لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله شكوك على نظرية المقاصد
في الفصل السادس ندرس الكيفية التي تفسد بها وظائف الحماية التي تنتج عن الاقتصار على الوزع الأجنبي الذي لا يصحبه الوزع الذاتي سواء كان التشريع شرعيا أو وضعيا فيكون الفقه أو القانون مجرد غطاء لهذا الفساد الناتج عن الاستبداد وتحول السياسة إلى الخداع النسقي في الجماعة.
وما أظنني في هذا الفاصل بحاجة إلى الخوف من ألا يفهم ما سأقول فأتهم كالعادة بالتعسير هذا إذا لم يتجرأ أحد الاميين فيشكك في قدرتي على التبليغ مسقطا غباءه وعيه علي. فما سأقوله لا يتجاوز وصف ما يعيشه كل المسلمين من الهادي الى الاطلسي دون استثناء. وضع عام لوظائف الدولة كلها معكوسة.
فوظائف الحماية انعكست تماما: فالحماية الداخلية:
القضاء فاسد فاقد لشرطي شرعيته أي الأمانة والعدل.
الأمن فاسد لا يحمي المواطن وخاصة المؤمن بل يخيفه ويعذبه.
والحماية الخارجية:
ويبلغ فساد وظائف الحماية الغاية في:
المخابرات التي بدلا من أن تكون عينا حارسة للوطن والمواطنين صارت عينا عليهم للحكام وحماتهم الذين جعلوا أوطاننا محميات لا سيادة لها لأنها تابعة في كل شيء وخاصة في شرطي السيادة أعني القدرة على الحماية والرعاية الذاتيتين.
ولا أحد من القراء بجاهل بهذا الوضع حتى وإن كان لا يستطيع فهمه لعدم إدراك علله. وهدفي من هذه المحاولة ليس الكلام على شكوك المقاصد بل وكذلك بيان ثمرات التحريف الذي يظن علما وما هو بالعلم لأنه آل إلى ما نراه من النتائج التي لا يمكن تفسيرها ولو جزئيا إلا بما أصف هنا.
وإذا كان ما قلته عن الحماية بينا للعيان ولا يحتاج إلى استدلال ولا إلى برهان فإن وضع الرعاية أسوأ بكثير. ففي تكوين الإنسان:
التربية النظامية فاسدة لا تكون الإنسان خلقيا ولا معرفيا ومن ثم عجز الأمة على رعاية ذاتها شرطا في قدرتها على الحماية الذاتية.
وفساد التربية اللانظامية أسوأ.
وما أسميه التربية اللانظامية هو التربية المرسلة في غير المدرسة أي في كل الجماعات التي يتألف منها المجتمع من المسجد إلى المقهى إلى أماكن العمل إلى الفضاء العام. فمجتمعاتنا الكل يشك في الكل ما يؤدي إلى التكاذب والتخادع والتغاشش وخاصة في التطفيف والتوظيف حتى صار المصلون يتسارقون.
والعلة هي فساد شروط التموين الذي هو شرط التكوين: فالمجتمع الذي لا يستطيع سد حاجات مواطنية
المادية (الاقتصاد).
والروحية (الثقافة) ويصبح تابعا فيهما لأنه فاقد.
للبحث العلمي الذي يمكن من إنتاج ما يسد الحاجات بتموين ييسر التكوين يصبح مجتمعا عالة على غيره متسولا بدنيا وروحيا.