درس الانقلابين – إنقلاب بوركينا فاسو وانقلاب مصر



لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص



1-مآل الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو يوجب مقارنة مع مآله في مصر. احتقار الذات العربية والإسلامية قد يوحي للبعض بدلالة لعنة أصابتها خاصة إما لعلل عرقية أو لعلل ثقافية.
2-وككل حكم متسرع فهذا الرأي يدل على الحلول السهلة للمسائل المعقدة. لكن فيه شيء من الصحة. فالجيوش العربية عامة لا سلطان للشعب عليها وأغلبيها جيوش احتلال لشعوبها.
3-هي جيوش مؤلفة من قاعدة أمية ومن قيادات مفروزة طبقيا إما بمعايير طائفية أو بمعايير الطبقية وكلتاهما تؤدي إلى الثانية الطائفة تصبح طبقة والطبقة تصبح طائفة وكلتاهما في خدمة حاميهما.
4-الحامي هو دائما مستعمر الأمس أو من ينوبه في الإقليم: ففي الاضطرابات العربية الحامي حاضر مرتين بذاته وبذراعيه اسرائيل وإيران ومليشياتهما.
5-ولا أتصور جيوش افريقيا غير العربية مختلفة من هذا الوجه. لذلك فدور الحامي وتوابعه في المنطقة أساسي في ما جرى في بوركينا فاسو. فلم اختلف الانقلابان والموقف منهما إقليميا ودوليا؟
6-لماذا فرض على الانقلابيين في بروكينا فاسو بإرجاع الوضع السابق وفرض على الشعب المصري الإبقاء على الانقلاب ولو بحمام دم ما يزال في بدايته ولعله يتسورن؟
7-هذا السؤال جوابه مضاعف: وهو في الحقيقة سر الثورة المضادة في بلاد العرب. فلو وجدت ثورة في افريقيا غير العربية لكان الوضع ربما مماثلا إذا كان أعداء تحرر الشعوب يرون في ذلك مصلحتهم.
8-فلأوضح: انقلاب بوركينا فاسو لم يكن لإفشال ثورة في مركز افريقيا فلم يحصل على تأييد مضاعف أفسر به ما حدث في مصر: عنصرا الثورة المضادة في الحالة العربية.
9-الفارق بين الانقلابين هو إذن وجود عنصري الثورة المضادة في الحالة العربية وعدم وجودهما في إفريقيا غير العربية لأن الانقلاب ليس ضد ثورة ورهانه ليس بحجم ما يجري عندنا.
10-عنصرا الثورة المضادة هما: الغرب وشرطيه ومساعد شرطيه أولا والأنظمة العربية التي مولت الانقلاب ثانيا. والسبب هو الخوف من نجاح الثورة في قلب أمة يعلم الجميع أنها لما تحركت أول مرة زلزلت تاريخ العالم.
11-كلاهما يعلم أن نجاح الثورة أو فشلها مرهون بمصر خاصة لأنها وحدها تمثل ربع العرب: فلو تمكنت الثورة في مصر من تثبيت مبدأ الشرعية الشعبية لتحققت الحرية والكرامة.
12-والمشكل هو لا الغرب وذراعاه ومليشياتهما ولا الممولون العرب للثورة المضادة يقبلون بأن يصبح العرب والمسلمون مواطنين أحرارا غير تابعين فضلا عن عطالة التاريخ والعداوات المحيطة بهذه الأمة.
13-لماذا أكتب هذا التعليق؟
لغايتين:
الأولى أعلم أن محقري الذات سينتهزون الفرصة ليدعوا أن العرب يعانون من تشوه خِلقي وخُلقي لاحباط الشباب وإقناعهم بأن العرب لا يصلحون لشيء فضلا عن أن ينجحوا في شيء عظيم.
14-وغالبا ما يكون هذا النوع من محقري الذات ممن يزعمون أنهم تجاوزوا العروبة والإسلام وكفروا بهما حتى يشهد لهم مستعمرهم ذهنيا بأن علمانيتهم وليبراليتهم صافيتان من شوائب التخلف والظلامية.
15-والعلة الثانية وهي الأهم:
حتى يفهم الشباب بجنسيه أن رهان ثورتنا كوني وأن الغرب وعملاءه أدركوا خطرها على سلطانهم فأرادوا وأدها في المهد. ولن يفلحوا ما دام الشباب مؤمنا بأمته واثقا من رسالته ونفسه.
16-ليس في هذا دعوى أو إيهام الذات بعظمة كاذبة: فممثلة الاتحاد الأوروبي هي التي أعلنت أن نجاح مرسي والثورة المصرية يعني استرجاع المسلمين للسيادة ونجاح النخبة المؤمنة بذاتها ماضيا ومستقبلا سيكون كارثة على ما يخططون له للإقليم.
17-ما معنى استرجاع المسلمين للسيادة؟
أولا استئناف البناء السوي من خلال تحقيق شروط الحماية والرعاية الذاتيتين قبل بهرج الحضارة التابعة.
18-ما أخافهم هو أن مرسي باسم العرب والمسلمين كلهم سمى ذلك بصورة وجيزة عندما ذكر السلاح والغذاء والدواء. وهي تسمية بالغاية بدل البداية.
19-لو كان يعالج الأمور عقليا لا عاطفيا لتكلم ليس على الغاية بل لذكر البداية: تثبيت شروط حكم الشعب لنفسه بنفسه والمناورة لتحقيق ذلك أولا بشيء من الدهاء.
20-ذلك أن أي عاقل كان يعلم أن السلاح والغذاء والدواء ليست أمورا بسيطة التحصيل إذا كانت شروطها ستجعلك مثل من تقدم عليك تابعا في انتجاهما.
21-إنتاج هذه الغايات التي هي أدوات مشروط بغايات أهم وهي الثورة العلمية والثورة التقنية والثورة الخلقية ليعود العرب لأخلاق العمل الجاد : وكل ذلك مشروط بوحدة الأمة لأننا في عصر العماليق.
22-كان من الواجب قبل الكلام على هذه الغايات التي تعني الاقتصار على مصر ومن ثم عدم فهم أن الثورة إذا لم تكن عامة فهي إلى فشل : جعلها قطرية يعني فشلها الحتمي.
23-كل ثورة عربية لم تكن بعد ثورة حقيقية لأن أصحابها كانوا أحرص على الحكم في قطر تابع منهم على الثورة التي تحرر جميع الأقطار:
يريدون حكم قطر لا ثورة أمة.
الثورة المضادة كانت أذكى على الأقل في الجولة الأولى.
24-الثورة المضادة عملت بتجاوز القطرية وتعاملت مع الظاهرة باعتبارها متجاوزة للحدود على الأقل برمزيتها. الثوار بالعكس فرحوا بحكم وهمي. فكان ذلك انتحار الأغبياء.
25-تفرجوا على سوريا وتفرجوا على ليبيا وتفرجوا على اليمن فرحين بما بلغوا إليه من قبول مخادع لهم من قبل الثورة المضادة فصاروا هم فرجة بعد ذلك بقليل في مصر وفي تونس: إذا نجح السيسي نجح حفتر وبنجاحه يعود ابن علي.
26-لو لم يطمع الثوار في الحكم فأسرعوا في الانتقال من الثورة إلى الدولة وبقوا يعملون معا لتحقيق عموم الثورة لأفشلوا الثورة المضادة كلها. فلا يمكن التصدي للثورة المضادة المتجاوزة للحدود بثورة لا تحلم إلا بالكرسي بشروط التبعية السابقة.
27-والثورة المضادة لها خمس مستويات: 1-الدولة العميقة القطرية 2-وممولوا الثورة المضادة من العرب 3-وإيران وإسرائيل 4-وربهم الأمريكي 5-ووحدة ذلك كله الخوف من عودة المسلمين للتاريخ الكوني: تلك هي الحوائل دون تحرر الشعوب.
28-لو حدث -وهو سيحدث حتما في الجولة الثانية التي لن تتأخر طويلا- فعمت الثورة ستكون الثورة في حوار مباشر مع رب المستويات الاربعة الأدنى من الثورة المضادة أي مع الغرب للحد من الزلزال.
29-والحد من الزلزال يكون دائما بحلول وسطى تستفيد منها الثورة لتحقق شروط السعي إلى الأهداف البعيدة: كذلك فعلت الصين مع الغرب فتوافق معها وكذلك فعلت ثورة المسلمين الأولى لم تتغلب على بيزنطة إلا بعد سبعة قرون.
30-نحن لا نريد تغيير العالم بالفوضى نحن نريد تغييره بالنظام الذي يثبت للجميع أن ما نسعى إليه هو خير الإنسانية بدءا بأنفسنا كراما وأحرارا.
31-هذا هو الغرض من هذا التعليق لأن إفريقيا لو كانت في وضع ثوري مثلنا على رهان كوني لكان مآل الانقلاب في بوركينا فاسوا من جنس المصري.



يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/


نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي