سمعت اليوم خطابين:
• أحدهما إيراني لا يخاطب الإيرانيين
• والثاني أمريكي لا يخاطب الأمريكان.
الأول دال بلسانه هو خطبة الجمعة لخامنائي تكلم فيها بغير الفارسية. وإذن فهو يخاطب من استعمل لغتهم. والثاني دال بمضمونه لكونية لسانه-الانجليزية- يطيب خاطر الإيرانيين.
كلاهما للاستهلاك الخارجي كما أبين هنا.
فالأمريكي تطييبا لخاطر الإيرانيين وتيسيرا للشروع في المفاوضات على البندين اللذين أشرت إليهما سابقا -أي ضمان النظام كما في كوبا والتخلي عن النووي-اعترف الامريكان بالارتجاج في أمخاخ بعض عسكرهم جراء الضربة الإيرانية. وهذا يخفف على المرشد الأعلى تجرع سم المفاوضات ولعلها قد بدأت بعد.
أما خطبة خامنئي -ولست أدري هل من عادته الكلام بغير الفارسية في خطبه-كان لاستعمال العربية وغيرها فيها دلالتان يغلب عليهما البعد الخارجي:
فهو أولا يحرض مليشيات إيران العربية على خوض “المعركة التلهية” التي ستغطي على الهزيمة في الداخل وتوهم بأن معركة إخراج أمريكا من الإقليم هي معركته.
والثانية هي تخويف الأوروبيين وتذكيرهم بأن انحيازهم لأمريكا لا يختلف عن انحيازهم لصدام -ولذلك استعمل الفرنسية للإيهام بأن فرنسا ساعدت صدام في الحرب ولم يكن لذلك نظير هو إيران غايت -لأن الغرب لا يساعد أحدا بل يساعد بقاء الحرب حتى يفقد طرفاها كل قدرة على ازعاجه فيبقيهما تابعين.
ما تأكدت منه بفضل هذين الخبرين هو أن خطة أمريكا وإسرائيل مع إيران أتت اكلها:
أولا تحققا من أن حمق إيران وطمعها جعلها تفقد كل صديق في الإقليم بمن في ذلك من تصورت نفسها قد صاروا من مستعمراتها. فحتى مليشيات الحشد الشعبي وحتى “رمبو” اللبناني أصبحوا أجبن من النعجة الذي هدم سوريا.
ثم اطمأنت أمريكا واسرائيل من خضوع أراذل العرب للحماية والاستعمار الذي يمولونه بأنفسهم بمعنى أن حكام العرب قد بلغ بهم الجبن والاستسلام إلى تمويل محتل أرضهم وتمويل من يسعى لاحتلال بقية الأرض العربية حتى يحافظوا على الاستبداد والفساد واهانة شعوبهم وتاريخ أمتهم من أجل “عبث” أطفال مغرورين يتوهمون أن الحداثة هي الملاهي.
اطمأنت أمريكا أن إيران قد ساعدتهم على تجريف مسرح المعركة التي يعدان لها. وهي معركة منع كل إمكانية لاستئناف الأمة دورها والخروج من الاستثناء التاريخي العالمي الحالي بالتحرر من التبعية أولا ومن الاستبداد والفساد علتيها ثانيا والشروع في تحقيق سيادة الضفة الجنوبية والشرقية من بحر المتوسط غاية.
ذلك أن أحفاد عملاء سايكس بيكو الأولى وبلفور أكثر استعدادا لسايكس بيكو الثانية واتمام وعد بلفور بالصفقة الكبرى من أجدادهم الذين شاركوا في الأولى دون تمويلها لما كانوا عليه من فقر. فحتى توابع إيران منهم مولوا المشاركة فيها ببيع بلادهم كما في سوريا واليمن. أما توابع إسرائيل فأفرغوا خزائنهم وصاروا يستدينون وتخلوا بصورة شبه نهائية عن أدنى علامات السيادة.
نسيت عند الكلام على بندي المفاوضات أن أضيف بندا ثالثا، وهو في الحقيقة لم يكن من الضروري التفكير فيه لأنه من عادات الباطنية في تاريخ الإقليم: ففي سايكس بيكو الثانية التي يستعد لها الأمريكان والإسرائيليون وبدأوها بمحاولة تقسيم سوريا والعراق وتركيا وحتى إيران ستنضم إيران إليهما في المهمة. وذلك هو البند الثالث:
فستقبل إيران التنازل على قسم من شمالها حتى تحافظ على بقية القوميات غير الفارسية وخاصة البلوش والعرب والتركمان. وهما مستعدان لإيهامها بذلك كما أوهماها بأنها في عملية التجريف التي اراداها سيبقون لها مغانمها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفي غيرها مما يريدون تفتيته.
واختم:
غالبا ما يبالغ طبالو العرب بالكلام على دهاء الفرس وذكائهم. لكن التاريخ منذ أكثر من أربعة عشر قرنا بل ومنذ الغزو المقدوني لم يثبت إلا العكس. لم يفهموا إلى الآن أقل قواعد فلسفة ماكيافال: من يتحالف مع غاز أجنبي ضد اقليمه إن لم يصبح مستعمره له فهو يسقط معه بإسقاط أهل الاقليم له.
كان ذلك مع مغول الشرق ومع الصليبيين ومع الاسترداديين ومع الاستعمار وأخيرا مع مغول الغرب والأمريكان وهو ما يجري حاليا. فأمريكا لن تستطيع شيئا ضد سنة الاقليم ناهيك عن سنة العالم: الفلوجة أكبر شاهد افغانستان ما تزال شوكة في حلقها.
ختمت التغريدات باعتبارها الوجه الأول من التعليق على خطبة خامنائي للكلام في ما يترتب على ما قال. ولم أعلق على ما يترتب على حصولها، أعني على نزوله بنفسه ليقول ما قال. فقد كانت العادة أن يجعل بينه وبين ما يريد وسائط إلا إذا كان الأمر متعلقا بموقف يزعم مصيريا للنظام ووجهي عقيدته: الثأر لآل البيت في الظاهر وللقومية الفارسية في الباطن.
وسأبدأ هذا الفرع الثاني من التعليق بمقولة يستعملها السنة وهي “المؤمن غر”. وهي في الحقيقة لا تصدق إلا على السنة. ولكن ليس لأنهم مؤمنون بل لأنهم نسوا {وآخرون لا تعلمونهم الله يعلمهم} من الانفال 60. فلا يكفيهم عدم معرفة عدوهم وعدو الله بل هم لا يتوقون حتى حسبان الغيب في العداوة.
لما تيقن أحد كبار الشيوخ -الشيخ القرضاوي-بأن التقريب بين المذاهب كان أكبر خدعة باطنية جاءته السهام من أقرب المقربين له. وما أظنه كان غرا فصدق أنهم كانوا لم يدركوا الخدعة.
وعلى كل فقد كنت متأكدا من أنهم كثر ومتواطئون وأنهم من آكلي السحت الباطني ومنهم أعلام يزعم أنهم كبار في مصر وفي غيرها. لكني لا اريد أن أحاكم النوايا.
ما يعنيني الآن هو سقوط هذه الخدعة ليس عند الخاصة فحسب بل عند العامة كذلك.
ونزول خامنئي علته ليس الإعلان عما أعلن عنه وهو يعلم أكثر مني أنه كذب في كذب بل لغاية أخرى: فميلشياته في الاقليم تدين بوجودها لكذبة معاداته لأمريكا. وبذهابها ستذهب معها ومعها أذياله الحاكمة في الإقليم كله.
والكذبة الثانية هي اعتبار ذلك العقاب الذي تستحقه أمريكا على فعلتها بقتل رمبو الحرس. ومعنى ذلك أنه يدعي أن إيران كانت قادرة على اخراج امريكا قبل ذلك. لكنها تسامحت واليوم قررت أن تنجز ذلك لتصبح قادرة من دونها على المحافظة على ما حصلت عليه تحت مظلتها ما يعني أنها أقدر على رد أقوى مما رأينا.
وليعذرني من لا يصدق أن التحليل بالانطلاق من طبائع الأشياء يصيب كبد الحقيقة في الغالب وسأكتفي بوضع السؤال المناسب: فشل ضربة القاعدة ردا على مقتل سليماني لا يمكن أن يكون له إلا واحدة من علتين أو كلتا العلتين التاليتين: إما فساد السلاح أو فساد القيادة التي استعملته أو كلاهما.
ولما كان السلاح لا يمكن أن يعلم الأمريكان بأنه عليهم اخلاء القاعدة حتى تتمكن إيران من خداع شعبها برد لا يعلم الشعب أنها عاجزة دونه إذا كان فعليا وليس مسرحيا فإن فساد القيادة ثابت أو لنقل إن القيادة كانت تدرك أنها في غاية العجز والفشل وعليها أن تواصل عناد اليائسين.
خطبة خامنئي من اعراض عناد اليائسين.
“وقفت الزنقة بالهارب” بعبارة تونسية.
وصحيح أن اسقاط الطائرة زاد الطين بلة. لكن تأثيره ليس هو المحدد إلا في الداخل بسبب ما حصل في الرد. ومعنى ذلك أن الرد لو كان ذا فاعلية لغطى عليها ولأعتبر الأمر حادثا عاديا يحصل في الطيران ولما جرأ الشعب على الحرس والملالي.
ومهما كان السلاح فاسدا أو غير دقيق في إصابة الهدف فإن استعمال ما يقرب من عشرين صاروخا كان ينبغي أن يحقق شيئا ما. ولما كان لم يحقق شيئا -ولا تصدقوا كذبة الارتجاج التي علقت على الغرض الأمريكي منها-فإن فساد القيادة يزدادا تأكدا. لكن مصدره ليس خيانة ما أعلم صاحبها أمريكا بل مصدره قيادة الحرس نفسها.
وتأويلي الشخصي مبني على أن الحكومة لم يكن لها سلطان على قراراته. ومن ثم فلا يمكن أن يكون اعلام أمريكا بالمسرحية قد مرت بالحكومة والخارجية بل لا بد أن تكون قد كانت مباشرة من خامنائي وقيادة الحرس. فالحكومة منافسة لهما في معركة الحكم والخيارات الاستراتيجية للحفظ على إيران ويصعب أن تلعب هذه اللعبة وقد أشار وزير الخارجية إلى إرجاء الرد قبل حصوله بسويعات ولم يكن للخداع الاستراتيجي لأن الرد كان فشنك.
فما الدلالة؟
الدلالة أن خامنئي والحرس بدآ يشعران أنهما في الداخل قبل الخارج لم يعد أحد يصدق أكاذيبهما وأرادا رمي آخر ورقة: بيان الندية الكاذبة مع قوة أمريكا ولو بمسرحية متفق عليها مسبقا معها حتى يصبح بوسعهم الشروع في التفاوض على ضمان بقاء النظام مقابل التنازل على المشروع النووي.
هي إذن معركة بقاء النظام ولم تعد معركة تمدده. والكلام على اخراج أمريكا ثم تهديد اوروبا دليل قاطع على عناد اليائس وخاصة عندما يوضع الأمران في إطار مواصلة الانتقام لمقتل رمبو.
والآن فلنسأل: هل يمكن لمن أتوا على ظهر دبابة أمريكا أن يصدقهم أحد عندما يتكلمون على اخراج الامريكان والكل يعلم أن أمريكا لو خرجت لسقطوا سقوط القصور الرملية؟
إني واثق من أنهم أشد تمسكا ببقاء أمريكا في العراق أكثر من السنة والأكراد سنة وشيعة. وعلى كل فمن قاوم الأمريكان هم السنة ولا أحد غيرهم. ومن قتل منهم أكثر من 4000 رمزهم الفلوجة وليس من جاءوا على الدبابة أو من حارب حشدهم بمظلة الطيران الامريكي والروسي.
ومن السذاجة تصديق عنتريات نصر الله. فلن يحرك ساكنا لأن رأسه في الميزان واغتياله ليس أعسر من اغتيال سليماني.
مهمته انتهت لأن المحافظة عليه كانت لتحقيق ما حققه في سوريا أي تمكين إيران من تشييعها ومنع تحرر الشعب السوري وافشال ثورة شبابه. لكن مكر الله الخير جعل شباب لبنان بجنسيه يأتيه بالثورة إلى عقر مغاراته فعراه.
وحتى حماس فإن حجة تخلى العرب عنها والزعم أنها لم تجد مساعدة إلا من إيران والملالي لم تعد “تأكل” لأن المساعدة الإيرانية ليس غرضها مساعدة الفلسطينيين في ثورتهم بل جعل فلسطين ورقة في ملف تفاوضها مع أمريكا وإسرائيل. وهو ما حاولت بيانه لأكبر قيادات حماس.
ربط القضية باستراتيجية إيران غباء سياسي لا يقدم القضية بل يجعلها أكثر تعثرا ويعطي إسرائيل ما تحتاج إليه لأقناع الغرب كله بأن عنترات إيران تهددها بهولوكوست ثان وللفلسطينيين فيه دور بسبب هذا الغباء الذي لم أر له مثيلا.
لم يبق لإيران إلا ورقة واحدة وقد تنجح في استعمالها: عداوة العرب لبعضهم البعض. فالعرب عادوا إلى ما كانوا عليه قبل الإسلام من العيش بالتغازي المتبادل. وأقصد مسألتين: واحدة في المشرق والثانية في المغرب. وهما سر هوان العرب بين الأقوام قبل الإسلام والآن بنفس المنطق والأخلاق وقلة الهمة.
وأقصد بالمسألتين المسألة التي خربت الخليج والمسألة التي خربت المغرب الكبير.
فالمعركة بين قطر والإمارات-وهي أشبه بغيرة أخ من اخيه أعني مرضا نفسيا يعاني منه حكام العرب-والمعركة بين المغرب والجزائر-وهي مثل الأولى-هما المعركتان اللتان قد تخرجان العرب من التاريخ فتبقيهم اكلة لكل آكل.
فما ينفقه العرب في هذين المعركتين أضعاف أضعاف خطة مارشال التي اخرجت أوروبا من حطام الحرب العالمية وأعادتها إلى التاريخ بعد خروجها منه وتجاوزها التناحر الذي قضى على قوتها وجعلها مستعمرة سوفياتية وأمريكية. لكن العرب نكوصهم يجعلهم يلدغون من نفس الجحر ألف مرة ولا يتعظون.
فما هي الورقة التي يمكن أن تبقى صالحة لإيران؟ ليست المعركتين بل ما هما من أعراضه. وعلة المعركتين تتألف من خمسة أدواء هي عين أمراض نخب العرب بأصنافها الخمسة.
فنخبة الإرادة أو الساسة
ونخبة المعرفة أو العلماء
ونخبة القدرة أو الاقتصاديون
ونخبة الذوق أو الفنانون
ونخبة الرؤى أو رجال الدين والفلسفة
كلها نخب تنتحل صفتها النخبوية. صبركم علي: فلست أعني أنه لا يوجد بين أهل الإقليم من عربه وتركمانه وأكراده وأمازيغه وأفارقته نخب يكون اسمها مطابقا لمسماها وليست منتحلة صفة. إنها موجودة وبوفرة.
إنما كلامي على النخب المتنفذة. فلست دعيا فأزعم أن مصر ليس فيها إلا السيسي وسوريا إلا بشار إلخ وليبيا ليس فيها إلا حفتر والسعودية ليس فيها إلا صاحب المنشار والإمارات إلا مهدم الديار إلخ.. من نخب العار والدمار.
المتنفذون من الساسة ومن العلماء ومن الاقتصاديين ومن الفنانين ومن أصحاب الرؤى الدينية والفلسفية هم منتحلو الصفة لأنهم هم من يرضى عنهم الحامي فينصبهم رغم أنوف شعوبهم. ولذلك تفهم أنهم هم من يمول وجوده وبقاءه في الإقليم ومن يحتمون بذيليه أي بإيران وبعضهم أو بإسرائيل: الورقة الباقية.
تلك هي الورقة التي يمكن أن تحافظ بها إيران على دور لها في الإقليم لأن حرب داحس والغبراء هي التي لن تتوقف بين العرب في المشرق (بين الإمارات وقطر) وفي المغرب (بين الجزائر والمغرب) ومن ثم فسيبقى لإسرائيل ومن ورائها أمريكا ولإيران ومن ورائها روسيا دور في الإقليم وهو دور لا بد فيه للذيلين من حصة أعني إيران وإسرائيل. ولم أذكر السعودية ولا بد من تعليل. لم أذكرها لعلتين.
• أولا لأن خللا في نظامها السياسي جعلها تصبح ذيلا لذيل لذيل لذيل في ثالث رتبة: فنظامها صار ذيل الإمارات التي هي ذيل إسرائيل التي هي ذيل أمريكا.
• وثانيا وهذا هو الأخطر لأن النظام السعودي من بدايته تأسس على خداع ذاته وشعبه قبل غيره: عدم تقدير رمزية الحرمين وخاصة وثروة الجزيرة العربية.
لو كان النظام السعودي يؤمن فعلا بما تمثله قوة الرمز -سدانة الحرمين-وثروة الجزيرة العربية لكان له مشروع قيادة الأمة كلها بتوحيد الجزيرة الذي كان أول عمل قام به الصديق لبداية تأسيس دار الإسلام في العالم كله. لكنه في الحقيقة يعتمد على أعدائها وليس عليها ومن ثم فهو المخرب الأول للأمة.
ولست أدري هل ذلك على علم وروية أم هو بسبب الجهل والأمية التي تسيطر على قياداتها وفكرها؟ وكل من يلوم الأمير الغر الذي ذهب بهذا المرض إلى الغاية يظلمه. فما هو إلا حصيلة تراكم هذه الظاهرة التي تجعل من منَّ الله عليه بأداتي سلطان لا يفنى خاصة إذا تبنى مشروع نهضة الأمة واستئناف دورها يعمل كل ما يستطيع لتخريبها إما لحمق او لخلل في قدراته الذهنية: صاحب المنشار ثمرة مسار تخريبي صاحب هذا النظام الذي صار لا يختلف عن النظام الإيراني فكلاهما معول لتهديم الإقليم.
ولنفرض عكس الحاصل في السعودية. فليتصور القارئ الكريم أن من يحكم السعودية آمن بالرمز -دور الحرمين الروحي بالنسبة إلى مليار ونصف من المؤمنين-وأحسن استعمال ثروة بلد أكبر من أوروبا كلها هل كانوا يحتاجون لحماية إسرائيلية وأمريكية من أحد عدى الخوف من حرية شعبهم وكرامته؟
لو كانت السعودية نظامها يؤمن بقيمة ما لديه لكان أقوى من كل دول الإقليم ولكان غنيا عن حماية إسرائيل وأمريكا بل لكان هو الذي يقود الأمة في عوتها إلى التاريخ الكوني ولما احتاج لمحاربة تركيا التي تسد مؤقتا فراغا علته حمق قيادات السعودية التي كان ينبغي أن تكون أول حليف لعودة تركيا إلى حضنها الإسلامي بعد ما مرت به من عزلة وتبعية شبه مطلقة لأوروبا وأمريكا.
لا أفهم خوف السعودية من تركيا في حين أن سر القوة ليس بيد تركيا بل هو بيدها لو كان لها قيادات عندهم واحد من المليون من رجولة بناة دولة الإسلام الأول أعني اجدادنا الذين فتحوا العالم بالرمز وحده لأنهم كانوا أفقر شعوب الارض ماديا. والاتراك كان لهم فضل حماية بيضة الإسلام لما ضعفنا.
كلما تفكرت في ما يجري في مشرق الأمة وفي مغربها كلما ازددت اقتناعا بأن النخب المتنفذة في الإقليم العربي التركي الكردي الأمازيغي الافريقي كان يمكن أن تجعل دار الاسلام أكبر قوة عالمية تعيد إلى الإنسانية توازنها لو آمنوا حقا بما لديهم من الاحياز التي لا تملكها أمة سواها. لكن كيف السبيل إلى ذلك؟
اعتقد أن الثورة هي الفجر الجديد والاستئناف لا مرد له فالأمة عائدة حتما.
فجغرافية دار الإسلام هي الاكبر في المعمورة ومن ثم فثروتها أكبر ثورة أرضا وبحرا وجوا. وتاريخ الإسلام أمجد تاريخ يجمع بين الثقافتين الدينية والفلسفية ومن ثم فتراثها أكبر تراث علما وذوقا ورؤى ومرجعيتها أي الإسلام أكثر الرؤى إيمانا بالأخوة البشرية والمساواة نفيا للعنصرية والطبقية.