رابعة وما هو أفظع

1-مذبحة رابعة. تعليقي عليها لا يـجدي نفعا لأن المذبحة من الأعراض التي تشير إلى ما هو أفضع. وذلك ما ينبغي محاولة فهمه: مذبحة الشام والعراق والجزائر وليبيا واليمن كلها أعراض لأمر أخطر على سنة العرب وأمة الإسلام.

2-هل دافع الأنظمة التي تجرم في حق شعبها هو حماية الأوطان؟فلنضرب مثال بشار والسيسي هل أبقيا على وطن بما يزعمه علة للتنكيل بالشعب والوطن؟

3-رابعة وقبلها ما حصل في سوريا بيد الأسد الأب بائع الجولان وما حصل في الجزائر بيد العسكر وما يحصل حاليا في العراق وسوريا واليمن وليبيا كيف نفهمه؟

4-وما يحيرني ليس ما يقدم عليه الحكام المجرمون بل خمس ظاهرات عجيبة لم يعرف لها التاريخ مثيلا: موقف النخبتين والنظامين ومن وراءهم عالميا.

5-ولنبدأ بالنخبتين: فالمليشات الخمسة المعادية للإسلام تنقسم إلى التملش العسكري والتملش الثقافي. هذا فهمناه وفهمنا علله.فما الصنف الثاني؟

6-أذكر ثانية بأني أسبوع قبل 30 يونيو حضرت في ندوة علمية بالقاهرة نظمتها جامعة برلين الحرة ودار العلوم. ويومها وجدت العمالة تجاوزت المليشيات إلى الكثير ممن يحلمون بعودة النظام القديم ونصيبهم من فتاته.

7-يومها اكتشفت أن النخبة التي من المفروض أن تكون من حماة الإسلام باتت –بوعي أو بغير وعي– من مخربيه وخاصة بعض أدعياء الحداثة والأصالة.

8-ولو لم أجد بعض العزاء في الصديق العزيز شيخ النقل والعقل الدكتور حسن الشافعي لعدت إلى تونس مريضا. رأيت العجب العجاب وخاصة في موقف الأزهر الرسمي.

9-لكن ما أذهلني حقا هو دعاوى أدعياء علم الكلام المعتزلي بدعوى العقلانية ممن لا يفهم استحالة الجمع بين هذين المعنيين رغم ادعائه فهم الفكر الحديث الذي لا يشم أبسط معانيه.

10-قبل العودة حرصت على تحية الصديق حسن حنفي. فحضرت مع ثلة من المشاركين في الندوة وبعضهم من ألمانيا. وحضر بعض من أعمتهم عداوتهم للإخوان.

11-فشعرت ليلتها أن مصر مقدمة على حمام دم وهو ما حدث في فض اعتصامي رابعة والنهضة.لكن ما لا يعلمه الكثير أن نخبنا في تونس سعوا لتكرارها.

12-فقال بعضهم لا يهم أن يضحى بعشرين ألف تونسي لاسقاط حكم الترويكا واسترجاع الحكم وعودة النظام القديم. ونفس الأمر يجري في اليمن وليبيا.

13-أما سوريا فلا حاجة للكلام عليها: فالبلاد خربت والشهداء بمئات الآلاف والبلد بدعوة من نظامه صار مستعمرة إيرانية روسية مليشاوية بإطلاق.

14-سؤالي هو: ما الرهان الذي يقبل المقايضة لكل هذه التضحيات؟ هل يعقل أن يكون الصراع سياسيا بين نظرتين لحكم بلدان عربية من أجل شعبها؟

15-ننتقل إلى الأنظمة بصنفيها بعد الكلام على النخب: هب الثورة مؤامرة كما يدعي البعض ومنهم طارق رمضان فهل الأنظمة بسلوكها تمثل الأوطان؟

16-هل بشار وصالح وجماعة القذافي والنظام القديم في تونس ومصر ومن جاء على ظهر الدبابة الامريكية في العراق وممولو الثورة المضادة وطنيون؟

17-فلنسلم بما يدعون: ما الذي يجعل الحماية الأجنبية وأذرع إيران وإسرائيل والمخابرات العالمية تسندهم؟ هل هم حريصون حقا على مصلحة العرب؟

18-كيف يكون الثوار في العراق وسوريا ومصر واليمن وليبيا وتونس عملاء للغرب والغرب يدكهم دكا ويساعد الثورة المضادة ضدهم ويغطي على جرائمها؟

19-ما يحيرني هو أن القومي واليساري والإسلامي المتصوف والمتشيع والمتسلف (النور) كلهم يتهمون الثورة بالمؤامرة في حين الغرب كله معهم ويغطي عليهم.

20-كيف يمكن لعاقل أن يصدق –مهما تدنى فهمه لقوانين الحكم– أن يتصور الانقلابي في مصر يمكن أن يحمي أنظمة الخليج وهو يعتبر ابتزازه لها مصدر رزقه (الرز المتلتل)؟

21-كيف لا يفهم أي إنسان مهما قلت درايته أن السيسي لا هم له إلا أن يعطى له دور مع إسرائيل وإيران لتقاسم “التورتة” السنية في الوطن كله؟

22-والأدهى كيف للثوار أن يواصلوا أمل عودة الرشد لأعدائهم؟ فمثال أمير قطر الأب والإبن وشهامتهما ظاهرة عزيزة ونادرة لن تتكرر. والحلف بين نوعي الأنظمة هو الأفق وقد يهدد سلامة قطر وتركيا.

23-ختاما: إذا لم تتحد الثورة في الوطن كله مثلما اتحدث الثورة المضادة فيه فإن العزل المتدرج لها في الحدود الاستعمارية سيقضي عليها حتما.

24-وهي إذا لم تفعل فمعنى ذلك أنها هي بدورها تسعى لتكوين إمارات تابعة مثل الأنظمة التي ثارت عليها. ومن ثم فعملها لا يستحق اسم الثورة .

25-لن تكون الثورة ثورة إلا إذا ألغت الجغرافيا والتاريخ الاستعماريين الحائلين دون شروط السيادة المادية والثقافية أي التحرر من التبعية بحق.

26-والكلام على تفتيت المفتت من أكاذيب المحافظين على شروط التبعية: ذلك أنه لا يوجد بلد عربي واحد قادر على التنمية حتى بالحدود الحالية.

27-فجميع البلاد العربية توابع في شرطي السيادة: الحماية (لكل منهم حام أجنبي وأحيانا أكثر من واحد) والرعاية (أغناهم دون أي دويلة غربية).

28-لذلك فجميع الدول العربية بما في ذلك التي تظن نفسها كبيرة أو غنية توابع في الحماية والرعاية ومن ثم فلا سيادة لها إلا في الظاهر.

29-كنت أصدق نظرية المؤامرة والتفتيت المتجاوز للموجود لو كانت الدول العربية الحالية قادرة بحق على التحرر من التبعية المادية والثقافية.

30-لذلك فليس الغرب هو الذي يريد مزيد التفتيت بل إيران وإسرائيل والصراعات بين المافيات العربية في كل نظام لأن الحكم صار مصدر ثراء فاحش ليس للحكام وحدهم بل لكل عملائهم من النخب الداخلية والخارجية والأجهزة.

31-أما الغرب فليس من مصلحته تجاوز الحد الحالي لأنه لا يمكن من التحرر من سلطانه ومحاولة تغيير الجغرافيا قد يفسد عليه نظامه الحالي الفعال.

32-ما يجري حقا هو أن العسكراتية والقبائلية التي يمكن أن تستفيد من التفتيت حتى تصبح كل قبيلة إمارة وكل مافيا دويلة: مثل طوائف الاندلس.

33-وتلك هي العلة في أن الكل أصبح معاديا لفكرة الجامعة الإسلامية التي يمكن أن تحقق ما حققته الوحدة الأوروبية دون نفي للقطرية المعتدلة.

34-وهذه الظاهرة التفتيتية تفهمنا الحلف البين بين إيران وإسرائيل والمافيات الداخلية في الأنظمة العسكرية والقبلية لتقاسم أرض سنة العرب.

35-أفضل مثال وأوضحه هو ظاهرة صالح والحوثي. ولهذه العلة اهتممت بثورة الملك الصالح المضاعفة: فهم أن أمير قطر كان على حق فشبب القيادة وعصف بحزم.


رابعة وما هو أفظع – أبو يعرب المرزوقي

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي