لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله
تستحق ان نذكر بها
استمعت أول أمس باستمتاع الحوار مع الدكتور غيدو شتاينبرغ حول ازمة الخليج وموقف المانيا. وقد استوقفني أمر عجبت له من مختص مثله في حضارتنا.
ورغم أني شعرت أنه يأسف لاقتصار علاقة ألمانيا بالعرب بالتجارة دون سواها ومدح علاقتها بثلاث دول علل طبيعتها وطبيعة متانتها المتجاوز للتجارة.
ورغم أني قد أوافقه على أن الألمان لن يجدوا حاليا لدى العرب النافذين غير التبادل التجاري بين بضاعتهم المصنعة والمواد الخام ثروتهم الوحيدة.
لكنه تناقض مباشرة عندما علل علاقة ألمانيا المتجاوز للتجارة مع إسرائيل وتركيا وإيران. في هذه الحالات الثلاث ذكر العامل التاريخي والحضاري.
وهذا هو مربط الفرس. لا ألوم المذيع فقد لا يكون على علم بهذا بحقيقة هذا التعليل وطبيعة العلاقة الأعمق بين العرب والألمان تاريخيا وحضاريا.
والمسكوت عنه في العلاقة مع إيران والصريح مع إسرائيل والبين بين مع تركيا كان بحاجة للتوضيح. فهو ضروري لنعلم أن تدني العلاقة بالعرب ليس بريئا حتى وإن كان هو بريء من موقف أصحاب هذه السياسة.
ولعله اشار إلى العلة العميقة لديهم عندما تحدث عن مساندتهم للسيسي والسكوت عن جرائمه لأنه أقنعهم بأنه يحمي مسيحي الشرق: وهو لا يستطيع أن يحمي حتى نفسه وإلا لما باعها لناتن ياهو.
ومثله من خلقوا أزمة الخليج فهم يحتمون بإسرائيل في سياستهم العربية والخارجية وببلاك ووتر في حمايتهم من شعبهم.
ذلك أن ما تدين به إيران من حضارة أثرت في ألمانيا في نهايات القرن الثامن عشر وبدايات التاسع عسر هو في الحقيقة أثر الإبداع العربي فيه.
والدليل أني لم أسمع بشاعر أو فيلسوف من الفرس أثر في الثقافة الغربية قبل أن تصبح إيران إسلامية ويخصبها أصل كل إبداع في حضارة الإسلام.
ومن يقرأ لسنج وجوته وهيجل يعلم ذلك جيد العلم. فإذا أضفنا أن مؤسس المانيا الحديث فريدرك الثاني لم يكن معجبا في مشروعه الحضاري لإحياء ألمانيا وتوحديها برموز غير عربية.
وليست أعيب على شعب أن يميل لشعب يقاسمه الأصول العرقية ما أعيبه هو محاولة تغطيتها بعامل ليس هو إيرانيا إلا بفضل اسلام العرب في المقام الأول.
ومثل هذا الموقف وجدته صريحا عند اقبال في رسالته الذي ينسب الفلسفة إلى فارس لقوله بأرواح الشعوب ونسى أمرين: أنها بعد الإسلام وهي أساسا كتبت بلسان العرب والقرآن.
أما ما صرح به فهو اعتبار إسرائيل فضلا عن العلاقة التاريخية مع النازية وما قبلها دولة أوروبية وليست من الشرق. هو قول ذو اوجه بحسب التأويل.
لكني ما أظنه يعني أنها مغتصبة ومستعمرة أوروبية. لن يجرؤ على مثل هذا المعنى. وإذن فهو ترتيب يشتم منه المركزية الأوروبية المعتادة وإن بغير قصد.
تبقى تركيا. قال كلمة قارن فيها موقف أوروبا من تركيا بموقف الرابوع المحاصر لقطر من قطر: بسبب سياستها المستقلة. لكنه لم يوضح طبيعة العلاقة ولعلها الأحلاف في أوروبا.
وكنت انتظر كلمة حول علة تجنب ألمانيا الكلام في الجيوستراتيجيا التي لم تر منها إلا مشكل المهاجرين. أليس لأنه محكوم عليها بأن تبقى مثل اليابان معزولة السلاح؟
فمعزول السلاح لا يستطيع حماية نفسه في الوضع الدولي الراهن. ومن لا يستطيع أن يحمي نفسه ليس له سياسة مستقلة. ومن ثم فالموقف من العرب علته أن ألمانيا وإن كانت “كولوس” اقتصادي وعلمي فهي بلا حول ولا قوة مثل العرب.
الكتيب