طبيعة القرآن، هل هو وحي مرسل ام ابداع محمدي؟ – الفصل الثالث

لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله طبيعة القرآن

في الفصل الثالث من البحث ننظر في عودة القرآن على ذاته لتعريف هذه الفلسفات الخمس، فلسفات:

  1. الدين

  2. والتاريخ

  3. والاخلاق

  4. والذوق

  5. والمعرفة

ونحتاج هنا إلى ما سميته المعادلة الوجودية: فلسفة الدين هي نظرية مبدع الطبيعة وفلسفة التاريخ هي نظرية معقد التاريخ. وما بقي أكثر تعقيدا.

ففلسفة الاخلاق خطاب تاريخي للإله وفلسفة الذوق خطاب طبيعي للإنسان ونظرية المعرفة قبل يصل الفاعلين بتوسط الخطابين حوارا بين قطبي المعادلة.

والمعادلة هي:

  1. الله

  2. والإنسان ومفعوليهما

  3. الطبيعة و

  4. التاريخ

  5. والحوار هو الخطابان من الذوقي من 3 إلى 2والخلقي من 5 إلى 1 بالمعرفة.

فتكون المعرفة هي علم الأسماء كلها وبعضها يسمى حقيقة وبعضها إن هي إلا اسماء سميتموها أنتم وآباؤكم. وإذن فالقرآن حدد منزلة الإنسان في الوجود.

حددها بخصوص كيانه العضوي الذي هو طبيعي والتاريخي الذي هو روحي في علاقته بالطبيعة وفاعلها وبالتاريخ وفاعله وبالتواصل المعرفي بين نسبي ومطلق.

والعلاقة بين النسبي والمطلق تتعلق بالإرادة والعلم والقدرة والحياة والوجود التي هي صفات الإنسان المقومة لكيانه وإطلاقها عند الله هو انشداده.

وما يسميه ابن خلدون تألها كريها هو توهم بعض الناس أنهم فعالون لما يريدون محيطون بما يعلمون على كل شيء قادرون حياتهم سرمدية ورؤاهم عين الوجود.

وإلى هذه الأوهام يرد القرآن التحريف إلى ما في ذات الإنسان منها ويظهر في :

  1. رسالة التذكير

  2. برسالة الفطرة:

  • هي القرآن

  • وهي شهادة أبناء آدم.

فيصبح مصدر التحريف كفرا للحقيقة وبها وهو ناتج عن نظرية المعرفة التي تجعل الإنسان يطلق صفاته بتوهم العلم المحيط بالوسطين والقطبين.

فيصبح الحوار مستحيلا بين النسبي والمطلق لأن إطلاق النسبي يغلي المطلق الفعلي ويرضى بوهم الإطلاق فتضيع ذات الإنسان وذات الله بغياب الفرق.

وكل فلسفة الدين الهيجلية ترجع إلى محاولة يائسة هدفها رد هذا التضايف إلى محاولة تجاوز الثالث المرفوع بمنطق الجدل لرد الموضوع إلى الذات.

وهو رد يائس لأنه يخيب حتى في علاقة الذات بذاتها: فبما هي معلومة للذات لا تقبل الرد إلى علمها بذاتها. في ذواتنا غيب لا يرد لعلمنا بها أبدا.

وبين بنفسه أن الذات التي يعجز علمها بذاتها عن الإحاطة بها هي أعجز بالطبع عن الإحاطة علما بغيرها مهما كان ضئيلا فضلا عن العلم بالوجود كله.

لذلك فنظرية هيجل تنتهي في الحقيقة إلى مجرد قلب لفلسفة سبينوزا: وحدة الوجود في الطبيعة الطابعة صارت وحدة وجود في التاريخ الآرخ.

ولما كان يعتبر آرخ التاريخ هو الإنسان بإطلاق فقد انتهى إلى تذويت طابع الطبيعة حتى يعلل نظرية ألوهية المسيح رمزا للإنسان كما يتصوره.

ووحدة الوجود تبقى هي هي سواء طبعناها أو أرخناها: هي نفي لأحد القطبين ينتهي إلى نفي القطب الثاني. إذا نفيت الإنسان نفيت الله والعكس بالعكس.

القطبان متلازمان اثباتا ونفيا في الوعي الإنساني. والتلازم في الوعي لا يعني الادغام في الوجود. وعينا هو انشدادنا بين القطبين النسبي والمطلق.

وهذه المعادلة وفهم بنيتها وصلا وفصلا هما منطلق الفكر الفلسفي والفكر الديني وكل ما يتجاوز هذه البنية في الوعي انتقال من الشاهد إلى الغيب.

والانطلاق منهما إلى ما يترتب عليهما في الشاهد هو كل ما يستطيع الفكران القول فيه بما يقبله العقل ولا يعارض النقل إذا لم يتجاهل العقل الفرق.

وما نسميه فلسفة حديثة حداثتها هي هذه الحقيقة وتطبيقها في جعل علمها لا يتجاوز عالم الشهادة ولا يقيس الغائب فضلا عن قيس الغيب على الشاهد.

العلم الحديث يقيس الشاهد على الغائب بعكس علم الكلام والفلسفة القديمة والوسيطة: والغائب عنده فرضي يجود علم الشاهد بشهود ما يجليه الفرض.

والحكم بين غائب الفرض وشاهد التحاصل هو التجربة التي تتجاوزها بتحصيل ما لم تكن قادرة على رؤيتها قبل الفرض حول الغائب المقيس عليه في العلم.

وغالبا ما يكون الفرض حول الغائب مستمدا من الرياضيات التي هي إبداع ينتج عن الاشرئباب المشدود إلى المطلق. فالفرض معينه نظام العالم وتناسقه.

والعالم المتناسق ليس محسوسا ضرورة بل هو ينتسب إلى “مقدرات ذهنية” للبنى الممكنة واللامتناهية في عوالم أكمل لا نرى كمونها في العالم المحسوس.

وما كنا نكون قادرين على افتراض البنى اللامتناهية تقديرا ذهنيا لو لم نكن قادرين على الاشرئباب المشدود إلى المطلق بالإبداع الفني والرياضي.

معلوم أني أنفي خرافة الإعجاز العلمي لأنها تؤرخن القرآن وتنبني على تأويلات لفظية خالية من شرطي المعرفة العلمية أعني الصوغ الرياضي والتجربة.

وأومن بأن الديني في الأديان والفلسفي في الفلسفات كوني وسرمدي لأنه ما بعد العلم والعمل بوصفه قولا في شروطهما دون اعتبار لأعيان موادهما.

وعدم اعتبار أعيان المواد يبقي على الشروط الصورية مضمون المعادلة الوجودية سواء تمت بقطبيها أو نقصت منهما لأن النقصان إدغام لهما في الوسيطين.

فإدغام القطب المطلق في الطبيعة وإدغام القطب النسبي في التاريخ يبقي عليهما فيما ينسبه إلى ما حيثهما فيه قوة كامنة لكأنها كائن مادي ذو روح.

فالمدغم طبعاني أو تاريخاني والفاصل بين القطبين والوسيطين يقول بإله غير محايث في الطبيعة وإنسان غير محايث في التاريخ بل مفارقان لهما.

واختلاف التصور المحايث والتصور المفارق لا يعنيني حاليا. المهم عندي بقاء المعادلة كما هي: فاعلان في الطبيعة وفي التاريخ محايثان أو مفارقان.

فتكون المعادلة مربعة العناصر وبينها تواصل من بين الفاعلين والمفعولين ثم بين الفاعلين وبين المفعولين فيكون التواصل نوعين: مباشر وغير مباشر.

والدين يقدم التواصل المباشر على التواصل غير المباشر والفلسفة تعكس. والتحريف الاخطر هو خلق وسيطين سياسيين طاغوتيين: في التربية وفي الحكم.

ثورتا الإسلام المهملتين: النهي عن تحول وساطة التربية إلى طاغوت سلطة روحية تستتبع المتعلم ووساطة الحكم إلى طاغوت سلطة مادية تستعبد المحكوم.

لذلك ألغى الإسلام الكنسية على الأقل من حيث المبدأ. لكن المسلمين أرجعوها. صراحة عند الشيعة وبصورة مداورة عن السنة (الفقهاء والمتصوفة).

وألغى الاستبداد السياسي لأن الاستبداد التربية رديفه وهما متواطئان دائما بأن جعل أمر الأمة للامة تسوسه بالشورى فرض عين لتعيين الولي ولعزله.

ومثلما نكص المسلمون بنظام التربية فصار كنسية صريحة عند الشيعة كواجب مخفية عند السنة كأمر واقع فإنهم قد نكصوا بنظام الحكم إلى الاستبداد.

وللاستبداد شكلان: امر واجب دينيا عند الشيعة لظنهم أن الأئمة لهم حق إلهي في الحكم وأمر واقع طبيعيا عند السنة لإضفائهم الشرعية على المتغلب.

وثيقة النص المحمول ورابط تحميلها

يقوم على الموقع عاصم أشرف خضر مع مجموعة من طلاب الأستاذ ومتابعيه.
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي