لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله حق التدخل في أحداث مصر
لعل فضل الربيع العربي-الذي يعتبره حلف الثورة المضادة مؤامرة على العروبة والإسلام لكأنهما بحاجة لمؤامرات حتى يصيبها ما هم علته الأساسية-هو أنه أجبر أعداءه على كشف أوراقهم كلها فافتضحت أجنداتهم التي تنكر بالقومية والإسلام والممانعة وكل القضايا التي لم تتجاوز دور براقع التنكر.
مثل الربيع العربي -وهذا الدور وحده يبين أهميته في لحظة الامة التاريخية-الريح العاتية التي عرت كل الأجندات وخاصة غياب المشروع العربي أو الإسلامي. فالأنظمة العسكرية التي تدعي القومية والحداثة والأنظمة القبلية التي تدعي الأصالة والاسلام هي هذه الشعارات الأربع: هي محميات وليست دولا.
كانت توابع قسمت الامة إلى محميات أمريكيات ومحميات سوفياتية في النصف الثاني من القرن الماضي وصارت توابع لذراعيهما وذيليهما إسرائيل وإيران في الخمس الأول من هذا القرن. وحصل اتحاد بين الانظمة لحماية استبدادها وفسادها وحماتهم لتمزيق خط الدفاع الاخير عن وحدة شعوب الإقليم المتعددة.
وهذا التوحيد لساحة المعركة بين الثورة والثورة المضادة هو الذي يعطيني الحق في الكلام على ما يجري في الإقليم كله لأن انظمته -باستثناء نظامين عربي ومسلم-اتحدت ضده بدعوى أنه مؤامرة ضد الاوطان لكأنهم كانوا من حماتها أو من رعاة مصالحها المادية والروحية وهم مجرد محميات تابعة.
وكان يمكن أن تقبل تهمة المؤامرة للربيع لو حصل قبله وبعده ما يفيد أنهم يحضون باستقلالية دفعت بالقوى الأجنبية إلى التآمر عليهم واستبدالهم بمن هم أكثر منهم تبعية (قبله) أو لو كان الغرب المتآمر الآن يقف وراء الربيع وليس وراء الثورة المضادة المؤلفة من المحتمين بإسرائيل وبإيران في آن.
والربيع لم يكتف بفضح هذا الحلف المضاعف بين الأنظمة القبلية والعسكرية العربية بحلف صريح بين الأولين واسرائيل والثانين وإيران بل هو انتصر عليهم ما اضطر هذه الانظمة إلى عدم الاكتفاء بحماية الذراعين وللجوء إلى من ورائهما أي روسيا وأمريكا وحتى الدواعش الذين لم يحاربوا إلا شباب الربيع.
ولما كانت أولى الضربتين ضد الربيع تمثلت في تعثير الثورة في سوريا بتدخل إيران وروسيا وداعش والحلف المزعوم ضدها ثم بالانقلاب في مصر وتعثير شباب ليبيا وشباب اليمن ومحاولات إفساد الوضع في تونس فإن من واجب أي عربي أن يتدخل فيما جعل صدام الثورة والثورة المضادة حربا أهلية عربية.
فإن الحصيلة هي تشابك الوضعية الاستراتيجية في شكل أربع حروب ضمن الحرب الاهلية العربية:
حرب الثورة والثورة المضادة
حرب القوميات التي بدأت تتنامى في المشرق (الاكراد) والمغرب (الأمازيغ)
حرب الطائفيات الدينية والفرقية في نفس الدين
حرب المشروعات الثلاثة في غياب المشروع العربي