صورة التعامل بين الله والانسان في القرآن وفي الحياة – الفصل الخامس

لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله صورة التعامل

وآتي الآن إلى الفصل الأخير: وسأسميه لعبة الحكم بالكاريكاتورين التأصيلي والتحديثي. بدأت وهابية وثنت إمامية بحكم يدعي التأصيل السني ثم الشيعي.

والتأصيل السني -الوهابية-كان شعاره مغريا لأنه كان يحارب الضلالات الوثنية وهي فعلا كانت موجودة بسبب الامة والانحطاط وليس بما عللتها به.

والتأصيل الشيعي-الخمينية-وكان شعارا مغر هو الثورة على الاستعمار إذ كان يحارب الشاهنشاهية التي تحاكي التحديث الأتاتركي الذي لم يعد ممكنا.

وتأويل الخمينية للحالة لم يكن أقل خطأ من تأويل الوهابية للحالة. التعليل كان خاطئا في الحالتين: ولهذه العلة كانت الحركتان دعشنة دولة رسمية.

ومن المفروض أن تنتهي كلتا الحركتين بسبب سوء فهم الداء الموجود فعلا والذي لم يسعنا تشخيصه إلى ما عم فيهما: كلاهما كره الشباب في الإسلام.

وقد يبدو أن ما تظهره المليشيات الخمينية دليل حب في الإسلام. وهو خدعة: حرس الخميني الثوري مليشيا قومية لا تختلف عن مليشيات هتلر وموسيليني.

حزب فاشي حاكاه حزب البعث في استعمال النفاق الديني استعمله صدام بعد حرب الخليج الأولى في سنوات حكمه الأخيرة: مليشيا فاشية أصبحت داعش.

وذلك هو مآل مليشيات الخمينية لن يكون مآلها إلا نفس المآل عندما يثور شباب إيران الذي لم يعد يطيق رائحة الدين لفرط ما سيطر عليه من نفاق ودجل.

وفي هذا بدأت السعودية بتقدم مماثل لتقدمها في الوهابية: إيران سيأتيها دحال تحديثي من جنس أمير السعودية الحالي. والمآل هو ما حصل لتركيا.

فكما كرهوا الشباب في الإسلام سنيا كان أو شيعيا بخلطه بكاريكاتوره سيكرهونهم في الحداثة بخلطها بكاريكاتورها. فتكون حربهما ذات طورين فيهما.

كلتاهما تبدأ دعشنة دولة توظف الدين وتنتهي دعشنة حركة تدعي الثورة عليهما. ثم يأتي القطع الذي يدعي كاريكاتور التحديث وسيكون له طوران مثلهما.

طور الخداع بالحداثة الزائفة وطور معارضته بحداثة متصالحة مع ثقافة الجماعة: تماما كما حدث في تركيا التي تجاوزت الصدام بينهما وحققت الصلح.

ما يخيف ليس حدوث ذلك فهو مما لا مرد له: سيغري ابن سلمان شباب السعودية المتعطش للتحديث دون وعي بأن تحديث في القشور لبقاء الاستبداد والفساد.

وسيسانده الغرب وإسرائيل لأن ذلك يحقق ما ينتظرونه كما كانوا يساعدون النظام العسكري التركي الذي جعل تركية محمية تابعة مثل مصر الآن.

وذلك هو ما سيكون عليه النظام السعودي بقيادة ابن سلمان: تحديث قشري للحصول على رضا إسرائيل وأمريكا لتهديم أساس الدولة السعودية الأول.

شباب السعودية لا يلامون إذ هم يرون فيه المخرج من السجن الخانق الذي كان يتحكم فيهم بتحالف غبي بين نظام وسلطة دينة في دولة فرعونية هامانية.

فالسلطة الدينية ليست من الإسلام لمناقضتها للحرية الروحية والاستبداد القبلي ليس من الإسلام لمناقضته للرحية السياسة: نظام معاد لثورتي الإسلام.

بمنطق السياسة لا فرق بين الخمينية والوهابية: كلتاهما دولة كل سلوكها علمانية منحطة لأنها فاشية فاسدة لكنها تتدرع بالإسلام شيعيا وسنيا.

أنظمة فاشية بمعناه في أوروبا ما بين الحربين ودينية بمعنى علم ليس فيه إلا محفوظات من فكر انحطاط العصور الوسطى الفاقد للاجتهاد المبدع.

ومعنى ذلك أن ما سيحدث في السعودية وإيران هو النقيض التام لما حدث في أوروبا بعد الثورة الفرنسية: لن يقع إصلاح مثيل لما وقع في أوروبا.

والعلة واضحة: أوروبا بعد الثورة الفرنسية كانت دولها غير تابعة لغيرها لم تكن محميات. دول المسلمين كلها توابع عديمة السيادة بما في ذلك إيران.

صحيح أن إيران تناور لتبدو دولة مستقلة. وكثير من النخب التافهة تعتقد أن ذلك ممكن لمثل إيران أو لمثل كوريا الشمالية. وجودهما لتلهية العدو.

لكما تحتاج روسيا للإبقاء على بشار بسبب الحاجة لحجة الشرعية (بوتين يحتاج لإضفاء الشرعية على حربه) تحتاج أمريكا لإيران ليدعوها جبناء العرب.

من يبقي على كوريا الشمالية هو تلهية الصين لأمريكا واليابان وكوريا الجنوبية ومن يبقي على إيران هو الخوف من عودة دور السنة العربية والتركية.

ولا فصل بين السنتين إلا بما نراه يحدث في العراق وسوريا وهذا أيضا يؤدي وظيفة أساسية لمشروع إسرائيل: إيران تفكيكها يسير بتحريض القوميات فيها.

ولو كان للعرب مشروع لكان ذلك أيضا يسير بالنسبة إليهم. لكن لا يمكن للحمقى أن يكون لهم مشروع. فهم يفككون كل وحدة عربية مهما صغرت: انظر الخليج.

والمشروع العربي الممكن كان يمكن أن يكون ما بدأ مع الثورة كما فعلت ألمانيا فحققت وحدتها والإصلاحات الفاعلة إلى الآن: التربية والحكم.

ومثل ذلك لا يمكن انتظاره من ابن سلمان ولا من غبي مصر فضلا عن البقية التي غرقت فيما جره عليها غباء الدولة الحاضنة والتابعة بنيويا.

فأكبر نكبة عرفها العرب منذ قرون هي وهم الدولة المزعومة وطنية وهي فاقدة للسيادة بسب كاريكاتور التحديث المقلوب: طلب النتائج دون المقدمات.

فوهم القوة الكاذبة هو الذي قضى على مصر والعراق والجزائر ولم يبق لهم إلا مخلفات الدولة التي تستهلك أكثر مما تنتج وتبيع لتسمين مافيات مخربة.

وفي مثال السعودية التي بدأت تتصرف مثل العراق ومصر والجزائر مع أجوارها سيكون الناهب مضاعف: مافياتها الذاتية والمافيات المساندة للانقلاب.

فإسرائيل وأمريكا لن يساندا بان سلمان لله في سبيل الله بل لا بد من دفع جزية تضاعف نهب الثروة السعودية حتى تصل إلى ما وصل إليه من ذكرنا.

سيخسر البلد سند النخبة التقليدية ويحصل على النخبة التي تدعي الليبرالية والشباب الذي اختنق. لكن الأعماق القبلية ستعيش ما عاشته بلاد العرب.

وهو ما قد يهدد وحدة البلاد والعباد خاصة والأعداء محيطون بها من كل جانب وقد يكون في ذلك تحقيق لأحد أحلام إيران: احتلال ضفة الخليج والحرمين.

أفضل التوقف عن التوقع فالمآل يبدو لي أسود إذا لم يتدارك العرب أمرهم من الماء إلى الماء فهم معرضون لعصر آخر من الاستعمار والدمار.

وثيقة النص المحمول ورابط تحميلها

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي