ربا الأقوال – كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون


فاتحة فرضها الظرف في ليبيا:
لولا ثقتي في القيادة التركية لتوجست خيفة من تردد الجيش الليبي وعدم الحسم في القاعدة.
فالتردد قد يمكن من تدخل مثلث من فرنسا وروسيا وربما اسرائيل فيصبح الحسم شبه مستحيل خاصة ولا شيء يضمن عدم تواطؤ الجيران في مثل هذه المعركة إذا صح أن قيادات كبرى توجد فيها ولا يسهل التخلي عن المحاصرين.

فتركيا تعلم ما يبيت لها.
ويعسر أن تقبل الانتظار لو كان مثل هذا الخطر وارد.
لكن توقع وروده واجب. فالاعتماد على انشغال الاعداء بكورونا لا يكفي لتصور الرهان ثانويا بالنسبة إليهم.
فالمشكل عندهم ليس كورونا وهي لا تنسيهم أن المشكل الاهم هو شروط الاستئناف بعدها ومنها السيطرة على الضفة الجنوبية من الابيض المتوسط.
فحذار.

ولا بد هنا من التذكير بمبدأ الحروب الخاطفة. فإذا تحولت إلى حرب عادية فالمبادر بها هو الخاسر. ذلك أن سر الربح في الحرب الخاطفة هو المحافظة على طابعها الخاطف.
فإذا طالت صارت عادية.
وحينها يكون المدافع أقوى من المهاجم كما هو معلوم. وهذه مبادئ لا أتصور قيادات الجيش التركي يجهلونها لأنهم ذوو خبرة بخلاف الجيش الليبي.

ومع ذلك رأيت من واجبي أن أبدي رأيي وأن احذر لأني لم أسمع على الأقل بالتوماتوم يدعو من في القاعدة إلى الاستسلام في أجل محدد وإلا فالهجوم واقع. وإذا كان التفاوض جاريا من دون التوماتوم فمعناه أن فرنسا ومن معها يستعملون خطة التلهية التي يلجؤون إليها عادة مع خاطفي الرهائن: فينبغي الحذر.

هذا رأيي وطبعا فلست أجهل أن أهل الشأن أدرى به مني. لكني أعرف كيف يفكر الغربيون والإسرائيليون. ولا حسبان لأذيالهم من عرب الثورة المضادة. فهم مجرد ممولين ومسحلين للمليشيات والمرتزقة. ولا أحد يسمع لرايهم إذ هو يعلمون أنهم حمقى وهمهم الوحيد هو كيف يديمون استعباد شعوبهم وتحقيق أحلام أعدائهم حتى يحموا استبدادهم وفسادهم لعنهم الله.

المحاولة

أنطلق من ردود الفعل على موقفي من سعيد ودوره.
فلم يزعجني رد فعل نوعين من النخب:

  1. المتحزبين من اليسار والقوميين والمتشيعين في تونس وفي بلاد العرب
  2. والمتمعشين من مرحلة المرزوقي ممن كانوا يبحثون عن بديل بعد ذهاب المرزوقي وذهاب السبسي والشاهد وحتى النهضة.
    فكلا النوعين كانا عندي من الأدلة على صواب موقفي: فكنت اعتبر ردودهم دليل على صحة موقفي.

فالمعلوم أن شهود الزور تكفي شهادتهم لأي إنسان لتكون قرينة على أن من يشهدون له من جنسهم.
فتكون من ثم بداية للبحث عما وراء ذلك.
وكلما ازدادت حماستهم في الدفاع عمن يشهدون له تصبح شهادتهم عليه وعليهم لا له ولا لهم وهي من ثم لصالح من يتهمونه زورا. وهو فعلا ما حصل. ولذلك قلت بعد أن اندفعوا في الهجوم علي: الآن كلامهم كاف.

لكن من آلمني موقفهم هم بدورهم نوعان. ولم آلم من أجل ذاتي بل لأجلهم أو بصورة أدق لأجل داء تعاني منه الثقافة العربية وتتمثل في اعتبار الاقوال بديلا كافيا عن الافعال: ولهذا اخترت هذا العنوان للمحاولة.
والنوعان هم من عبروا عن غبطة وفرح شديد لما سمعوا قيس سعيد في حملته الانتخابية يتحدث عن التطبيع خيانة عظمى وعن الشعب والعدل وعن الدستور الذي توهموه مخص في علمه.

والنوع الأول لا يعنيني كثيرا لأن موقفي من المحللين العرب عامة والصحفيين منهم خاصة معلوم. وهو أنهم لا يحللون شيئا بل يخلطون بين التعبير عن مواقفهم والتحليل ويتصورون أن تكرار ما يسمى بحقائق لأباليس أو بما يسمى حقائق جحا علما: فعندما يتردد التحليل بين الممكنين المتقابلين وهم ممن لا يفكر في الثالث-توهما ان السياسة ينطبق عليها مبدأ عدم التناقض- لأنه عندهم مرفوع فلا يكون تحليلهم تحليلا لأنه من جنس توقع جحا جنس الجنين بأنه إما ذكر أو أنثى.
لكن النوع الثاني هو نوع المؤمنين الذين لدغوا من الحجر ما لا يتناهى من المرات وخاصة مرتين لا جدال فيهما أعني الفلسطينيين الذين لدغوا من حكام العرب ومن حكام إيران ولم يفهموا بعد أنهم لا يعتبرون القضية إلا ورقة في خداع الشعب وفي مفاوضاتهم مع سادتهم.
لم أفهم كيف ذهب بعضهم إلى اعتباري وكأني لست صديقا لفلسطين لأني شككت في من ظنوه صديقا لخلطهم بين القول والفعل.

وهذا يؤلمني لأجلهم حقا لأن من يفكر بهذه الطريقة لا يمكن أن يعتمد عليه في تصور استراتيجية ثورية للتحرير من الاستعمار وخاصة نوعه الصهيوني الذي يسهل فرضه تطبيق مفهوم الإرهاب على المقاومة الشرعية إذ يكاد يحصل على تأييد كل الغرب ومعه تحت الطاولة كل الشرق مع قبولهم جميعا بخدعة اشباع الفلسطينيين بالكلام وحسن النوايا وحتى البكاء معهم إن لزم الأمر.

وفي هذه الحالة بالذات ما زاد في ألمي هو تأييد أيدي كوهين لموقفي لما قال تعليقا على خطاب سعيد الذي يتكلم على التطبيع خيانة عظمى.
قال: لا تصدقوه فهو بعد أقل من شهر سيلعق حذاء ناتن ياهو مثل كل من تكلم مثله قبله من زعماء العرب.
وأكاد أجزم أن نفس العقلية هي ا لتي جعلت بورقيبة يفشل في اقناع قيادات فلسطين بضرورة التمييز بين القول والفعل.

لكن ما زاد في غضب بعض الفلسطينيين مني هو كلامي على غزة ودور إيران التي تستعمل القضية ورقة في ملفها مع الغرب تماما كما تستعمل كل مستعمراتها العربية من لبنان إلى العراق إلى اليمن.
فلا معنى لفيلق القدس غير العنتريات ولا معنى للمساعدات الإيرانية المزعومة لغزة. كلها عنتريات فائدتها تعود إلى اسرائيل لأنها تحافظ على انقسام فلسطين.

ولم أخف هذا الموقف عن القيادات الأولى في الحركة كلما توفرت فرصة اللقاء بهم -أول مرة في دمشق ثم في طهران ثم في تونس ثم في الدوحة ثم في عمان بالأردن-منذ أن نصحتهم بعدم أخذ السلطة التنفيذية بعد حصولهم على الأغلبية والاكتفاء بالشرعية لئلا يضطروا إما إلى ضرورات حماية الحاضنة أو لتحميلها ما لا يحتمل والابقاء على الانقسام فتكون غزة ورقة إيرانية في الغاية.

لم أكن أقبل أن تصبح غزة مثل جنوب لبنان مجرد ورقة في مفاوضات إيران تماما كما يحصل الآن في اليمن. وطبعا مثل هذا الموقف الكثير يتصوره في تناسق مع الثورة المضادة لأن أصحابها يتهمون غزة بكونها مع إيران. وهو أمر لم يدر أبدا في خلدي.
فشتان بين النصيحة والمناكفة في حرب الثورة المضادة على الإسلام السياسي ممن هم أكثر خدمة لإيران حتى من شيعة العراق ولبنان إذا ما استثنينا القيادات.
فمن يدنس الحرمين لا يمكن أن يكون معنيا بالقدس أو بتحرير فلسطين أو بنصح المقاومة.

وما كنت لأملي هذه التغريدات لو لم يصبح سعيد وجماعته هم بأنفسهم ومن خلال افعالهم يكفونني مؤونة الاثبات بمنطق البينة على من ادعى.
فالاعتراف سيد الأدلة وهو كل يوم يقدمون اعترافات بأقوالهم وأفعالهم: فمباشرة بعد تنصيبه استقبل أكبر طبالي الملالي ثم أول زيارة كانت لبلد أكبر وسيط في علاج كل مشاكل إيران.
والكل يعلم أن ديوانه بلون معلوم وتوابعه: شيوعي شيعي وقومي تابع لهما أو لفرنسا.

وقد أعلن سعيد بأنه ينوي إعادة لعلاقات مع بشار ثم اتصل بالسيسي وقبل ذلك حقق ما توقعه كوهين: فاستقبل المنتسبين إلى الجماعة الدينية ثم حج إلى محجهم -الغريبة في جربة-واخيرا اتصل بالعميل الأكبر وأداة الصهيونية: وهو الذي اتصل بمعنى أنه أمر بالاتصال لأن تونس هي التي طلبت الإمارات.
والآمر معلوم: المقيمان العامان الفرنسي والإيراني.

أمليت هذه التغريدات شبه خاتمة للكلام في المسألة.
فلست وصيا على أحد.
إذا كان الشعب التونسي يريد المزيد من النوم فلا يلومن إلا نفسه لأنه سيرى قريبا تكاثر الحسينيات والمنادب والمناحات وبناء المعابد الوثنية للباطنية أو المراقد وتقاسم السلطة الفعلية بين فرنسا وإيران تماما كالحال في لبنان.
اللهم إلا إذا ساعدت كورونا على اندحارهما فنجحت ليبيا.

وعلى كل فلست ممن يقبلون بالسكوت على الخلط بين الأقوال والأفعال. ولما كتبت أن حزب الله مجرد قاعدة إيرانية-منذ أكثر من عقدين- ظن الكثير أني عدو المقاومة. ولما وقعت الثورة وحصل ما نراه في سوريا اكتشف الناس حقيقة الحزب: فرئيسه ليس سيد المقاومة لإسرائيل بل كما صرح “ابطاله” يثأرون من النواصب أحفاد يزيد.

والمؤلم أن ما تحلم به الصفوية لا يختلف عما تحلم به الصهيونية.
فالأولى تريد استرداد دولة فارس.
والثانية تريد استرداد دولة داود. وكلاهما متعاون مع أي عدو في محاولات الغاء دور الإسلام الذي لا يمثله إلا سنته لأن التشيع الصفوي لا يختلف عن التهود الصهيوني: كلاهما استئصالي وحرب على أمة الإسلام كلها وقائل إما بشعب الله المختار أو بأسرته المختارة.

صحيح أن كورونا قد أضعفت فرعي الثورة المضادة -العربي الذي يستند إلى اسرائيل وأمريكا والعربي الذي يستند إلى إيران وروسيا وخاصة بعد أن اشتدت ازمة اسعار البترول وفرغت الصناديق-لكن التعفن يمكن أيضا أن يصيب تونس لا قدر الله إذا طالت الأزمة فينجح المشروع بسبب الفوضى الناتجة عن التعفن.

وما يهدد الوضع في المغرب الكبير فضلا عن التعفن وتقدم مشروع فرنسا وإيران في لبننة تونس رغم فشلهم في ليبيا هو أزمة الجزائر بسبب تردي اسعار البترول: فمن العسير السيطرة في بلد فيه أربعون مليونا يعيش تقريبا على مصدر وحيد هو البترول ويستورد خبز يومه وهو هدف السعي الفرنسي والإيراني الأول لاحتلال المغرب الكبير مثل المشرق الكبير.

فتونس كانت ربما محتاجة للجزائر عندما كانت قادرة على الصمود ولما كان البترول فوق السبعين دولارا للبرميل. لكنه اليوم دون الثلاثين بمعنى أن دخلها نزل إلى ما يقرب من ثلثه والحركيون فيها ما يزالون ذوي اليد الطولى وهم حسب رأيي قد اندسوا في الحراك الذي يمكن أن يستأنف إذا طالت الأزمة.
وإذن فتونس اليوم أقدر على الصمود من الجزائر لأنها تنتج غذاءها.

أعلم أن كلامي هذا قد يغضب بعض الأخوة الجزائريين الذين يجهلون أني لست غريبا عن الجزائر.
فجدتي لابي جزائرية.
وزوجتي جزائرية واهلها أمازيغ من تيزي وزو.
ومن ثم فغيرتي وخوفي على الجزائر لا تقل عن أبنائها المخلصين لأن أبنائي نصفهم جزائري وأول لحظة لي في التدريس الجامعي كانت في الجزائر (جامعة عنابة شهرين في خريف 1980).

ولذلك فإني ازعم فهم ما يجري فيها.
وحتى لو قستها على تونس فإن مفهوم ضعف مدة الاستعمار الفرنسي في تونس حصل في الجزائر. ومن ثم فيمكن مضاعفة الأثر عليها مع فرق الوضعيتين لأن فرنسا كانت تعتبر الجزائر جزءا منها بخلاف تونس التي بقيت دولة وإن كانت محمية فلم تستطع الحرب على الإسلام والعربية بالقدر الذي فعلته في الجزائر.

فالحرب عليهما -وهذا من العجائب-حدثت بعد ما يسمى الاستقلال وليس قبله.
في حين أنها في الجزائر بدأت من ثلاثينات القرن التاسع عشر ويحاول الحركيون مواصلتها كما وقع في تونس بعد الاستقلال.
لكن الشعب الجزائر بكل أعراقه وطوائفه شعب ابي لم يقبل التنازل عن هويته التاريخية فيفقد وحدته.
وهذا ما يعيدني إلى الخوف على تركيا: فأعداء الأمة يمكن أن يخشوا من أن تستعيد دورها فتشارك في حماية الضفة الجنوبية للأبيض المتوسط-ولهذا اخترت تلك الفاتحة للمحاولة- كما حدث ذلك بعد معارك الأندلس ومحاولات الاسبان والبرتغال استرجاع الامبراطورية المسيحية البيزنطية والرومانية قبلها واخراج الإسلام من كل حوض المتوسط.
وهنا يمكن القول إن كورونا من جند الله لأن تركيا -حتى وإن لم يستثنها كورونا -فهي أكثر استعدادا لمقاومته وقدرة عليه بإذن الله مع تطبيق خطة هي الأنسب في التسلح وقد سبق أن كتبت فيها منذ حرب العراق: فالأضعف يمكن أن يغلب الاقوى إذا استعمل استراتيجية الإسلام في الحرب.
الجمع بين خطتين أذهل الأعداء.

وهنا يمكن القول إن كورونا من جند الله لأن تركيا -حتى وإن لم يستثنها كورونا -فهي أكثر استعدادا لمقاومته وقدرة عليه بإذن الله مع تطبيق خطة هي الأنسب في التسلح وقد سبق أن كتبت فيها منذ حرب العراق: فالأضعف يمكن أن يغلب الاقوى إذا استعمل استراتيجية الإسلام في الحرب. الجمع بين خطتين أذهل الأعداء.

وقد ذكرهما ابن خلدون في المقدمة وهما خطة المناجزة والمطاولة مع التسلح الخفيف. فخالد بن الوليد انتصر على امبراطوريتين كانتا تحتلان الهلال-العراق وسوريا ولبنان والأردن وبعض الجزيرة العربية-بهذه الاستراتيجيا: التسلح الخفيف يسهل الحركة والمناجزة بالصف والمطاولة بالكروالفر تحل مشكل فارق العدد والتجهيز. ولنأت بأمثلة من الجيوش الثلاثة أدوات الحرب المباشرة (ويوجد جيشان آخران متقدمان عليها).

وفيها جميعا فاعلية عسكرية أقوى وكلفة اقتصادية أقل. فالدراجة النارية أفضل من الدبابة في الكر والفر. والطائرة التي من جنس بيرقدار أفضل من الآف 16.
والبارجة الصغيرة الحاملة لعدد قليل من الطائرات أفضل من الكبيرة الحاملة لمائة طائرة. كيف؟
في كل هذه الحالات كلفة الكبيرة تعمل مائة من الصغيرة: وللاقتصاد في الحروب أولوية قصوى.

ثم إن مائة من الصغيرة صعب ترصدها وضربها. وضربتها لازبة.
وإذا ضربت تكون الخسارة قليلة الكلفة. ثم يمكن اخفاؤها واخفاء معملها وتعداد المعامل وتوزيعها بحيث يستحيل تعطيل الانتاج الحربي. ولا شيء يمنع من صنع بعض الآلات الكبيرة إذا كان ولا بد في المناجزة. وحتى المناجزة فكثرة من الصغيرة يمكن أن تغرق الكبيرة.
وبالمناسبة-عرضيا-فإن بعض العلمانيين العرب والأمازيغ والاتراك والاكراد يزعمون في نكران لجميل الفتح عليهم أنه استعمار.
الفتح حررهم من الاستعمار البيزنطي والفارسي ولم يستعمرهم بدليل أن الدول التي تكونت لم يكن فيها عربي إلا القرآن ولغته.
ثقافته كانت ثمرة مشاركتهم.
لكن كل هذه الشعوب صارت سيدة نفسها وكونت دولا وأسهمت في ثقافة الحضارة الإسلامية.

فلا فارس ولا بيزنطة منهم لا عرقيا ولا ثقافيا ولا سياسيا بل كانوا هم عبيدا لهم ولم يكون اصحاب البلاد إلا باعتبارهم عبيدا: فلا الأمازيغ ولا الأكراد ولا الأتراك ولا حتى عرب الشمال كانوا شعوبا حرة ولهم دول ونادرا ما وصل واحد منهم لمنزلة علمية أو سياسية أو اقتصادية تحت هذا الاستعمار.

وقد تكرر ذلك لما عاد الاستعمار الأوروبي بعد سقوط الخلافة والآن الاستعمار الفارسي.
فهل يمكن للعراقيين أن يزعموا أنهم أسياد في العراق بعد 2003؟
وهل السوريون أحرار؟
وهل اللبنانيون أحرار؟
وهل الجزائريون منذ تآكل شرعية الجبهة بقوا أحرارا لولا الحراك الأخير الذي كان بداية لاستعادة سيادة الجزائر؟

لذلك فتركيا ينبغي أن تبقى حذرة وأن تعمل كل ما تستطيع للحلف مع الجزائر وأن تطبق حرفيا الجمع بين الخطتين -المناجزة الخاطفة وبالصف والمطاولة بالكر والفر مع التسلح الخفيف وقليل الكلفة مع نفس الفاعلية بل وأكثر لأن ما تحققه طائرة مكلفة تحقق عشر بكلفتها أكثر منها بكثير وقس الباقي عليها.

سأخصص خاتمة هذه المحاولة ببيان خطر الاقوال التي تعتبر بديلا من الأفعال.
فما يؤلمني حقا هو منظر العمالة الفلسطينية في المستوطنات الإسرائيلية -وقد لاحظت أنهم حتى في حالة الكورونا اضطروا للعمل -أي إن شباب فلسطين صار مضطرا من اجل القوت لتعمير ما يحتله العدو من أرضه. والعلة كلنا يعلمها لأنها بالذات اقتصار السند العربي على الأقوال البديل المخزي من الأفعال.

ومساندة غزة لمنع الجوع يساعد على المحافظة على الانقسام أكثر مما يساعد على علاج القضية. ولولا ذلك لحالت إسرائيل دونه. لذلك تساءلت عن طرق السند الذي لا يبقى على الانقسام: هل لو كان العرب صادقين واقترحت الجامعة العربية ضريبة رمزية أو حتى تخصيص الزكوات لهذه المهمة هل كان ذلك يحصل؟

وابدأ بالفلسطينيين أنفسهم أليس بينهم رجال أعمال كبار في العالم وأثرياء كثر من كل النخب التي تعمل في العالم وعددهم يناهز عدد من بقي في فلسلطين؟
لماذا لا يحاكون يهود العالم الذين يمولون إسرائيل بكل ما تحتاج إليه؟
ثم إن ما أعلمه هو أن جدودنا ساهموا بدمهم في المقاومة منذ أن نشأت مشكلة فلسطين أي منذ وعد بلفور من كل بلاد المغرب والمشرق. فهل كنا سنحجم عن دفع ضريبة لحماية شعب فلسطين؟
أم إن احفادهم دونهم إيمانا بالقضية؟
أم إن الحكام والنخب التابعة لهم صارت كلها أحفاد لاورنس العرب وليس أحفاد أبطال حرب التحرير في كل الوطن من ا لماء إلى الماء؟
ما ألاحظه هو أن الغالبية صارت مثل قيس إذا قارنت الافعال بالأقوال لا يصدق عليهم إلا ما يقوله عنهم إيدي كوهين: عنتريات في العلن ولعق احذية إسرائيل في السر ويزيد على ذلك المحتل الثاني الذي هو أخطر لأنه لا يكتفي باحتلال الارض بل يريد أن يحتل الأرواح كذلك بفرض تشيعه كما يحدث حاليا.
يؤسفني أن أقول إن ما يحدث في الثورات العربية من ظاهرة أمراء الحرب كان المثال فيها ما أفسد الثورة الفلسطينية بحيث إن المعركة تحولت إلى أصل تجاري الكل يبيع الكلام. ويؤسفني كذلك أن جل النخب الفلسطينية تعلم أن إيران تعبث بالقضية ويقدمون ذواتهم: لو فعلوا ما يفعل يهود العالم لكفوا شعبهم مؤونة العمل في غير المحرر من أرضهم.
ختمت المحاولة أولا بالكلام على شروط تحرير المقاومة من المقوم الاقتصادي بالكلام على ما يمكن أن يضاهي ما يفعله اليهود في مساندة إسرائيل فيكون مثالا:

  1. للفلسطينيين
  2. وللعرب
  3. وللمسلمين
  4. ولمن يؤمن بالعدل
  5. وأخيرا وخاصة للمقاومة الداخلية لئلا يضطروا للعمل في المستوطنات.

ولأختمها ثانيا بالعودة إلى القوة الدفاعية التي خصصت لها بحثا شرحت فيه الأنفال 60 بوصفها آية الردع المحدد لأدوات الدفاع -القوة عامة ثم القوة العسكرية-وتصنيف الاعداء وخاصة النوع الخامس الذي لا يعلمه إلا الله لأضيف اليوم تفصيلا متعلقا بما قلته عن الجيوش الثلاثة في هذه المحاولة الحالية. والهدف هو بيان النوعين الأساسيين من شروط النصر في كل حرب.

فالمسلمون اليوم كما بينت سابقا يمثلون العولمة المنفعلة لأنهم تصوروا خلال مرحلة الانحطاط أن الاستخلاف في الأرض ممكن من دون شروط الاستعمار فيها.
فتخلوا عن أساسي القوة التي بدأت بها الأنفال 60 وقدمتها على القوة العسكرية.
وهذه القوة العامة هي أساس رعاية الجماعة والحماية الذاتيتين.

والرعاية الذاتية هي تكوين الاجيال وتموينها أي التربية والاقتصاد والحماية هي الحماية الداخلية والحماية الخارجية.
والأولان مستحيلان من دون البحث العلمي في الطبائع والشرائع وتطبيقاته.
والثانيان مستحيلان من دون الاستعلام العلمي عن حال الجماعة في الداخل وعن علاقاتها مع اعدائها الممكنين.

ولا يمكن في الحماية الا يكون الاستعلام مصحوبا بالإعلام لأن الهدف هو معرفة الحقيقة الذاتية واخفائها عن الاعداء ومعرفة حقيقة الأعداء وما يخفونه.
والاستعلام للمعرفة والاعلام للتعمية والحرب النفسية فعلا وانفعالا. والأعداء نوعان من الطبيعة ومن المنافسين عليها.
ولها علاقة بالبحث العلمي.

فيصبح الاستعلام والأعلام هما السلاح الرابع والبحث العلمي وتطبيقاته هما السلاح الخامس. وإذن فالأسلحة التي تحقق الحماية خمسة ثلاثة هي مجرد أدوات. وهي التي بدـأت بها والرابع اساس الاستراتيجيات والخامس هو أصلها جميعا لأنه هو الذي يبدع الثروة للرعاية ويبدع التقنية للحماية. فلنستردها.
وكل هذه الأسلحة لا يمكن أن تفعل إذا فسدت معاني الإنسانية فصار الإنسان في تربيته تابعا لربا الأقوال وفي حكمه لربا الأموال كما هي حال العرب الآن: أي الإيمان بدين العجل معدنه هو أصل ربا الأموال وخواره هو أصل ربا الأقوال.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي