1-هل لدينا ما يكفي من المعطيات التي تمكن من تحديد صارم لطبيعة داعش الحقيقية ولم تنطلي حيلها فتخفي هذه الحقيقة وتيسر قدرتها على التجنيد؟
2-والقول بالقدرة على الإخفاء علته اعتقادي بأن الكثير من الشباب المؤمن الذي شارك وجاء من كل حدب و صوب قد اغتر بالمشروع وصدق الدعاية له.
3-ووضعيات السنة في الهلال وفي العالم كله بلغت حدا جعلت الأشخاص ذوي الحس القيمي والخلقي ييأسون من محاولات الحل السلمي فلجأوا مضطرين للعنف
4-وكل حل ناتج عن اليأس لا يكون عقليا لأنه غالبا ما يكون خبط عشواء إذ لعله أول قصد للتأييس المؤدي إلى الانتحار بجعل صاحبه عدوا لنفسه.
5-كيف في هذه الحالة نصل إلى فهم دقيق للظاهرة التي تبدو وكأنها في آن قدرة على الانتقام من العدو وتحقيق لأحلام أجيال تريد استئناف المجد؟
6-ذلك ما نحاوله بمنهجية تعريفها.سلبا يختلف عن البحث القضائي: فالمستفيد ليس بالضرورة هو المجرم والفعل غير الإجرامي يمكن أن يفيده
7-ومعنى ذلك أن هذه الطريقة لا تعين طبيعة الفعل ولا المستفيد منه. نريد الجواب عن طبيعة الفعل أو الأفعال وترتيب الفعلة بتعدد المستفيدين.
8-إيجابا: منظومة أفعال متشاجنة وفعلة متعددون كل يستفيد بالقدر الذي يريده ومن ثم فلا بد من قلب المنهجية: تحديد المتضرر وطبيعة الفعل.
9-ماذا لو كان المتضرر هو بدوره متعددا؟ الجواب هو تقدير الضرر بالقصد الأول والضرر بالقصد الثاني أو بلغة طبية الأثر المقصود والاثر الجانبي
10-الطبيب عندما يقدم دواء يفعل في الجسد المريض وقصده الأول تأثير الدواء العلاجي. لكن كل دواء له أثر ثانوي قد يكون ذا ضرر يحاول تجنبه.
11-الحروب هي الكي أو آخر دواء سياسي للوضعيات: داعش دواء يستعمله طبيب (من؟) لما يعتبره مرضا (ما هو؟) يتهدده فيريد تطعيما يمنع حصوله مستقبلا
12-إذن نختار منهجية التشخيص الطبي بدل البحث الجنائي لفهم ظاهرة داعش التي تحير لفرط ما تتضمنه من أدوات خداع غررت بالشباب وحتى بالشيوخ.
13-والتشخيص الطبي تأويل للأعراض وامتحان للفرضيات بهدف تحديد العلة لوصف الدواء. ذلك هو المنهج بقلب العلاقة: نحدد المتضرر بدل المستفيد.
14-ذلك أن المستفيدين كثر وهم نوعان مباشر يمكن أن يكون مجرد أداة للمستفيد غير المباشر.أما المتضرر فالمباشر منه يتضمن في ذاته اللامباشر
15-ولنوضح بمثال: بشار والسيسي يستفيدان مباشرة من الإرهاب لكنهما أداة لمستفيد غير مباشر هو إيران وإسرائيل.والمباشر مختلف عن اللامباشر.
16-أما المتضرر أي سوريا ومصر فهما في آن المباشر بكيانهما العيني وغير المباشر بما يحارب منهما أي عروبتهما وإسلامهما أي الاستقلال والكرامة
17-لذلك فطريقة المتضررأكثر نفاذا لفهم الظاهرة من طريقة المستفيد لإمكان التنكر في الاستفادة وتعذره في الضرر إذ الحرب تكون على ما يمثله حقا
18-لا يخفي السيسي مثلا أنه يحارب العروبة والإسلام من حيث هما صفتان للهوية المصرية: مباشرة الشعب المصري وبصورة غير مباشرة الهوية المصرية.
19-ولنزد المعيار تدقيقا: فالمتضرر كذلك يمكن أن ينفصل فيه المباشر واللامباشر وحينئذ يكون من المفاعيل الجانبية مثل انفصالهما في المستفيد
20-اذا تطابق الضرر المباشر وغير المباشر تحدد المتضرر الحقيقي وإذا تطابقت الفائدة المباشرة وغير المباشرة تحدد المستفيد الحقيقي: القانون.
21-نطبق القانون الآن على حالة داعش : المتضرر الذي يتطابق فيه المباشر وغير المباشر هو السنة وحلم الاستئناف.والمستفيد الذي يتطابقان فيه هو الغرب.
22-والانفصال بين المباشَرة وغير المباشَرة في الاستفادة والضرر هما الغطاء والتنكر للتعمية على المشروع.لكن السنة في الهلال الخصيب فهمت اللعبة بحق
23-فلو كانت داعش لصالح السنة لما فرت سنة العراق حيثما وجدت داعش ولما كانت حربا على المقاومة في سوريا بدلا من أن تكون على النظام فيها.
24-والاعتراض: ألا ترى أنها احتلت الموصل والرمادي في العراق و الرقة ودير الزور في سوريا؟ أليس المتضرر النظامان؟ كلا وألف كلا لعلتين بينتين
25-أما انتبهتم إلى أن هذه الأماكن هي معاقل السنة ؟أليس القصد تفتيتها وتحقيق شرط احتلال التشيع لها مع تشويه الحلم برمز الاستئناف: الخلافة
26-أليست داعش هي التي تتدخل كلما تقدمت المعارضة في سوريا للإطاحة بإنجازاتها وقتل خيرة قياداتها؟ هل رايتم النظام يحاربها أم هو يمهد لها؟
27-المعادلة الدولية قُلبت بعد تأييد الثورة وتقديم التغيير السياسي في سوريا إلى العكس: تغليب نظرية النظام وإيران وروسيا – محربة الإرهاب؟
28-معيار المتضرر الذي يتطابق فيه المباشر وغير المباشر هو السنة وحلمها في الاستئناف. المستفيد بالاعتبارين:الغرب الخائف من الاستئناف.
29-المتضرر غير المباشر الأقليات والمستفيد المباشر الأنظمة للبقاء ولو إلى حين.المستفيد بالوجهين هو من يخشى وحدة العرب السنة شرط الاستئناف
30-وفي هذا الإطار يصبح الشرطي (إسرائيل) ومساعده (إيران) وعملاؤهما بشار والسيسي وحاكم العراق ومليشيات إيران العربية قلما وسيفا أدوات.
31-ادوات في حرب على هدف آن أوانه وخلقت داعش لرسمه بأبشع الصور هو الذي احتج به السيسي ليقنع الغرب بخدماته: عودة وحدة العرب قلبا للإسلام
32-وهذه العودة يسميها البعض خلافة. وهم اختاروا هذا الاسم لتيسير التشويه: تشويه الأوروبيين لها بتصويرها بربرية ضد الحضارة بعاملين بينين.
33-الأول هو العنف الأعمى في الحرب والقضاء بخلاف حقيقة الإسلام الذي وضع أول قانون دولي للحرب بأخلاق الفرسان: سورة الشورى 38 والآيات الموالية.
34-والثاني هو الحرب على التراث الفني والجمالي والديني فحيثما حلت داعش يتم التشويه بأبشع الطرق والقصد إثارة للرأي العام الغربي
35-ومن أجل ذلك يعتبر الغرب التضحية بالأقليات العرقية والدينية التي كانت تعيش بسلام بيننا مفعولا جانبيا يقتضيه تشويه ما يخيفه: العرب.
36-فوحدة العرب تعني قلب المعمورة والسيطرة على المضايق والأبيض المتوسط وجل طاقة العالم وأغلب البحار السخنة وعدد هائل من السكان الشباب.
37-وتلك هي علة التلاقي المصلحي بين روسيا والغرب وإسرائيل وإيران وعملائهما في الارض العربية بعد بدء تحقيق شروط الحلم:ثورة التحرر والتحرير
38-قد يشكك في هذه النتيجة كل من يجهل أدبيات الفكر الغربي الفلسفي والكلامي بين نهاية الوسيط وبداية الحديث وخطط مراكز الغرب الاستراتيجية
39-ترددت إلى حد الآن في محاولة فهم ظاهرة داعش لأني كنت أبحث عن وصل منطقي مستند إلى معطيات واقعية لتفسير تعقيد الظاهرة ودقة خطط عملها.
40-اليوم أقدمت على عرض الخلاصة التي توصلت إليها والتي هي الآن فهمي الأخير للظاهرة ومن ثم فإن داعش أكبر خطر على المقاومة والثورة السنية.
41-فمن الضحية الجامعة المباشرة وغير المباشرة معا؟ إنها سنة العرب بوصفهم ممثلين لاستئناف دور الإسلام في العالم. الحرب عليهم وعلى هويتهم.
42-من المستفيد الجامع بين المباشَرة وغير المباشَرة؟ الغرب يستفيد من الحرب ومن ثمراتها: الاستيلاء على مقدرات العرب ومنع الاستئناف الإسلامي.
43-من المتضرر غير المباشر فحسب: الاقليات العرقية والمذهبية والدينية. من المستفيد المباشر فحسب: الأنظمة المستبدة والفاسدة والشرطي ومساعده.
44-ما الضرر: مباشرة إيقاف ثورة التحرر التي فهم أبطالها أنها لن تنجح من دون استكمال ثورة التحرير و غير مباشرة:منع القوتين المادية والروحية
45-ما الاستفادة: على الأقل المحافظة على الجغرافي والتاريخ الاستعماريين للإبقاء على شروط التبعية بل وزيادة تفتيت المكان وتشتيت الزمان.
46-يوجد اعتراض يمكن أن يفسد كل التحليل إذا لم نفهم القصد منه: لم يحارب الغرب داعش؟ والجواب بين رغم كونه سؤالا: لماذا خطط لـ30 سنة حرب؟
47-ينبغي أن نكون أغبياء لنسلم بأن الغرب عاجز عن حسم المعركة في أقل من بعض شهور لو كان القصد الحرب بحق على داعش وليس استعمالها لغاية بعيدة.
48-من لم يفهم هذه الحجة فلا علاج لحدسه وحسه وعقله: لم يترك الغرب البعض من شبابه يشارك في الحرب في صف داعش لو لم يكن ذلك بقصد مراقبتها بهم.
49-ثم إن هذه الحرب المزاح هدفها إيهام الأنظمة العربية أنه حريص على بقائها في حين أن القصد هو في آن إبقائها تحت سلطانه إلى حين إزاحتها.
50-لحظة الإزاحة واضحة:تركيا فهمتها.بعد التفتيت المكاني والتشتيت التاريخي تقسم الدويلات التابعة إلى ما هو أكثر تبعية ووأد حلم الاستئناف.
داعش طبيعتها و إستراتيجيتها – أبو يعرب المرزوقي