تنبيه مدير الصفحة
بعد أن عالج الأستاذ استراتيجية الحربين النفسية والعسكرية ودور الخداع في شكله الأرقى من خلال فرضية تتعلق بوظيفة داعش في الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية والإيرانية يحاول هنا أن يعرض الخطوات الإيجابية لبناء القوة السنية التي تنطلق من قاعدة عربية تكون قاطرة الاستئناف الإسلامي. وهذا الاستئناف بمجرد حصوله سيهمش العامل الذي يجعل الأقليات تتنمر لاستقوائها بمن تتصورهم أقوى من شعوبهم وأمتهم.
والمبدأ الذي يتأسس عليه التحليل هو كما سبق بيانه مقومات الوجود الحر الخمسةللفرد والجماعة في آن. وهي مقومات طالما ذكر بها الأستاذ ونسبها إلى أصحابها الذين اكتشوفها بوصفها صفات الذات الإلهية التي على الإنسان أن يتصف بالقدر الممكن له منها بمقتضى نفخ الله في أبناء آدم من روحه: فالوجود الحر حياة قادرة العمل المحقق لإرادتها على علم (الإرادة والعلم والقدرة والحياة والوجود).
نص التغريدات
1-ما العقبات التي تعترض استئناف السنة عامة وسنة العرب خاصة دورها في التاريخ الكوني لتكوين قطب يجمع المسلمين لمصلحتم ومصلحة البشرية ؟
2-وبصورة أدق ما الذي يجعل استئناف هذا الدور يزعج مجموعتين معلومتين من البشر فضلا عمن نجهل يعتبرون هذا الاستئناف خطرا عليهم فيتصدون له؟
3-طريقتان للجواب عن السؤال المضاعف: إما من صيغته الأولى أو من صيغته الثانية. والأيسر الثانية فنسأل: من يحارب السنة عامة وسنة العرب خاصة؟
4-لكن المنطلق الأول الذي ينطلق من الموجب بدل الثاني المنطلق من السالب لا بد منه رغم عسره فالتطابق بينهما يشبه تجربة التثبت من النتيجة.
5-من يحارب السنة عامة وسنة العرب خاصة؟ أشرنا إلى”مجموعتين معلومتين”. فما هما وما دور كل منهما وما العلاقة التي توحدهما في الحرب علينا؟
6-يمكن أن نجيب عن السؤال إما انطلاقا من الأحداث التاريخية أو من الحقيقة القرآنية (الأنفال 60) فنجد أن المعلوم مجموعتان والثالثة مجموعة مجهولة مندسة في جسد الأمة.
7-فالمعلوم تاريخيا وقرآنيا هم أعداؤنا (أي من ينافسنا على ما عندنا: اسباب مادية) وأعداء الله (أي من يعادي ديننا: أسباب روحية) مع عدو مجهول.
8-والمجموعتان المعلومتان من صنفين:صنف داخلي يوجد بيننا وصنف خارجي يحيط بنا ومحتل لأرضنا إما عنوة أو لاحتماء الخونة منا به. والعدو المجهول جامع بين الصنفين.
9-ولنبدأ بالصنف الداخلي الموجود بيننا: سبق أن وصفتهم بالمليشيات الخمس: وأولها وأهمها بقايا الماضي البعيد مليشيا الباطنية والصليبية.
10-وثانيها بقايا الماضي القريب أي مليشيا الشيوعية والليبرالية. وهؤلاء بخلاف أولئك لم يبق لهم إلا إرهاب القلم دون إرهاب السيف مثلهم.
11-وثالثها هو مظلة الأربع السابقة طيلة القرن الماضي وهي بقايا القومية الفاشية التي تدعي الثورة القومية والوحدة والحرية والاشتراكية.
12-وقد تحدد ما تغطيه المظلة بصورة لا لبس فيها بعد الثورة: فقد أعلنوا صراحة عن هوياتهم واجتمعوا في حرب مقدسة ضد الشعب الثائر بوضوح تام
13-لكن ما اتضح أكثر هو مظلة المظلة: إيران وإسرائيل ومن وراءهما من الغرب أوروبا لما كانت ذات إمبراطوريات ثم روسيا وأمريكا بعد الحرب العالمية الثانية.
14-وقبل أن نتقدم في التحليل فلنشر إلى أن التمييز بين صنفي العداوة والمجهول منها لا بد من الإشارة إلى أن تصنيف القرآن يتعلق بدوافعها.
15-فالدافع هو المصالح المادية أو الروحية وقد تجتمع بنسب متفاوتة وقد تفترق. وجل النخب العربية تابعة فلا تدري ما الدافع لمعاداة الإسلام.
16-لذلك فهم أدوات وتوابع ولا ناقة لهم ولاجمل في الاستراتيجيات التي تستعملهم في حربها ضد السنة عامة وسنة العرب خاصة: لذلك فلا أحقر منهم.
17-وهم يمكن أن يلعقوا أي حذاء المهم أن يوفر لهم ما يسمونه حداثة أي الأكل أكل الأنعام والعيش عيش الأزلام سواء كان الممول خميني أو صدام.
18-ولنأت الآن إلى الجديات: أليس مثل هذا الكلام قولا بنظرية المؤامرة؟وهنا لا بد من حسم الأمر مع المتفاقهين من نفس المليشيات التي تبحث عن فرص التحقير من العرب.
19-ليس قولا بالمؤامرة بل قول بأن الجماعات البشرية في علاقاتها الأساسية لن تخرج من قانون التايخ الطبيعي:صراع على أسباب العيش ومعانيه.
20-وما الحاجة إلى الدولة والقانون في نفس الجماعة إلا للحد من هذا القانون. لكن العلاقات الدولية ما تزال خاضعة له وخاصة بين القوي والضعيف.
21-وإذن فالأمر لا يتعلق بنظرية المؤامرة بل بنظرية الآية 60 من الأنفال.المؤامرة تحريف الآية نقلا لردع العدوان إلى العدوان الاستباقي.
22-ولنسأل الآن المتفاقهين: هل يوجد عدوان استباقي أم لا؟ المؤامرة هي العدوان الاستباقي بمبدأ أفضل طرق الدافع هي الهجوم بكل فنون الحرب.
23-ونفاة نظرية المؤامرة هم الأغبياء المتذاكون الذين يجهلون فنون الحرب:مليشيات إيران العربية مثلا فن تآمر يمكنها من العدوان الاستباقي.
24-جميعات المجتمع المدني الممولة من المخابرات الغربية لا تختلف عن مليشيات إيران العربية من حيث الدور وفنيات العمل في التخريب المناعة.
25-بعبارة وجيزة: المؤامرة ليست حبكة خفية بل هي عملية ذكية وظيفتها -مثل الجراثيم والفيروسات-اختراق جسد العدو وإضعاف مناعته تحضيرا للإجهاز عليه.
26-وللعلم بذلك جاءت الآية 60 من الانفال لتحريرالإنسان من قانون التاريخ الطبيعي بدءا بالاقتتا على الكلأ والماء وختما على البترول والهواء
27-تلك هي الحقيقة التي لا يريد فهمها الأغبياء ممن يتصورون أنفسهم أذكياء فيجلدون شعوبهم باتهامها بعدم المسؤولية والقول بنظرية المؤامرة.
28-الشعوب العدوانية إذا جاورت أحدا تكون في حربحارة أو بادرة معه. وأهم أجزاء الحرب لتآمر بهذا المعنى أي التخريب القصدي حربا استباقية.
29-والقرآن نبهنا لردع مثل هذه الأعمال ولم يطلب منا أن نقوم بها.لكن السنة عامة والعرب خاصة اطمئنانا لوزنهم عددا وعدة تراخوا فلم يستعدوا.
30-وهذا هو مطلوب بحثنا: كيف نتدارك الغفلة وقد أزفت الحفلة؟ فالاختراق جعل السنة عامة والسنة العربية خاصة قطعة جبن يأكلها التخريب بصنفيه.
31-تخريب مليشيات الماضي البعيد: بقايا الباطنية وبقايا الصليبية (سوريا ومصر أكبر دليل) وليشيات الماضي القريب: بقايا الشيوعية والليبرالية.
32-تخريب الماضي البعيد = طائفية الباطنية والمسيحية.,تخريب الماضي القريب=المجتمع المدني الممول من المخابرات الغربية والإيرانية والإسرائيلة.
33-تخريب الفاشية القومية كان متبوعا قبل سقوط الأنظمة القومية (البعث والناصرية) فصار تابعا لإسرائيل وإيران والغرب.وهو أغباها على الإطلاق.
34-ما علاقة هذه المليشيات بمن تتبع وعلاقة متبوعهم برئيس الجوقة الذي هو حاليا أمريكا(وقد كان إمبراطوريتي أوروبا المحتلة للوطن العربي)؟
35-نحن إذن أمام أجندتين متراكبتين (إقليمية ودولية) وأمام صنفين من الأذرع (الاقليمية للدولية والمليشيات لهما معا):إنها معادلة مركبة بحق.
36-بمعنى آخر إيران وإسرائيل يوجدان في موضوعين من المعادلة: هما متبوعان من المليشيات وتابعان لرئيس الجوقة وقد يتوهمان أنهما يستتبعانه.
37-وهذا من الجزء المجهول في تحديد الأعداء: فيمكن أن يكون رئيس الجوقة تابعا لمن نتصوره تابعا له إذ لعل لشبكة خفية من القوى الدور الأول.
38-وهذه الشبكة الخفية قد تكون التعين المطلق لنظرية المؤامرة الكونية :البعض يسميها الماسونية والبعض يسميها مصالح الشركات العالمية الكبرى.
39-لكن الأمر عندئذ يتعدى السنة عامة وسنة العرب خاصة إلى مؤامرة دولة من الأقوياء عامة ضد الضعفاء عامة حتى يحكموا العالم بمنطق السادة والعبيد وبأسلوب جديد: بدل استيراد العبيد (أمريكا) تهجير أدوات الاستعباد وإبقاء العبيد في بلادهم عمالة رخيصة.
40-وهذا ليس موضوعنا المباشر. لكنه يمكن أن يحل بحل موضوعنا المعين: فوجود قطب إسلامي يعيد إلى العالم توازنه فيحرره من سلطان هذا المنطق الذي ينكص بالإنسان إلى تاريخه الطبيعي ليتنكر لما به يعلو عليه نحو تاريخه الخلقي.
41-وبهذا المعنى فوظيفة إيران وإسرائيل كوظيفة داعش بخلاف أوهامهما: هما أداة لما يتجاوزهما أعني لأجندا غربية هي منع عودة المارد الإسلامي بقيادة عربية.
42-وطبعا سترد جوقة المليشيات قديمها وحديثها بأني أضخم دور الإسلام والعرب وأهول من عداوة من يخطط بهذا التعقيد للحرب عليهم وهم لا شيء. واحتقارهم لحضارتهم هو ما يشترون به النجومية والاعتراف الغربي بهم.
43-وأصحاب هذا الرأي معذورون لجهلين يعميان بصائرهم:1-جهلهم بالاستراتيجيا فهي لا تنبني على الفعلي فحسب بل على ما هو بالقوة و2-جهلهم بتاريخ علاقة الغرب بالإسلام العلاقة التي ما تزال محركة للحقد والكراهية فضلا عن الطمع في الاستحواذ على موروثه المادي والرمزي.
44-ويكفي دليلا استماتة الغرب في الدفاع عن انقلاب السيسي رغم عدم جهلهم بأنه لم يحترم أي ورقة من أوراق توت نفاقهم الديموقراطي والإنساني. سكت الجميع بما في ذلك الفاتيكان.
45-فلو لم يكونوا مقتنعين بأن حكم الإسلاميين لمصر سيعيدها لدورها الذي ظنوا أن منتجع داود الأول (الصلح مع إسرائيل) قد قضى عليه بقضائه على دور مصر العربي لما قبلوا بنزع كل أوراق التوت.
46-ولنأت الآن إلى المليشيات: دورها بات واضحا وضوح الشمس في القيلولة بحيث إن أغبياء القوميين افتضحوا بقصة ملالي طهران: العواصم الأربع. وقبل ذلك فضحت غزة مليشيات إسرائيل في الوطن العربي كله. وانقلاب اليمن فضح مليشيات إيران في الوطن العربي كله. بالتونسي: تعرت المذابح.
47-“تعرت المذابح”تعني بلهجة تونس أنه لم يعد دور المليشيات خفيا حتى على أغبى الأغبياء. ومن ثم فهي قد فقدت مفعولها ما يقوي الاستفاقة أعني عاصفة الحزم فيجعلها تتحول إلى أنواء مناخ دائم لا مجرد عاصفة.
48-فإذاصدقت الاستفافة ولم تكن نارهشيم فإن قيادة بلد الحرمين ستصبح عصية على التطويع وسيمكنها بعون الله قيادة الأمة كلها لأن الله من عليها بخدمة قبلتها.
49-تلك هي علة التزامي شبه اليومي بمتابعة الأحداث والكتابة في علاجها الاستراتيجي توظيفا للعلم بمقومات الحصانة وثمراتها المادية والروحية.
50-لذلك فقد خصصت أكثر من عشرين بحثا في هذه المسألة جلها متقدم على العاصفة بعقود يدعو لقيامها والباقي متأخر عنها ليعالج شروط نجاحها وشمولها كل الوطن لأنها من دونه تكون نار هشيم فلا تغير مجرى التاريخ.
51-وإذن فشمول كل الوطن هو المشكل. فالوصاية فشلت كما في تجربة عبد الناصر. والاحتلال فشل كما في تجربة صدام. لم يبق إلا أن نحدد استراتيجيا البناء المفيد بـاستقراء التجارب الناجحة.
52-ولنحلل تجربتين أخريين نجحتا: قديمة هي بنناء الوحدة في النشأة الأولى لدولة الإسلام. وحديثة هي بناء الوحدة في النشأة الأوروبية الثانية
53-وطبعا فالمطلوب يجمع بين التجارب الأربع: التجربتين الفاشلتين (ناصر وصدام) والتجربتين الناجحتين دولة الإسلام الأولى ودولة أوروبا الثانية. ولنعلل هذا الخيار لنحدد وجهة المسار.
54-المعادلة هي النشأة الأولى أمدت للسعودية بالقبلة الروحية. والوحدة الأوروبية تمدها بالقبلة المادية. وتجربة صدام بينت حدود دور العنف في التوحيد. وتجربة ناصر بينت حدود دور البروبدجندا الاجتماعية والقومية في التوحيد.
شروط الإستئناف القادر ومقوماته – أبو يعرب المرزوقي