لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله صورة التعامل
كلما قرأت القرآن وجدت أهم قضية تحيرني فيه هي أنه يجعل أكبر مشكل في الوجود بالنسبة الى الله فيه هو الإنسان. فهل لأن الإنسان هو المرسل إليه؟
وكلما نظرت في حياة البشر وجدت أهم قضية تحيرني هي أنها جعلت أكبر مشكل في الوجود بالنسبة إليه فيها هو الله فهل لذلك علاقة بعكسها في القرآن؟
في الحالة الأولى يبدو وكأن الله قلما يرضى عن الإنسان.
وفي الحالة الثانية يبدو وكأن الإنسان قلما يرضى عن الله.
فلم عدم رضاهما أحدهما عن الآخر؟
القرآن يحمل الإنسان قبوله ما لا يقدر عليه فيجعله مسؤولا عن توريط نفسه فيه.
والإنسان يحمل الله مسؤولية ما هو فيه بتهمة أنه لم يقدره على فشل فيه.
فإذا كان الإيمان هو تسليم الإنسان بما يحصل له بوصفه قضاء الله وقدره ألا يعني ذلك أن عدم رضا الإنسان مبرر لعدم معنى تحميلة مسؤولية الورطة؟
تلك هي المعضلة التي يعسر أن يجد لها الإنسان حلا من دون وصلها بالمسألتين الأوليين: ما علة مركزية الإنسان تحميل الإنسان مسؤولية ما يحصل له؟
وما علة تحميل الإنسان الله مسؤولية ما يحصل له؟ فهذا التحميل يعلل عدم رضا الإنسان عن الله وذاك التحميل يعلل عدم رضا الله عن الإنسان.
ومن العسير حل هذه المعضلة المضاعفة التي تمثلها عبارة يوصف بها الصديقون والمخلصون من المؤمنين “رضي الله عنهم ورضوا عنه” في القرآن الكريم.
ذلك أن أغلبية البشر إذا طبقنا معايير الفقه وحتى أوصاف الإنسان في القرآن الكريم ليست ممن يرضى عنهم الله ولا ممكن يرضون عنه: العلاقة بالرسالة.
فأغلبية البشر إذا طبقنا معايير الفقه وحتى أوصاف الإنسان في القرآن الكريم ليست ممن يرضى عنهم الله ولا ممكن يرضون عنه: ما العلاقة بدور الرسالة.
سأعتبر هذا النقاش الذي هو من جنس حديث النفس سابق على الحسم في الاختيار بين الإيمان والإلحاد. وسأعتبر ذلك لحظة متقدمة على عرض العقدين.
فعارض العقدين في القرآن هو الله: الله يعرض على الإنسان الشهادة وهو في الظهر ويعرض عليه الأمانة رغم عسرها. وهو مخير بين قبول العقدين ورفضهما.
فالتعاقد شرطه أن يكون كلا طرفيه حرا في القبول والرفض. وعقد الشهادة شرطه تسليم الإنسان بالإيمان وعدم الكفر وعقد الأمانة يفرض عليه أداءها.
والعقدان بنص القرآن حصلا وانتهى أمرهما ومن ثم فالإنسان ملزم بهما ولا يستطيع عدم نقضهما في واجب ومع ذلك فهو ينقضهما في واقع الامر. فلماذا؟
ولا يمكن للإنسان أن يحتج بغواية الشيطان لأنه حذر منه ولا من الوسطاء لأن المسؤولية فردية: فهل هذا معنى ظلم الإنسان لنفسه إذ قبل الأمانة؟
هل هذا كلفة الحرية؟ ذلك هو المعنى الذي يجعل الرسالة ذات فائدة: إنها تذكير ناطق بما هو مكتوب في الفطرة لكأن الرسالة هي الفطرة الناطقة.
والفطرة الناطقة هي تحول منظومة القيم القرآنية التي يطالب المستخلف باحترامها هي النظام الذي يجعل التذكير يتحول إلى سياسة شرعية: تربية وحكم
إنها تدخل إلهي لمساعدة الإنسان في الإيفاء بتعهداته التي تتعلق بالشهادة وبالأمانة. الآيتان بينتا أن الشهادة هي الالتزام بالإيمان ونفي العذرين.
فلماذا سكتت الآية المتعلقة بالأمانة عن طبيعتها؟ أهي اثبات أهلية الاستخلاف؟
أعني ثقة الله في الإنسان بأنه سيغلب بالأسماء الفساد وسفك الدماء.
هل يكون الوجود كله علته الغائية هي امتحان أهلية الإنسان وبيان أنه لن يخيب ثقة الله فيه؟ هل يكون كل الوجود هدفه تحقيق مفهوم الحرية المبدعة؟
فهل الإنسان مشروع غير مكتمل وأن استكماله هو حياته الدنيوية فتكون الإنسانية وتاريخها استكمال الخلقة بالخلق وظيفة للسياسة تربية وحكما؟
ويكون دليل تعريفي القرآن أنه استراتيجية توحيد الإنسانية بتاريخه للتجربة الروحية والسياسية الإنسانيتين في التربية والحكم بقيم الاستخلاف؟
أم هل إن الأمانة أكثر من ذلك وهي تكليف الإنسان بإنجاز عالما ثانيا فوق الطبيعة جهز بأدوات تحقيقه وذلك هو سر تعليمه الأسماء: العالم الخلقي.
فيكون التكليف العسير ذا بعدين:
ابداع خلاق للتاريخ الخلقي يحاكي الإبداع الإلهي للتاريخ الطبيعي
وذلك بوظيفة الاستخلاف أو التعمير بقيمه
وذلك هو معنى ظلم الإنسان لنفسه: قبل أن يكون “حالة عينية من الإبداع الخلاق بحرية إبداعية” تحاكي قوانين العالم وتطبيقها بأخلاق الحرية.
وبذلك يكون الرضا وعدمه من طرفي العلاقة كل مهما للآخر علته علاقة حريتين خالقة بغير مثال (الله) وخالقة بمثال(الإنسان). فيبدو الأمر كالتمانع.
فلو أخذنا الملحد لوجدنا أن عدم رضاه هو ما يعيبه على الخلق مما يتصوره شرا كالأمراض والعاهات الطبيعية والظلم والعدوان فيتشكك في قدرة الخالق.
والله يعتبر ما في الدنيا من شر علته تقصير إنساني واتباعا للغواية الشيطانية ومن ثم فهو يشكك في التزام الإنسان بالعهدين الشهادة والأمانة.
لكن المؤمن يتهم نفسه بدل اتهام الخالق والله لا يتهم المؤمن من دون أن يعطيه فرصة التدارك وهو لا يحاسبه بواجب النتيجة بل بواجب الوسيلة.
فحكم الله للإنسان أو عليه ليس بحسب نتائج اجتهاده وجهاده بل بحسب صدقه فيهما ونواياه لأن علام الغيوب ومطلع على السائر: بداية حل للمشكلين.
وثيقة النص المحمول ورابط تحميلها