صورة التعامل بين الله والانسان في القرآن وفي الحياة – الفصل الرابع

لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله صورة التعامل

اغلب من يسمون دعاة لا يمثلون إلا كاريكاتور الاسلام: جعلوا الدين نفاق مظاهر وباعوا قيم دينهم بفتات المستبدين والفاسدين: الثورة فضحتهم نهائيا.

وما فرض على الحكام الذين يدعون الحكم بالإسلام مثل فرصة الفرز بين من هم في خدمة الإسلام ومن ينافقون به لخدمة دنياهم على حساب أخراهم: من سجن؟

الثورة المضادة لها سهم في فضح علماء السوء. وبذلك فإن كاريكاتور التأصيل قد صفته الثورة والثورة المضادة بأن ميزتا الطيب فيه من الخبيث.

ونفس الأمر حدث في صف كاريكاتور التحديث: الثورة بينت الصادقين وهم بندرة الكبريت الأحمر والثورة المضادة أكملت المهمة ففضحت انحيازهم ضد الحداثة.

ويمكن القول الآن أن أول غنم للثورة هو هذا الفصل البين بين الصفين في ساحة المعركة التاريخية التي تخوضها الامة لتحقيق شروط الاستئناف التاريخي.

وعندما يحصل الفصل البين يصبح الحوار بين الصفين ممكنا لأن الفروق البينة تجعل مجال الخلاف محددا: بين الكاريكاتورين كان مناط الخلاف زائفا.

كان التأصيلي المزيف لا يعي بزيفه متوهما أنه ممثل حقيقي للإسلام ومثله التحديث المزيف يتوهم أنه ممثل حقيق للحداثة فتحصل معركة دونكيخوتية.

ومحاربو النواعير لا يمكن أن يتحاورا لأنهما يعيشان في عالم من الأوهام مثل دونكيخوت فيدنكنون العالم من حولهم فتعيش الأمة دوار الخيال المريض.

والفرز الذي حصل بفضل الثورة والثورة المضادة يجعل الشعب يرى بأم عينه حقيقة المعركة الجارية فيكتشف أن الثورة المضادة حرب على حريته وكرامته.

لن يبقى للثورة المضادة إلى العنف الأعمى المسنود من أعداء الأمة أي حماتهم في الإقليم ومسانديهم من الاستعماريين: فاتضحت كذبة “المقاومة”.

فإذا ما استثنيا أدعياء القومية من الاغبياء لم يبق أحد يصدق أن بشار قومي وأن حزب الله مقاوم وأن إيران تتصدى للمستكبرين: طائفية أخطر من إسرائيل.

ثلاثتهم يدينون ببقائهم لإسرائيل وأمريكا في حربهما ضد الخطر الحقيقي: الشعب الذي أنشأ دولة الإسلام والشعب الذي حماها إلى بداية القرن الماضي.

كيف لقومي عربي أن يكون قوميا عربيا وإيران لم تخف أنها تريد استرداد امبراطوريتها في الأرض العربية؟ وهل من يضحي بشعبه لخدمة الملالي مقاوم؟

فضل الثورة أنها فضحت ذلك. ثم كيف للأنظمة التي تدعي الحكم بالإسلام وتزعم أنها أصل العروبة أن تكون في خدمة أمريكا الخادمة لمصالح إسرائيل؟

الثورة المضادة لم تجد إمكانية للصمود أمام مد الثورة إلا باللجوء إلى أحضان اسرائيل بدءا بالسيسي وختما بطراطير جبهة الخيانة المحاصرة للثورة.

ومع ذلك تجد من يقول لك إن الثورة نكبة على الأمة: الامة كانت في نكبة دون وعي بأبعادها. الثورة ليست سبب نكبة بل علة الوعي بالنكبة القائمة.

فمن يريد أن تبقى الأمة في غفلة ولا وعي يحق له أن يدعي أن الثورة تسبب في نكبة. الوعي بالمرض يزيد الألم هذا أمر لا شك فيه لكنه بداية العلاج.

أذكر أني قلت مرة إن الثورة جراحة بدون مخدر لأنه طب من نوع خاص: هي طب يجعل المريض يعالج نفسه فيكون هو الطبيب يجري العملية دون تخدير.

ويمكن القول إن الحقبة الحالية منذ بداية الثورة التي بدت وكأنها محظ صدفة هي حقبة البدء في عملية جراحية قد تطول فالانحطاط ضربت عروقه في ارضنا.

وما يخوف منه البعض مدعين أن الأتراك لهم نزعة الهيمنة مخطئون لأن العرب كما وكيفا هم أربعة أضعاف الأتراك: أغنى وأقدروهم الاصل والاتراك الفرع.

وكل عداء بينهم هو من استراتيجيات الأعداء في الإقليم وفي العالم لأن يمين الغرب وأغبياء السنة لم يتجاوزوا معارك الماضي ولم يفكروا في الصلح.

الصراع بين ضفتي المتوسط كان مفهوما لما كان المتوسط مركز العالم وكانوا وكنا قوتين عظميين. لكنا الآن هم ونحن توابع لأقطاب العالم وعماليقه.

فإذا لم نتصالح لنتعاون بفضل وحدة أسس ثقاتنا الفلسفية والدينية ومصالحنا المشتركة وضرورة تحقيق التوازن مع العماليق سنظل مستعمرات ومحميات.

صحيح أن أوروبا القديمة ما تزال قوية أكثر منا. لكنها مثلنا ليست قوية بما يكفي لتكون قادرة على حماية سيادتها. ألمانيا رغم قوتها لا سيادة لها.

فلا يكفي أن تكون غنيا اقتصاديا وحتى علميا لتكون سيدا. لا بد من حجم وقوة مفقودتين لدى أوروبا لمنافسة العماليق. فالتنافس لا يعترف بغير القوة.

إذا اجتمعت حضارتا الابيض المتوسط أمكن لهما أن يكونا قطبا يوازن أقطاب العالم ديموغرافيا واقتصاديا فيكون قادرا على منافسة العماليق والصمود.

وهذه الاستراتيجية التي أنصح بها شباب الثورة في التعامل مع أوروبا القديمة مهما كان سلوك حكامها ويمينها فالمطلوب حلف بين شباب المتوسط.

شباب أوروبا جله تخلص من أحقاد الماضي. وينبغي لشبابنا ألا يغتر بكلام الكاريكاتورين التأصيلي والتحديثي: مصير المتوسط التعاون لتكوين قطب سيد.

فلا يغترن أحد فيضن أوروبا سيدة الآن: وهي مهددة بروسيا وإسرائيل وإيران إذا حققوا أهدافهم الحالية بحيث سيكونوا في وضع اشبه بوضعنا وقريبا.

هم قلة عددية وبحاجة للطاقة من خارج أرضهم وهو ما سيسطر عليه الروس والإيرانيين وإسرائيل بعد تفاهم بينهما على تقاسم الإقليم وطاقة الخليج.

ذلك أن روسيا وإيران وإسرائيل يعلمون أنهم بمثل هذا الحلف سيكونون قطبا ندا لأمريكا وستكون إسرائيل جسر الوصل بينهما خوفا من اقطاب الشرق الأقصى.

أمريكا يئست من الحلف الاطلسي لأن الأوروبيين لا يريدون تضحية وأمريكا تخشى من صعود أقطاب الشرق الاقصى. هي تخشاهم وتريد حماية الإقليم منهم.

تتشكك في قدرة أوروبا على حماية الإقليم من الشرق الأقصى. ولا مانع عندها من الحلف من روسيا وإيران وإسرائيل لهذه الغاية لظنها أن أوروبا هرمت.

والعرب الذين يتوهمون الحلف مع أمريكا وإسرائيل ممكن: لن يكون حلفا بل استسلام وتمويل حماية حلف ليستعبدهم من أجل التصدي للشرق الأقصى.

أعلم أن هذه السيناريو يبدو الآن وكأنه مجرد خيال. لكن نظام العالم الجديد إن لم تتعاون ضفتا المتوسط كما وصفت سيكون على حسابه مجرد محميات.

لكن ليعلم الجميع أن الاستراتيجية المستقبلية تبنى دائما على فرضيات تقرب من الخيال لكنها تتأسس على منطق التاريخ العالمي وأساسه توازن القوى.

الحضارة العالمية المبنية على تراث الأديان المنزلة والفلسفة لم يعد لها ممثلين في العالم عدا حضارتي المتوسط. البقية شرق أقصى وغرب أقصى.

فإذا فهمنا أننا أما خيار بين البقاء بين فكي كماشة هذين الأقصيين أو تكوين قطب قادر على تحقيق التوازن في العالم أصبح من الواجب أن نتصالح.

تلك هي الاستراتيجية التي على شباب الثورة أن يجعلها مضمون خطابه العالمي تبشيرا بالكونية التي تمثل كلية القيم الدينية والفلسفية المشتركة.

وثيقة النص المحمول ورابط تحميلها

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي