعين من الفعل: المنتظم لأنه على علم وفكر واللامنتظم أو الحيواني. وهذا التمييز هو الذي يمكن أن أسميه مبدأ ابن خلدون في تحليل الظاهرات التاريخية التي تختلف عن الظاهرات الطبيعية بالقصدية وتقدم الانتظام الفكري على الحدوث الفعلي.
12-إن كل من يريد أن يفهم علل تعثر النهضة العربية خاصة والإسلامية عامة لا بد أن ينطلق من هذا السؤال: هل يمكن لأمة نشأتها الكونية الأولى انطلقت من فكر يستند إلى تأويل تاريخ البشرية كله وتحليل أوضاع الإنسانية كلها -القرآن الكريم-أن تستأنف دورها الكوني دون فكر يماثله من حيث التخطيط الاستراتيجي ؟
13-وهل يوجد فكر في الشأن الإنساني ليس تأويلا لحديث الحدث المدبر وتحليلا لحدث الحديث المقبل أي فهما لصراع الحديثين والحدثين في الحاضر الذي هو بؤرة الاعتمال الدائم للالتفاتين للماضي والمستقبل؟
14-فحاضر الإنسان تأويل لحديث الماضي حول أحداثه الحاصلة وهو في آن تحليل لحديث المستقبل حول أحداثه الممكنة في حوار نظري وعملي هدفه تحقيق أفضل الطرق للاستثناء من الخسر (سورة العصر).
15-والحوار الفكري يميز بين المؤمن الذي يؤمن في جماعة تتواصى بالحق ويعمل صالحا في جماعة تتواصي بالصبر للخروج من الخسر أي من الانحطاطين بالنسبة إلينا الآن.
16-وحتى يكون هذا الحوار موضوعيا وبمعزل عن الصراع الدموي فلا بد أن يرتفع إلى مستوى أكاديمي يبعده عن الغوغائية ويقربه من التواصي بالحق ومن التواصي بالصبر.

ما المطلوب؟

17-مطلوبنا هو شروط الاستئناف الذي نسعى إليه بهذا النهج لنحقق الاستثناء من الخسر فنسهم في إخراج الأمة من وضعها الراهن ومن الانحطاطين المكبلين لحيويتها.
18-فمعرفة الجامع بين ما بدأ من بلد القيروان-ثورة التحررمن الاستبداد والفساد- وما بدأ من بلد الحرمين -ثورة التحرير من الاستضعاف والاستتباع-هو ما يمكن أن يساعد في تحديد طبيعة المعركة الواحدة وراء ما كان في البداية يجعل الثانية ضد الأولى إلى حدوث التغيير فيها.
19-وليكن التركيز على البريقين الدالين على بداية الاستئناف في الحدث حتى وإن لم يصبح بعد موضوع الحديث لتأخر الوعي عن موضوعه في هذه الحالة: ثورة التحرر التي بدأت من بلد القيروان وثورة التحرير التي بدأت من بلد الحرمين.
20-كيف نسهم في تسديد خطاهما نحو توحيد الثورتين فنحدد ما بين مطالبهما من شروط مشتركة تجعل تحقيق أي منهما ملزوما بتحقيق الثانية للترابط.
21-هي إذن مهمة ليست باليسيرة: فهل ما بدأ من بلد القيروان ثورة تحرر أم هو مجرد تنافس محلي على الحكم؟ هل ما بدأ من بلد الحرمين ثورة تحرير أم مجرد دفاع نظام عن بقائه؟ أترانا نتوهم أنهما ثورة على ما ذكرنا؟
22-ألست أتوهم أن ما انطلق من بلد القيروان ثورة تحرر فعلية وما انطلق من بلد الحرمين ثورة تحرير فعلية؟ كيف نثبت أنهما ثورتان للاستئناف؟ أو بصورة أدق ما الذي يجعلهما كذلك إذا صدقت النوايا فطابقت الأفعال الأقوال؟
23-وبصورة أدق ما الذي ينبغي أن يحصل في تطورهما لكي يتأكد أنهما أولا ثورتان فعليتان وأنهما ثانيا ذاتا أفق استئنافي لدور المسلمين الكوني؟
24-وينبغي أن نفترض كذلك أنه يمكن أن يوجد تنكر مضاعف لكلتا المحاولتين. فيمكن أن تدعي كل منهما ما ليس هي إما بحق لمغالطة الأصدقاء أو لمغالطة الأعداء.
25-كلتاهما يمكن أن تغالط الأصدقاء فتدعي نية الاستئناف كذبا تسويقا لذاتها وهي قطرية. وما نأمله أنها تغالط الأعداء فتدعي القطرية لمخادعته حتى يشتد عودها فتعلن عن حقيقتها التي أخفتها.

ثورة أم مجرد تنازع سياسي على الحكم؟

26-ولنبدأ الآن بثورة التحرر التي بدأت من بلد القيروان: كل محاولات حصرها في القطر لم تفلح لأنها شملت الوطن وخاصة بعد رد الثورة المضادة.
27-لكن الابتزاز بالحماية والرعاية (تحريك الإرهاب ومنع المساعدات) بدأ ينجح في دفع الطامعين في الحكم إلى القبول بالتبعية والقطرية السابقة.
28-والمثال الأول بلد القيروان الذي يظن البلد الوحيد الذي نجحت فيه الثورة بخلاف الحقيقة. الثاني المعارضة السورية المسماة مدنية: تقبل بالوضع السابق.
29-الوضع السابق هو: القبول بما فرضه الاستعمار وعملاؤه على الأحياز اي الجغرافيا والتاريخ الاستعماريين الحائلين دون تحقيق أهداف الثورة.
30-وما إقدام الغرب على إسقاط التجربة المصرية إلا لاقتناع عميق بأن بداية الاستئناف كان يمكن أن تنطلق من مصر بسبب وزنها ودورها الإسلامي.
31-وكل ذلك يثبت سلبا وإيجابا أن ما يجعل الثورة ثورة تحقق الأهداف بأسبابها هو ما يحول دونه الاستعمار وعملاؤه أعني تحقيق شروط التنمية المستقلة بالحجم الكافي.
32-ومعنى ذلك أن الغرب لا يرى مانعا من تغيير الأنظمة السابقة – التي اهترأت ولم تعد قادرة على تحقيق مصالحه بكلفة مقبولة – بشرط أن يكون البديل أنظمة تقبل الجغرافيا والتاريخ الاستعماريين وتمرر الديموقراطية التابعة التي لا تعبر عن إرادة أصحابها.
33-والترجمة السياسية لذلك هي أن يكون التغيير شكليا فيبقى على شروط التبعية ويزيل الخوف من إمكانية الاستئناف العربي قاطرة للأمة الإسلامية قطبا عالميا.

تحرير أم مجرد دفاع عن نظام؟

34-وهكذا تلتقي الثورة الأولى – ثورة التحرر – بالثورة الثانية – ثورة التحرير -. فعاصفة الحزم وإن لم يكن دافعها الصريح السعي لتوحيد العرب إيجابا بل هو سلبا منع المزيد من التفتيت فإنها في الغاية يمكن أن يفهم أصحابها ما ليس منه بد.
35-فالحقيقة الصارخة هي أن منع المزيد من التفتيت غير ممكن إلا بالمزيد من التوحيد شرط القدرة على المنع. والخليج تسليما جدليا بأنه متحد يبقى إنه ظل منطويا على نفسه -حرصا على بحبوحة زائفة وقصيرة النظر لأنها لا تعتمد على ثروة حقيقية-لقمة سائغة لإيران وغيرها.
36-فتكون النتيجة في ثورة التحرير مثل النتيجة في ثورة التحرر. فما بدأ في بلد القيروان لا يكون ثورة تحرر إلا بالتحرير من علل الجغرافيا والتاريخ المفروضين وما بدأ في بلد الحرمين لا يكون ثورة تحرير إلا بالتحرر من علل الاستبداد والفساد.
37-فلا يمكن لما بدأ في الحرمين أن يكون ثورة تحرير إلا بالتحرر مما وقعت عليه الثورة في بلد القيروان. فالاستبداد والفساد مرضان ملازمان للتبعية. وإذن فوجهتا الثورة مترابطتان.
38-والحصيلة هي التلازم بين وجهي الثورة: ففي الداخل الثورة ثورة على الاستبداد والفساد وفي الخارج الثورة ثورة على الاستضعاف والاستتباع. والوعي بذلك هو بداية الاستئناف الواعي.

المسألة الجوهرية

39-والسؤال هو: هل كلتا الحركتين المنطلقتين من بلد القيروان ومن بلد الحرمين مدرك أصاحبهما لهذه الحقيقة وجاعلون افق عملهم وغايته تحقيق شروط الاستئناف؟
40-لسوء الحظ-رغم كل تفاؤلي-ينبغي أن اعترف أن ذلك ليس ما يسيطر على الوعي بحقيقة الوضع المسيطر عليها. وإذن فهذه الحقيقة التي حصلت في أحداث التاريخ متقدمة على الوعي بها.
41-ورغم تأخر الوعي عن الوضع فإن ذلك يبقى علة لتفاؤلي وسببا لـمسعاي في ما أكتبه لأسهم في جعل الوعي بالوضع مطابقا للوضع فتصبح الحركتان ثورتين متحدتين لتحقيق شروط الاستئناف.
42-وما أركز عليه اليوم في هذه المحاولة: كيف يتم التحررمن أسباب الاستبداد والفساد والتحرير من الاستضعاف والاستتباع بالمبدأ الذي أحلنا عليه: مبدأ التنظيم الفكري للأحداث ودلالاتها استراتيجية للعمل كما حدده ابن خلدون في نصه؟
43-ذلك أن التفاضل بين الوعي وموضوعه – التفاضل الذي يقاس به الدور الذي يؤديه هذا المبدأ في حياة الجماعة- يعود إلى أمرين: 1-عدم علم الجماعة بمبدأ ابن خلدون عامة 2-وعدم تنزيله على أعيان النوازل التي يتعلق بها العمل.
44-والمعلوم أن التفاضل بين الوعي وموضوعه لا يستنفد لأن علاقته به هي علاقة تأويل لدلالات وليس علاقة مطابقة مطلقة. وسؤالهم يريد الاستغناء عن محاولة الحد من التفاضل لاعتقادكم أن المرور المباشر إلى الفعل قابل لأن يحقق الغايات. وذلك ممتنع بمقتضى مبدأ ابن خلدون: فتأويل التراث شرط في فهم الأوضاع إذ التراث وعي والأوضاع موضوعه.
45-ظنت الحركة التي بدأت من بلد القيروان أن الحائل دون الكرامة والحرية مقصور على إرادة الحكام وتصورت الاستبداد والفساد ظاهرة نفسية وخلقية فحسب وتصورت أن تغييرهم كاف لحل المشكل. لكن الأمر أبعد غورا.
46-وظنت الحركة التي انطلقت من بلد الحرمين أن علل الاستضعاف والاستتباع مقصورة على تمدد إيران وإسرائيل فتبين أن الأمر ابعد غورا لأن إيران وإسرائيل أداة فيهما.

المعركة الحقيقية والكاريكاتور الملهي عنها

47-وهكذا أدركنا أن العلل الداخلية للاستبداد والفساد والعلل الخارجية للاستضعاف والاستتباع علل متداخلة وأن الانحطاطين وممثليهما هما علة العلل لأنهما يزيفان الوعي ويقبلان الوقائع ويستعيضان عن المعركة الحقيقية بكاريكاتور منها.
48-وصلنا الآن إلى مرحلة في التأويل والتحليل تتطلب الانتباه الشديد والصبر الحميد: فنحن أمام معركتين متراكبتين واحدة حقيقية لا تكاد تظهر والثانية كاريكاتور منها تسيطر على ركح الأحداث.
49-فالكاريكاتور من المعركة الحقيقية هو المسيطر لأن صفيه يسندهما الانحطاط بدعم من موظفي ممثليه أي سند الأعداء اللذين يريدون تزييف التحديث والتأصيل لأنهما من حيث الحقيقة أمر واحد: فالتأصيل ليس نسخة من ماضي الذات بل هي حياته والتحديث ليس نسخة من حاضر العالم بل هو حياته: وتلك هي حياة الحضارة المبدعة.
50-وإذن فالمعركة الحقيقية هي معركة التحديث والتأصيل الفعليين والمتطابقين وصلا بين مراحل حياة متجددة معركتها مع هذا الكاريكتورالحائل دونهما. والمعركة الكاريكاتور هي أداة الأعداء لمنع الأمة من تحقيق شروط الاستئناف.
51-ولا يعني ذلك القول بالمؤامرة بل هو يعني أن الأمم المتنافسة تكيد لبعضها البعض لأنها تتنافس على نفس الخيرات بكل الطرق بحكم قانون تاريخ الإنسان الطبيعي لا قانونه الخلقي.
52-فالمعركة الكاريكاتورية موجودة بحق وهي ثمرة الانحطاطين. والأعداء لم يوجدوها بل هم يوظفونها لمنع الاستئناف. وهذا يعني أن جبهة الوطنيين الإسلاميين وجبهة الوطنيين من غيرهم تنقسم إلى صف الساعين إلى التأصيل والتحديث الحقيقيين وصف كاريكاتورهما.
53-بعبارة أوضح: من يعطل الإسلاميين أسلاميون يزايدون عليهم في التأصيل وهم يكفون الأعداء مؤونة تعطيل التأصيل السوي. ومن يعطل غير الإسلاميين غير إسلاميين يزايدون عليهم في التحديث وهم يكفون الأعداء مؤونة تعطيل التحديث السوي.
54-ولعل افضل مثال: النظر في الصف المنحاز للسيسي حيث تجد حزب النور ودراويش الصوفية وكل علماء السلطان من المتاجرين بالدين المحرف وكل وجل العلمانيين والليبراليين من دراويش الحداثة ومثقفي السلطان ومن المتاجرين بالعقل المحرف.
55-ولم يبق في الصف المنحاز للثورة في مصر إلا من اجتمع عليهم أهل الباطل في العالم. المهم أن المعركة لم تعد بين إسلامي ولا إسلامي بل هي بين حقيقة السياسة البانية للأمة والكاريكاتور منها. وممثلو هذا الكاريكاتور هم السيسي وبشار وحفتر وصالح إلخ… بسند بين من طبقات حقيقية في المجتمع تقاسـم الاستعمار نفس المصالح.
56-لكنها سيطرة القوة العمياء عديمة الشرعية والعاجزة عن الحكم السوي ما يجعلها بالجوهر بحاجة إلى الفساد للمحافظة على ما يمكن منه الاستبداد: لذلك اجتمعت الأدواء الاربعة الاستبداد والفساد والاستضعاف والاستتباع.
57-وهذا الاستبداد والفساد (مرضا العلاقات في الداخل) متحالفان مع الاستضعاف والاستتباع (مرضا العلاقات في الخارج) أي أدواء الأمة الأربعة التي يمثل التصدي لها الوجه السالب من المعركة الحقيقية التي وجهها الموجب هو بناء شروط الاستئناف.
58-وهذا ما علينا التصدي له بتأويل التراث وتحليل الأوضاع ليس بهدف الكلام في وصفهما بل في دورهما المساعد على النصر في المعركة الحقيقية: فتأويل التراث الذاتي والمستورد يساعد على فهم الكاريكاتور ويمكن من النفاذ إلى المعركة الحقيقية.
59-إن تأويل التراث بصنفيه (تراثنا وتراث الغرب) هو الذي يمكن من التمييز بين الأصالة المطابقة لتناسقه وكاريكاتور الأصالة الذي يخلط بين الإسلام ونكوص العرب إلى الجاهلية الجهلاء.
60-وتحليل الوقائع بصنفيها (من تاريخنا ومن تاريخ الغرب) يحدد الحاجات الفعلية التي تمكن من تحقيق شروط الحماية والرعاية بمنطق العصر ومتطلباته فيميز بين التأصيل والتحديث وكاريكاتورهما.
61-والتمييزان يثبتان أن قيم القرآن الكونية وقيم الحداثة الحضارية تتطابقان في الأساسيات التي تحقق شروط الحماية والرعاية مع أخلاق متعالية هي جوهر الحضارة التي تحول دون الإنسان والإخلاد إلى الأرض.
62-وتلك هي البداية الفعلية للاستئناف: فالتطابق بين المصدرين القرآني والعقلي يمكن من الإصلاح في العلاقات الداخلية العادلة وفي العلاقات الخارحية الندية فتسترد الأمة دورها في تحديد قبلة البشرية من جديد.
63-وبذلك لم يبق لنا إلا تحديد مقومات هذين الإصلاحين حتى نكون قد أجبنا عن السؤال الذي انطلقنا منه: كيف نتحرر من معوقات الاستئناف الناجح؟
64-وتلك هي مادة القسم الثاني من هذه المحاولة إن شاء الله: أن نحدد طريقة التمييز بين الكاريكاتورين من التأصيل والتحديث وحقيقة المعركة التي علينا خوضها لاستعادة شروط الاستئناف وأولها وحدة الأحياز الخمسة.
65-وحقيقة المعركة التي هي معركة الاستئناف هي التي تبني الدولة المتحررة من الاستبداد والفساد داخليا والمتحررمن الاستضعاف والاستتباع خارجيا الدولة التي تكون بكيانها أعني بأحيازها القادرة دولة ذات سيادة فعلية لا مجرد رسم من الدولة .


طبيعة المعركة ورهاناتها – الجزء الأول – أبو يعرب المرزوقي

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي