السؤال الأول هل يحق لحزب تقدم للانتخابات ببرنامج معين أن يحكم ببرنامج آخر دون أن يكون قد ارتكب جرما أول هو مخادعة الشعب حول نواياه خلال تقدمه لنيل موافقته على توليته السلطة؟
السؤال الثاني هلا تعد هذه المخادعة قد أدت إلى جرم أكبر هو خيانة أمانة كلف بها أمانة تحقيق ما لأجله اعتبره الشعب بديلا من الأغلبيات المحتملة الأخرى سواء التي كانت تحكم قبله أو التي كانت تعارض وتقدمت مثله لثقة الشعب ؟
السؤال الثالث هل كان في برنامج نداء تونس بنود تنص صراحة على أنه ينوي تغيير ثقافة البلاد بمنع الجمعيات الخيرية ذات التوجه الإسلامي والكتاتيب التي تعلم القرآن للاطفال والمساجد التي تفتح للعبادات؟
والسؤال الرابع هل في برنامج الحزب الذي نال الأغلبية خطة إعلامية وظيفتها ليس تجفيف المنابع فحسب بل توظيف الإعلام الرسمي والخاص معاول تهديم لأخلاق الجماعة وقيمها؟
والسؤال الأخير هل كان هذا الحزب ينال ثقة الشعب لو أعلن صراحة عن هذا البرنامج الذي يطبقه أم أنه كان يقصده ضمنيا وخادع الشعب لييسر خيانة الأمانة؟ فيكون برنامجه “ملغوما” بما يضمره من هذه الأعمال التي لم يعلن عنها والتي يطبقها حاليا وإذن فعمله لم يكن عمل معارضة هدفها التداول على الحكم مع الإسلاميين أو مع كل من له علاقة بمرحلة الثورة بل عمل ثورة مضادة هدفها العودة إلى سياسة الحرب على ثقافة الشعب وسياسة تجفيف المنابع والتحضير المستبد أي برنامج ابن علي وحفتر والسيسي وبشار الذين يصفق لهم بقايا اليسار الاستئصالي والفاشية القومية وكل الدكتاتورية التي أرادت الثورة تحريرنا منها مع دور أكبر لليسار الاستئصالي الذي تخلت عنه الدكتاتوريات قيل الثورة؟
لكن عندئذ إلى متى ستدوم الخدعة والخيانة في آن وهل سكوت الإسلامين الديموقراطيين وبقية المعارضة عن الأمر لا يعد تواطؤا من جنس الخداع والخيانة اللذين أصبحا بينين لكل ذي فهم: خدعة الشعب بخطاب مزدوج يدعي التوافق والمشاركة مع الإسلاميين في تسيير البلاد وخيانة أهداف الثورة بالعودة إلى سياسة تجفيف المنابع والاستبداد والفساد ونهب ثروات البلاد بدعوى محاربة التطرف والإرهاب الذي لم يعد مرضا تعالجه الأوطان بل تعلة تحكم بدعواه وتستمر بمقتضاه في بيع البلاد وإعادتها لاستعمار أدهى وأمر مما كان قبل الاستقلال فضلا عما كان في عهدي الاستبداد السابقين.
أظن أن الباجي وحزبه وخاصة الفريق الاستئصالي فيه يعتقدون أن النجاح في الانتخابات ليس عقدا مقيدا بالبرنامج المقدم بل صك أبيض يمكنهم من أن يقوموا بكل الخدع والخيانات الممكنة بما فيها رهن مستقبل البلاد ماديا وروحيا وحتى أمنيا باتفاقيات تمر مرور الكرام دون أن تعرض حتى على مجلس الشعب أو أن يستفتى فيها الشعب بصورة تجاوزت كل الأعراف السياسية والدبلوماسية : فلا يمكن لمثل هذه الالتزامات الدولية ان تقع قبل أن يتقدم عليها تشاور ونفاش وطني مع الأحزاب والراي العام وفي المجلس النيابي ودون أن تمضى بصورة رسمية بممثلي السيادة الوطنية في المجال أو وزارة الخارجية.
ومعنى ذلك أن الباجي كما وعد من المرة الأولى عندما عين وزيرا أول من زميلة وشاهد الزور مثله في عهد ابن علي وزيرا أولا للثورة : إنه قد خاط للبلاد مثل تارزي خروتشاف الكسوة التي وعد بها الشعب (خروتشاف يرمز إلى الشعب) بصورة تكبله وتجعله دمية يقدم الأمن من التخويف بالارهاب المصطنع وحتى الحقيقي على مطالب الثورة. والجواب عن الأسئلة الخمسة أصبح واضحا وضوح الشمس في القيلولة ولا يخفى إلا على من عميت بصيرته.
خمسة أسئلة حول خدعة كبرى للشعب تحولت إلى خيانة عظمى للثورة – أبو يعرب المرزوقي